الحراك توقف في 2022 بسبب جائحة كوفيد
الحراك توقف في 2022 بسبب جائحة كوفيد

اتهمت منظمة العفو الدولية، السلطات الجزائرية بمواصلة "قمع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي" بعد خمس سنوات من انطلاق حركة الحراك الاحتجاجية في البلاد.

وقالت المنظمة إن السلطات تواصل استهداف الأصوات المعارضة الناقدة، سواء كانت من المحتجين أو الصحفيين أو أشخاص يعبرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وصعدت السلطات قمعها للمعارضة السلمية، حسبما تقول المنظمة، بعد توقف الحراك الشعبي بسبب جائحة كوفيد في 2020، واعتُقل مئات الأشخاص واحتجزوا تعسفيا.

وأوضحت العفو الدولية أن عشرات المحتجين السلميين والصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان لايزالون يقبعون خلف القضبان لانتقادهم السلطات.

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إنها لمأساة أنه بعد خمس سنوات من نزول حشود من الجزائريين الشجعان إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير السياسي والإصلاحات، تواصل السلطات شن حملة قمعها المروعة".

ودعت السلطات الجزائرية إلى الإفراج الفوري ومن دون قيد أو شرط، عن جميع المعتقلين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.  

كما دعت المنظمة السلطات الجزائرية أن تجعل من الذكرى السنوية الخامسة لحركة الحراك الاحتجاجية نقطة تحول من خلال وضع حد لمناخ القمع، وإصدار أمر بالإفراج الفوري عن المعتقلين تعسفيًا، والسماح بالاحتجاجات السلمية.  

وصادف أمس الخميس الذكرى الخامسة لانطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019 والذي بدأ للاحتجاج ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة وتطور خلال مسيرات أسبوعية لنحو سنة كاملة للمطالبة بالحرية والديمقراطية.

الجزائر ظلت متمسكة بمواقفها السياسية والديبلوماسية اتجاه دمشق
الجزائر ظلت متمسكة بمواقفها السياسية والديبلوماسية اتجاه دمشق

يثير سقوط نظام بشار الأسد على يد المعارضة المسلحة تساؤلات عدة في الجزائر، التي ساندت النظام البعثي وآزرته إلى آخر أيامه في "مواجهة الجماعات الإرهابية"، وفق تعبير بيان الخارجية الجزائرية لدى إعلانها عن اتصال بين أحمد عطاف ونظيره السوري، بسام الصباغ في الثالث ديسمبر الجاري.

وأكدت الخارجية "موقف الجزائر الثابت وتضامنها المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعبا، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها".

وواصلت الجزائر إعلان انشغالها بالتطورات الحاصلة في سوريا عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد من قبل المعارضة المسلحة، حيث أصدرت بيانا دعت فيه كافة الأطراف إلى "الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه".

كما دعت إلى الحوار بين أبناء السوريين و"تغليب المصالح العليا لسوريا والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد والتوجه إلى المستقبل، لبناء وطن يسع الجميع في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيدا عن التدخلات الأجنبية".

وظلت الجزائر متمسكة بمواقفها السياسية والديبلوماسية اتجاه دمشق، فقد دعت في فبراير 2020 إلى "رفع التجميد عن عضوية سوريا في الجامعة العربية"، وقال وزير الخارجية الجزائري الأسبق صبري بوقادوم أن تجميد عضويتها "خسارة لكل الدول العربية".

وكانت الجزائر في" صدارة" الدول العربية "القليلة" التي تحفظت على قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أواخر نوفمبر 2011"، ورافعت من أجل عودتها بمناسبة احتضانها للقمة العربية الواحدة والثلاثين في نوفمبر 2022، وفي ماي 2023 أعلنت الجامعة العربية أن وزراء الخارجية العرب "وافقوا في اجتماعهم بالقاهرة على عودة سوريا لمقعدها في الجامعة"، بعد غياب دام 11 عاما.

ومع صعود المعارضة السورية المسلحة للحكم في دمشق، فإن تساؤلات تطرح بشأن تعامل الجزائر مع الواقع الجديد في سوريا، خصوصا وأنها لا تخفي مواقفها الحازمة اتجاه الجماعات الإسلامية المسلحة على خلفية المواجهة الدموية التي عانت منها البلاد في تسعينيات القرن الماضي وخلفت عشرات الآلاف من القتلى.

شرعية الاعتراف الدولي

وفي تعليقه على مستقبل العلاقة بين البلدين في ظل النظام الجديد، يؤكد المحلل السياسي، إدريس عطية، أن الجزائر "سوف تتعامل مع هذه التطورات من منطلق الحكومة القادمة والتي ستتجسد شرعيتها من خلال الاعتراف الدولي بها على الأقل بشكل مؤقت".

ويشير عطية في حديثه لـ "الحرة" إلى أن الجزائر "التزمت دوما بالقانون والشرعية الدولية وسيادة الدول"، معتبرا أن هذا ما "كان يحكم علاقتها بسوريا"، ويوضح المتحدث أن الجزائر تعاملت مع دولة ذات سيادة"، من منطلق العلاقات التاريخية التي تحكم الشعبين الجزائري والسوري".

وتبعا لذلك فإن الجزائر ستعمل على "ترسيخ" العلاقات الديبلوماسية مع النظام الجديد في سوريا ضمن إطار "الجامعة العربية وباقي الهيئات الأممية التي لا شك أنها ستشرع في مد جسور الحوار مع الحكومة الجديدة في سوريا" يضيف المصدر نفسه.

نموذج ليبيا

بينما يشير الديبلوماسي الجزائري، مصطفى زغلاش، إلى أن "الواقعية والطموح" هي من ستحكم علاقة الجزائر مع الواقع الجديد في سوريا"، مضيفا أن الجزائر "ستتعامل مع دولة بحكومتها ومؤسساتها، وليس مع تنظيم أو فصيل مسلح".

ويرى الديبلوماسي الجزائري، أن رحيل النظام السابق "ليس ظاهرة جديدة"، فقد حدث ذلك في ليبيا عندما سقط نظام العقيد معمر القذافي، و"لم يمنع الجزائر من بناء علاقات وطيدة مع جيراننا"، مضيفا أن مسألة تعامل الجزائر مع الواقع الجديد في سوريا "تخضع لاعتبارات تحكمها الواقعية السياسية للديبلوماسية الجزائرية".

ولا يرى مصطفى زغلاش في تصريحه لـ"الحرة" أي تعقيدات في مستقبل العلاقات مع دمشق، مؤكدا أن الديبلوماسية الجزائرية "تحترم خيارات الشعب السوري وإرادته كما تحرص على وحدته، وهذه المعايير هي التي تؤطر تعاملها المستقبلي مع سوريا".