الدولار
الدولار

حدد بنك الجزائر مبلغ 7500 يورو أي ما يعادل حوالى 7900 دولار أميركي، كأقصى ما يسمح به للمسافرين من الجزائر بإخراجه سنويا، بعد أن كان نفس المبلغ مسموحا به في كل رحلة.

وخلف القرار تساؤلات في الأوساط المالية والاقتصادية والتجارية بشأن الأسباب التي دفعت الحكومة إلى اتخاذ هذا الإجراء، في وقت لا زالت السوق الموازية، المعروفة في العاصمة الجزائرية بـ"السكوار"، المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية التي تسمى في الجزائر بـ "الدوفيز".

العملة الصعبة والسوق الموازية

وتفتقد الجزائر إلى سوق مالي رسمي للعملات الأجنبية رغم وجود حزمة قوانين صدرت في سبتمبر 2023، تنص على إنشاء مكاتب للصرف، وهي تشريعات لم تجد طريقها للتنفيذ، إذ تهيمن السوق الموازية على تداولات العملة الصعبة.

وتسجل سوق "السكوار"، لتبادل العملات الأجنبية (الدوفيز) هذه الأيام، ارتفاعا كبيرا لأسعار اليورو والدولار بشكل غير مسبوق، رغم تحديد سقف المبلغ المسموح به للمسافر الجزائري سنويا، وفي هذا الصدد بلغت قيمة واحد يورو 257 دينار، بينما ارتفع الدولار الأميركي الواحد إلى 245 دينار.

وفي وقت سابق لم يتجاوز سعر اليورو الواحد 240 دينار، في السوق الموازية، بينما ظل سعر الدولار في حدود 230 دينار.

أما على مستوى بنك الجزائر فإن سعر اليورو الواحد يقترب من 150 دينار، بينما يبلغ سعر الدولار نحو 133 دينار، إلا أنه لا يمكن الحصول على خدمات الصرف من البنوك الجزائرية إلا في حالة المنحة السنوية التي يتحصل عليها المواطن بالسعر الرسمي، ولا تتعدى 100 يورو، أو الدراسة بمنحة للخارج، أو في حالات العلاج خارج البلاد عبر القنوات الرسمية للمؤسسات الاستشفائية، أو الديبلوماسيين.

انتعاش السوق الموازية

وإجابة على السؤال المتعلق بمدى تأثير القرار على السوق الموازية للعملات الأجنبية، يرى الخبير في المالية، أبوبكر سلامي، أن الإجراء "هو قرار تحفظي للحكومة يهدف إلى وقف النقل المشبوه للعملة الصعبة خارج البلاد والتي مصدرها السوق الموازية".

وأوضح سلامي لـ"الحرة" أن "السلطات تكون قد سجلت "استغلال الترخيص بإمكانية إخراج 7500 في كل رحلة للقيام بعمليات مشبوهة تستهدف تهريب العملة الأجنبية"، وهذا ما دفع بالحكومة إلى اتخاذ القرار.

الدولار
"تصفير الدينار" وجنون "السكوار".. ماذا يحدث للدولار واليورو في الجزائر؟
تسجل السوق الموازية المعروفة بـ "السكوار" في الجزائر ارتفاعا غير مسبوق في أسعار عملة اليورو لدول الاتحاد الأوروبي والدولار الأميركي هذه الأيام، ولم يسبق أن وصلت مستوياته إلى هذا الحد، بعدما بلغ سعر اليورو الواحد 253 ديناراً، فيما بلغ سعر دولار واحد 225 ديناراً، في وقت يستقر سعر العملات بالبنك المركزي الجزائري.

وتباعا لذلك لا يمكن للمسافر الجزائري حيازة أكثر من هذا المبلغ سنويا، سواء للدراسة أو السياحة أو العلاج، واعتبر المتحدث أن 7500 يورو "كافية لتغطية نفقات هذه المهمات الخاصة"، وأشار أبو بكر سلامي إلى أن الوضع قبل هذا القرار "ساهم في تغذية السوق الموازية، وتهريب الأموال، والتجارة غير القانونية في العملة الأجنبية".

لكن المتحدث أكد أن القرار "أشعل في المقابل أسعار العملة الصعبة في السوق الموازية"، وأنعشها بشكل غير منتظر في وقت كان متوقعا أن تتهاوى، "لكن من السابق لأوانه الحكم على تأثيره".

