الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس الأركان السعيد شنقريحة - صورة مركبة
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس الأركان السعيد شنقريحة - صورة مركبة

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الإثنين، تعديلا وزاريا عيّن بموجبه وزراء جددا ونقل آخرين إلى وزارات ثانية، كما جدد ثقته في الوزير الأول نذير العرباوي الذي عينه منذ 11 نوفمبر 2023 خلفا لأيمن عبد الرحمان.

ومست التعديلات عددا من الحقائب السيادية مثل الدفاع والعدل والتربية والتعليم والتجارة والاتصال.

وكان لافتا تعيين تبون لرئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع، وهو منصب جديد. كما أحدث تعديلا على الخارجية بإضافة مهام الشؤون الإفريقية لها، وعين لطفي بوجمعة وزيرا للعدل حافظا للأختام، خلفا لعبد الرشيد طبي الذي أعلن أنه "استدعي لمهام أخرى"، إضافة إلى تعيين سيفي غريب وزيرا للصناعة خلفا لعلي عون الذي أنهيت مهامه.

كما تولى مستشار الرئيس تبون للتربية والتكوين المهني، محمد الصغير سعداوي، حقيبة التعليم خلفا لعبد الكريم بلعابد.

ومست التعديلات أيضا قطاع التجارة، الذي تمت تجزئته إلى التجارة الداخلية وعلى رأسها طيب زيتوني، والخارجية بقيادة محمد بوخاري، بينما ألحق الوزارة المنتدبة للطاقات المتجددة بوزارة الطاقة والمناجم.

وسجل التعديل الحكومي الجديد غياب مدير الحملة الانتخابية للعهدة الأولى محمد لعقاب عن وزارة الاتصال التي عين على رأسها الدبلوماسي محمد مزيان، مقابل الإبقاء على مدير الحملة الانتخابية للعهدة الثانية إبراهيم مراد على رأس الداخلية.

وعود الرئيس 

وتعليقا على التعديل الحكومي الجديد، يرى المحلل السياسي فاتح بن حمو أنه "تضمن الكثير من الدلالات التي تؤكد عزم الرئيس تبون تنفيذ وعوده الانتخابية، في مجال الأمن الغذائي والدفاع والقضاء والتجارة والتعليم".

أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتأجيل الحكومة لاستقالتها التي قدمتها الثلاثاء لصالح عدد من الملفات
تعديل حكومي في الجزائر وشنقريحة وزيرا منتدبا للدفاع
أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الإثنين، تعديلا وزاريا تم بموجبه تعيين وزراء جدد ونقل آخرين إلى وزارات أخرى، فضلا عن تعيين رئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع، وهو المنصب الذي يتولاه تبون.

ويشير بن حمو، في حديثه لـ"الحرة"، إلى أن الرئيس الذي يحمل، بحكم الدستور، صفة وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، استحدث منصب الوزير المنتدب للدفاع من أجل "تكريس التكامل بين المهام العسكرية والسياسية في إطار تنفيذ سياسة الحكومة التي تتطلب المزيد من التنسيق المحكم".

كما يعتبر المتحدث أن "التحولات السريعة التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي دفعت إلى هذا القرار الذي يمنح الأولوية القصوى لضمان الأمن وحماية سيادة البلاد من كافة أشكال التهديدات".

بينما يرى الإعلامي محمد إيوانوغان أن تعيين قائد الأركان بمنصب وزير منتدب للدفاع في الحكومة ليس بالحدث الجديد، موضحا أنه مقعد "سبق أن أوجده الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في إطار لعبة التوازنات بينه وبين المؤسسة العسكرية".

وحسب بن حمو، فإن الرئيس "عين الكفاءات التي تقود الوظائف ذات التأثير المباشر على تحسين النمط المعيشي للمواطنين والالتزام بما تعهد به الرئيس خلال حملته الانتخابية".

قررار قبل البيان 

من جانبه، يؤكد الخبير في القانون الدستوري، موسى بودهان، أنه "من السابق لأوانه الحكم على أداء الحكومة قبل استعراض بيان سياستها العامة أمام البرلمان، وفق ما ينص عليه الدستور في مادته 111".

