لا يقتصر الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر على الهيئات والتصريحات الرسمية المتبادلة، بل يتجاوز تأثيره ذلك إلى العالم الافتراضي حيث تدور حرب رقمية موازية بين الشعبين على وسائل التواصل الاجتماعي تصل أحيانا حد تبادل الشتائم.
وفي عددها الأخير، سلطت المجلة الفرنسية "لوبوان" الضوء على حرب لا تعرف راحة ولا تتوقف بين الجزائريين والمغاربة على فيسبوك وتويتر ووسائل الإعلام في البلدين.
جيل لا يعرف بعضه البعض
وتقول المجلة إن العداء بين الدولتين "يسمم بشكل خطير" الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام على جانبي الحدود.
وساحات القتال الرقمية بين الجزائريين والمغاربة باتت معززة بالصور ومقاطع الفيديو ويتواجه فيها جيل من الشباب من كلا البلدين لا يعرفون بعضهم البعض و"يعيشون في الخيال المورث منذ عقود".
يقر متحدثون لموقع "الحرة" أن الخلاف السياسي بين الجزائر والمغرب ينعكس على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مع ذلك فالعلاقات بين الشعبين على أرض الواقع تبقى جيدة.
ويشير الإعلامي الجزائري، حكيم بوغرارة في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "أمورا سلبية تحدث على مساحات وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مع ذلك لم يمنع من بروز مظاهر إيجابية في الكثير من المحطات الاجتماعية والرياضية"، بحسب تعبيره.
ويرى بوغرارة، أنه رغم ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن "العلاقات بين الشعبين ممتازة ومميزة ولن تتأثر أبدا لحكم الروابط والمصاهرة والقرب الجغرافي".
ويشير مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، وهو منظمة مستقلة غير حزبية، إلى أن جزءا كبيرا من العالم يتواصل الآن على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ينشط ما يقرب من ثلث سكان العالم على فيسبوك وحده.
ويقول الخبراء إنه مع انتقال المزيد والمزيد من الناس إلى الإنترنت، وجد الأفراد الذين يميلون إلى العنف والكراهية منافذ يمكن أن تعزز وجهات نظرهم.
"حرب رقمية"
من جانبه، يقول المصطفى الأسعد، مدير تحرير مجلة "المغرب الآن" أن هناك "جهات خارجية أيضا تبحث عن تغذية النزاع أكثر من البحث عن الحل والتوافق، لأنها تستفيد من هذا النزاع".
ويتابع الأسعد، رئيس المركز المغاربي للإعلام والديمقراطية، في حديث لموقع "الحرة" "الأخبار الزائفة كذلك أضحت أمرا مصاحبا لهذا النزاع نظرا للكم الكبير من المعلومات المضللة التي تسعى لترسيخ النزاع كل دقيقة".
ويقر الدبلوماسي الجزائري السابق، محمد العربي زيتوت، بتواجد خطاب كراهية بين الجانبين.
وفي حديث لموقع "الحرة" يقول زيتوت إن ذلك تحول إلى حملات ممنهجة وكثيفة بعد أن كان محدودا على وسائل التواصل الاجتماعي من الطرفين وانخرطت فيه جهات رسمية.
ويشير زيتوت إلى أن الحملات متبادلة والمسؤولية يتحملها الطرفين معا.
ويرى الدبلوماسي السابق أن "هناك حملة كراهية، لكنها تقتصر على العالم الافتراضي، وظهر ذلك في تشجيع الجزائريين للمنتخب المغربي في كأس العالم".
ويتابع زيتوت "للأسف هذه الحملات تؤدي أحيانا إلى تغليط الشباب اليافع بالاعتقاد أنه يدافع عن وطنه".
والحدود مغلقة بين البلدين. وفي 22 سبتمبر من عام 2021، أغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط متهمة الأخيرة "بارتكاب أعمال عدائية". فيما أعرب المغرب عن أسفه إزاء هذا القرار، ورفض "مبرراته الزائفة"، علما أن علاقات البلدين متوترة منذ عقود بسبب النزاع حول الصحراء الغربية.