نقطة تفتيش يديرها أفراد من قوات بوليساريو خارج مخيم الداخلة للاجئين
المغرب كان يترقب أن تقدم فرنسا على الخطوة

توعدت الجزائر بإجراءات إضافية ضد فرنسا ردا على موقف باريس الداعم لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، في أزمة دبلوماسية يرى خبراء أنها في بدايتها ولا يستبعد لجوء الجزائر إلى " الانتقام الاقتصادي" ضمن هجومها المضاد.

ومباشرة بعد إعلان فرنسا لموقفها الجديد من نزاع الصحراء، سحبت الجزائر سفيرها بأثر فوري من فرنسا وقال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الأربعاء، إن ذلك خطوة أولى ستليها خطوات احتجاجية أخرى.

وتنقل صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تحليل أن ما يحدث لم يكن متوقعا قبل بضعة أسابيع، مع زيارة كانت مبرمجة لرئيس الدولة الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا بعد  الانتخابات الرئاسية في 7 سبتمبر. لكن عطّاف لمح إلى أن هذه الزيارة قد لا تتمّ بسبب موقف ماكرون.

يتوقع توفيق هامل، الباحث في معهد الدراسات الجيوسياسية التطبيقية (IEGA) أن تكون عواقب الأزمة بين البلدين ثقيلة، ولا يستبعد الباحث أن تلجأ الجزائر إلى سلاح الانتقام الاقتصادي ضمن هجومها المضاد.

"سلاح الغاز"

ويأتي التحرك الجزائري بعدما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المقترح المغربي "يشكّل، من الآن فصاعداً، الأساس الوحيد للتوصّل إلى حلّ سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي".

وتنقل "لوفيغارو" عن مصدر فاعل في التجارة الخارجية الفرنسية أن الأزمة قد تطال مجموعات اقتصادية كبيرة أو الواردات الفرنسية بشكل عام.

وتعود الصحيفة إلى العام 2022 عندما هددت الجزائر بفسخ عقد تصدير الغاز لإسبانيا، بعد اتخاذ مدريد موقف مشابه للموقف الفرنسي الحالي، وأشارت إلى أن الجزائر عادت للتلويح بهذا الإجراء الانتقامي مرة أخرى.

والجزائر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي في أفريقيا، تبيعه إلى فرنسا من خلال عقود طويلة الأجل تاريخيا مع شركة إنجي، ومؤخرا  مع توتال للطاقة. 

ومن المسلم به أن الواردات زادت بنسبة 30٪ على أساس سنوي في عام 2023، وفقا لمذكرة من وزارة الخزانة الفرنسية، لتصل إلى 3.1 مليار يورو. "ولكن عندما يتعلق الأمر بالطاقة، فإننا نأخذها على المدى الطويل" ، كما يقول فرانسيس بيرين، خبير الطاقة.

وفي السنوات الأخيرة، شكل الغاز الجزائري 8٪ فقط من استهلاك الغاز". ومن حيث الحجم، وفقا لوزارة الطاقة الفرنسية، كانت الجزائر مصدر ما يقرب من 12٪ من واردات فرنسا من الغاز الطبيعي في عام 2023.

ويعمل الاتحاد الأوروبي على تقليل مشترياته من منتجات الطاقة الروسية بعد غزو أوكرانيا، وتنويع إمداداته من كبار المنتجين. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى الحد من الاعتماد على أي بائع مهيمن، بما في ذلك الجزائر. 

ويقول بيرين: "عندما يكون لديك مورد بنسبة 8٪ ، فمن السهل الاستغناء عنه". أما بالنسبة لفرضية الفسخ المفاجئ للعقود مع الفرنسيين، فيبدو ذلك غير محتمل. وأضاف "أوروبا متنفس طبيعي للجزائر، عدم الالتزام بالعقود، سيفقدها مصداقيتها في سوقها الأولى".

ولم تتطرق الجزائر بشكل رسمي إلى خيار صادرات الغاز في أزمتها مع فرنسا حتى الآن، ويقول هامل إن الجزائر قد تتشدد في العقود المستقبلية أما الحالية فستسعى إلى احترام التزاماتها.