ويضيف بودهان، في تصريحه لـ"الحرة"، أن التعديل الحكومي من حيث الشكل "اتسم بمراعاة الكفاءة والتخصص في تعيين الوزراء الجدد، خصوصا الذين تولوا حقائب وزارية حساسة وسيادية بما في ذلك التعليم والطاقات المتجددة والتجارة".

وأكد المتحدث أن التعيينات جاءت لـ"تنفيذ السياسات المستقبلية للحكومة، خصوصا ذات البعد الإفريقي" الذي حمله تعيين أحمد عطاف كوزير دولة للشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، مضيفا أن ذلك "لا يقتصر على الشأن الدبلوماسي، بل يمتد نحو قطاع التجارة الخارجية الذي تستثمر فيه الحكومة بشكل قوي، من خلال إنشاء البنوك والمصارف وتكثيف الرحلات الجوية والتبادلات التجارية".

نجاح أم فشل؟

وفي الشأن الاقتصادي دائما، يشير الخبير الدولي في الطاقة والاقتصاد، عبد الرحمان مبتول، إلى أن إلحاق كتابة الدولة للطاقات المتجددة بوزارة الطاقة والمناجم "قرار يصب في اتجاه تسريع فعالية الإجراءات"، في إشارة إلى السلطة التي تتمتع بها وزارة الطاقة على مجمعي سوناطراك وسونلغاز "باعتبارهما أهم الشركاء المستثمرين في سوق الطاقات المتجددة".

Tanks take part to a military parade to mark the 70th anniversary of Algerian war for independence from France, Friday, Nov. 1,…
البرلمان الجزائري يصوت على أعلى ميزانية في تاريخ البلاد
ووفقاً للقانون الذي صادق عليه البرلمان، فإن ميزانية الجيش تتوزع على ثلاثة محاور كبرى، حيث تم تخصيص 5 مليارات دولار للرواتب والنفقات المختلفة للقوات العسكرية والدرك الوطني، و6 مليارات للدعم واللوجستيات، بالإضافة إلى 13 مليار دولار للإدارة العامة.

ويؤكد الخبير مبتول لـ "الحرة" أن الجزائر مقبلة على "تفعيل" العديد من الشراكات مع الجانبين الأميركي والأوروبي في قطاع المحروقات والطاقات البديلة ومشاريع الهيدروجين الأخضر "ما يتطلب مركزية القرارات بيد وزارة الطاقة".

وبعكس ذلك، يعتقد الإعلامي محمد إيوانوغان أن التعديل الحكومي أظهر "عجز السلطة" عن إيجاد الحلول في مختلف القطاعات التي تمنح نفسا جديدا للعهدة الرئاسية الثانية.

ويستدل إيوانوغان في تصريحه لـ"الحرة" على ذلك بالوعود التي قطعها الرئيس في وقت سابق بـ"البحث عن أحسن الكفاءات، وفي النهاية أبقى على أكثر من نصف الحكومة السابقة"، وفق تعبيره.

رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق
رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق

تشتد وتيرة التصعيد الإعلامي بين الجزائر وفرنسا منذ اعتقال الكاتب بوعلام صنصال في السادس عشر من نوفمبر الماضي بالمطار الدولي هواري بومدين.

ولم يصدر عن السلطات الجزائرية موقف رسمي عن اعتقال صنصال أو التهم الموجهة له، إلا أن رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، إبراهيم بوغالي، هاجم "انخراط البرلمان الأوروبي، وبعض الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، في محاولة للتدخل في الشأن الداخلي للجزائري" على خلفية هذه القضية.

واعتبر بوغالي، خلال اجتماع لمكتب المجلس الأحد الماضي، هذه التطورات "ممارسة مفضوحة لصرف الأنظار عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان والقانون الدولي"، وذلك ردا على نقاش نظمه البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي حول اعتقال صنصال وبحث إصدار لائحة تطالب بالإفراج عنه.

