صورة لمجمع مصافي الجزائر بشرق العاصمة الجزائرية في 24 فبراير 2022
صورة لمجمع مصافي الجزائر بشرق العاصمة الجزائرية في 24 فبراير 2022

أعلنت الجزائر عن تحقيق "رقم قياسي" في صادراتها من الغاز الطبيعي خلال عام ٢٠٢٢، فيما يشير خبراء تحدث معهم موقع "الحرة" إلى الأسباب، ومدى تأثيره على الاقتصاد الجزائري والمواطن خلال الفترة القادمة.

وفي عام 2022، حققت الجزائر "رقما قياسيا" في صادرات الغاز الطبيعي بعد ارتفاع الصادرات بحوالي 56 مليار متر مكعب.

وكشف المدير العام للاستشراف، بوزارة الطاقة والمناجم بالجزائر، ميلود مجلد، أن "رقم الأعمال هو الآخر ارتفع نتيجة ارتفاع الأسعار بسبب الطلب المتزايد على هذه المادة الذي ولدته الأزمة الروسية الأوكرانية".

وقال إن "السياسة الطاقوية في الجزائر تتمثل في تلبية الطلب الداخلي الذي يعرف خلال العشرية الأخيرة تزايد مستمرا ما بين 3 إلى 4 بالمائة، وفي تزويد الأسواق العالمية بهذه الطاقة الحيوية".

وأكد أن "الجزائر وفت بالتزاماتها تجاه كل الزبائن، خاصة فيما يخص بتزويدهم بالغاز الطبيعي وفق العقود طويلة ومتوسطة المدى التي تم إبرامها".

ما الأسباب؟

يرى الخبير الاقتصادي والاستراتيجي الجزائري، عبدالقادر سليماني، أن زيادة الصادرات ناتجة عن "إبرام صفقات جديدة لبيع الغاز الطبيعي لأوروبا وزيادة حجم الاكتشافات في الفترة الماضية".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى التزام الجزائر بكافة تعهداتها من الغاز الطبيعي لتصبح "الشريك المضمون والآمن".

وخلال الفترة الماضية زاد عدد وحجم اكتشافات الغاز الطبيعي، وتستثمر الجزائر أموالا ضخمة في مجال "التنقيب" بالشراكة مع شركات عالمية، وفقا لسليماني.

من جانبه يرجع الخبير الاقتصادي الجزائري، مراد كواشي، تحقيق الجزائر هذا الإنجاز إلى "سببين رئيسيين" بعد زيادة كميات الغاز المصدرة للدول الأوروبية، وزيادة "الاكتشافات الطاقوية المؤكدة" خلال عام 2022.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى أن الجزائر تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث "الاكتشافات المؤكدة"، ويحتل مجمع "سونطراك" المرتبة الثانية عشر بين الأكبر على مستوى العالم.

وخلال هذا العام وضعت الجزائر ميزانية ضخمة تقارب 40 مليار دولار لمدة 4 سنوات للفترة من 2022 إلى 2026 لزيادة حجم الإنتاج والتنقيب والبحث عن "البترول والغاز"، وفقا لحديث كواشي.

وحسب حديثه فقد ساعدت "الحرب الروسية الأوكرانية" في بلوغ الجزائر هذا الرقم نتيجة زيادة الطلب على الغاز الجزائري، بعدما أصبحت وجهة للعديد من الدول خاصة الأوروبية" من أجل التزود بكميات إضافية من الطاقة.

وتعد الجزائر أكبر مصدر أفريقي للغاز الطبيعي، والسابع عالميا، وفقا لـ"فرانس برس".

وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الجزائر البالغة احتياطياتها المثبتة من الغاز الطبيعي نحو 2400 مليار متر مكعب، تمد أوروبا بـ11 بالمئة مما تستهلكه من الغاز، فيما كانت روسيا تمد القارة العجوز بـ47 بالمئة.

وتراجعت مبيعات روسيا من الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي تراجعا كبيرا منذ بدء حربها في أوكرانيا، مما دفع الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على موسكو، وتوقفت خطوط أنابيب الغاز الروسية تحت بحر البلطيق عن العمل بسبب الانفجارات مجهولة المصدر، وفقا لـ"رويترز".

ومنذ بدء غزو أوكرانيا، سعت دول أوروبية عدة إلى خفض اعتمادها على الإمدادات الروسية وقد انفتحت في ذلك على الجزائر، خصوصا إيطاليا، حسب "فرانس برس".

في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، مدت الجزائر إيطاليا بـ17,3 مليار متر مكعب، بزيادة نسبتها 13 بالمئة على أساس سنوي، وفق صحيفة "ميدل إيست إيكونوميك سورفيه".