وينتهي العقد مع شركة "توتال إنرجي" في 2025 وقد لا يتم تجديده حتى لو كان من السابق لأوانه النظر فيه، وفق الصحيفة، أما بالنسبة للمشاريع قيد المناقشة  فسيكون ذلك أقل أهمية لكلا الطرفين، "إذ تم تقييم كل شيء من حيث التأثير الاقتصادي على العلاقات الجزائرية الفرنسية" وفق الخبير بيرين، في إشارة إلى أن فرنسا عملت على تقييم ذلك قبل إعلان موقفها من قضية الصحراء الغربية.

وتقول الصحيفة إنه من الناحية النظرية، يمكن لفرنسا الاستغناء عن الغاز الجزائري من خلال زيادة وارداتها من البلدان الأخرى والاعتماد أكثر على الطاقات المتجددة. ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف أو حتى التحديات اللوجستية على المدى القصير.

ويأتي قرار فرنسا الجديد ليضيف التوتر إلى العلاقات الفرنسية الجزائرية التي تعاني منذ فترة طويلة من أزمات أخرى عرضية، على خلفية الماضي الاستعماري، وهو موضوع لا يزال حساسا للغاية، كما أن باريس والجزائر على خلاف بشأن قضايا تتعلق بتأشيرات الهجرة والأمن والدبلوماسية.

والثلاثاء، قامت فرنسا ببادرة مهمة باتجاه الرباط بتأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب للصحراء الغربية معتبرة أنه "الأساس الوحيد" للتوصل إلى تسوية للنزاع المستمر منذ نحو خمسين عاما مع جبهة بوليساريو، وبعدما نددت الجزائر الداعمة للناشطين الصحراويين بالموقف الفرنسي منذ الأسبوع الماضي، أعلنت الثلاثاء "سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري.

وكان المغرب الذي يعتبر مسألة الصحراء الغربية قضية وطنية، يترقب هذه الخطوة الفرنسية، في ظل الفتور الذي سيطر على العلاقات مع فرنسا في السنوات الأخيرة بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية.

والصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على 80% من مساحتها، لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تطالب باستفتاء لحق تقرير المصير فيها.

وتقترح الرباط منح هذه المنطقة حكماً ذاتياً تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نصّ عليه اتّفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.

وتعتبر الأمم المتحدة المنطقة التي تحتوي على ثروات سمكية واحتياطات كبيرة من الفوسفات، من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".

أصوات مغاربية

طيف سوريا وحوار موعود.. هل تتحقق آمال الجزائريين في انفتاح سياسي؟

13 ديسمبر 2024

تفاعل جزائريون بشكل واسع مع سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وعبر كثيرون من خلال منصات التواصل الاجتماعي عن آمال ومطالب بشأن انفتاح أكثر لحكومة بلدهم على الحريات والتعددية السياسية والإعلامية.

ورغم تباين الآراء واختلافها حول مستقبل سوريا، فإن النقاش في الجزائر سار نحو بناء المستقبل التعددي على ضوء التطورات في الشرق الأوسط، وتأثيرات ذلك على البلاد.

فرصة مناسبة للرئيس لإطلاق سجناء المحاكم الخاصّة .

Posted by Abdelwakil Blamm on Thursday, December 12, 2024

وسائل الإعلام الجزائرية مطالبة بإجراء نقاش عمومي جاد لتنوير الرأي العام الوطني بخصوص السقوط الحر لمنظومة الحكم في سوريا...

Posted by Mohamed Hennad on Monday, December 9, 2024

واندلع حراك شعبي في الجزائر في فبراير 2019 دام أكثر من سنة، احتجاجا على ترشح الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة بعد 20 سنة من الحكم (1999/2019)، ورغم استقالته من منصبه في أبريل من نفس السنة تحت ضغط الشارع، فإن الحراك تواصل إلى ما بعد إجراء انتخابات رئاسية يوم 12 ديسمبر 2019، انتهت بفوز المرشح المستقل عبد المجيد تبون.

