درارني مكث خلف قضبان السجن لمدة 11 شهرا.
درارني مكث خلف قضبان السجن لمدة 11 شهرا.

قال الصحفي والناشط الجزائري، خالد درارني، أن معركته "من أجل حرية الصحافة" لم تتنهِ بعد، وتعهد بمواصلة نشاطه "من أجل صحافة حرة ومستقلة في الجزائر".

وكان درارني قد ظهر، السبت، في مقابلته الصحفية الأولى منذ اعتقاله، عبر شاشة "الحرة".

وألقت السلطات الجزائرية القبض على درارني في مارس 2020، لأسباب مرتبطة بتقاريره حول احتجاجات الحراك في الجزائر.

وكانت السلطات الجزائرية قد أفرجت بشكل مؤقت، في 19 فبراير، عن درارني (40 عاما) الذي بات رمزا للنضال من أجل حرية الصحافة في بلاده، عقب الإعلان عن عفو رئاسي شمل العشرات من سجناء الرأي.

وكان درارني قد حُكم عليه، في أغسطس، بالسجن ثلاث سنوات بتهم تتعلق بالمساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر غير القانوني.

وبينما تم تأكيد عقوبة السجن لمدة عامين عوضا عن ثلاث سنوات، إلا أن الحكم "لا يزال غير مناسب بشكل صارخ لأن التهم الموجهة إليه هي انتهاك صارخ لحرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات"، على حد قول الخبراء.

وخلال مقابلته، قال درارني "لم أستفد من العفو الرئاسي لأن العفو الرئاسي مس المحكوم عليهم، وأنا لم يتم الحكم النهائي علي بما أنني قمت بطعن بالنقض لدى المحكمة العليا الذي سيُدرس يوم الخميس 25 فبراير".

وأوضح "أنا استفدت من إفراج مؤقت، لأن الطريقة القانونية الوحيدة التي كانت من الممكن أن تخرجني من السجن هي طلب الإفراج المؤقت الذي قمت به يوم أمس بطلب من السلطات القضائية".

وأضاف "أنتظر بفارغ الصبر يوم 25 فبراير لنرى ما الذي ستقوله المحكمة العليا الجزائرية حول الطعن بالنقض الذي تقدمت به ضد محاكمتي الثانية".

ويصف إخلاء سبيله المؤقت بأنه "عفو بطريقة غير مباشرة لأنني لا أستطيع قانونيا أن أستفيد من العفو، ولكن هذا يدخل طبعا في إطار السلطات التي أرادت أن تخرجنا في نفس اليوم".

وقال بشأن التهم التي تسعى السلطات لإدانته بها "أنا صحفي وكل الجزائريين والعالم يعرف أنني صحفي إلا المحكمة التي أقرت بأنني لست صحفيا بما أن المحكمة في حكمها الأول ثم في حكمها الثاني بمجلس قضاء الجزائر قضت بأنني لم أثبت للعدالة الجزائرية بأنني صحفي".

وأردف "هي تعتبر أن الإثبات يأتي عن طريق بطاقة".

وأوضح "أنا لست بحاجة إلى بطاقة ولست بحاجة إلى وثيقة ولا إلى ورقة لأثبت أنني صحفي، الكل يعرف حتى الذين اتهموني بأنني لست صحفيا، وهم كانوا حاضرين في الاستوديوهات وأنا استجوبتهم بنفسي كصحفي".

وقال درارني "أنا سعيد طبعا لأنني حر، رغم أنني كنت حرا بالرغم من أنني كنت بالسجن، أنا كنت دائما حرا في عقلي وفي ذهني وفي تصرفاتي وفي ممارسة مهامي قبل السجن وبعده".

ورغم ذلك، أكد أنه "إن كان هناك سجين واحد وإن كان هناك معتقل واحد فإننا كلنا معتقلون، وأتمنى أن يطلق سراح كل المعتقلين وأتمنى خاصة ألا يزج بهم بالسجن مرة ثانية كما جرى في 2020".

وتابع درارني قوله "لا أعرف إن كان قرار واحد يكفي أن يبني جسرا (من الثقة بالحكومة) لأن الجسر يستوجب الكثير من القرارات والكثير من حسن النية، وأنا لا أفقد الأمل طبعا (..) وأتمنى أن يُسمع صوت الجزائريين الذي هو صوت الحرية".

وقال "أعتبر نفسي صحفيا وليس رجلا سياسيا، وأنا معركتي الوحيدة والتي هي معركة كبيرة هي معركتي من أجل حرية الصحافة ومن أجل الممارسة الصحفية بكل حرية وبكل استقلالية وبكل مهنية وسأواصل معركتي هذه كصحفي من أجل صحافة حرة ومستقلة في الجزائر".

