إسبانيا رفعت مبادلاته مع روسيا رغم الغزو الروسي لأوكرانيا
إسبانيا رفعت مبادلاته مع روسيا رغم الغزو الروسي لأوكرانيا

أدت السياسة الخارجية لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى نتيجتين رئيستين وهما ارتفاع الواردات من روسيا رغم الحرب في أوكرانيا، وتراجع صادرات مدريد إلى الجزائر جراء تأزم العلاقات بين البلدين بسبب الصحراء الغربية، وفق صحيفة "ذي أوبجتكيف" الإسبانية.

وتنقل الصحيفة  أن مشتريات إسبانيا من روسيا ارتفعت بنسبة تفوق 32 في المئة رغم الغزو الروسي وفرض عقوبات غربية على موسكو، فيما انخفت صادرات مدريد إلى الجزائر بنسبة 80 في المئة. 

وتشير الصحيفة في تقريرها إلى أن النتيجتين معزولتان عن بعضهما البعض، ولكنهما تظهران التغير الكبير في السياسة الخارجية لرئيس الحكومة، بيدرو سانشيز.

ورغم أن سانشيز من بين أكثر القادة الأوروبيين نشاطا في الجهود الرامية لعدم مساعدة روسيا تجاريا بسبب غزوها لأوكرانيا، يمتنع عن إيقاف مشتريات مدريد من موسكو، للحفاظ على إمدادات الغاز الروسي إلى إسبانيا، وفق التقرير.

وأظهرت الأرقام الرسمية في الفترة من يناير إلى أغسطس نموا كبيرا في التجارة مع روسيا، وبلغت الواردات، بحسب الصحيفة، في هذه الفترة 5,347.4 مليونا، بزيادة قدرها 49.2٪ عن الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021.

وبعبارة أخرى، تقول الصحيفة، منذ بدء الحرب في أوكرانيا، كانت إسبانيا بعيدة كل البعد عن كبح علاقاتها التجارية مع روسيا كما طلب سانشيز علنا في كثير من الأحيان بل على العكس من ذلك، عملت على تحسينها.

من جهة أخرى، وفق التقرير، أثرت الأزمة الدبلوماسية بشأن الصحراء الغربية، على صادرات إسبانيا إلى الجزائر، وتعكس بيانات التجارة الخارجية أن الصادرات في يونيو بلغت 66.6 مليونا مقارنة بـ 174 مليونا في العام السابق، أي أقل بنسبة 61.8٪.

وفي يوليو، صدرت إسبانيا منتجات بقيمة 28.6 مليون يورو مقارنة بـ 155.6 مليونا أرسلت في نفس الشهر من العام الماضي، أي أقل بنسبة 81٪، بحسب الصحيفة.

وفي أغسطس الماضي، بلغت الصادرات من إسبانيا إلى الجزائر 26.5 مليون يورو، أي أقل بنسبة 79.8٪ عن الشهر نفسه من العام الماضي، وفق التقرير. 

وكانت الجزائر لأعوام طويلة أكبر مزود لإسبانيا بالغاز، خصوصا عبر شركة "ميدغاز" التي تسير خط الأنابيب الرابط بين البلدين (تملك سوناطراك 51 بالمئة منها وناتورجي 49 بالمئة). 

ولكن الكميات بدأت تتضاءل بعد وقف خط الأنابيب العابر للمغرب بسبب عدم تجديد الاتفاق بشأنه إثر قطع العلاقات بين الجزائر والرباط في أغسطس 2021.

وحتى الكميات الموردة عبر "ميدغاز" انخفضت بسبب توتر العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والجزائر منذ قرر رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز في مارس الماضي دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، لإنهاء أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط مستمرة منذ نحو عام.

وردا على ذلك، علقت السلطات الجزائرية مطلع يونيو معاهدة تعاون مع إسبانيا ما أثر على التعاملات التجارية.

رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق
رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق

تشتد وتيرة التصعيد الإعلامي بين الجزائر وفرنسا منذ اعتقال الكاتب بوعلام صنصال في السادس عشر من نوفمبر الماضي بالمطار الدولي هواري بومدين.

ولم يصدر عن السلطات الجزائرية موقف رسمي عن اعتقال صنصال أو التهم الموجهة له، إلا أن رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، إبراهيم بوغالي، هاجم "انخراط البرلمان الأوروبي، وبعض الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، في محاولة للتدخل في الشأن الداخلي للجزائري" على خلفية هذه القضية.

