الجزائر- انتخابات- رفض
دعا الرئيس عبد المجيد تبون إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة شهر يونيو المقبل

بينما تدعو السلطات في الجزائر المواطنين للانخراط في "جهود إعادة بناء مؤسسات دستورية جديدة عن طريق الانتخاب"، يدفع جزائريون رافضون لعملية الانتقال السياسي، وفق رؤية السلطة، لتصعيد المظاهرات الأسبوعية وتشجيع المقاطعة للمواعيد الانتخابية المقبلة.

وبعد حل البرلمان في 21 فبراير الماضي، دعا الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، في محاولة لاستعادة زمام الأمور، في ظل عودة الحراك الاحتجاجي المناهض للنظام، بعد عام على تعليقه بسبب جائحة كورونا.

وحدد الرئيس الجزائري يوم 12 يونيو المقبل موعدا للانتخابات، بحسب ما أكدت الرئاسة الجزائرية أوائل شهر مارس الماضي.

يأتي ذلك وسط تواصل المظاهرات الشعبية، الرافضة لمسعى الانتخابات الذي "تفرضه السلطة" وفق تعبير أحد النشطاء، وإعلان أحزاب كبيرة مقاطعتها للموعد الانتخابي الذي حدده تبون.

والسبت، أعلن حزب جبهة القوى الاشتراكية، وهو أقدم الأحزاب المعارضة في الجزائر، أنه سيقاطع الانتخابات التشريعية، بناء على قرار لمجلسه الوطني.

وقال بيان للحزب إنه "يجدد التأكيد على أن شروط إجراء الانتخابات غير متوافرة، وأن الانتخابات لا تشكل حلا للأزمة المتعددة الأبعاد التي تعيشها البلاد".

وكان كل من حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب العمال قد أعلنا سابقا مقاطعتهما للموعد الانتخابي الذي أريد له أن يعيد بناء المؤسسة التشريعية التي حلها تبون.

والثلاثاء، تظاهر طلاب وأساتذة في العاصمة الجزائرية في إطار مسيرتهم الأسبوعية، ورفعوا يافطات منددة بـ"تجاهل" السلطات لمطالب التغيير ورفضهم للانتخابات المقبلة.

في المقابل، أعرب حزب حركة مجتمع السلم، وهو أكبر تشكيل سياسي ذا بعد إسلامي في الجزائر مشاركته في الانتخابات المقبلة، وقال، عبد الرزاق مقري، وهو رئيس الحركة، إن الانتخابات المقبلة "فرصة للتغيير والإصلاح الحقيقي لمؤسسات الدولة".

جزائريون يطالبون بإبعاد المؤسسة العسكرية عن المشهد السياسي

وبينما يقول الرافضون للانتخبات إنهم قرروا المقاطعة بسبب استمرارا نفس الممارسات المتعلقة بتقاسم الحصص مسبقا بين المؤيدين للسلطة، قال مقري إن "عهد توزيع الحصص قد انتهى، وإن حركة مجتمع السلم قد فتحت الباب أمام المواطنين من خارجها للترشح ضمن قوائمها".

ياسين عبدلي، وهو ناشط بارز في الحراك الشعبي المناهض للمسار الانتخابي، يرى بأن تنظيم الانتخابات في وقت يخرج فيه مئات الآلاف من المواطنين "للتعبير عن رفضهم للنظام والمطالبة بالتغيير، يعد مخاطرة".

وفي حديث لموقع "الحرة" قال ياسين إن "تعنت السلطة ينبئ بتأزم الوضع أكثر خلال الصيف القادم، خصوصا وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة".

ويرى ياسين بأن الشعب الجزائري "قال كلمته" بخصوص رؤيته للتغيير، إذ يؤكد الجزائريون على ضرورة إحداث "تغيير شامل يبدأ بمجلس انتقالي يقصي جميع من شاركوا الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الحكم منذ 1999، وعلى رأسهم تبون" وفق تعبيره.

وانتخب تبون رئيسا للجزائر في 12 ديسمبر 2019، في انتخابات لم تستقطب عددا كبيرا من الجزائريين، حيث لم تتعد نسبة المشاركة 40 في المئة.

لذلك، يرى بلقاسمي عثمان، الأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أن الانتخابات المزمع إجراؤها شهر يونيو المقبل لن "تنجح من منظور المشاركة ولا الهدف الذي تسعى إليه".

وفي اتصال مع موقع "الحرة" قال بلقاسمي إن "السلطة ماضية في تحيين مؤسساتها، بالرغم من علمها بأن الانتخابات لم تعد تستهوي الجزائري الذي يصارع من أجل تحصيل لقمة العيش، بينما تسعى الأغلبية لتحقيق التغيير عن كطريق التظاهر السلمي".

كما لفت بلقاسمي إلى التصعيد الذي يدعو إليه المناصرون للحراك الشعبي، وقال إن ذلط يعد "نتيجة منطقية لإصرار السلطة على التنكر للمطالب الحقيقية للشعب".

لكن،  عامري الخير، من حزب جبهة التحرير الوطني من ولاية جيجل، يرى بأن الشعب الذي يريد التغيير "عليه أن يشارك بصفة إيجابية".

