جانب من محكمة سيدي إمحمد في العاصمة الجزائرية (أرشيف)
جانب من محكمة سيدي إمحمد في العاصمة الجزائرية (أرشيفية من فرانس برس)

أمر قاضي التحقيق للغرفة الثالثة لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بمجلس قضاء الجزائر العاصمة، بإيداع الرئيس السابق للاتحاد الجزائري لكرة القدم "الفاف"، خير الدين زطشي، الحبس المؤقت بالمؤسسة العقابية القليعة، وفق ما أوردته وسائل إعلام جزائرية، الأربعاء.

و"وجهت إلى زطشي تهما ثقلية تتعلق بوقائع إبرام عقود مخالفة للإجراء الداخلي للصفقات، بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، نتج عنها تبديد للمال العام بالاتحادية الجزائرية لكرة القدم وبالخزينة العمومية"، حسب صحيفة "الشروق" المحلية.

#هام 🔴إيداع الرئيس السابق للفاف #خير_الدين_زطشي الحبس المؤقت 🔴قاضي التحقيق بالقطب الجزائي والمالي وجه تهما ثقيلة لزطشي...

Posted by Echorouk News TV on Wednesday, November 27, 2024

وتضمن قانون مكافحة الفساد والوقاية منه عددا من التهم الموجهة للرئيس السابق للفاف، ويتعلق الأمر بـ"جنح إساءة استغلال الوظيفة عمدا، والتبديد العمدي لأموال عمومية والمشاركة في التبديد، وإبرام عقود مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، والاستفادة من امتيازات غير مبررة بمناسبة إبرام عقود مع الدولة أو إحدى الهيئات والمؤسسات التابعة لها"، وفق صحيفة "الخبر".

إيداع خير الدين زطشي الحبس المؤقت https://lc.cx/R-BDN7

Posted by ‎El khabar - الخبر‎ on Wednesday, November 27, 2024

وكان زطشي قد ترأس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خلال الفترة بين مارس 2017 ومارس 2021.

ويعود التحقيق في هذه القضية إلى يوليو الماضي، حسب بيان سابق لنيابة الجمهورية لدى القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي بمحكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة، التي باشرت الاستماع لـ 14 متهما في "قضايا فساد طالت مسؤولين سابقين في الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، من بينهم رؤساء وأمناء عامين سابقين".

وفي أكتوبر الماضي، تم إيداع كل من الأمينين العامين السابقين لـ"فاف"، بالإضافة لمدير الإدارة العامة السابق، بينما تم وضع عضو بالمكتب الفدرالي السابق تحت الرقابة القضائية.

وشددت السلطات عقوبات الفساد في الصفقات العمومية، وتتراوح ما بين سنتين حبسا إلى 20 سنة سجنا نافذا.

طاقم طبي بمستشفى جامعي في الجزائر - أرشيفية
طاقم طبي بمستشفى جامعي في الجزائر - أرشيفية

يواصل طلبة العلوم الطبية في الجزائر إضرابهم الذي شرعوا فيه منذ أكتوبر الماضي، احتجاجا على "معدلات البطالة والظروف الصعبة لممارسة مهنة الطب والأجور المتدنية"، في وقت يعرف فيه القطاع هجرة أعداد كبيرة من الأطباء سنويا نحو فرنسا وباقي دول العالم.

ويطالب التكتل الوطني لطلبة العلوم الطبية الذي يقود حملة الاحتجاجات بـ"تحسين التكوين، وتوفير المؤطرين، وزيادة المنح وفرص التخصص، وتحسين ظروف التربص، وتوفير مناصب العمل للأطباء البطالين، ورفع التجميد عن توثيق الشهادات" لتعادل شهادة الطب الدولية لتمكينهم من العمل في الخارج.

30 ألف طبيب جزائري في الخارج

وتوجد في الجزائر 15 كلية للعلوم الطبية، يتخرج منها نحو 5000 طبيب سنويا من مختلف التخصصات الطبية، كما رفعت الحكومة عدد الملحقات الجامعية لتدريس الطب من 13 إلى 21 ملحقة، فيما لازال التوظيف في قطاع الصحة محدودا.

ويؤكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، محمد بركاني بقاط، لـ"الحرة" أن عدد الأطباء الجزائريين العاملين في الخارج "بلغ لحد الآن نحو 30.000 طبيب من شتى التخصصات"، موضحا أن "80 بالمائة من هؤلاء يتواجدون بفرنسا، بينما يتوزع الباقي على كندا وأميركا وألمانيا وبريطانيا ودول الخليج".

