تبون يسعى إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية
تبون يسعى إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية

مع تواصل الحملات الانتخابية في السباق الرئاسي الجزائري، يركز المتنافسون الثلاثة على تقديم الوعود الاقتصادية عى أمل جلب مزيد من الأصوات لصالحهم.

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قد أعلن موعد الانتخابات الرئاسية  المبكرة في السابع من سبتمبر القادم، بينما كان يفترض أن تجري شهرا قبل نهاية ولايته التي كانت محدّدة في ديسمبر 2024.

وأعلن تبون ترشحه لولاية ثانية مدعوما من ائتلاف حزبي هو نفسه الذي دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الماضي.

وسيواجهه مرشحان، أحدهما مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، الذي له قاعدة انتخابية في منطقة القبائل، والثاني المرشح الإسلامي عبد العالي حساني، رئيس حزب حركة مجتمع السلم الذي له قاعدة انتخابية في الأوساط المحافظة.، حسب وكالة فرانس.

وخلال جولته الانتخابية الثالثة، والتي شهدت ذهابه إلى ولاية جانت، جنوبي الجزائر، حث  تبون شباب جانت والجنوب عامةً على استحداث شركات ناشئة في مجالات الفلاحة والمواشي والسياحة والخدمات، متعهّداً بـ "دعمها من أجل تحقيق التنمية"، وفقا لموقع "الإذاعة الجزائرية".

وفي اليوم الخامس عشر من الحملة الانتخابية، تعهّد تبون بـ "فتح معابر مع الدولتين الشقيقتين النيجر وليبيا واستحداث مناطق حرة"، لا سيما – كما أضاف - وأنّ "الجزائر اليوم إنتاجها قوي" في عدّة مجالات كالصناعة الصيدلانية والكهرومنزلية والصناعات التحويلية"، ومجالات أخرى تسمح لها بالتسويق في دول الجوار.

وتعهد تبون بـ "تطوير السياحة الصحراوية بصفة عامة وجانت بصفة خاصة من خلال تقديم العديد من التسهيلات"، مشيراً إلى أن جانت "لديها إمكانيات معتبرة للتنمية في قطاعات الفلاحة والسياحة والخدمات".

من جانب آخر، أعرب مرشح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني، الخميس، خلال تجمع انتخابي بولاية الوادي، أنه سيجعل، من بعض الولايات ذات الحركية الإنتاجية (الصناعية) والتجارية "مدنا اقتصادية كبرى".

وتعهد حساني بالعمل على "دعم المناطق الجنوبية ذات الطابع الفلاحي (الزراعي) والتي يعول عليها لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، من خلال توفير الشروط اللازمة لدعم الاستثمار في هذا المجال وتشجيع الشباب على الانخراط فيه من خلال منح التسهيلات والتحفيزات المناسبة ورفع العراقيل البيروقراطية إلى جانب مراجعة توقيت العمل الصيفي بما يتناسب مع طبيعة المنطقة"، كما ورد في صحيفة "الخبر" المحلية.

وأما مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، فأكد، مساء الخميس، أن برنامجه الانتخابي يقدم "مشروعاً تنموياً بديلاً للنهوض بالبلاد".

وشدد خلال تجمع انتخابي في مدينة باتنة، على أن برنامجه الانتخابي "رؤية للغد" هو "مشروع بديل يحمل حلولاً واقعية للنهوض بالبلاد وتحصينها من المخاطر التي تحدق بها".

ونبه إلى أن  برنامجه يرتكز على "تحسين القدرة الشرائية للمواطن وحماية الشرائح المحرومة".

وأوضح أوشيش في معرض حديثه، أنه لمس توافقا وانسجاما بين تطلعات الشعب الجزائري وبرنامج رؤية، وهذا من أجل العيش في منظومة أفضل، وفق موقع "سبق" المحلي.

الجماعات المسلحة تنشط في دول الساحل الأفريقي الخمس
الجماعات المسلحة تنشط في دول الساحل الأفريقي الخمس (أرشيف)

تفاقمت حدة الخلافات بين الجزائر ودول تحالف الساحل (مالي، النيجر وبوركينافاسو)، بقرار هذه الدول سحب سفرائها على خلفية اسقاط الجزائر لطائرة درون حربية مالية، اخترقت مجالها الجوي، بينما نفت بماكو ذلك، ولاحقا أغلقت الجزائر مجالها أمام الطيران المالي. 

ونتيجة احتدام الخلاف والاتهامات المتبادلة بين طرفي النزاع، تُطرح قضايا مستقبل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل التي تنشط بها جماعات إرهابية محسوبة على القاعدة وداعش، وكيانات ذات صلة بتهريب السلاح والبشر والمخدرات.

