فرحات مهني
أسس مهني حركة "ماك" في العام 2001

أصبح اسم المعارض الجزائري، فرحات مهني، خلال الأسابيع الأخيرة متداولا على نطاق واسع على المنصات الاجتماعية، ووسائل الإعلام العربية، بعد أن أصدرت الجزائر مذكرة توقيف دولية بحقه.

وتتهم الجزائر مهني، زعيم حركة "ماك" المطالبة بانفصال منطقة القبائل بالضلوع في "افتعال الحرائق" التي طالت المنطقة خلال الأيام الماضية، والتحريض على قتل الشاب، جمال بن إسماعيل، "على يد متطرفين ينتمون للحركة" وفق وسائل إعلام محلية.

ورد مهني على ذلك بالقول: "مستعد لتسليم نفسي للسلطات الجزائرية إذا ثبت تورطي في التحريض لأي عمل تخريبي أو التخطيط له، لكن إذا ثبت العكس، أطالب السلطات الجزائرية بقبول إجراء استفتاء تقرير المصير".

وقبل ذلك، صنفت الجزائر "ماك" حركة إرهابية، وهي الحركة التي رأت النور في العام 2001، وتطالب بإجراء استفتاء لتقرير مصير "شعب القبائل".

فمن يكون فرحات مهني؟

ولد فرحات في الخامس من مارس العام 1951، في قرية في إيلولة، بمنطقة القبائل، وقضى هناك طفولته في فترة الحرب ضد الاستعمار الفرنسي، حيث توفي والده عام 1961، الذي كان يقاوم الفرنسيين.

تخرج مهني من جامعة الجزائر للعلوم السياسية، لكنه اشتهر بكونه مؤديا للأغنية القبائلية الملتزمة أكثر من نشاطه الثقافي أو السياسي.

فرحات مهني كان من أشد المدافعين عن الثقافة الأمازيغية بالجزائر

دخل مهني عالم الموسيقى عام 1973 وفاز مع مجموعته "إيمازيغن إيمولا" بالجائزة الأولى لمهرجان الجزائر للموسيقى الحديثة. 

اعتقل لأول مرة عام 1977، ثم توالت الاعتقالات بحقه لتصل 12 مرة، وفق تصريحات سابقة له.

نشاطه الثقافي والسياسي

اشتهر مهني خلال مظاهرت" الربيع الأمازيغي" 1980. اعتقل يوما قبل مظاهرات إبريل 1980 لحيازته شرائط مسموعة معادية للنظام، وكان ضمن ما أصبح يعرف بـالـ24 معتقلا، والذين أصبح أكثرهم شخصيات سياسية معارضة معروفة بعد 1988، حين انفتحت الجزائر على التعددية الحزبية.

أحداث "الربيع الأمازيغي" دفعته إلى إقامة صداقة طويلة الأمد مع سعيد سعدي، والذي كان وقتها شابا شغوفا بالنضال من أجل الديمقراطية والدفاع عن لغة وثقافة البربر، وأسس معه سنة 1990 حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ذات البعد العلماني.

قاد مهني رفقة سعدي  مؤتمرات واجتماعات وندوات، وإضرابات عديدة خلال فترة التسعينيات، وأصبح من بين أكثر ممثلي الحركة الثقافية البربرية (MCB) تأثيرا في الجزائر.

حقوق الإنسان

في عام 1985، أنشأ، بالتعاون مع سعيد سعدي ومقران آيت العربي، وعلي يحيى عبد النور، الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان. 

واعتقل إثر ذلك، مع المحامي المعروف، مقران آيت العربي، وحكم عليهما بالسجن 3 سنوات بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر. 

سنة بعد خروجه من السجن في 1987، شهدت الجزائر سنة 1988 أكبر مظاهرات منددة بالنظام، أجبرت السلطات على فتح المجال السياسي وإنتهاء عهد الحزب الواحد، وهو ما أتاح له تأسيس حزب "الأرسيدي" رفقة سعدي.

مرحلة الإرهاب

في ديسمبر 1994، كان فرحات من بين ركاب طائرة إيرباص التابعة  للخطوط الفرنسية، الذين اختطفهم "إرهابيون" بمطار الجزائر العاصمة، ثم أغلقوا مطار مرسيليا. 

يقول إنه كان على وشك أن يقتل لو لم تتدخل قوات التدخل السريع الفرنسية وأنقذت أغلب الركاب.

إنشاء حركة "ماك"

في عام 2001، بعد سقوط أعداد من المتظاهرين خلال مسيرات "الربيع الأسود"، أسس حركته المعروفة باسم "ماك" وانتقل للمطالبة بالحكم الذاتي لمنطقة القبائل مبررا ذلك بإجهاض السلطات لكل محاولات المشاركة السياسية في المنطقة على وجه التحديد منذ الاستقلال.

خسائر بشرية ومادية ضخمة تسببت بها الحرائق
بعد اتهامها بإشعال الحرائق.. "ماك" ترد على السلطات الجزائرية
دعت حركة استقلال منطقة القبائل المعارضة، الأربعاء، إلى إجراء تحقيق دولي في الحرائق التي تجتاح الجزائر، وجريمة قتل وإحراق شاب اتّهم خطأ بأنّه من مشعلي الحرائق في منطقة القبائل، نافية أي مسؤولية في الكوارث ومعتبرة أنّ هناك يدا للسلطات في ما حصل.

حركة "ماك" كانت تهدف بداية إلى تحقيق الحكم الذاتي لكنها اتخذت موقفا أكثر تطرفا في 2013 وأصبحت تطالب باستقلال منطقة القبائل التام عن الجزائر.