تأثير على المدى الطويل

وكانت الحكومة أعلنت في وقت سابق عن إجراءات جمركية لمواجهة تجارة الشنطة المعروفة بـ"الكابة" التي يقوم بها مئات الأشخاص الذين يجلبون السلع المفقودة في السوق المحلية من تركيا والإمارات العربية المتحدة وأوروبا، في مقدمتها الأدوية والهواتف النقالة ومواد التجميل، وشددت الرقابة في الموانئ والمطارات على أمتعة المسافرين القادمين للجزائر.

ويرى خبير الحسابات المالية، نبيل جمعة، أن تسقيف المبلغ المسموح به للمسافرين سنويا من بين الإجراءات التي تهدف إلى "الحد من تهريب العملة، وكبح النشاط الموازي للتجارة الخارجية".

ويشير جمعة لـ"الحرة" إلى أن القرار سيؤثر على سوق العملات الموازية على المدى الطويل" موضحا أنه من "الصعب امتصاص كتلة مالية تقدر بنحو 90 مليار دولار متداولة في هذا السوق بالجزائر في ظرف وجيز".

وتباعا لذلك فإن قرار تسقيف إجمالي ما يسمح للمسافر بحمله "واحد من قرارات عديدة يمكن أن تحتوي سوق العملات غير القانوني الذي تحول إلى بنك موازي فرض نفسه بقوة الأمر الواقع"، وفق المتحدث نفسه.

تشهد دول منطقة الساحل هجمات متزايدة للجماعات الإرهابية
تشهد دول منطقة الساحل هجمات متزايدة للجماعات الإرهابية

تجدد الحديث عن خطر الجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الساحل والصحراء الكبرى إلى الواجهة، عقب إعلان الجيش الجزائري عن تحرير سائح إسباني من قبضة جماعة مسلحة، كما جاء ذلك بعد فترة من انسحاب القوات الأميركية من قاعدة رئيسية للطائرات المسيرة قرب مدينة أغاديز الصحراوية، بطلب من حكومة النيجر، مقابل ظهور مرتزقة فاغنر الروسية التي تحاول التمدد في الساحل الأفريقي بتقديم خدماتها لحكومات من دول المنطقة.

وتمكنت المصالح الأمنية للجيش الجزائري، الثلاثاء، من تحرير الرعية الإسباني، نفارو كندا جواكيم، الذي تم اختطافه من قبل مجموعة مسلحة في منطقة الساحل منتصف الشهر الجاري.

وحسب بيان لوزارة الدفاع الجزائرية فإن الرعية الإسباني كان في رحلة سياحية حين تعرض للاختطاف من قبل عصابة مسلحة تتكون من خمسة أفراد بتاريخ 14 يناير الجاري على الحدود الجزائرية المالية، ضمن نطاق الناحية العسكرية السادسة.

ونقل السائح الإسباني على متن طائرة عسكرية من جنوب البلاد إلى القاعدة العسكرية لبوفاريك (شمال) قبل تسليمه لسطات بلاده.

كما شهدت المنطقة الجنوبية للجزائر، مقتل سائحة سويسرية، في 11أكتوبر 2024، بمدينة جانت، عندما هاجمها رجل بسكين خلال وجودها في أحد المقاهي وأقدم على ذبحها أمام أطفالها، وهو يصرخ "الله أكبر"، وفق ما أوردته وكالة فرانس براس.

وتشهد منطقة الساحل توترات أمنية على خلفية عدم الاستقرار الذي أعقب سلسلة من الانقلابات العسكرية، ومقابل انسحاب القوات الفرنسية والأميركية من المنطقة، ظهرت مجموعة فاغنر الروسية في المشهد الأمني لدعم وترسيخ حكم العسكريين في مالي والنيجر وبوركينافاسو.

ويُقصد بالساحل الأفريقي "الحزام الفاصل بين الصحراء والمناطق الجنوبية الخصبة والكثيفة بغابات السافانا، ويُغَطِّي أجزاءً من شمال السنغال، وجنوب موريتانيا، ووسط مالي، وشمال بوركينا فاسو، وأقصى جنوب الجزائر، والنيجر، وأقصى شمال نيجيريا، وأقصى شمال الكاميرون، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ووسط تشاد ووسط وجنوب السودان وأقصى شمال جنوب السودان وإريتريا وأقصى شمال إثيوبيا، وفق تعريف للمركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات.

