Follow @MohammedBouzana
تعيش عدد من المدن الأميركية منذ بداية شهر مارس/آذار الجاري على وقع نشاطات ثقافية جزائرية متنوعة جذبت جمهورا من الجالية الجزائرية والعربية والأميركية، حرص المنظمون أن تكون متنوعة بهدف إنجاح أول تظاهرة من هذا النوع في الولايات المتحدة.
وتنوعت النشاطات بين حفلات غنائية وعروض لأفلام سينمائية، إضافة إلى ندوات تاريخية وفكرية حول تاريخ الجزائر، كما تنوعت المدن التي تحتضنها من واشنطن إلى نيويورك، مرورا بسان فرانسيسكو.
وقال السفير الجزائري في واشنطن عبد الله باعلي إن هذه التظاهرة تهدف إلى التعريف بالثقافة الجزائرية المتنوعة وما تحمله من قيم السلم والتسامح، من خلال نقلها إلى دور العرض والمسارح الأميركية.
وأضاف المسؤول الجزائري في افتتاح المهرجان الذي تنظمه السفارة بالتعاون مع الجمعية الجزائرية الأميركية لمنطقة واشنطن الكبرى، أن هذه التظاهرة التي تعد الأولى من نوعها بهذا الحجم، ستكون بداية لمزيد من المهرجانات الثقافية في المستقبل.
ومن جانبه، أكد إسماعيل فريد رئيس الجمعية الجزائرية الأميركية أن تنويع الأنشطة الفنية يهدف إلى "التعريف بالثقافة الجزائرية العريقة في الولايات المتحدة الأميركية"، وأضاف أنه منذ تأسيس الجمعية قبل 21 سنة "نسعى إلى إقامة مثل هذه المهرجانات. هذه السنة قررنا أن نقيم مهرجانا لمدة شهر كامل للتعريف بالثقافة الجزائرية وتقريب الشعب الجزائري والشعب الأميركي في المجال الثقافي والاجتماعي والتعليمي".
عروض سينمائية
وصادف المهرجان الثقافي احتفال الجزائر بـ 55 سنة من الإنتاج السينمائي، وهي الذكرى التي استغلها المشرفون لعرض سبعة أفلام جزائرية نالت شهرة واسعة، منها فيلم "وقائع سنين الجمر" للمخرج محمد الأخضر حمينة، الذي يعد الفيلم العربي الوحيد الذي حاز على جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي سنة 1975.
وقال محافظ المهرجان السينمائي أحمد بجاوي إن المشاركة بهذا العدد من الأفلام في مدينتي نيويورك وواشنطن، تهدف إلى التعريف أكثر بالسينما الجزائرية ومن خلالها الثقافة الجزائرية.
وأضاف بجاوي في تصريح لموقع "الحرة" أن نجاح عرض فيلم "خارجون عن القانون" للمخرج رشيد بوشارب، الذي كان ضمن قائمة الترشيحات للفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان "كان" الفرنسي، في عدد من قاعات السينما الأميركية منذ سنتين، ساهم في الإقبال المتزايد لدى الأميركيين للتعرف أكثر على السينما الجزائرية.
وأوضح أن فيلم "خارجون عن القانون" عرض أيضا في الولايات المتحدة في إطار حملة لتحضير مشاركته في جائزة الأوسكار في هوليود. ويضيف بجاوي أن النجاح الذي لقيه العرض "جعل بعض المثقفين الأميركيين والأوساط الجزائرية تطلب إعادة التجربة".
وتضمنت العروض أيضا أفلاما نالت هي الأخرى جوائز كثيرة في مهرجانات عربية ودولية، مثل "القوسطو" للمخرجة صافيناز بوصبيعة، الذي يحكي قصة لقاء مطربين للغناء الشعبي الجزائري من المسلمين واليهود بعد أربعين سنة، وشكلوا فرقة موسيقية أعادوا من خلالها إحياء العديد من الأغاني الشعبية المعروفة.
ولقي الفيلم رواجا كبيرا، وتم عرضه في العديد من الدول العربية والأوروبية، وكذا الولايات المتحدة، كما نال تشجيعا من قبل النقاد السينمائيين لما يحمله من رسالة تدعو إلى التسامح وقبول الآخر.
وضمت قائمة الأفلام المعروضة "البيت الأصفر" للمخرج عمور حكار، وفيلم "مسخرة" لإلياس سالم، وغيرها من الأفلام التي شاركت بدورها في مهرجانات عالمية.
مهرجان ناجح
ورغم كون التظاهرة الأولى من نوعها بهذا الحجم، إلا أن المنظمين عبروا عن ارتياحهم من نجاح التجربة.
وهذا جانب من حفل شاعو في نيويورك:
وقال إسماعيل فريد "تقييمنا لحد الآن هو تقييم إيجابي. لاحظنا أن هناك تشوق كبير للثقافة الجزائرية، خصوصا لدى أبناء الجالية الجزائرية، وأيضا إقبالا من أصدقاء المجتمع الجزائري وكذلك من الأميركيين".