ما تأثير ذلك على الجزائر؟

يشير كواشي إلى "التأثير الإيجابي" لارتفاع سعر الغاز الطبيعي على الاقتصاد الجزائري الذي يعتمد بنسبة 90 بالمئة من إيراداته على صادرات المحروقات، وبذلك ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بالخزينة العمومية وحققت مداخيل مالية كبرى.

وتعيش الجزائر حاليا في "أريحية مالية" ما مكنها من وضع ميزانية لعام 2023، هي الأضخم في تاريخ البلاد، وطغى عليها "الطابع الاجتماعي"، وفقا لكواشي.

ويتابع "وعدت السلطات الجزائرية برفع سقف الأجور والرواتب والتعويضات والمكافئات بنسبة كبيرة وعدم فرض رسوم وضرائب إضافية على المواطنين"، ما يمثل "تأثيرا إيجابيا" على الوضعية الاجتماعية للمواطنين الجزائريين.

واستفاد المواطن الجزائري من زيادة "واردات البلاد من الغاز"، لكن يجب استخدام المداخيل الإضافية في تحقيق "تنويع اقتصادي" وبناء اقتصاد "متوازن وخلاق" وكسر الارتباط بالمحروقات، وفقا لكواشي.

من جانبه يؤكد سليماني أن المواطن الجزائري سوف يستفيد لأن الجزائر اعتمدت أكبر ميزانية في تاريخها والتي تقدر  بـ100 مليار دولار.

ويشير  إلى أن 70 بالمئة منها موجهة إلى "مصاريف زيادة الأجور والرواتب ومنح البطالة" ودعم "القدرة الشرائية للمواطن" وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات "الأمن الغذائي والصحي والطاقوي".

وحسب حديث سليماني فإنه يتم استهلاك 50 في المئة من إنتاج الجزائر "محليا" ولإنتاج الكهرباء، وهناك توجه محلي لترشيد الاستهلاك من الغاز الطبيعي والكهرباء والاعتماد على "الطاقة النظيفة" لتوجيه تلك الكميات إلى التصدير.

مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا في لقاء سابق مع زعيم البوليساريو
دي ميستورا سافر إلى المنطقة عدة مرات للقاء مختلف أطراف النزاع

عقد مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، الخميس، لقاءات مع مسؤولين من جبهة البوليساريو بعدما وصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف في الجزائر، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصحراوية.

وتقع الصحراء الغربية على ساحل المحيط الأطلسي ويحدها المغرب وموريتانيا والجزائر وتعتبرها الأمم المتحدة من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".ويسيطر المغرب على 80% من مساحة الصحراء الغربية.

وطرحت الرباط خطة عام 2007 تقترح فيها منح المستعمرة الإسبانية السابقة حكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تخوض نزاعا مع الرباط منذ 1975، بالسيادة عليها، وتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نصّ عليه اتفاق لوقف إطلاق النار مبرم في العام 1991.

وسيلتقي دي ميستورا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وتأتي زيارة دي ميستورا "في إطار تحضيره للإحاطة" التي سيقدمها أمام مجلس الأمن في 16أكتوبر، حسبما أفاد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة محمد سيدي عمار وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

ومطلع أغسطس الماضي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلق عميق" إزاء تدهور الوضع في الصحراء الغربية، وذلك في تقرير أعدّه حول هذه المنطقة بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، داعيا إلى "تجنّب أيّ تصعيد إضافي".

وكتب غوتيريش أن "استمرار الأعمال العدائية وغياب وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو يمثّلان انتكاسة واضحة في البحث عن حلّ سياسي لهذا النزاع طويل الأمد".

وهذا التقرير الذي يغطي الفترة من 1 يوليو 2023 ولغاية 30 يونيو 2024، أُعدّ قبل أن تعلن فرنسا في نهاية يوليو تأييدها للخطة التي اقترحها المغرب لمنح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً باعتبارها "الأساس الوحيد" لحلّ النزاع.

وأثار قرار باريس غضب الجزائر التي تدعم البوليساريو في هذا النزاع. والصحراء الغربية غنية بالأسماك والفوسفات ولها إمكانات اقتصادية كبيرة.

وبعد نحو 30 عاما من وقف إطلاق النار، تعمق التوتر بين الجزائر والمغرب منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على هذا الاقليم المتنازع عليه أواخر العام 2020، في مقابل تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.

وعيّن دي ميستورا في منصبه في أكتوبر 2021، وسافر إلى المنطقة عدة مرات للقاء مختلف أطراف هذا النزاع من دون التوصل إلى استئناف العملية السياسية.