زعيم جبهة البوليساريو للحرة: "نرفض" الحكم الذاتي

أكد الأمين العام لجبهة البوليساريو براهيم غالي في مقابلة مع "الحرة"، رفضه التام لـمقترح الملك محمد السادس بـ"الحكم الذاتي" للصحراء الغربية، وتمسكه بخيار "تقرير المصير".  

وقال غالي في مقابلة خاصة مع "الحرة" إن "ملك المغرب كأي مستعمر مع اشتداد خناق الشعوب المكافحة على مستعمرها يبحث عن الحلول العرجاء وأنصاف الحلول".

وأضاف: "نحن لسنا مغاربة حتى يعطى لنا حكم ذاتي، الحكم الذاتي حلول تعطى لمناطق متمردة داخل دولة معينة، نحن لم نكن مغاربة ولسنا مغاربة ولن نكون مغاربة، ومغربتنا بقوة القمع والسلاح جُرِّبت لمدة 45 سنة ولم تجن منها أي ثمرة"، مضيفا "فليكن نظام المغرب سخي ويعطِ الريف الحكم الذاتي".

وتواصل الدبلوماسية المغربية تحت إشراف محمد السادس بذل الجهود من أجل إقناع المجتمع الدولي بمقترح "الحكم الذاتي" تحت السيادة المغربية للصحراء الغربية.

وأكد غالي على ضرورة إجراء استفتاء حول تقرير المصير في الصحراء الغربية، وهي أرض صحراوية بمساحة 266 ألف كلم مربع، وغنية بالفوسفات وتحيط بها مياه غنية بالأسماك، ويسيطر عليها المغرب منذ 1975.

​​

وقال غالي إن "اقتراح الحكم الذاتي ولد ميتا باعتبار أننا أمام قضية تصفية استعمار مسجلة لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن 17 إقليم لم تمارس حقها في تقرير المصير من خلال استفتاء أو بطريقة أخرى".

وأضاف: "نحن مطلبنا وحقنا معترف به دوليا ولن نقبل مقايضته بأي مقترح آخر لا حكم ذاتي ولا جهوي ولا غير ذلك، نطالب بحقنا في تقرير المصير، لسنا مغاربة إلا إذا اختار الشعب الصحراوي اختيارا حرا مش تحت السلاح ولا تحت القمع ولا استفتاء مزور واختار الشعب الصحراوي ذلك وأستبعد هذا الخيار بناء على معرفتنا بالشعب الصحراوي".

وانتقد غالي تعامل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن مع قضية "الصحراء الغربية"، مهاجما بالأخص فرنسا، وقال إنها "تعرقل مسار ومجهودات المجتمع الدولي في تطبيق الشرعية الدولية وممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير مصيره"، مضيفا أن "تعامل الأمم المتحدة مع الموضوع كان خيبة أمل حقيقية للشعب الصحراوي".

خبراء مغاربة يردون على زعيم جبهة البوليساريو
رأى خبراء مغاربة أن الجانب الرسمي لا يزال يرى بضرورة الحل السلمي لقضية "الصحراء الغربية" ويصر على فكرة "الحكم الذاتي" التي اقترحها أثناء المفاوضات في جنيف في ديسمبر ومارس الماضيين، وذلك ردا على زعيم جبهة البوليساريو الذي طالب بحق "الشعب الصحراوي" في "تقرير مصيره" من خلال استفتاء حر ونزيه.

​​وتابع: "الشعب الصحراوي يكاد صبره ينفذ، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والإسراع في تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره من خلال يوم واحد بحرية ثم احترام نتائج هذا الاختيار الحر، بدون ذلك فحقنا سنتمكن منه مهما كانت الصعوبات ومهما كانت التضحيات".

وهدد غالي بأن "تعنت النظام المغربي الأعمى وعدم احترامه للشرعية الدولية ستفرض على الشعب الصحراوي وجبهة البوليساريو امتشاق الأسلحة من جديد".  

غير أن غالي تراجع وقال: "لا أهدد ولن نهدد بالحرب لأننا عشنا الحرب وكلفتنا تضحيات كثيرة، لكن إذا كان ممر إجباري فسنمر من ذلك الممر الإجباري لنصل إلى ممارسة حقنا في تقرير مصيرنا واستقلالنا".  

وبعد ستّ سنوات من انقطاع الحوار، بين المغرب وجبهة البوليساريو نجحت بعثة الأمم المتحدة في جمع الأطراف المعنية حين عقد اجتماعان في سويسرا، في ديسمبر 2018 ومارس الفائت شارك فيهما كل من المغرب وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) والجزائر وموريتانيا.

وفي نهاية الاجتماع الثاني، لم تعط بوليساريو سوى أمل ضئيل لتحقيق تقدم في تسوية هذا النزاع القديم مؤكدة أن "المغرب لم يبد أي رغبة في الالتزام بعملية جدية للمفاوضات".

ومن حينها لم يحدد موعد بعد لجولة ثالثة من المفاوضات.

علاقات الجزائر وفرنسا تدهورت خلال الأشهر الأخيرة ـ رويترز

وسط توتر عال في العلاقات مع الجزائر، ترفض باريس تسليم وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب، المتابع بتهم فساد بلغت مجموع الأحكام فيها 100 سنة.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وشروع السلطات الجديدة في سلسلة من محاكمات لرجاله المقربين، كررت الجزائر طلباتها للقضاء الفرنسي بتسلم الوزير الذي يعتبر من أبرز وجوه النظام السابق.

