متظاهرون يطالبون برحيل النظام في الجزائر
متظاهرون يطالبون برحيل النظام في الجزائر

عادت قضية شرعية الحكومة الجزائرية ورئاسة الدولة المؤقتة إلى الواجهة من جديد، وذلك على خلفية إقالة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح وزير العدل، سليمان براهمي، واستبداله بالنائب العام لمجلس قضاء العاصمة، بلقاسم زغماتي.

​​جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي ذكروا أن السلطة بالجزائر دخلت "مرحلة اللاشرعية" بمجرد انقضاء المدة التي يمهلها الدستور للرئيس المؤقت بن صالح وحكومة تصريف الأعمال التي يرأسها نور الدين بدوي.

​​في حين يرى آخرون بأن بن صالح يقوم مقام رئيس الجمهورية وهو من هذا المنظور مسؤول على السير الحسن للحكومة وعليه "يمكنه تغيير أي وزير مدام ذلك يصب في مصلحة الوطن".

​​فهل دخلت الجزائر مرحلة اللاشرعية؟

تقول المادة 104 من الدستور الجزائري "‬لا‮ ‬يمكن أن تُقال أو تعدّل الحكومة القائمة إبّان حصول المانع لرئيس الجمهوريّة، أو وفاته، أو استقالته، حتّى يَشرَع رئيس الجمهوريّة الجديد في ممارسة مهامه"‮.‬

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر بلقاسمي عثمان يعترف بأن الوضع الذي تعيشه الجزائر "خاص ويستدعي تدابير خاصة" لكنه يرفض وصف السلطة التي تسير البلاد باللاشرعية.

وفي حديث مع "موقع الحرة"، شدد على ضرورة التعجيل بإجراء انتخابات رئاسية والتي يمنح بموجبها الشعب صلاحيات دستورية للرئيس المنتخب.

ويتساءل أستاذ العلوم السياسية عن سر تأكيد بعض الأوساط على ضرورة تأجيل الرئاسيات لصالح مرحلة انتقالية يقودها مجلس تأسيسي مؤكدا أنم هذا الحل ينطبق على الدول التي عرفت تصادم مصالح أطراف الحكم وانقسام الجيش والشعب، وهو "ما لم يحصل في الجزائر" حسب تقديره.

وسبق وأن طرحت فعاليات معارضة إشكالية شرعية الرئيس المؤقت بمناسبة إقالته عددا من مسؤولي الجيش قبل نحو أسبوعين.

​​واعتبر متابعون آنذاك أن هناك إرادة خفية تريد "تصفية حسابات بيد بن صالح الذي لا يملك سلطة القرار، في حقيقة الأمر" كما كتب معلق جزائري على فيسبوك.

ويواصل شباب الحراك مطالبة السلطة وعلى رأسها قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح بفسح المجال للإرادة الشعبية عبر تطبيق المادتين 7 و8 من الدستور اللتين تؤكدان على مسؤولية وحرية الشعب في اختيار ممثليه، وهو ما لم "ترضخ" له السلطة بعد أكثر من خمسة شهور على بدء الحراك.

​​وبحسب بن طاهري عبد النور، أستاذ القانون الدستوري، فإن بقاء السلطة التنفيذية في يد بن صالح وبدوي "خرق للدستور".

وفي مقابلة مع "موقع الحرة" جدد المتحدث التأكيد على أن "إقالة الوزراء من صلاحيات رئيس الجمهورية وليس رئيس الدولة المؤقت".

وفي نظر بن طاهري فإن الجزائر الآن تسير من طرف "سلطة لا تتمتع بالشرعية" ودليله في ذلك هو استمرار الحراك الشعبي ورفض فعالياته لأي انتخابات في ظل استمرار بن صالح وبدوي على رأس السلطة.

رامابوزا شبه النزاع حول مصير الصحراء الغربية بالكفاح في جنوب أفريقيا ضد نظام الأقلية العنصري.
الصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة تعتبرها الأمم المتحدة "منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي"

خلال مداخلته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بخصوص ملف الصحراء الغربية، إن "إسبانيا تؤيد حلا سياسيا مقبولا للطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن".  

سانشيز الذي قرر قبل سنة دعم مقترح الحكم الذاتي الذي طرحته المملكة المغربية كحل وحيد لقضية الصحراء، أكد هذه المرة بأن الحل يجب أن يكون في إطار قرارات الأمم المتحدة، فهل يمكن اعتبار ذلك تحولا في موقفه من الملف؟.

الإجابة على هذا السؤال في نظر المحلل المغربي، أشرف الطريبق، تتطلب النظر لوضع سانشيز في المشهد الإسباني العام، حيث أنه يرأس حكومة مؤقتة لحد الآن "في انتظار تعيينها الرسمي" وفق تعبيره "بينما موقفه الذي أيد من خلاله الطرح المغربي كان وهو يتمتع بجميع صلاحياته".

في اتصال مع موقع الحرة، أوضح الطريبق بأنه "حتى تأييد سانشيز للطرح المغربي كان ضمن إطار الأمم المتحدة، فهو لم يقل يوما بفرض هذا الطرح على جبهة بوليساريو".

وأضاف "لا يمكن أن يجادل أحد أن أي حل يكون تحت غطاء الأمم المتحدة".

وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة نال الحزب الشعبي الإسباني 136 مقعدا، بينما نال حزب "فوكس" اليميني المتطرف، حليفه الوحيد المحتمل في أي ائتلاف حكومي، 33 مقعدا. وبذلك، جمع الحزبان 169 مقعدا برلمانيا. 

في المقابل، حصد الحزب الاشتراكي بزعامة سانشيز 122 مقعدا، مقابل 31 لحليفه حزب سومر من أقصى اليسار، ما يمنح الحزبين معا 153 مقعدا.

