القضية تهدد بإحياء التوتر بين البلدين بعد الانفراجة الأخيرة
القضية تهدد بإحياء التوتر بين البلدين بعد الانفراجة الأخيرة

أسابيع بعد الانفراجة الأخيرة، تدخل العلاقات الجزائرية الفرنسية مرحلة اختبار جديدة بعد تدخل فرنسي ساعد الناشطة السياسية والصحفية أميرة بوراوي للسفر إلى فرنسا ما أثار غضب الجزائر التي رأت في ذلك "عملية إجلاء سرية" لمواطنة جزائرية.

ويقول محللون تحدثوا لموقع "الحرة" إن القضية ستكون لها تبعات وقد تعيد التوتر من جديد إلى العلاقات بين البلدين.

والأربعاء، قرر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، استدعاء سفير بلاده لدى فرنسا "للتشاور".

وأورد البيان "أمر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، باستدعاء سفير الجزائر بفرنسا، السيد سعيد موسي، فورا للتشاور"، مشيرا إلى أن الجزائر أعربت في "مذكرة رسمية" وجهتها إلى فرنسا عن "احتجاجها بشدة على عملية الإجلاء السرية وغير القانونية" لبوراوي المطلوبة للقضاء الجزائري.

اختبار جديد

وتهدد القضية بإحياء التوتر بين البلدين بعد الانفراجة الأخيرة في العلاقات، وفقا لما يراه المحلل الجزائري، حكيم بوغرارة، في حديث لموقع "الحرة"، مضيفا أن "مثل هذه القضايا تؤثر حقيقة".

ويشير بوغرارة إلى أن هذه التصرفات مثل تهريب بوراوي من تونس نحو فرنسا، تظهر أن هناك انقساما داخليا فرنسيا في العلاقات والتعامل مع الجزائر حيث يظهر جناح يستفز الجزائر ويحاول إفشال محاولات التقارب بين باريس والجزائر من خلال استعمال التصريحات الإعلامية المعادية واستغلال ملف التاريخ والذاكرة وتأليب بعض اللوبيات السياسية والإعلامية على الجزائر، وجناح يسعى للتقارب مع الجزائر من خلال إحالة ملف الذاكرة على المؤرخين والعمل على تقوية العلاقات الاقتصادية، وإبعاد كل ما من شأنه تعكير صفو العلاقات".

وأوقفت الناشطة السياسية والصحفية، الجمعة، في تونس حيث كانت تواجه خطر الترحيل إلى الجزائر وتمكنت أخيرا من ركوب طائرة متجهة إلى فرنسا، مساء الإثنين.

وحاول موقع "الحرة" التواصل مع السفارة التونسية في واشنطن طلبا للتعليق.

وكانت الناشطة الحاملة للجنسيتين الفرنسية والجزائرية ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري.

وأوقفتها الشرطة التونسية عندما كانت تحاول ركوب طائرة متوجهة إلى فرنسا مستعملة جواز سفرها الفرنسي، وأفرجت عنها محكمة، الإثنين، قبل أن توقفها الشرطة التونسية مجددا إلى أن حصلت على حماية من القنصلية الفرنسية في تونس.

ويرى بوغرارة في حديثه لموقع "الحرة" أن "فرنسا لم تتدخل لتهريب سميرة بوراوي من الجزائر، وهربتها من تونس، ما يؤكد أنه كان هناك مخططا مدروسا منذ مدة، كما أن هذه الوقائع التي جاءت بعد التفاهم على زيارة الدولة للرئيس تبون إلى باريس، يؤشر أن الانقسام في الإليزيه كبير"، بحسب تعبيره.

أزمة جديدة

وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، الأربعاء، أنها أعربت في مذكرة رسمية للسفارة الفرنسية عن "إدانة الجزائر الشديدة لانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية".

واستنكرت صحيفة "المجاهد" الحكومية في افتتاحيتها باللغة الفرنسية، الأربعاء، خطوة فرنسية "غير ودية للغاية" تجاه الجزائر وتونس.

وقالت الصحيفة متسائلة: "كيف يمكن لهذه السياسة الفرنسية، التي تتسم بالتقدم بخطوة واحدة والتراجع بعشر خطوات، أن تساعد على تهدئة النفوس، بل أنها تضفي برودة على العلاقات الثنائية وذلك قبل أسابيع من زيارة الدولة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى فرنسا". 

ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية، عن مصادر أن الناشطة "تم استقبالها لبضع ساعات في السفارة الفرنسية" قبل الحصول على "إذن من الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بالذهاب إلى فرنسا".

ويؤكد المحلل الجزائري، بوغرارة، إمكانية توتر العلاقات من جديد ويشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن "استدعاء الجزائر لسفيرها للتشاور يؤكد غضب الجزائر، وإمكانية التصعيد مع باريس إذا لم تستجب لطلب ترحيل سميرة بوراوي".

ويقر المعارض الجزائري، وليد كبير، في حديث لموقع " الحرة" أن استدعاء السفير الجزائري خطوة ستكون لها تبعات قد تصل حد إلغاء زيارة تبون المقررة إلى فرنسا.

