جزائريون يتظاهرون  ضد مسعى الحوار الذي اقترحه الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح
جزائريون يتظاهرون ضد مسعى الحوار الذي اقترحه الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح

خرج الجزائريون الجمعة للأسبوع الثالث والعشرين، ضمن للحراك الشعبي المستمر منذ الثاني والعشرين من فبراير الماضي.

وفي غمرة محاولات السلطة لخلق قنوات حوار، دعت فعاليات مدنية بالجزائر على المنصات الاجتماعية للتظاهر الجمعة ورفع شعارات مناوئة لمسعى الحوار "بحسب منظور الرئاسة المؤقتة، ومن ورائها مؤسسة الجيش" على حد قول ياسين بن عبدلي شاب من العاصمة وواحد من قادة الحراك.

 

ياسين بن عبدلي أكد لـ "موقع الحرة" أن الشباب قرر الخروج اليوم للتعبير عن رفضه "محاولة السلطة الالتفاف حول المطالب الشعبية".

وتابع متسائلا "الشعب طالب منذ البداية بتطبيق المواد 102 و7 و8، لماذا احتفوا بتطبيق المادة 102 لإزاحة بوتفليقة فقط؟".

وتقضي المادة 102 بإبعاد الرئيس في حال ثبوت مانع صحي، فيما تؤكد المادتين 7 و8 على حق الشعب في تقرير مصيره "كونه مصدر كل السلطات".

وكانت الرئاسة الجزائرية، أعلنت الخميس، استقبال الرئيس المؤقت للبلاد عبد القادر بن صالح ست شخصيات وطنية، تشكل فريق قيادة الحوار الوطني الشامل الذي دعا إليه في خطاب بداية الشهر الجاري.

​​وأفاد بيان للرئاسة بأن الفريق يضم كلا من رئيس المجلس الشعبي الأسبق كريم يونس، والخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو، والناشط السياسي والخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، وعضو لجنة حقوق الإنسان لزهري بوزيد وعبد الوهاب بن جلول، وعز الدين بن عيسى.

لكن جزائريين عبروا عن رفضهم لأي حوار تتبناه السلطة وتضع أسسه، كما يؤكده ياسين بن عبدلي.

أما الشخصيات الستة والتي يصفها أستاذ العلوم السياسية بالجزائر نوري عبد القادر بـ "توليفة بن صالح" فلن تستطيع تمثيل الشباب خلال الحوار مع السلطة لسبب بسيط، وفقه، والمتعلق بـ"الرفض القاطع لتنظيم أي انتخابات قبل رحيل حكومة الوزير الأول نور الدين بدوي".

​​

وفي اتصال مع "موقع الحرة" لفت عبد القادر إلى تأكيد الرئاسة فتحها لحوار دون أي شروط بالموازاة مع "تأكيدها القريب من الاشتراط بضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد".

بالنسبة لنوري عبد القادر فإن حوار السلطة هذا "محكوم عليه بالفشل".

على مواقع التواصل الاجتماعي، ساد نوع من الإحباط الخميس في أوساط الشباب الذي عبر عن تخوفه من تعنت النظام في فرض انتخابات قد تودي بالبلاد "إلى سيناريوهات غير محمودة" على حد وصف أحدهم.

​​كما علّق شباب على المنصات الاجتماعية بسخرية على تدوينات سابقة لأحد أعضاء لجنة الحوار الستة، والذي سبق وأن وصف مجرد الدخول في أي حوار مع السلطة بالخيانة، في حين تصدر الشخص نفسه النشرات الإخبارية بصفته عضوا في "توليفة بن صالح" كما يسميها أستاذ العلوم السياسية نوري عبد القادر.

​​وخرج آلاف الجزائريين اليوم عبر جميع محافظات البلاد، للتعبير عن رفضهم لمساعي السلطة، وتأكيد مطلب تطبيق المادتين 7 و8 مع رفض قاطع لأي استحقاق انتخابي تنظمه الحكومة الحالية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال قمة مجموعة 7
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يتحدث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة مجموعة 7

استبعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، زيارة فرنسا، التي كانت مقررة بين نهاية سبتمبر ومطلع أكتوبر 2024، وذلك على خلفية تجدد التوتر بين البلدين.

وقال تبون في مقابلة تلفزيونية، السبت: "لن أذهب إلى كانوسا"، وفق وكالة فرانس برس.

وشاع تعبير "الذهاب إلى كانوسا" الذي أطلقه المستشار الألماني بسمارك في نهاية القرن التاسع عشر، ويعني "طلب المغفرة". 

ويشير هذا التعبير إلى الإجراء الذي أُجبر عليه الإمبراطور الألماني هنري الرابع، في القرن الحادي عشر، عندما ذهب إلى مدينة كانوسا الإيطالية ليطلب من البابا غريغوري السابع رفع الحُرم الكنسي عنه.

وكانت زيارة الرئيس الجزائري التي أرجئت مرارا منذ مايو 2023، مقررة بين نهاية سبتمبر ومطلع أكتوبر 2024، لكن العلاقات بين الجزائر وباريس شهدت فتورا من جديد.

سبب الفتور يعود لإعلان فرنسا في يوليو، دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية المتنازع عليها، في حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو المطالبة باستقلال تلك المنطقة عن المغرب.

وسارعت الجزائر إلى استدعاء سفيرها في باريس، وخفضت تمثيلها الدبلوماسي فيما أبقت على قائم بالأعمال.

وحول الاستعمار الفرنسي (من 1830 إلى 1962) ومسائل الذاكرة، قال الرئيس الجزائري: "نريد الحقيقة التاريخية، ونطالب بالاعتراف بالمجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي الذي كان استيطانيا بحتا".

وأضاف: "لن نقبل الأكاذيب التي يتم نسجها حول الجزائر".

وفي معرض حديثه عن قضية التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، قال تبون لفرنسا: "إذا أردتم أن نكون أصدقاء، تعالوا ونظفوا مواقع التجارب النووية".

وبين عامي 1960 و1966، أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في عدة مواقع بالصحراء الجزائرية. وكشفت وثائق رُفعت عنها السرية عام 2013، أنه لا تزال هناك تداعيات إشعاعية كبيرة تمتد من غرب أفريقيا إلى جنوب أوروبا.

وأشار تبون أيضا إلى الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968، التي تمنح وضعا خاصا للجزائريين من حيث حقوق التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.

وقال إنها أصبحت "فزاعة وشعارا سياسيا لأقلية متطرفة" يمينية في فرنسا تدعو إلى مراجعتها.

وفي ديسمبر 2023، رفضت الجمعية الوطنية الفرنسية نصا يطلب من السلطات إلغاء الاتفاقية.

وتقضي الاتفاقية الموقعة في وقت كان الاقتصاد الفرنسي بحاجة إلى يد عاملة، بمنح الجزائريين امتيازات مثل استثنائهم من القوانين المتصلة بالهجرة. فبإمكانهم البقاء في فرنسا بموجب "تصريح إقامة" وليس "بطاقة إقامة".

كما بإمكانهم الإقامة بحرية لمزاولة نشاط تجاري أو مهنة مستقلة، والحصول على سند إقامة لـ10 سنوات بسرعة أكبر من رعايا دول أخرى.