وشهدت سنة 2022 أقوى هجرة جماعية للأطباء الجزائريين نحو فرنسا، فقد أظهرت إحصائيات نشرتها وزراة الصحة الفرنسية عن تخطي 1200 طبيب جزائري في فبراير 2022 امتحان تقييم المعارف للعمل في المستشفيات العمومية بفرنسا.

كما أظهرت إحصائيات عمادة الأطباء الفرنسيين أن الجزائريين "يشكلون 25 بالمائة من مجموع الأطباء الأجانب العاملين" في هذا البلد الأوروبي.

وتفسيرا لهذه الهجرة يرجع محمد بركاني ذلك إلى "عامل اللغة" الذي يساهم بقدر كبير في اختيار الجزائريين للعمل في مهنة الطب بفرنسا، إضافة "لتشابه البرنامج الدراسي في البلدين".

أوضاع "مهنية واجتماعية"

وتثير الأوضاع الاجتماعية والمهنية حفيظة الأطباء، إلا أن إضراب طلبة العلوم الطبية المتواصل في غالبية الجامعات الجزائرية، فتح باب النقاش واسعا حول مستقبل الطلبة والأطباء والصحة بصفة عامة، وفي هذا الصدد يشير محمد بركاني إلى أن "الأوضاع الاجتماعية والمهنية ليست في المستوى بالنسبة لمتطلبات هذه الفئة".

ويتحدث بركاني عن "نقص أو غياب في بعض الأحيان للعتاد الطبي والأدوية"، مضيفا أنه "لا يعقل أن يجلس طبيب درس عشر سنوات أو أكثر في مكتب قاعة علاج تفتقد لأدنى متطلبات العمل"، متسائلا "أي مردودية يمكن أن ننتظرها من الطبيب في هذه الظروف؟".

ويدعو المتحدث إلى "ابتداع حلول عملية تعنى بتحسين الظروف المهنية والاجتماعية للأطباء وتوفير الإمكانيات ومتطلبات تأدية مهامهم"، كما دعا إلى "الرفع من مستوى التكوين، خصوصا وسط الأخصائيين نظرا للتطور الرهيب الذي تعرفه المهنة".

البطالة وارتفاع أعداد المتخرجين

ورغم اعتراف ممارس الصحة العمومية، أحمد بن موسى بأن الأوضاع الحالية للأطباء من حيث الظروف المهنية والاجتماعية بحاجة للتحسن، فإنها "ليست السبب الرئيسي" في الهجرة الواسعة التي تسجل سنويا نحو الخارج، مشيرا في حديثه لـ "الحرة" إلى "العدد الكبير من المتخرجين سنويا، وقلة فرص التشغيل في القطاع وهي من العوامل الرئيسية التي تزيد من الظاهرة"

ويرى بن موسى أن الأوضاع الحالية لمهنة الطب بحاجة "لمراجعة شاملة ضمن إصلاح واسع للمنظومة الصحية في الجزائر"، مشددا على ضرورة "التعجيل بهذه الإصلاحات"، لأن الوضع الحالي وفق المتحدث "لا يحتمل التأخير".

إلا أن آخر تقرير للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي لسنة 2023، الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية في أغسطس الماضي، أشار إلى زيادات في نسب التوظيف، وفي هذا السياق ارتفع العدد الإجمالي للأطباء الممارسين من 51.595 سنة 2019 إلى 58.945 سنة 2022 في القطاع العمومي، ومن 43.990 إلى 49.477 خلال نفس فترة المقارنة بالقطاع الخاص، وفق المصدر نفسه.

كما ارتفع عدد الأطباء "المتخصصين" إلى 21.501 سنة 2022 في القطاع العمومي، مقارنة بـ19.744 طبيبا سنة 2019، في حين ارتفع في القطاع الخاص من 14.927 إلى 18.218 طبيب.

"ضعف" القطاع الخاص

ويرجع رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي (حكومية)، مصطفى خياطي، أسباب ظاهرة هجرة الأطباء من الجزائر للخارج إلى "غياب الاستقطاب في الوظيف العمومي أو الخاص"، مشيرا إلى أن "95 بالمائة من الاستثمارات في قطاع الصحة، عمومية".

ويؤكد مصطفى خياطي لـ"الحرة" أن التوظيف في الصحة وصل إلى "درجة التشبع"، واقترح المتحدث "تحفيزات لتنمية القطاع الخاص الذي يشهد ركودا في الاستثمارات"، مذكرا "بتخرج 3200 طبيب متخصص و5 آلاف طبيب العام القادم، بينما سجلت السنة الجارية 20 ألف سنة أولى طب"، متسائلا: "أين ستذهب كل هذه الأعداد؟".

كما انتقد رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، مصطفى خياطي إجراءات تجميد توثيق شهادات الكفاءة الطبية، موكدا أنها "ليس حلا لمشاكل الأطباء".