"غياب تام للتعاون"

واعتبرت الخارجية الجزائرية، في بيان لها يوم الخميس الماضي، رفض السلطات الفرنسية تسليم الوزير السابق "دليل على الغياب التام لتعاونها في مجال المساعدة القضائية المتبادلة، على الرغم من وجود العديد من الاتفاقيات الدولية والثنائية المخصصة لهذا الغرض".

"واصطدمت الجزائر بعدم تجاوب السلطات الفرنسية مع 25 إنابة قضائية"، تخص تسليم مطلوبين، وفق المصدر نفسه، الذي أوضح أن السلوك الفرنسي يتفرد ويختلف عن مواقف الشركاء الأوروبيين في إشارة إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي، التي "تتعاون مع الجزائر بكل صدق وإخلاص، ودون أي خلفيات أو دوافع خفية..".

وبمبرر "حالته الصحية التي لا تسمح"، رفض القضاء الفرنسي، الأربعاء الماضي، تسليم وزير الصناعة الجزائري السابق عبد السلام بوشوارب، المتابع في قضايا فساد كبرى ذات صلة بفترة توليه الوزارة ما بين 2014 و2017، وهو نفس المنصب الذي سبق وأن تولاه سنة 1996.

وبرز بوشوارب كمقرب من دائرة الحكم، عندما تولى منصب مدير الاتصال في الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهي الانتخابات التي ظهر فيها بوتفليقة لأول مرة على كرسي متحرك بسبب مضاعفات مرضه.

العلاقات المتوترة بين البلدين

وفي رده على سؤال يتعلق بأسباب رفض السلطات الفرنسية تسليم الوزير المتهم، يستبعد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة أن يكون عدم تسليمه للجزائر له صلة بمكانة الشخص لدى دوائر صناعة القرار الفرنسي، ولا "شبكة علاقاته المتشعبة وسط المؤسسات الضاغطة في فرنسا"، مرجعا ذلك إلى "السياق العام للعلاقات بين البلدين المتسم بالتوتر العالي".

ويشير توفيق بوقاعدة في حديثه لـ"الحرة" إلى "تداعيات الأزمة القائمة بين البلدين"، مضيفا أن كل طرف يعتبر التنازل عن مساحة في هذه الأزمة "مكسب لخصمه".

ويتحدث المحلل الجزائري عن "الحساسية السياسية" التي أصبحت جلية بين النخب الفرنسية وإعلامها اتجاه كل ما هو متعلق بالجزائر"، مؤكدا أن لغة الرفض و"السعي للمقايضة بدل الالتزام بالقانون هو ما يحدد سلوك الجانب الفرنسي الآن".

ويشير المتحدث إلى رغبة الفرنسيين "مقايضة أي مطلوب للقضاء الجزائري بالكاتب بوعلام صنصال" الذي يواجه تهم الإرهاب والمساس بالوحدة الوطنية"، منذ اعتقاله في الجزائر منتصف نوفمبر الماضي.

وكانت محكمة الاستئناف في منطقة إيكس أون بروفانس (جنوب فرنسا)، أوعزت قرار الرفض إلى "العواقب الخطيرة للغاية" التي قد تنجم عن تسليمه نتيجة "وضعه الصحي وعمره" البالغ 72 سنة، مضيفة أن تسليمه "يتعارض والمادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة الخامسة من اتفاقية تسليم المطلوبين بين فرنسا والجزائر لعام 2019.

جدل "سياسي"

وتتخوف السلطات الفرنسية من ظروف إيداع الوزير السابق السجن، إذ يرى محاميه بنيامين بوهبوت، أن إرسال بوشوارب إلى الجزائر "يعني الموت هناك"، مضيفا أن موكله هو ضحية "عمليات تطهير" نظمتها السلطات الجزائرية، التي تريد محاكمة أعضاء حكومة بوتفليقة، وفق ما نقلته القناة الفرنسية cnews.

وأصدر القضاء الجزائري خمسة أحكام بعشرين سنة سجنا في كل حكم (مجموعها 100 سنة) على الوزير بوشوارب الذي أشرف على ملفات اقتصادية هامة من بينها تصنيع وتركيب السيارات في الجزائر، واستيرادها، وهي القضايا التي عالجتها المحاكم المحلية لاحقا في سياق حملة لمكافحة الفساد.

ويعتقد الحقوقي الجزائري، فاروق قسنطيني، أن السلطات الفرنسية ترفض تسليم الوزير المطلوب "لأسباب سياسية وليست حقوقية"، مضيفا أن "الادعاء بمخاوف بشأن ظروف سجنه في الجزائر تبرير غير مؤسس".

ويوضح قسنطيني لـ "الحرة" أن الجزائر سبق لها وأن تسلمت رجل الأعمال الشهير عبد المؤمن خليفة في سنة 2013 من الحكومة البريطانية، المتهم في قضايا فساد ضخمة بسبب إفلاس بنكه، مشيرا إلى أن الجهات الحقوقية "لم تسجل أي تجاوزات بحق المتهم بعد إيداعه السجن في الجزائر".

وبرأي فاروق قسنطيني فإن الجزائر "ملتزمة" بالمواثيق التي تحفظ للمساجين حقوقهم، معتبرا الجدل الفرنسي حول قضية عبد السلام بوشوارب "سياسي محض".