وقاد الرئيس الجزائري سلسلة من الإصلاحات التشريعية مست دستور البلاد وقوانين الانتخابات والإعلام، كما نظم انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، ومست الإصلاحات قطاعات مختلفة، إلا أن ذلك لم يمنع من بقاء صوت الحراك في الشارع الجزائري وعلى منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتكريس حوار وانفتاح سياسي وإعلامي حقيقي.

وفي لقاء مع الصحافة المحلية في أكتوبر الماضي، وعد الرئيس تبون، بأنه سيتم "إرساء حوار وطني جاد لتحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية، والقضاء على محاولات زرع الفتنة بين أبناء الشعب".

وأضاف تبون أن هذا الحوار الوطني "سيجري مع نهاية سنة 2025 أو بداية 2026"، مشيرا إلى أنه يتعين التحضير له، لكونه "يتصل بمستقبل الأجيال الصاعدة"، ويرمي إلى "تحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية والقضاء على محاولات زرع الفتنة".

وأوضح الرئيس الجزائري أن الحوار سيكون "مسبوقا بجملة من الأولويات المتصلة بالاقتصاد الوطني وجعل الجزائر في مأمن ومناعة من التقلبات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، ليتم المرور بعد ذلك الى مرحلة بناء الديمقراطية الحقة".

الحريات هي صمام الأمان

وتعليقا على الآمال المعلقة على انفتاح أكثر في جوانبه السياسية والإعلامية والحقوقية بالجزائر، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة أن الأحداث الأخيرة في سوريا وما تلاها من الأخبار والشهادات المتداولة عن القمع الذي عاش تحته الشعب السوري، أعاد النقاش في الجزائر حول "أهمية الحريات لحماية البلاد".

ويؤكد بوقاعدة في حديثه لـ"الحرة" أنه لا يمكن حماية الوطن "بالتضييق على حرية التعبير والحريات العامة لأن هذه المعايير والقيم هي الصمام الآمن للجزائر".

ويشدد المتحدث على أن "تعزيز اللحمة الوطنية لمواجهة مختلف المؤامرات والدسائس التي تهدد البلاد لا يمكن أن تتم بتكريس مشاعر الاغتراب والتخوف من المشاركة في الحياة السياسية والعامة في البلاد".

ويعتقد بوقاعدة أن الحوار الوطني الذي وعد به الرئيس تبون "أصبح ملحا في الزمن 
والموضوع"، مشيرا إلى أنه "سيسمح بإعادة ترتيب المشهد الوطني العام، عبر فتح نقاش موسع حول آليات إدارة الدولة التي يتوافق عليها الجزائريون"، داعيا إلى "عدم احتكار الرأي والوطنية وإقصاء الرأي الآخر والتشكيك في وطنية كل مخالف".

طموحات وآمال مشروعة

في المقابل فإن هذه الآمال "مشروعة"، بالنسبة للناشط في حركة المجتمع المدني (جمعيات مستقلة)، حسين بابا، الذي يرى أن الانفتاح أكثر على الحريات بمختلف ميادينها "طموح يتقاطع ووعود رئيس الجمهورية التي قطعها عقب انتخابة لولاية رئاسية ثانية في السابع سبتمبر الماضي".

ويؤكد حسين بابا في حديثه لـ"الحرة" أن الجزائر "كانت تخطو دوما خطوات استباقية من خلال التجربة السياسية والإعلامية والاقتصادية التي خاضتها عقب انتفاضة 5 أكتوبر 1988"، مشيرا إلى أن فترة التسعينات "الأليمة لا يجب أن تكون مبررا للتراجع عن الديموقراطية الحقيقية ".

ولا يستبعد المتحدث أن تلجأ الحكومة إلى القيام بخطوات "تكرس انفتاحا سياسيا جديدا ومسبقا"، خلال السنة القادمة عوضا الانتظار إلي نهايتها أو مطلع سنة 2026، "نظرا لمتطلبات المرحلة التي تفرضها تداعيات الأوضاع في العالم العربي".