الجزائر- غاز
الجزائر من بين أكبر الدول المصدرة للغاز والبترول

بسبب تذبذب وضعها الاقتصادي تبعا لتذبذبات سوق النفط، تسعى الجزائر للتخلص من التبعية لقطاع المحروقات، والتي عطلت، وفق خبراء، عجلة التنمية في قطاعات أخرى ولاسيما، السياحة، والزراعة، والصناعة المتوسطة والخفيفة.

واعتاد الجزائريون، منذ عشرات السنين، على ترقب مؤشرات أسواق النفط، لجس نبض الاقتصاد الوطني، إذ إن المحروقات تمثل أكثر من 90 في المئة من الصادرات الجزائرية،  و60 في المئة من مداخيلها.

وتعتبر الجزائر من بين أكبر الدول المصدرة للغاز والبترول، وهي الممول الرئيس لدول أوروبية عديدة ولا سيما، إسبانيا والبرتغال.

وبعد أن عانى الميزان التجاري الجزائري من عدم استقرار مزمن، منذ 2014، نتيجة تراجع أسعار الخام في الأسوق الدولية، ها هو الآن يشهد، لأول مرة منذ ست سنوات، منحنى إيجابيا، بفضل ارتفاع الأسعار خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وكان احتياطي الجزائر من العملة الصعبة قد انخفض بأكثر من 50 بالمئة، ومعه انخفض "صندوق ضبط الإيرادات"، المخصص لتغطية عجز الميزانية، من حوالي 20 مليار دولار في نهاية عام 2013 إلى نحو سبعة مليار دولار في 2017، وفقا لبيانات وكالة الاستخبارات الأميركية.

وأنشأت الجزائر "صندوق ضبط الإيرادات" لادخار عائدات النفط منذنحو 20  عاما ويتضمن الإيرادات المحسوبة من الفارق بين سعر النفط المرجعي للبرميل وسعر السوق حيث يباع الخام بالفعل.

في عام 2020، أدى انخفاض سعر برميل النفط، في خضم انتشار وباء كورونا، إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إثر تمسك الجزائر بسقف الإنتاج الذي فرضته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وفق تقرير آفاق الاقتصاد العربي، الذي يصدره صنودق النقد العربي.

وتراجع إنتاج النفط بالجزائر خلال الوباء، من 1023 ألف برميل يوميا في 2019، إلى 899 ألف برميل يوميا في عام 2020.

وأدى ذلك، وفق التقرير ذاته، إلى "انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.4 في المائة سنة 2020".

ويأمل الجزائريون في أن تستطيع بلادهم تخطي مرحلة اقتصاد الريع، وهو السعي الذي أكده، الجمعة، رئيس الحكومة أيمن عبد الرحمن، بقوله إن "الصادرات الجزائرية خارج المحروقات بلغت مستوى لم تسجله البلاد منذ الاستقلال" وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.

ولم تتعد صادرات الجزائر خاريج النفط لسنوات 2 مليار دولار وفقا للوكالة. لكن سنة 2021، شهدت ارتفاعا ملحوظا في نسبة الصادرات من غير المحروقات، بلغ 118 في المئة، وفقا لـ إحصائيات رسمية، للأشهر الثمانية الأولى من عام 2021.

شعار سياسي؟

وبلغت صادرات الجزائر من غير المحروقات، في نهاية شهر سبتمبر الماضي 3.4 مليار دولار. ومن المتوقع أن ترتفع إلى  4.5 مليار دولار نهاية السنة،  وفقا لوكالة الأنباء الرسمية.

والجزائر هي ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا، وسابع أكبر مصدر للغاز في العالم. 

ومن دون أسعار نفط أو غاز مرتفعة، يتوجب على الحكومة الجزائرية الاعتماد على مصادر أخرى "هي في الغالب غير موجودة"، يقول أستاذ الاقتصاد في كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير في الجزائر، نور الدين حميتي.

وأضاف حميتي في اتصال مع موقع "الحرة" أن الحديث عن التخلص من التبعية للمحروقات ليس مؤسسا على معطيات ميدانية، بل هو شعار ترفعه السلطات المتعاقبة منذ الاستقلال.

