المقبرة أقيمت على عجل وباتت مهملة ومنسية لأطفال لقوا حتفهم في مخيمات الحركيين
المقبرة أقيمت على عجل وباتت مهملة ومنسية لأطفال لقوا حتفهم في مخيمات الحركيين

رحب المؤرخ، عبد الرحمن مومن، المتخصص في حرب الجزائر باكتشاف مقبرة أقيمت على عجل وباتت مهملة ومنسية لأطفال لقوا حتفهم في مخيمات الحركيين بفرنسا في ستينيات القرن الماضي.

وكلف المؤرخ، في عام 2015، من قبل المكتب الوطني للمقاتلين وضحايا الحرب بالعثور على قبور حركيي مخيم ريفسالت.

وتعليقا على اكتشاف مقبرة سان موريس لاردواز بعد 60 عاما على إقامتها، قال المؤرخ لوكالة فرنس برنس إن هذا مفيد للعائلات لأنها بحاجة إلى إجابات.

وأوضح أن أحد عوامل عنف حرب الجزائر حتى اليوم هو عدم توافر إجابات وانعدام اليقين الدائم وعدم معرفة العائلات للأماكن التي دفن فيها أفرادها.

وسيكون هناك ارتياح لدى العائلات التي احتفظت في ذاكرة الأسرة بقصة وفاة طفل في هذه الظروف وسيسمح ذلك لها بالحداد، وفق المؤرخ.

ويشير مومن إلى أنه بالنسبة لبعض الذين توفي آباؤهم ولم يعرفوا شيئا بعد فقدان أخ أو أخت (في هذا المخيم) قد "يسبب صدمة يمكن أن تضاف إلى صدمات هذه القصة التي يمكن أن تكون قاسية وإلى هذا التكتم الذي يحيط بالحركيين".

وبحسب المؤرخ، شهد مخيم سان موريس لاردواز مثل مخيم ريفسالت (الجنوب)، معدلا مرتفعا لوفيات الرضع. وقد فتح، في أكتوبر من عام 1962، لاستيعاب 400 شخص لكنه استقبل بسرعة خمسة آلاف شخص بينهم عدد من العائلات الكبيرة، تم إيواؤهم في خيام في البداية.

وبحسب تقديراته، شكل الأطفال دون سن الثانية 80 في المئة من الوفيات، بين نهاية عام 1962 ونهاية شتاء عام 1963. هؤلاء توفوا بسبب المرض والموت المفاجئ وفقر الدم والضعف وكثير منهم عند الولادة.

ويرى أن هذا "يعكس مأساة هذا الوصول المؤلم والقاسي والعنيف لهذه العائلات إلى مخيمات الحركيين في ظروف فوضوية... هناك عدد كبير واضح في وفيات الأطفال مرتبط بالظروف المعيشية في المخيمات والتوتر وعواقب العنف النفسي الذي واجهته النساء".

وانتشلت رفات ثمانية أطفال من مقبرة سان موريس لاردواز المؤقتة في عام 1979 في ظروف غير محددة ومن دون أن يعرف مكان الرفات اليوم، وكانت هناك أوضاع مماثلة في مخيمات أخرى.

ويقول المؤرخ: "كانت هناك بالفعل أوضاع مروعة للعائلات. أفكر في حالة بور-لاستيك حيث توفي 16 طفلا لكن لم يعثر سوى على قبور 12 طفلا. لا نعرف مكان القبور الأخرى".

وفي مخيم الحركيين في ريفسالت (جنوب) حيث تم تحديد منطقة المقبرة، في عام 2017، على أرض للثكنة العسكرية السابقة، نُقل قبران لكن لم يعرف أي وضعت الرفات، والأمر ذاته ينطبق على مخيم سان موريس لاردواز.

وهذه الأوضاع هي جزء من الفضيحة المرتبطة بظروف الاستقبال غير اللائقة لعائلات الحركيين، في عام 1962، التي طلب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منهم في عام 2021 الصفح عنها، ليس فقط لتجنيدهم أثناء حرب الجزائر ثم التخلي عنهم، بل لظروف الاستقبال هذه أيضا.

و"هذه الوفيات في الظروف المأساوية التي حدثت فيها وهذا الإهمال الثاني لهذه المقابر، هي أيضا جزء من مأساة إنسانية لها عواقب نفسية وما زالت حية جدا في الذاكرة"، بحسب ما يراه المؤرخ.