والإيجابية، وفق الخير، هي "المشاركة في الموعد الانتخابي المقبل، من أجل تجديد مؤسسات الدولة وإحداث التغيير من خلالها، وليس من خلال الخروج للشارع كل أسبوع".

وبينما ينادي متظاهرون بـ "مقاطعة عملية الانتقال السياسي في ضوء خطة الحكومة الجزائرية"، تطالب أصوات من داخل الحراك بضرورة "المشاركة الإيجابية في مسعى التغيير"، بتحديد ممثلين عن الحراك للتفاوض مع السلطة.

وقال، عبد النبي محمد، وهو ناشط في الحراك الشعبي من مدينة قسنطينة إن "من الضروري بلورة فكرة الحراك وترجمة المطالب إلى أرضية تغيير تجمع الجزائريين".

وفي حديث لموقع "الحرة" أكد محمد أن "الحراك جزء من خطة التغيير"، وأن فكرة التمثيل أصبحت "أكثر من ضرورة" وفق تعبيره، لكنه رفض كذلك المشاركة في الانتخابات المقبلة، قائلا "إنها تدخل في إطار مسعى إعادة إحياء النظام المدعوم من المؤسسة العسكرية"، وهو "سبب خروج الجزائريين قبل سنتين". 

العلاقات مقطوعة والحدود مغلقة بين البلدين
تصريحات بنكيران تأتي في سياق توتر بين الجزائر والمغرب

"الصحراء الشرقية مغربية وسكانها مغاربة".. تصريح جديد فتح به رئيس الحكومة المغربية الأسبق وأمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران صفحة سجال جديد بين المغاربة والجزائريين.

ففي سياق حديثه عن موقف العدالة والتنمية من التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) في المغرب، خلال اجتماع داخلي للحزب الاثنين، في سياق الحديث عن جوانب تاريخية في الموضوع، قال إن المنطقة التي تعرف بالصحراء الشرقية، الواقعة جنوب غرب الجزائر، هي "تابعة تاريخيا للمغرب".

 

وقال بنكيران إن "الاستعمار الفرنسي دخل إلى الجزائر عنوة قبل 82 عاما على استعمار المغرب الذي دخله بعقد حماية. وكان الفرنسيون على حدودنا (المغرب) ولم يستطيعوا أن يتجاوزوها إلا في بعض المناطق التي ما زالت موضوع خلاف بيننا وبين الجزائريين. لأن تلك المناطق مناطقنا.. توارت وتندوف وحسي بيضا وبشار هي مغربية وسكانها مغاربة".

وأضاف "لما كان الشرقاوي (مولاي الطيب الشرقاوي) سفيرا للمغرب في فرنسا كان سكان تلك المناطق يأتون لمكتبه ويطلبون الحصول جوازات سفر مغربية لأنهم مغاربة".

وتابع رئيس الحكومة السابقة حديثه عما اعتبرها أدلة تاريخية على "مغربية الصحراء الشرقية" قائلا إن "الجزائر حازت تلك المناطق لأن فرنسا اقتطعتها منا (المغرب) وقالت لنا إنها ستعيدها إليها قبل استقلال الجزائر، لكن محمد الخامس لم يرغب في ذلك".

وتحدث عن كون فرحات عباس، أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة من 1958 إلى 1961، "رفض إرجاع تلك المناطق للمغرب بعد استقلال الجزائر"، وهو وضع "استمر إلى اليوم".

وأومأ السياسي المغربي إلى "إمكانية فتح الملف من جديد"، قائلا "ولو أن الحسن الثاني تنازل لهم (الجزائر) عليها، لكن ذلك (القرار) لم يمر عبر البرلمان ولا يزال موضوع خلاف".

خلاف جديد قديم

وليس هذه المرة الأولى التي يثير فيها سياسي مغربي جدلا بين الجزائر والمغرب بشأن "الصحراء الشرقية"، ففي يناير 2023 كانت مديرة الوثائق الملكية بالمغرب، بهيجة سيمو، قد أثارت سجالا حين قالت إن "الوثائق التاريخية المحفوظة تؤكد مغربية الصحراء الغربية، كما تؤكد أيضا مغربية الصحراء الشرقية".

وتفاعلت السلطات الجزائرية الرسمية حينها مع التصريحات، إذ وجه رئيس المجلس الشعبي الجزائري حينها، إبراهيم بوغالي، انتقادات لتصريحات المسؤولة المغربية واتهم الرباط بـ"التشويش" على الجزائر.

وصرح بوغالي في البرلمان الجزائري بأن "المغرب يحاول التشويش على بلادنا وتسويق أطماعه التوسعية.. في الوقت الذي تعمل فيه بلادنا تحت القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية على تعزيز الاستقرار على المستوى الجهوي، والقاري والدولي لاستتباب السلم وإنعاش التنمية وبعث الأمل".

وقبل ذلك بعشر سنوات، وتحديدا في ماي 2013، دعا الأمين العام لحزب الاستقلال السابق، حميد شباط، إلى استرجاع ما سماها بـ"الأقاليم المغتصبة من الجزائر مثل مدينة تندوف وبشار والقنادسة الواقعة في الصحراء"، وهو ما ردت عليه السلطات الجزائرية باعتبارها "تصريحات خطيرة".