وفي 2016 أعلن مهني عن "الحكومة المؤقتة للقبائل" وهو ما جعله مثار عدة انتقادات بالجزائر وحتى من المقربين منه في كل من الحركة الثقافية البربرية وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.

بعدها شرعت السلطات الجزائرية باعتقال المنتمين لحركة "ماك" قبل أن تصنفها حركة إرهابية وتعلن عن مذكرة توقيف دولية في حق مهني.

فرنسا- الجزائر
سلط خلاف الجزائر وفرنسا الضوء على جالية البلد المغاربي في هذه الدولة الأوروبية

وسط تصاعد الخلافات بين البلدين، أثارت وسائل إعلام فرنسية قضية مصير الجالية الجزائرية بفرنسا.

وأشارت صحيفة "لوموند" إلى أن جزائريي فرنسا "في قلب استراتيجيات نفوذ النظام".

بينما تطرقت مجلة "لوبوان" في صفحتها الأولى إلى "طريقة عمل شبكات النظام الجزائري" التي تعتمد على "زعزعة استقرار فرنسا"، بحسب تعبيرها، في إشارة إلى نشاط مؤثرين جزائريين في باريس ساندوا مواقف حكومة بلادهم.

واتهمت "لوبوان" السلطات الجزائرية باستخدام المؤثرين والمساجد والقنصليات لـ"زعزعة استقرار فرنسا"، وفق تعبيرها.

بينما أشارت "لوموند" إلى التهديدات التي تطال معارضين ولاجئين سياسيين جزائريين "تعرض بعضهم لاعتداءات بفرنسا من طرف موالين للسلطة في الجزائر".

وطفت قضية مؤثرين جزائريين يقيمون بفرنسا إلى السطح مع ارتفاع حدة الخلاف السياسي والدبلوماسي بين الجزائر وباريس على خلفية اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، وتصاعدت حدتها بين الطرفين مع نهاية السنة الماضية ومطلع 2025.

والأسبوع الماضي، شرعت النيابة العامة الفرنسية في التحقيق بشأن تسجيلات مصوّرة "مشحونة بالكراهية" لمؤثرة جزائرية، بعد يومين على رفض الجزائر تسلم مؤثر آخر طردته فرنسا، وسط تبادل اتهامات بين البلدين.

ومثلت المؤثّرة الفرنسية-الجزائرية، صوفيا بن لمان، التي أوقفت الخميس بفرنسا، أمام النيابة العامة في إطار نفس التحقيق على أن تحاكم في مارس القادم.

وكالت بن لمان، التي يتابعها على تيك توك وفيسبوك أكثر من 300 ألف شخص، الشتائم في بثّ مباشر في سبتمبر لامرأة أخرى "متمنّية لها الموت"، وفق ما أوردته فرانس برس.

وتواجه صوفيا رفقة خمسة مؤثّرين جزائريين آخرين إجراءات قضائية بفرنسا لنفس الأسباب.

كما أوقفت السلطات الفرنسية مؤثرا آخر في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، حذِف لاحقا، يحض المتابعين على "الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية".

وكانت الجزائر أعادت إلى فرنسا الأسبوع الماضي المؤثّر الجزائري المعروف باسم "بوعلام" الذي كانت باريس رحّلته في اليوم نفسه إلى بلده.

ووجهت له السلطات الفرنسية تهمة "الدعوة لتعذيب معارض للنظام الحالي في الجزائر".

ظاهرة "مؤقتة ومرحلية"

وتعليقا على هذه التطورات، يرى المحلل السياسي فاتح بن حمو أن المؤثرين الجزائريين القاطنين بفرنسا برزوا عبر بوابة ما يحدث من تقلبات في المشهد السياسي بين البلدين، ضمن "حالة استقطاب تشكلت على منصات التواصل الاجتماعي، عقب اشتداد الخلاف بين الجزائر وباريس".

ويشير بن حمو في حديثه لـ"الحرة" إلى أن وجود نحو ستة ملايين مهاجر جزائري، يحوز الجنسية الفرنسية، شكل "حالة جدلية لم يكن بوسع المؤثرين التخلف عنها أو تجاهلها بحكم التفاعل القوي حول هذا الموضوع على منصات التواصل الاجتماعي".

ويعتقد المتحدث أن "الخطاب الذي حمل عنفا لم يكن موجها أو مبرمجا" بشكل مباشر من الحكومة في الجزائر، مشيرا إلى أن هؤلاء "لا يشكلون لوبي يضغط بفرنسا لصالح الحكومة"، واصفا إياهم بـ"الظاهرة المؤقتة والمرحلية التي تأثرت بحجم الخلافات السياسية بين البلدين".

ظهور منذ حراك 2019

بينما يؤكد الحقوقي يوسف بن كعبة أن "التواجد اللافت للجالية الجزائرية بفرنسا يجعل من التواصل مع القنصليات هناك ضروريا ودائما ومتواصلا"، مما يؤدي إلى ظهور "حالة من التضامن أو التعاطف الشعبي للمغتربين مع بلادهم".

ويشير بن كعبة في حديثه لـ"الحرة" إلى وجود "نشاط دائم مباشر وغير مباشر بين القنصليات الجزائرية بفرنسا والمؤثرين".

وأكد أن هؤلاء الذين ظهروا على منصات التواصل الاجتماعي "تبنوا أطروحات السلطة منذ بداية الحراك، قبل خمس سنوات وليس وليد اليوم".

وأضاف المتحدث أن ظهور هؤلاء يأتي ضمن "تفاعلات ليست جديدة في ساحة العلاقات بين الجزائر وفرنسا".

واعتبر أن التوقيت والتوتر الحاصل بين البلدين "سلط عليهم الضوء، وجعلهم تحت مجهر الحكومة الفرنسية التي قدمت بعضهم للمحاكمة".