الجزائر قطعت علاقاتتها بشكل رسمي مع المغرب
حرب المياه تخفي ورائها رهانات اقتصادية مهمة لكلا البلدين

لا يعرف التوتر المستمر بين المغرب والجزائر أي هدنة، إذ في وقت يتواجه الجاران بشأن قضايا عديدة أهمها الصحراء الغربية، فتحت جبهة جديدة بينهما حول المياه، بعدما اتهمت الجزائر جارتها الغربية بتقليص حصتها من مياه وادي يمتد من الأراضي المغربية إلى داخل نظيرتها الجزائرية.

وبات وادي كير أو قير الذي مصدره من أعالي الأطلس في المغرب إلى الجنوب الغربي الجزائري، محور نزاع جديد بين البلدين.

ونقلت صحيفة "لومند" الفرنسية أن الجزائر أثارت قضية الوادي مرتين على المستوى الدولي، وعلى هامش منتدى المياه العالمي للمياه في مايو 2024، تحدث وزير الري الجزائري، طه دربال، عن "تجفيف متعمد ومنتظم للمياه" من مناطق معينة على الحدود الغربية بسبب "ممارسات البلدان المجاورة". 

وفي شهر أكتوبر، خلال اجتماع في سلوفينيا فيما يتعلق باتفاقية حماية واستخدام مصادر المياه عبر الجبال والبحيرات الدولية ، اتهم المغرب بـ "عرقلة" و "تدمير المياه السطحية عبر الحدود".  

وفي قلب الجدل، يوجد سد قدوسة الذي بناه المغرب وتبلغ سعته 220 مليون متر مكعب، وتقول الجزائر إنه سبب تقليص تدفق المياه إلى سد الجرف الأصفر الجزائري، أحد أكبر السدود في الجزائر.

 وقالت الصحيفة إن تقارير إعلامية جزائرية تحدثت عن "كارثة بيئية" بسبب تناقص منسوب المياه في هذا السد، وتحدثت عن نفوق الأسماك وهجرة الطيور، وغضب السكان من نقص حاد في المياه، كما نقلت صحيفة "الوطن" الجزائرية أن بعض الأحياء في منطقة بشار لا تحصل على المياه إلا مرة كل عشرة أيام.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يغذي موضوع "الحرب المائية" الدعاية المعادية على جانبي الحدود.

أما في المغرب، فتقول وسائل الإعلام القريبة من السلطات أن الأمر يتعلق بـ"اتهام لا يصدق" وأنه"الهوس الجزائري بالمغرب".

ويقول موقع "360" المغربي "إن نظام الجزائر يهاجم المغرب للتمويه عن إدارة المياه الكارثية"، فيما يتهم موقع "برلمان" الجزائر بـ "تسييس كل شيء ، من القمصان الرياضية إلى نشرات الطقس".

بالمقابل، لا يبدو أن السلطات بالمغرب تتفاعل مع اتهامات الجزائر إذ تحافظ على سياسة بناء السدود، فحوالي عشرين سدًا قيد الإنشاء في المملكة  تضاف إلى 154 سد موجودة بالفعل.

من الناحية العلمية، يقول باحث فرنسي لصحيفة "لومند" إن المغرب كان يستغل حوالي 8 ملايين متر مكعب من مياه الوادي سنويا قبل بناء السد عبر أنظمة الري التقليدية، أما الآن فقد ارتفع الرقم إلى 30 مليون متر مكعب سنويا. ومع ذلك، يشير نفس الباحث إلى أن وادي كير يتلقى روافد أخرى تعوض جزئيا هذا النقص، مما يجعل الخسائر الجزائرية محدودة نسبيا.

وتقول الصحيفة إن حرب المياه تخفي ورائها رهانات اقتصادية مهمة لكلا البلدين، ففي الجزائر مشاريع ضخمة تحتاج المياه، مثل المجمع الحديدي الضخم قرب بشار والذي يحتاج كميات هائلة منها لمعالجة خام الحديد القادم من منجم غار جبيلات، فيما المغرب يواصل رهانه على الزراعة، خاصة في منطقة بودنيب الواقعة أسفل سد قدوسة، حيث تشهد المنطقة توسعا كبيرا في زراعة النخيل عبر مزارع ضخمة ومجمعات مائية اصطناعية.

وتشهد علاقات الجارين أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط صيف العام 2021، متهمة الأخيرة باقتراف "أعمال عدائية" ضدها، في سياق النزاع بين البلدين حول الصحراء الغربية.