واعتبر بوغالي، خلال اجتماع لمكتب المجلس الأحد الماضي، هذه التطورات "ممارسة مفضوحة لصرف الأنظار عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان والقانون الدولي"، وذلك ردا على نقاش نظمه البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي حول اعتقال صنصال وبحث إصدار لائحة تطالب بالإفراج عنه.

وقال المتحدث إن "يد القانون ستطال كل من تسول له نفسه محاولة المساس بأمن واستقرار الجزائر"، كما سبق لوكالة الأنباء الجزائرية أن نشرت تعليقا أكدت فيه اعتقال صنصال، وهاجمت بشدة الحكومة واليمين الفرنسي على مطالبهما بالإفراج عنه.

وشهد النقاش حول اعتقال الكاتب صنصال حضورا قويا في وسائل الإعلام الفرنسية، بعد أن عبرت دوائر مقربة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن انشغال ماكرون بالقضية، كما دعت شخصيات من اليمين الفرنسي الجزائر إلى الإفراج عنه.

ولم تغب قضايا الذاكرة والتاريخ عن الجدل الجزائري الفرنسي، على خلفيات تصريحات صنصال لقناة فرنسية في أكتوبر الماضي بشأن "مغربية وهران ومعسكر وتلمسان".

وفيما تحاول وسائل إعلام فرنسية إبراز الجانب الحقوقي من القضية، ترى أوساط جزائرية أن الحملة تحكمها خلفيات اقتصادية وسياسية.

الذاكرة والصحراء الغربية

وتعليقا على الخلفيات الحقيقية التي تحكم التصعيد الأخير في العلاقات بين البلدين، يشير أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إدريس عطية، إلى أن موضوعين أساسيين برزا ضمن التوتر الأخير، ويتعلق الأمر بـ "ملف الذاكرة، وقضية الصحراء الغربية".

ويوضح إدريس عطية أن الرئيس الفرنسي و"في خضم الجدل حول قضية صنصال، كلف سفيره في الجزائر للوقوف أمام ضريح المقاوم الجزائري العربي بن مهيدي".

وزار السفير ستيفان روماتيه قبر أحد مفجري الثورة الجزائرية، وهو العربي بن مهيدي، بعد 19 يوماً من اعتراف الرئيس إيمانويل ماكرون باغتياله خلال حرب التحرير "على يد جنود فرنسيين"، وأقل من أسبوع على اعتقال صنصال، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تهدئة التصعيد.

ويفسر عطية فشل خطوة ماكرون لرأب الصدع بين البلدين، في حديثه لـ"الحرة، بكون الجزائر تعتبر موقفه اتجاه الصحراء الغربية "خيانة لها، عندما انحاز لمقاربة المغرب وتخليه عن سياسة التوازن بينهما، فضلا عن الدور الديبلوماسي السابق لبلاده في مجلس الأمن الدولي لصالح التهدئة".

وكان الرئيس الفرنسي أعلن في يوليو الماضي، بمناسبة عيد العرش المغربي، أن بلاده تعتبر أن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية"، وأدى ذلك بالجزائر إلى سحب سفيرها من باريس.

اليمين و"مواجع التاريخ"

ومن جهته، يرى المحلل السياسي، توفيق بوقاعدة، أن اعتقال صنصال "فتح كل الملفات دفعة واحدة"، مشيرا إلى أن القضاء "كان مضطرا" لاعتقال الكاتب في إطار تصريح جديد تداولته وسائل إعلام لأول مرة في أكتوبر الماضي حول "سيادة ووحدة التراب الوطني".

ويشير بوقاعدة لـ "الحرة" إلى أن الجزائر "التزمت الصمت بعد توقيفها لصنصال، ولم تقم بأي تصعيد أو استغلال لموقف هذا الأخير من الوحدة الوطنية"، إلا أن اليمين الفرنسي "استغل الحادثة لقلب مواجع التاريخ والعلاقات السياسية بين البلدين وأخرج أسوأ ما فيه".

وبرأي المتحدث فإن اليمين الفرنسي هو من "حرك أحجار القضية، ليهاجم الجزائر"، واعتبر  أن صانع القرار "ذهب بعيدا هو الآخر"، في إشارة إلى قرار السلطات القضائية الجزائرية اعتقال صنصال.

 وتوقع المحلل السياسي أن "تطول حلقات الخلاف بين البلدين هذه المرة بحكم الدوافع التاريخية والسياسية التي تسيطر على اليمين بفرنسا".