داخل مسجد بالعاصمة الجزائرية
داخل مسجد بالعاصمة الجزائرية

أثار ناشط جزائري، معروف باسم مروان الباتني، جدلا صاخبا على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما  نشر، على حسابه الشخصي بموقع "تيك توك"، فيديو من داخل مسجد مرفوقا بأغنية راب.

وأثارت الحادثة جدلا كبيرا بين جزائريين، إذ دعا مدونون إلى "فتح تحقيق قضائي على هذا الناشط، ومعاقبته على فعلته، التي لا تتوافق مع قدسية المكان"، في حين اعتبر آخرون "الأمر عاديا ولا يمثل إساءة مباشرة للمسجد".

وأظهر فيديو "التكتوكر" مروان الباتني وهو يدخل إلى أحد المساجد قبل أن يجلس ويشرع في تلاوة القرآن، لكن المثير في القصة، حسب ما أشار إليه مدونون، هو مرافقة كل ذلك بأغنية شهيرة من موسيقى الراب.

ومروان الباتني أحد النشطاء المعورفين على "تيك توك" في الجزائر، ويتخصص في تقليد المشاهير والفنانين.

وتداولت العديد من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الأخيرة، أخبارا تفيد بقيام مصالح الأمن باعتقال الأخير، لكن دون أن يتأكد ذلك رسميا.

وتفاعلا مع الحادثة، غرد  ناشط على  صفحته بفيسبوك "القانون الجزائري معروف أنه يعاقب على الإستهزاء بالمعلوم من الدين يعني ممكن طفل يروح بوحدة طويلة".

ونشر  مدون آخر تدوينة جاء فيها "هذا ما ينتج للأسف من تشهير وتشجيع الرداءة.. على مستوى مختلف وسائل التواصل الإجتماعي وحتى التلفزة، قصد غرس هذا الإنحطاط في صميم الجيل الصاعد.. الأمم لا ترتقي إلا بالعلم".

الباتني بلقطة أرشيفية

واختارت صفحات أخرى الاستشهاد بمواد قانونية تنص على معاقبة الأشخاص الذين يتورطون في مرتبطة  حسبهم بالاستهزاء بأمور دينية.

وكتبت صفحة " الجزائر نيوز" على موقع فيسبوك "الحادثة أعادت الجدل حول نوعية بعض المؤثرين ونوعية الرسائل التي يقدمونها لخدمة المجتمع. للإشارة الفن هو رسالة أخلاقية ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لتقديم رسائل هادفة للمجتمع.. لماذا أصبح المؤثرون عرضة للسخرية والاستهجان في المجتمع؟ ولماذا يحصلون على ملايين المشاهدات رغم ذلك؟".

فريق آخر من النشطاء اختار الدفاع عن "التكتوكر"، مروان الباتني، ودعا إلى "توقيف الحملة التي تستهدفه.

الجماعات المسلحة تنشط في دول الساحل الأفريقي الخمس
الجماعات المسلحة تنشط في دول الساحل الأفريقي الخمس (أرشيف)

تفاقمت حدة الخلافات بين الجزائر ودول تحالف الساحل (مالي، النيجر وبوركينافاسو)، بقرار هذه الدول سحب سفرائها على خلفية اسقاط الجزائر لطائرة درون حربية مالية، اخترقت مجالها الجوي، بينما نفت بماكو ذلك، ولاحقا أغلقت الجزائر مجالها أمام الطيران المالي. 

ونتيجة احتدام الخلاف والاتهامات المتبادلة بين طرفي النزاع، تُطرح قضايا مستقبل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل التي تنشط بها جماعات إرهابية محسوبة على القاعدة وداعش، وكيانات ذات صلة بتهريب السلاح والبشر والمخدرات.

وتواصلت الأزمة بقرار مالي الانسحاب من لجنة رؤساء الأركان المشتركة، وهو تحالف اختص في مكافحة الإرهاب، ويضم دول الساحل بالإضافة للجزائر، كما قررت رفع شكوى أمام الهيئات الدولية الجزائر بتهمة ارتكاب ما وصفته بعمل "عدواني".

ولجنة أركان العمليات المشتركة هي هيئة عسكرية تضم كلا من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، تأسست سنة 2010 بمدينة تمنراست جنوب البلاد، لتكون بديلا للتدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة.