رئيس الحكومة الإسبانية ونظيره المغربي

ولطالما أبدت مدريد حيادها بخصوص قضية الصحراء الغربية، قبل أن تعلن في 18 مارس 2022 دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية التي تعتبرها "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع". 

"تغيّر نوعي"

المحلل السياسي الصحراوي، الطالب علي سالم، يرى أن خطاب سانشيز ينم عن تغير نوعي في سياسة حكومته، رغم أنه يرى بأن "الحكومة الإسبانية معروفة دائما بتصريحاتها المتناقضة".

وفي مقابلة مع موقع الحرة، أشار سالم الذي يقيم في إسبانيا، إلى أن سانشيز كان قال السنة الماضية أن الحل الأنسب لقضية الصحراء الغربية هو الحكم الذاتي بينما أكد خلال خطابه الأخير على الحل الأممي، وبالتالي دعم الاستفتاء، "وهو تغير نوعي في الموقف الإسباني" من هذا المنظور.

ثم عاد ليذكّر بأن الأمم المتحدة لا تنظر لملف الصحراء الغربية على أنه نزاع بين دولتين بل "قضية تصفية استعمار" وذلك ليؤكد على أن هناك فعلا تغيرا في موقف مدريد "ربما أملته الظروف الدولية الحالية".

يقول سالم "كان سانشيز ينتظر أن يحدث زخم لطرح المغرب بعد دعم الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب له، لكنه تفاجأ بعدم حدوث ذلك، وربما هذا السبب وراء تغير موقفه".

والصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة تعتبرها الأمم المتحدة "منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي". 

وهذه المنطقة موضع خلاف منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر .

وتسيطر الرباط على ما يقرب من 80% من هذه المنطقة وتقترح منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.

وفي نهاية أكتوبر 2022 دعا مجلس الأمن الدولي أطراف النزاع إلى "استئناف المفاوضات" للتوصّل إلى حلّ "دائم ومقبول من الطرفين".

ولم يحصل موقع الحرة على تعليق من مدريد فيما إذا كانت تصريحات سانشسيز تمثل تغيرا في موقفها بالنسبة لقضية الصحراء.

الوضع في إسبانيا

بينما يركز سالم على الظرف الدولي الحالي الذي يكون وراء "تغير موقف سانشيز" وفقه، يولي الطريبق اهتماما أكبر بالوضع السياسي الداخلي لإسبانيا.

يقول الطريبق بالخصوص "الظرف السياسي الذي تعيشه إسبانيا لا يخدم سانشيز، إذ أن الانتخابات لم تعطه الأغلبية، وأضحى يعتمد على أحزاب تميل لدعم البوليساريو".

وأضاف "أعتقد أنه حاول ألا يخسر حلفاءه بهذا الخطاب" مشيرا إلى أن حديثه على الصحراء الغربية لم يكن طويلا ومفصلا بالقدر الذي يجعل منه حدثا أو تحولا كبيرا في موقفه.

وقال "أعتقد أنه خطاب سياسي مرحلي" ثم أردف "سانشيز لا يريد أن يخسر رهانه السياسي داخليا وعلاقاته بالمغرب".

وفي سياق حديثه، نوه الطريبق بمساعدة إسبانيا للمغرب في الزلزال، وقال إن الرباط أيضا لفتت إلى الدعم الذي تلقته من إسبانيا خلال محنة الزلزال التي ضربتها قبل أيام.

ابراهيم غالي زعيم جبهة بوليساريو

سالم من جانبه، لفت إلى أن العديد من الزعماء الذين تداولوا على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، نوهوا لقضية الصحراء الغربية وضرورة الاستماع لمطالب الشعب الصحراوي وذكر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وكذا رئيس جنوب أفريقيا، وحتى ناميبيا.

إلى ذلك، انتقد سالم تناول وسائل الإعلام لخطابات زعماء العالم في نيويورك، وتجاهلها في نفس الوقت حديث بعضهم عن ملف الصحراء الغربية.

وقال أيضا "حتى لو أن خطاب سانشيز مراوغة سياسية، لا يمكن إغفال التصريحات الأخرى" في إشارة إلى الزعماء الذي طرحوا موضوع الصحراء.

وأضاف "بينما تحدث البعض عن قضية الشعب الصحراوي، لا توجد أي دولة طالبت بدعم مقترح الحكم الذاتي.. هذه نقطة لا بد من التنويه لها".

الطريبق قال من جانبه  إن "مدريد تحاول أن تقف في مرتبة بين المنزلتين" في إشارة إلى مطالبة جبهة البوليساريو بحق تقرير المصير وطرح الرباط للحكم الذاتي كحل وحيد وقال "لا يجب استغلال تصريح سانشيز الذي يدخل في هذا الإطار لنقول أنه تحول عن موقفه السابق".

وأضاف "الموقف الثابت هو السابق الذي عبر عنه سنة 2022".

"نظارة المغرب"

كان ملك المغرب محمد السادس حذّر العام الماضي من أن "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات". 
وطالب الدول "أن توضح مواقفها، بشكل لا يقبل التأويل".

وقبل نحو أسبوعين، شدد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة على أن أي حل سياسي لقضية الصحراء الغربية ينبغي أن "يقوم بشكل حصري" على الخطة المغربية، وذلك خلال استقباله موفد الأمم المتحدة للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا في ختام زيارته الأولى لهذه المنطقة المتنازع عليها.

وزيارة الموفد الأممي للصحراء الغربية هي الأولى من نوعها، علما أنه سبق وأن قام بجولات شملت دول المنطقة منذ تعيينه في منصبه في أكتوبر 2021، من دون أن يتمكن من إحياء العملية السياسية سعيا للتوصل إلى تسوية.