وساهم قيام مجموعة فاغنر بقيادة المواجهات بين الجيش المالي وجماعات الطوارق المتمردة على باماكو في موجة من التصعيد الأمني والعسكري بمنطقة "تين زواتين" على الحدود الجزائرية المالية، وتكبدت فاغنر في يوليو 2024 خسائر بشرية ومادية كبيرة أثناء تلك المعارك المسلحة، قبل أن تعاود قوات مالية الهجوم على الطوارق في أغسطس 2024 وتكبدهم خسائر بشرية.

جماعات متشددة "تدير أقاليم في أفريقيا"

ومع تزايد المواجهات تستغل الجماعات الإرهابية والمسلحة الناشطة في تهريب السلاح والبشر والمخدرات حالة التصعيد لتوسيع نطاق تواجدها، ويرى وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، أن "بؤرة الإرهاب العالمي انتقلت إلى منطقة الساحل الصحراوي، التي أصبحت تتركز فيها أكثر من 48 بالمئة من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم".

وأثناء جلسة لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الجاري، ترأستها الجزائر، ذكر عطاف أن أفريقيا قد "تعرضت خلال الأشهر التسعة الأولى فقط من عام 2024 لأكثر من 3.200 هجوم إرهابي أودى بحياة أكثر من 13.000 شخص".

وتحدث عطاف عن "جماعات إرهابية تسيطر على مناطق جغرافية شاسعة، تصل إلى أكثر من 60 بالمئة من الأقاليم الوطنية لبعض دول المنطقة وتشرف على إدارتها كسلطات أمر واقع"، مضيفا أن "جماعات إرهابية تستخدم التكنولوجيات الجديدة والابتكارات المالية التي تجعل من شبكات أعمالها معقدة وصعبة الترصد".

وتعليقا على الواقع الجديد الذي تسعى هذه الجماعات لتكريسه، يرى الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، عبد القادر حريشان، أن منطقة الساحل تمر "بتحولات عميقة وخطيرة في آن واحد، بسبب التغييرات التي طرأت على بعض أنظمتها بشكل عنيف".

ويشير حريشان في حديثه لـ "الحرة" إلى أن التحولات التي مست أنظمة في العديد من دول الجوار، بما في ذلك التي أعقبت الربيع العربي، "زادت من هشاشة الأوضاع الأمنية، وعززت من تواجد الجماعات المتشددة" التي تنشط بشكل لافت في جنوب الصحراء الكبرى والساحل.

واستدعى ذلك وفق المتحدث "تعزيز" الجزائر لتواجدها الأمني على طول الحدود الجنوبية والشرقية بصفة خاصة، و"تكثيف" التعاون الأمني مع عدة شركاء، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، "بغرض تشديد الخناق على تلك الجماعات".

ووقعت الجزائر، الأربعاء الماضي، مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة بين نائب وزير الدفاع الجزائري، السعيد شنقريحة، وقائد القيادة الأميركية في أفريقيا، مايكل لانغلي "تركز على التعاون العسكري"، الذي قال في تصريح له إنه وقع رفقة شنقريحة على مذكرة تفاهم "تؤسس لجميع الأهداف الأمنية التي تجمع البلدين".

"انسحاب" القوات الدولية

ومن العاصمة المالية باماكو يؤكد الباحث في الشؤون الأفريقية، محمد ويس المهري، أن الوضع في منطقة الساحل يشهد "تفاقما كبير من الناحية الأمنية وتمدد الجماعات الجهادية المتمثلة في تنظيم القاعدة وداعش"، في ظل تطورات داخلية وخارجية كبيرة في المنطقة.

ويرجع محمد ويس المهري هذه التطورات إلى "انسحاب القوات الدولية في مقدمتها الأميركية التي كانت تستهدف نشاط هذه الجماعات انطلاقا من قاعدتها في النيجر"، مضيفا في حديثه لـ "الحرة" أن الاختطاف والمطالبة بالفدية أصبحت "تجارة رائجة" لدى هذه الجماعات لتمويل عملياتها العسكرية.

ويجدد المتحدث تأكيداته على أن انسحاب القوات الأميركية التي كانت تستخدم الطائرات بدون طيار لمطاردة تلك الجماعات "أثر بشكل مباشر على الوضع الأمني في المنطقة، وفسح المجال لجماعات مسلحة للتحرك بحرية"، مشيرا إلى أنه من الضروري "تركيز الجهود مرة أخرى على مكافحة تمدد المتشددين في بلدان الساحل والصحراء الكبرى".