واستنكر درارني اتهامه بأنه "خبرجي" أي عميل لدولة أجنبية، بالقول "عندما سمعت هذه الكلمة تذكرت التلفزيون العمومي والسلطات الجزائرية عندما اتهمت الأخضر بورقعة، من أكبر أبطال الثورة الجزائرية، بأنه ليس مجاهدا وليس بطلا، فقلت أنا لست أفضل من الأخضر بورقعة، إن اتهمنا أكبر أبطالنا بأنه ليس مجاهدا وليس بطلا فمن أكون أنا".

وأضاف "هذا النوع من الاتهامات نحن معتادون عليها، في الجزائر عندما نحاول أن نشوه شخص نقول بأنه يشتغل مع الخارج ويشتغل مع القوات الأجنبية"، وتابع "عندما نتهمك به فهذا يعني أنك ليس لك أي علاقة بهذه الاتهامات".

وعبر درارني عن تشوقه للعودة إلى ممارسة عمله الصحفي بعد ابتعاده عن المهنة بسبب احتجازه، وقال "لدي مشروع واحد ووحيد وهو عودتي لممارسة هذه المهنة الرائعة التي أمارسها منذ 15 سنة هنا في الجزائر، ولا أعرف أن أمارس مهنة عدا هذه".

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

اعتبر رئيس الجزائر عبد المجيد تبون أن هناك "فوضى عارمة وجلبة سياسية (في فرنسا) حول خلاف تم افتعاله بالكامل" مع بلاده.

وأوضح تبون خلال لقاء إعلامي، السبت، أنه كان هناك بالفعل سوء تفاهم، لكن إيمانويل ماكرون "يبقى رئيس الجمهورية الفرنسية".

وتابع في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية: "بالنسبة لي فإن تسوية الخلافات يجب أن تكون، سواء معه (ماكرون) أو مع الشخص الذي يفوضه، أي وزيره للشؤون الخارجية، وهو الصواب".

وأشار تبون إلى أن الجزائر و فرنسا دولتان مستقلتان.. "قوة أفريقية وقوة أوروبية ورئيسان يعملان سويا"، مؤكدا أن "الباقي لا يعنينا".

وبخصوص زيارات مسؤولين رسميين فرنسيين إلى الصحراء الغربية، قال تبون إن هذه الزيارات "ليست استفزازا".

وتابع: "فرنسا والمغرب يتفقان جيدا وهذا أمر لا يزعجنا".

وفي مارس الجاري، لم تستبعد الخارجية الفرنسية إمكانية "الدخول في حوار مع الجزائر من أجل إحراز تقدم بشأن القضايا" التي تهم الطرفين.

وأشارت المتحدثة بالنيابة للخارجية الفرنسية، جوزيفا بوغنون، لـ"الحرة" إلى أنه "لا مجال للدخول في تصعيد لا مصلحة للجزائر ولا لفرنسا فيه".

وشددت على أن باريس "تظل متمسكة بعلاقتها الفريدة والطويلة الأمد مع الجزائر والشعب الجزائري. وما يزال هناك مجال للحوار".

وتشهد العلاقات الثنائية بين البلدين توترا مؤخرا،  إذ استدعت الخارجية الجزائرية، في مارس، السفير الفرنسي لديها، وأبلغته بـ"خطورة مشروع المناورات العسكرية الفرنسية-المغربية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل في الراشيدية بالقرب من الحدود الجزائرية، وذلك تحت مسمى شرقي 2025 الذي يحمل الكثير من الدلالات"، معتبرة الخطوة بمثابة "استفزاز".

كما يعرف ملف الهجرة بين البلدين جدلا سياسيا وقانونيا واسعا، بعد رفض الجزائر استقبال مواطنيها المرحلين، وفي هذا السياق، جددت الخارجية الفرنسية (الكي دورسيه) تأكيداتها لـ"الحرة" أن بلادها ستقدم للجزائر "قائمة بالأشخاص الذين سيتم ترحيلهم" خلال أسابيع.

ورفضت الجزائر استقبال عدد من مواطنيها الذين لم تُسو أوضاعهم في فرنسا والذين رحلتهم باريس، ومن بينهم "منفذ هجوم أودى بحياة شخص في 22 فبراير في مولوز في شرق فرنسا".

وأدى الرفض إلى المزيد من التوتر في العلاقات المضطربة منذ اعتراف فرنسا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في يوليو 2024.