وأشار إلى استعادة توازن الميزان التجاري، الذي ظل سليبا طيلة فترة تراجع الأسعار، بمجرد انتعاش سوق النفط.

وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية، انخفض عجز الميزان التجاري للجزائر خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021 إلى 926 مليون دولار، بنسبة بلغت 87.89 بالمئة مقارنة بالأشهر الثمانية الأولى من عام 2020، والتي بلغ فيها العجز 7.6 مليارات دولار.

ومن بين ركائز سياسة الجزائر للتخلص من التبعية لمداخيل النفط، الزراعة والسياحة. وهذان القطاعان، شهدا تحسنا ملحوظا خلال السنتين الماضيتين، وفق الخبير الاقتصادي، عبد المالك سراي.

ويعتقد سراي خلال حديث مع موقع "الحرة" أن الجزائر في "الطريق الصحيح"، وقال إن تصريح رئيس الحكومة مبني على معطيات واقعية، إذ استطاع القطاع الزراعي مثلا، "أن يصدر نحو 12 في المئة من منتوجه، وهو أمر غير مسبوق"، حسب قوله.

أما عن السياحة، فيرى سراي بأن الدولة أظهرت إرادة حقيقية في دعم المستثمرين في هذا القطاع، وقال إن "التوجيه السياسي في هذا الصدد ممتاز".

ولفت سراي كذلك، إلى أن هناك مشاريع صناعية وإلكترونية آخذة في التطور، في الجزائر، وهي بصدد دعم الدولة بمداخيل من العملة الصعبة.

وتابع قوله إن الجزائر استطاعت أن تصدر كميات كبيرة من منتوجها من الإسمنت والحديد وكل ما تعلق بالصلب والفوسفات، وقال إن "هذه الصادرات كلها خارج المحروقات، هي ليست كافية، لكنها تضعنا في السكة الصحيحة".

وأكد سراي أن وتيرة التصدير تلك يمكن أن ترفع مداخيل الجزائر خارج المحروقات بنحو 5 مليارات دولار، مضيفا أن هذه "مجرد بداية يمكن أن تخرج الجزائر جزئيا من التبعية للنفط، لكنها ليست كافية".

ويشير سراي إلى وجود عقبات تؤخر خطوات تقليل الاعتماد على قطاع النفط، ومنها البيروقراطية التي غالبا ما تجعل المستثمر يهرب من الجزائر حتى لو كان جزائريا "ناهيك عن الأجانب"، حسب قوله.

توقعات صندوق النقد

والاثنين الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي،  أن الاقتصاد الجزائري يتعافى تدريجيا من كوفيد -19 والصدمات النفطية في 2020 بعد أن أنهى مجلسه التنفيذي مشاورات "المادة الرابعة" مع حكومة البلاد.

وطبقا لاتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي، يجري الصندوق مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء على أساس سنوي، تعرف بمشاورات المادة الرابعة.

وقال الصندوق في بيان "من المتوقع أن يتعافى الاقتصاد في 2021 و2022 لكن التوقعات لا تزال غير مؤكدة ومليئة بالتحديات".

وأكد الصندوق أن استجابة السلطات السريعة "ساعدت في التخفيف من الآثار الصحية والاجتماعية للأزمة. وساعد التطعيم المعزز وإجراءات الاحتواء المستهدفة في إبطاء الموجة الثالثة من العدوى".

وأضاف "بعد انكماش بنسبة 4.9 في المئة في عام 2020، نما إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2021، مدفوعا بانتعاش أسعار النفط ومشتقاته وإنتاجها وتخفيف إجراءات الاحتواء". 

مدخل قصر المشور في مدينة تلمسان غرب الجزائر

تعتبر تلمسان من أعرق المدن الجزائرية، وإضافة إلى كونها عاصمة الدولة الزيانية لعدة قرون (1235-1554)، فإن جمالها وتنوع معالمها التاريخية، جعلها تكتسب اسم "الجوهرة" التي أنجبت كوكبة من القادة والزعماء ومشاهير العلوم والأدب والفن في البلاد.