وتواصلت الأزمة بقرار مالي الانسحاب من لجنة رؤساء الأركان المشتركة، وهو تحالف اختص في مكافحة الإرهاب، ويضم دول الساحل بالإضافة للجزائر، كما قررت رفع شكوى أمام الهيئات الدولية الجزائر بتهمة ارتكاب ما وصفته بعمل "عدواني".

ولجنة أركان العمليات المشتركة هي هيئة عسكرية تضم كلا من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، تأسست سنة 2010 بمدينة تمنراست جنوب البلاد، لتكون بديلا للتدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة.

وفي 2017 أسست فرنسا تحالفاً عسكرياً موازياً خاصاً بمكافحة الإرهاب، ضم بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، قبل أن تسحب قواتها العسكرية من المنطقة.

"زيادة" في نشاط الجماعات الإرهابية

وتعليقا على هذه التطورات، رأى المحلل من دولة مالي، محمد ويس المهري، أن الخلاف بدأ منذ إنهاء باماكو، قبل سنة، العمل باتفاق السلام الموقع عام 2015 في الجزائر بين الحركات المسلحة المعارضة والحكومة المالية.

هذا الخلاف وفق ويس المهري "أثر على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والتنسيق العسكري ضمن لجنة الأركان المشتركة"، وأدى ذلك إلى "تسجيل هجمات كبرى من قبل جماعات جهادية على مطار باماكو، وبعض الأهداف العسكرية في العاصمة منذ أشهر".

وأشار المحلل الأمني والسياسي ويس المهري، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى تسجيل "هجمات على الجيش المالي واتساع نطاق نشاط الجماعات الجهادية في النيجر وفي بوركينافاسو، و"زيادة نشاط" التنظيمات الإرهابية الموالية لداعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بدولة النيجر وبوركينافاسو "بوتيرة كبيرة جدا".

كما نبه المتحدث إلى عمليات نزوح للمهاجرين من دول أفريقية تعرفها المنطقة نحو الجزائر، بسبب تجدد الاشتباكات منذ إعلان "انهيار" اتفاق السلام بين مالي والجماعات المسلحة المعارضة، كما أشار إلى "عودة عمليات الاختطاف التي تطال أجانب".

وكان سائح إسباني تعرض للاختطاف بتاريخ 14 يناير الماضي على الحدود الجزائرية المالية، ضمن نطاق الناحية العسكرية السادسة، من قبل عصابة مسلحة تتكون من خمسة أفراد، قبل أن تحرره وحدة عسكرية تابعة للجيش الجزائري وتعيد تسليمه لبلاده.

وكشف محمد ويس المهري عن محاولات متكررة، قامت بها جماعات إرهابية في الفترة الأخيرة، "لاستهداف أو اختطاف أجانب، بسبب توقف التنسيق الأمني الذي كان قائما بين مالي والجزائر"، مضيفا أن التداعيات امتدت إلى "زعزعة" الاستقرار في شمال مالي.

ووصف المتحدث الوضع الحالي بـ "الخطير جدا"، بعد توقف "الدعم العسكري والأمني الذي كانت تقدمه الجزائر لدول المنطقة، بما في ذلك شحنات عسكرية لمواجهة التهديدات الإرهابية"، مرجعا الوضع الحالي إلى انهيار اتفاق السلام، باعتباره"النقطة الخلافية الرئيسية بين البلدين".

الجزائر "تكرس تواجدها"

وتعرضت منطقة الساحل الصحراوي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 لأكثر من 3.200 هجوم إرهابي، أودى بحياة أكثر من 13.000 شخص"، وفق إحصائيات قدمها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول المنطقة في يناير الماضي.

كما تحولت منطقة دول الساحل إلى "بؤرة للإرهاب العالمي، وأصبحت تتركز فيها أكثر من 48 بالمئة من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم"، وفق المصدر نفسه.

ورأى الإعلامي الجزائري، محمد إيوانوغان، أن التطورات الحاصلة بمنطقة الساحل تتجاوز البعد الأمني، وهي تعكس "تحولا سياسيا إيجابيا يكرس التواجد الفعلي للجزائر بالمنطقة"، دون التخلي عن باقي المهام، ويوضح المتحدث قائلا: إن الجزائر ولأول مرة "تتحول من موقف ودور المتفرج إلى دور الفاعل".

وأضاف إيوانوغان، لموقع "الحرة"، أن الجزائر وهي ماضية في لعب دورها، بما في ذلك محاربة الإرهاب، قررت منع تحليق الطيران المالي فوق أجوائها وهي من "ستحمي الأزواد"، بعد تخلي باماكو عن اتفاق السلام معهم، مما يؤدي لاحتواء أي انزلاق أمني.

وأشار المتحدث إلى أن القرارات الأخيرة للجزائر تعني أن "كل الأطراف يجب أن تعيد حساباتها، بما يحفظ مصالح الجزائر"، فيما تواصل مختلف وحدات الجيش الجزائري عمليات مكافحة الإرهاب، وحماية أمن الحدود.