وفي 2017 أسست فرنسا تحالفاً عسكرياً موازياً خاصاً بمكافحة الإرهاب، ضم بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، قبل أن تسحب قواتها العسكرية من المنطقة.

"زيادة" في نشاط الجماعات الإرهابية

وتعليقا على هذه التطورات، رأى المحلل من دولة مالي، محمد ويس المهري، أن الخلاف بدأ منذ إنهاء باماكو، قبل سنة، العمل باتفاق السلام الموقع عام 2015 في الجزائر بين الحركات المسلحة المعارضة والحكومة المالية.

هذا الخلاف وفق ويس المهري "أثر على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والتنسيق العسكري ضمن لجنة الأركان المشتركة"، وأدى ذلك إلى "تسجيل هجمات كبرى من قبل جماعات جهادية على مطار باماكو، وبعض الأهداف العسكرية في العاصمة منذ أشهر".

وأشار المحلل الأمني والسياسي ويس المهري، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى تسجيل "هجمات على الجيش المالي واتساع نطاق نشاط الجماعات الجهادية في النيجر وفي بوركينافاسو، و"زيادة نشاط" التنظيمات الإرهابية الموالية لداعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بدولة النيجر وبوركينافاسو "بوتيرة كبيرة جدا".

كما نبه المتحدث إلى عمليات نزوح للمهاجرين من دول أفريقية تعرفها المنطقة نحو الجزائر، بسبب تجدد الاشتباكات منذ إعلان "انهيار" اتفاق السلام بين مالي والجماعات المسلحة المعارضة، كما أشار إلى "عودة عمليات الاختطاف التي تطال أجانب".

وكان سائح إسباني تعرض للاختطاف بتاريخ 14 يناير الماضي على الحدود الجزائرية المالية، ضمن نطاق الناحية العسكرية السادسة، من قبل عصابة مسلحة تتكون من خمسة أفراد، قبل أن تحرره وحدة عسكرية تابعة للجيش الجزائري وتعيد تسليمه لبلاده.

وكشف محمد ويس المهري عن محاولات متكررة، قامت بها جماعات إرهابية في الفترة الأخيرة، "لاستهداف أو اختطاف أجانب، بسبب توقف التنسيق الأمني الذي كان قائما بين مالي والجزائر"، مضيفا أن التداعيات امتدت إلى "زعزعة" الاستقرار في شمال مالي.

ووصف المتحدث الوضع الحالي بـ "الخطير جدا"، بعد توقف "الدعم العسكري والأمني الذي كانت تقدمه الجزائر لدول المنطقة، بما في ذلك شحنات عسكرية لمواجهة التهديدات الإرهابية"، مرجعا الوضع الحالي إلى انهيار اتفاق السلام، باعتباره"النقطة الخلافية الرئيسية بين البلدين".

الجزائر "تكرس تواجدها"

وتعرضت منطقة الساحل الصحراوي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 لأكثر من 3.200 هجوم إرهابي، أودى بحياة أكثر من 13.000 شخص"، وفق إحصائيات قدمها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول المنطقة في يناير الماضي.

كما تحولت منطقة دول الساحل إلى "بؤرة للإرهاب العالمي، وأصبحت تتركز فيها أكثر من 48 بالمئة من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم"، وفق المصدر نفسه.

ورأى الإعلامي الجزائري، محمد إيوانوغان، أن التطورات الحاصلة بمنطقة الساحل تتجاوز البعد الأمني، وهي تعكس "تحولا سياسيا إيجابيا يكرس التواجد الفعلي للجزائر بالمنطقة"، دون التخلي عن باقي المهام، ويوضح المتحدث قائلا: إن الجزائر ولأول مرة "تتحول من موقف ودور المتفرج إلى دور الفاعل".

وأضاف إيوانوغان، لموقع "الحرة"، أن الجزائر وهي ماضية في لعب دورها، بما في ذلك محاربة الإرهاب، قررت منع تحليق الطيران المالي فوق أجوائها وهي من "ستحمي الأزواد"، بعد تخلي باماكو عن اتفاق السلام معهم، مما يؤدي لاحتواء أي انزلاق أمني.

وأشار المتحدث إلى أن القرارات الأخيرة للجزائر تعني أن "كل الأطراف يجب أن تعيد حساباتها، بما يحفظ مصالح الجزائر"، فيما تواصل مختلف وحدات الجيش الجزائري عمليات مكافحة الإرهاب، وحماية أمن الحدود.