ودفع الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، بتلمسان (غرب) إلى الواجهة عقب إدلائه بتصريحات لقناة فرنسية في أكتوبر الماضي، أشار فيها إلى "مغربية" عدد من مناطق الغرب الجزائري، من بينها "وهران، تلمسان ومعسكر"، وهو ما اعتبرته الجزائر "تجاوزا للخطوط الحمر، ووصفت الكاتب بـ"محترف التزييف" بعد اعتقاله في مطار الجزائر العاصمة في نوفمبر الماضي.

"المنارة" إرث من حصر تلمسان

يقف بومدين بلعطار مسؤول وكالة سياحية ومهتم بتاريخ المدينة، أمام منارة منصورة التاريخية التي بناها السلطان أبو يعقوب المريني عام 1303 خلال حصار قواته لمدينة تلمسان.

ويذكر المتحدث أن تاريخ المدينة "لم يبدأ من هنا، بل يطول إلى العهد الروماني عندما أقام القائد الأمازيغي صيفاكس ملك ماسيسيليا في غرب نوميديا عاصمة مملكته بجوارها خلال الربع الأخير من القرن الثالث قبل الميلاد".

ويشير بومدين إلى أن منارة منصورة "تحولت إلى أيقونة سياحية تبرز ثراء المدينة التي تعرضت لحصار مرير على يد المرينيين".

بدأ حصار المرينيين لمملكة تلمسان سنة 1299 وتواصل إلى غاية 1307، ورغم "ما سخروه من إمكانيات فقد أنهكته مقاومة الزيانيين"، مثلما يقول الباحث في تاريخ الجزائر، محمد بن ترار، الذي أضاف أن "مقتل السلطان يوسف بن يعقوب يوم 3 مايو 1307دفع بالمرينيين إلى رفع الحصار والعودة للديار".

ويوضح بن ترار لـ "الحرة" أن النزاع بين الزيانيين والمرينيين حول النفوذ في المنطقة "تحول إلى صراع مستمر ومتواصل أظهر فيه المرينيون أطماعا للاستيلاء على تلمسان".

عاصمة التعايش

ظلت تلمسان حاضنة لمختلف الطوائف الدينية والإثنية، وترحب بالتنوع الديني والعرقي، ويمثل حي قباسة الأرض التاريخية التي لجأ إليها العديد من اليهود سنة 1392 قادمين من شبه الجزيرة الأيبيرية، يتقدمهم الحاخام أفريم بن كاوا (1359/ 1442)، لاجئا إلى المغرب ثم تلمسان، بعد أن سمح لهم سلطانها بالدخول والاستقرار فيها.

لا زالت معالم الطائفة اليهودية في تلمسان حاضرة، حيث قبر الحاخام إفرايم بن كاوا الذي حج إليه مئات اليهود من مختلف أصقاع العالم سنة 2006 بترخيص حكومي، كما لا زالت أكبر أزقة وسط المدينة تحمل اسم "درب اليهود" إلى يومنا هذا قرب الكنيس التاريخي.

وتُعرف الموسوعة اليهودية، الحاخام بن كاوا، بأنه "الطبيب والحاخام، والكاتب اللاهوتي، ومؤسس الطائفة اليهودية في تلمسان وشمال أفريقيا، وحسب الأسطورة المتداولة، فإنه فر من محاكم التفتيش الإسبانية وهناك فقد والده وأمه".

وفي نفس المدينة يرقد سيدي بومدين الغوث الأندلسي (1126- 1198) أحد أهم أقطاب الصوفية في العالم الإسلامي، الذي تحول ضريحه إلى مزار سنوي لمريديه من داخل الجزائر وخارجها.