وأضاف المتحدث في تصريح لموقع "الحرة" أن إقبال الأميركيين مقارنة بالجالية الجزائرية كان ضعيفا نسبيا. وقال "لم يزرنا عدد كبير من الأميركيين ولم نكن نتوقع ذلك لأن الثقافة الجزائرية غير معروفة لديهم إضافة إلى كونه أول شهر ثقافي ويحتاج إلى عمل أكثر".
واستدرك قائلا "هدفنا هو الشروع في تنظيم مثل هذه التظاهرات وتقديمها للذين يعرفون المجتمع الجزائري مسبقا كمرحلة أولى".
وبخصوص العروض السينمائية قال بجاوي إنها "لقيت صدى كبيرا. أحيانا هناك أربعة أفلام تعرض يوميا وهناك العديد من الأميركيين من كانوا يتابعونها كلها"، وأضاف أن الأميركيين ممن تابعوا الأفلام المعروضة "اعترفوا بجودة الإنتاج السينمائي الجزائري لأن كل الأفلام التي عرضناها حصلت على جوائز كبيرة في المهرجانات العالمية".
وأشار إلى أنه من خلال المناقشات وتقديم الأفلام "تبين لي أن الجمهور الأميركي لا يملك عادة أفكارا مسبقة، رغم أن الأميركيين يجهلون الكثير من الأشياء عنا وعن البلدان البعيدة عنهم".
وتابع أن الأميركيين "أظهروا مدى احترامهم للحرية الكبيرة في الجوانب التي تناقشها الأفلام الجزائرية وأيضا التنوع في معالجة المواضيع"، واستطرد قائلا "لما شاهد الأميركيون فيلم الأخضر حمينا حول أكتوبر 1988 اكتشفوا أن الربيع العربي بدأ في الجزائر منذ 24 سنة. الفيلم يظهر الاصطدام ومطالب الشباب وقالوا كأنهم يروا الصور الحالية لما يحدث في تونس وعدد من البلدان الأخرى".
جورج تاون تحتضن تاريخ الثورة الجزائرية
خصص مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون، ندوة جمعت مثقفين جزائريين، وطلبة أميركيين عرب للحديث عن تاريخ الثورة الجزائرية.
وقدم مدير المركز، أسامة أبي مرشد في مداخلته حول العلاقة بين السيادة الوطنية والقوة السياسية وكتابة التاريخ، صورة مختصرة لتأثير الأحداث المتعلقة بتاريخ الجزائر أثناء الثورة التحريرية على قرارات القوى السياسية الفرنسية خلال فترة الاستعمار، وكذا في مرحلة ما بعد استقلال الجزائر.
وقال الدكتور أبي مرشد في تصريح لموقع "الحرة" إن الهدف من المداخلة توضيح استعمال القوى السياسية الفرنسية لتاريخ الجزائر من أجل مشاريع تتعلق بالهجرة من إفريقيا الشمالية، لارتباطها بمشكلة الاستعمار".
وأضاف أن تاريخ الجزائر ما زال يعرف نقصا في الإقبال لدى الباحثين الأميركيين لكونهم يجدون مشكلة في اللغتين العربية والفرنسية.
وأوضح أن المركز الذي يشرف عليه يخطط لتطوير علاقاته في مجال البحث مع الجامعات الجزائرية والعربية، وأضاف قائلا "المشاريع موجودة، لكنها تبحث دائما عن شريك على الصعيد الجامعي والحكومي. أعتبر أن هذا المهرجان مبادرة جيدة للانطلاق في إنجاز مشاريع أخرى".
وتخللت ندوة جورج تاون أيضا مداخلة للكاتبة فضيلة مرابط بعنوان "قاعة الانتظار"، تحدثت فيها عن أهم التحديات التي تواجه الجزائريين بعد 50 سنة من الاستقلال، ومداخلة أخرى للباحثة نور الهدى عمري من جامعة قسنطينة حول التغيرات التي طرأت على اللهجة الجزائرية تحت تأثير الاستعمار الفرنسي.
موسيقى "الشعبي" تجول بأميركا
ولم تخل العروض الثقافية من حفلات موسيقى أغنية الشعبي التي حطت الرحال بثلاث مدن أميركية هي نيويورك وواشنطن وسان فرانسيسكو، نشطها المطرب عبد القادر شاعو، الذي يعد من رموز هذا النوع الغنائي، وقدم طبقا منوعا من أشهر الأغاني الشعبية خلال حفلاته التي لقيت إقبالا كبيرا من الجالية الجزائرية.
وعبر شاعو عن سعادته بالجمهور الكبير الذي حضر مختلف سهراته. وقال لموقع "الحرة" إنه لن يتأخر عن تلبية أي دعوة توجه له من الجالية الجزائرية أو العربية لتنشيط حفلات في الولايات المتحدة، معتبرا أن مشاركته في المهرجان الذي يقام لأول مرة "وقفة مهمة" في مساره الفني.
وشارك إلى جانب عبد القادر شاعو، الفنان جمال لحلو الذي قدم بدوره باقة من الأغاني الجزائرية المتنوعة.