وقال المتحدث إن "يد القانون ستطال كل من تسول له نفسه محاولة المساس بأمن واستقرار الجزائر"، كما سبق لوكالة الأنباء الجزائرية أن نشرت تعليقا أكدت فيه اعتقال صنصال، وهاجمت بشدة الحكومة واليمين الفرنسي على مطالبهما بالإفراج عنه.

وشهد النقاش حول اعتقال الكاتب صنصال حضورا قويا في وسائل الإعلام الفرنسية، بعد أن عبرت دوائر مقربة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن انشغال ماكرون بالقضية، كما دعت شخصيات من اليمين الفرنسي الجزائر إلى الإفراج عنه.

ولم تغب قضايا الذاكرة والتاريخ عن الجدل الجزائري الفرنسي، على خلفيات تصريحات صنصال لقناة فرنسية في أكتوبر الماضي بشأن "مغربية وهران ومعسكر وتلمسان".

وفيما تحاول وسائل إعلام فرنسية إبراز الجانب الحقوقي من القضية، ترى أوساط جزائرية أن الحملة تحكمها خلفيات اقتصادية وسياسية.

الذاكرة والصحراء الغربية

وتعليقا على الخلفيات الحقيقية التي تحكم التصعيد الأخير في العلاقات بين البلدين، يشير أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إدريس عطية، إلى أن موضوعين أساسيين برزا ضمن التوتر الأخير، ويتعلق الأمر بـ "ملف الذاكرة، وقضية الصحراء الغربية".

ويوضح إدريس عطية أن الرئيس الفرنسي و"في خضم الجدل حول قضية صنصال، كلف سفيره في الجزائر للوقوف أمام ضريح المقاوم الجزائري العربي بن مهيدي".

وزار السفير ستيفان روماتيه قبر أحد مفجري الثورة الجزائرية، وهو العربي بن مهيدي، بعد 19 يوماً من اعتراف الرئيس إيمانويل ماكرون باغتياله خلال حرب التحرير "على يد جنود فرنسيين"، وأقل من أسبوع على اعتقال صنصال، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تهدئة التصعيد.

ويفسر عطية فشل خطوة ماكرون لرأب الصدع بين البلدين، في حديثه لـ"الحرة، بكون الجزائر تعتبر موقفه اتجاه الصحراء الغربية "خيانة لها، عندما انحاز لمقاربة المغرب وتخليه عن سياسة التوازن بينهما، فضلا عن الدور الديبلوماسي السابق لبلاده في مجلس الأمن الدولي لصالح التهدئة".

وكان الرئيس الفرنسي أعلن في يوليو الماضي، بمناسبة عيد العرش المغربي، أن بلاده تعتبر أن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية"، وأدى ذلك بالجزائر إلى سحب سفيرها من باريس.

اليمين و"مواجع التاريخ"

ومن جهته، يرى المحلل السياسي، توفيق بوقاعدة، أن اعتقال صنصال "فتح كل الملفات دفعة واحدة"، مشيرا إلى أن القضاء "كان مضطرا" لاعتقال الكاتب في إطار تصريح جديد تداولته وسائل إعلام لأول مرة في أكتوبر الماضي حول "سيادة ووحدة التراب الوطني".

ويشير بوقاعدة لـ "الحرة" إلى أن الجزائر "التزمت الصمت بعد توقيفها لصنصال، ولم تقم بأي تصعيد أو استغلال لموقف هذا الأخير من الوحدة الوطنية"، إلا أن اليمين الفرنسي "استغل الحادثة لقلب مواجع التاريخ والعلاقات السياسية بين البلدين وأخرج أسوأ ما فيه".

وبرأي المتحدث فإن اليمين الفرنسي هو من "حرك أحجار القضية، ليهاجم الجزائر"، واعتبر  أن صانع القرار "ذهب بعيدا هو الآخر"، في إشارة إلى قرار السلطات القضائية الجزائرية اعتقال صنصال.

 وتوقع المحلل السياسي أن "تطول حلقات الخلاف بين البلدين هذه المرة بحكم الدوافع التاريخية والسياسية التي تسيطر على اليمين بفرنسا".