معاهدة لالة مغنية

ظلت تلمسان مركزا حضاريا قويا إلى أن ضعف جسمها مع بدء الإسبان هجماتهم على وهران (غرب)، واضطر ملوكها للتحالف معهم ضد العثمانيين، الذين تمكنوا من دخولها سنة 1553 وطرد الإسبان منها، وبعد احتلال الجزائر من قبل الفرنسيين سنة 1830، تعرضت المدينة لعدة هجمات تصدى لها جيش الأمير عبد القادر إلى غاية 1844 تاريخ سقوطها.

ولترتيب بيت مستعمرتها الجديدة لجأت الحكومة الفرنسية إلى إبرام معاهدة على أرض تلمسان في 18 مارس 1845 لترسيم الحدود بين الجزائر المستعمرة والمملكة المغربية، وعرفت منذ ذلك الوقت بـ"معاهدة لالة مغنية" نسبة إلى المدينة الجزائرية المحاذية للمغرب.

كما حملت "مجموعة تلمسان" اسم المدينة، ويشير  أستاذ التاريخ الجزائري، عبد الرحمان قدوري، أنه كان "نسبة لقادة الجيش والثورة الذين قدموا من المغرب عشية الاستقلال، في يوليو 1962، وعقدوا اجتماعهم في تلمسان، قبل الزحف على الجزائر العاصمة وتولي الحكم، عوضا عن الحكومة الجزائرية المؤقتة".

و"لم تتوقف الخلافات بين الجزائر والمغرب بعد الاستقلال، ولم تهدأ مرحلة التوتر إلا بدخول المملكة السعودية على خط المصالحة"، مثلما يذكر قدوري لـ"الحرة"، الذي أضاف أن "الملك فهد بن عبد العزيز تقاربا بين الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد والعاهل المغربي الحسن الثاني في قمة احتضنتها مدينة مغنية بولاية تلمسان على مقربة من الحدود بين البلدين".

نجوم السياسة والطب والأدب والفن

سطعت أسماء لامعة من تلمسان في سماء السياسة بالجزائر، فقد انحدر منها الزعيم الوطني الشهير مصالي الحاج،  وأحمد بن بلة، أحد مفجري الثورة الجزائرية وأول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، فضلا عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وكان محمد بن رحال التلمساني أول جزائري حائز على البكالوريا عام 1874. وأنجبت هذه الولاية أشهر الأطباء من بينهم إلياس زرهوني المدير السابق لمعاهد الصحة الطبية الأميركية خلال الفترة ما بين 2002/ 2008.

وفي الأدب يقول المؤلف المسرحي على عبدون لـ"الحرة"": "يعتبر الكاتب الجزائري المعروف محمد ديب والروائي واسيني الأعرج، وأمين الزاوي، وعمار بلحسن، وبلقاسم بن عبد الله، من أبرز ما أنجبت تلمسان".

ويشير المتحدث إلى أن تلمسان اشتهرت أيضا بكونها "عاصمة الموسيقى الأندلسية من خلال كوكبة من الفنانين من أمثال عبد الكريم دالي، والحاج الغفور والعربي بن صاري".

أميرات الأندلس

كانت تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2011، واحتضنت التظاهرة بعد اختيارها من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، باعتبارها أشبه بالمتحف المفتوح، بمعالمها التاريخية البالغ عددها 48 معلما مصنفا ومحميا، أشهرها قصر المشور وأبواب المدينة ومنارة منصورة.

كما اشتهرت تلمسان بلباس أميرات الأندلس المعروف بـ"الشدة التلمسانية"، وفي عام 2012 صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" تراثا غير مادي للإنسانية، لقيمته التاريخية والحضارية والجمالية.

ويتشكل زي الشدة التلمسانية من "اِثنيْ عشر قطعة متناسقة تم تصنيفها جميعا، فيما بينها، ومن بين هذه القطع، نجد: البلوزة، القفطان، الحايك، الشاشية والمجوهرات"، حسب تعريف وزارة الثقافة والفنون له.

أما مطبخ تلمسان فلا يقل شهرة عن ألبستها، فهو يزخر بأطباق الحريرة التلمسانية والحلو (زبيب وبرقوق ولحم بمذاق حلو) وطاجين الزيتون والكسكس، وحلويات المقروط والقرويش والكعك التلمساني.