ويتابع كبير أن "النظام في الجزائر يرى في كل صوت ينتقده مشروع معارض في الخارج"، مشيرا إلى أن التوتر قد يلغي زيارة تبون إن لم يرجع السفير الجزائري إلى باريس، في شهر مايو.

ويقول كبير إن المسؤولين الفرنسيين في لقاءاتهم مع نظرائهم الجزائريين على أعلى مستوى يؤكدون أن هناك قضاء مستقلا، وبالتالي فإن تسليم الأصوات المنتقدة للنظام الحاكم المتواجدة في الأراضي الفرنسية يخضع لمسطرة معقدة جدا". 

ويقر كبير أن "فرنسا تستعمل أيضا ورقة المعارضين من أجل توظيفها فيما تراه نقط ضعف لدى النظام الحاكم، لأن النظام يظن أنه بقمعه للأصوات الجزائرية سيحكم سيطرته على البلاد ولا يفكر أن ذلك يؤثر على صورة الجزائر في العلاقات الدولية"، بحسب تعبيره.

وعُرفت بوراوي، وهي طبيبة تبلغ 46 عاما، عام 2014، بمشاركتها في حركة "بركات" ضد ترشح الرئيس الراحل، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رابعة. 

وحاولت الناشطة مرارا مغادرة الجزائر في الأشهر الأخيرة لزيارة ابنها المقيم في فرنسا، لكن دون جدوى، بحسب موقع إذاعة "راديو إم" الجزائرية حيث قدمت برنامجا سياسيا منذ سبتمبر. 

وكتبت بوراري على صفحتها في فيسبوك "لا يترك المرء أرضه بفرح القلب. في بعض الأحيان نقرر المغادرة لأننا سئمنا الكثير من الظلم. يعد منع المواطن من السفر انتهاكا لأبسط حقوقه خاصة عندما ينص الدستور على أن الحظر لا يمكن أن يكون إلا لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط".

وشكرت بوراوي في منشور على صفحتها بفيسبوك "كل الذين أكدوا أنني لن أجد نفسي خلف القضبان مرة أخرى"، مشيرة إلى منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، والصحفيين، والموظفين القنصليين في سفارة فرنسا في تونس. 

وحاولت الحرة الحصول على تعليق من بوراوي دون رد حتى نشر التقرير.

وأعادت زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي، بعد أزمة مرتبطة بتعليقات أدلى بها في أكتوبر 2021.

وأشاد الرئيس الجزائري في نهاية ديسمبر بـ"علاقة الثقة" الجديدة بين البلدين، بعد أربعة أشهر من زيارة ماكرون للجزائر، وأعلن في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" عزمه زيارة فرنسا في عام 2023.

مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا في لقاء سابق مع زعيم البوليساريو
دي ميستورا سافر إلى المنطقة عدة مرات للقاء مختلف أطراف النزاع

عقد مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، الخميس، لقاءات مع مسؤولين من جبهة البوليساريو بعدما وصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف في الجزائر، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصحراوية.

وتقع الصحراء الغربية على ساحل المحيط الأطلسي ويحدها المغرب وموريتانيا والجزائر وتعتبرها الأمم المتحدة من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".ويسيطر المغرب على 80% من مساحة الصحراء الغربية.

وطرحت الرباط خطة عام 2007 تقترح فيها منح المستعمرة الإسبانية السابقة حكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تخوض نزاعا مع الرباط منذ 1975، بالسيادة عليها، وتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نصّ عليه اتفاق لوقف إطلاق النار مبرم في العام 1991.

وسيلتقي دي ميستورا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وتأتي زيارة دي ميستورا "في إطار تحضيره للإحاطة" التي سيقدمها أمام مجلس الأمن في 16أكتوبر، حسبما أفاد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة محمد سيدي عمار وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

ومطلع أغسطس الماضي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلق عميق" إزاء تدهور الوضع في الصحراء الغربية، وذلك في تقرير أعدّه حول هذه المنطقة بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، داعيا إلى "تجنّب أيّ تصعيد إضافي".

وكتب غوتيريش أن "استمرار الأعمال العدائية وغياب وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو يمثّلان انتكاسة واضحة في البحث عن حلّ سياسي لهذا النزاع طويل الأمد".

وهذا التقرير الذي يغطي الفترة من 1 يوليو 2023 ولغاية 30 يونيو 2024، أُعدّ قبل أن تعلن فرنسا في نهاية يوليو تأييدها للخطة التي اقترحها المغرب لمنح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً باعتبارها "الأساس الوحيد" لحلّ النزاع.

وأثار قرار باريس غضب الجزائر التي تدعم البوليساريو في هذا النزاع. والصحراء الغربية غنية بالأسماك والفوسفات ولها إمكانات اقتصادية كبيرة.

وبعد نحو 30 عاما من وقف إطلاق النار، تعمق التوتر بين الجزائر والمغرب منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على هذا الاقليم المتنازع عليه أواخر العام 2020، في مقابل تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.

وعيّن دي ميستورا في منصبه في أكتوبر 2021، وسافر إلى المنطقة عدة مرات للقاء مختلف أطراف هذا النزاع من دون التوصل إلى استئناف العملية السياسية.