الجزائر

"يناير" يتجاوز "العرق واللغة والدين" في الجزائر

عبد السلام بارودي - تلمسان
11 يناير 2025

دأب محمد السهولي (55 سنة) كل عام على الاحتفال بيناير (رأس السنة الأمازيغية) رفقة أفراد أسرته الخمسة بمدينة تلمسان غرب الجزائر، وكونه "عربي الأصول، لا يعني ذلك تجاهل هذه المناسبة التي واظبت عائلته وعشيرته على الاحتفال بها".

وتتداخل عناصر التاريخ والهوية والعادات المتوارثة من جيل لآخر في طقوس الاحتفال، وتبعث ألوان الأمازيغ (الأزرق، الأخضر و الأصفر) شعورا بالتجدد وحب الحياة. 

وتتماهى هذه الألوان مع اللباس النسوي القبائلي الذي يحمل نفس الرموز والألوان.

بانوراما الاحتفال

ولإحياء رأس السنة الأمازيغية دلالات عدة ترمز إلى الارتباط بالأرض والاحتفاء بمحاصيل الموسم الفلاحي، وفق تقويم زراعي أمازيغي يعبر عن دورة الحياة والخصوبة، ويكون الثاني عشر يناير من كل سنة يوم الاحتفال به.

كما ترسم المناسبة صورا بانورامية من خلال الأسواق التي يعرض فيها الباعة مختلف المنتوجات المحلية، وهي تمثل مجموع ما تقتنيه العائلات الجزائرية التي تحتفل بيناير مثل التين والبركوكس (نوع من الكسكسي) واللوز والجوز، إلى جانب أنواع من الشيكولا المحلية والمستوردة والمملحات من المكسرات الأخرى إضافة إلى التمور والفواكه المختلفة.

"صحيح أن أسعار المواد الاستهلاكية تشهد ارتفاعا فاحشا في السوق المحلية، لكن أحاول التكيف معها، وعدم حرمان أسرتي من لحظات الفرح في هذه المناسبة"، يضيف محمد الذي ذكر أن الاحتفال "هو جزء من تقاليد عريقة في منطقتنا، يحييها غالبية الجزائريين دون استثناء".

تكريس وجود الأمازيغ

في بلدة بني سنوس (23 كلم جنوب غرب تلمسان)، حركة استثنائية تحضيرا للاحتفال برأس السنة الأمازيغية التي غالبا ما تحتضنها هذه البلدة الأمازيغية التي يطلق على سكانها اسم "القبايل". 

ويتفنن الباعة في عرض مختلف السلع التي يقبل عليها السكان وزوار البلدة بهذه المناسبة.

ومن بني سنوس يقول بلقاسم لحمر، الذي يشارك أصوله والمنطقة مع الدولي الجزائري رياض محرز، أنه بعد تقاعده انشغل بالبحث في تراث المنطقة والحفاظ عليه، من خلال المشاركة في مختلف الفعاليات والمناسبات ذات الصلة بالأمازيغ وتاريخهم.

ويشير بلقاسم لموقع"الحرة"، وهو يقف وسط حقل زراعي، إلى أن يناير "احتفال اجتماعي موروث عن القبائل الأمازيغية التي دأبت على إقامة احتفالاتها الشعبية بمناسبة نهاية جني المحاصيل الفلاحية وبداية موسم زراعة البذور". 

و"يكرس حضور ووجود الأمازيغ التاريخي ليس في الجزائر فقط بل في كل شمال أفريقيا لذلك نحرص على التمسك به"، مشددا على أن هذا الاحتفال

والعائلات الأمازيغية، وفق المتحدث "تتقاسم نفس طقوس الاحتفال مع باقي مكونات المجتمع في الجزائر، دون النظر لجنس أو عرق، حيث صهرت احتفالات يناير الجميع في هذا المظهر الاجتماعي الثقافي الذي يعود لآلاف السنين".

كما يشير بلقاسم لحمر  إلى أن طقوس الاحتفالات بالناير تتمحور بين العائلات السنوسية حول إحياء تقليد شعبي أمازيغي يسمى "أيراد". 

وإيراد هو "جولة يقوم بها شباب البلدة متنكرين في ملابس مثيرة، يطرقون خلالها أبواب السكنات لجمع التبرعات من محاصيل السنة الفلاحية".

قوة العرف

وسط البلدة القديمة لبني سنوس، يقف الباحث في الأنثربولوجيا، محمد سريج، مشيرا إلى جبل "فرعون" الذي تبدو قمته الشاهقة من بعيد وهي تطل على البلدة برمتها.

ويقول سريج لموقع "الحرة" إن الاسم في أسطورة يناير "يُنسب إلى أحد ملوك مصر الفراعنة الذي خاض معركة مع ملك الأمازيغ ششناق على أعتاب بني سنوس وانهزم فيها".

ظلت الأسطورة قصة تروي جانبا من الحروب التي خاضها الأمازيغ في شمال أفريقيا. 

ويشير سريج إلى أن قدوم العرب للمنطقة "لم يغير من واقع العادات والتقاليد التي توارثها الأمازيغ، فقد تمسكوا بها بل وتحولت إلى جزء من تقاليد المجتمع الجديد الذي تألف لاحقا من عرب وأمازيغ".

ويفسر سريج هذا الانصهار والاندماج بين العرب والأمازيغ "بقوة العرف لدى الأمازيغ الذين أثرت تقاليدهم في العرب بحكم أن الحضارات تؤثر وتتأثر"،. 

هذه العوامل والاعتبارات تجعل من "الاحتفال بيناير جزائري محض يتجاوز العرق واللغة والدين"، يختم سريج.

عبد السلام بارودي

الجزائر ظلت متمسكة بمواقفها السياسية والديبلوماسية المؤيدة لنظام بشار الأسد حتى آخر أيامه (سانا)
الجزائر ظلت متمسكة بمواقفها السياسية والديبلوماسية المؤيدة لنظام بشار الأسد حتى آخر أيامه (سانا)

وصل وفد جزائري حكومي رفيع المستوى، السبت، إلى دمشق وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".

وقالت الوكالة إن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني استقبلا الوفد الذي ترأسه وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

بدورها ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن عطاف وصل لدمشق في "إطار زيارة يقوم بها بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون".

ونقلت الوكالة عن بيان صادر من وزارة الخارجية الجزائرية القول إن عطاف سلّم الشرع "رسالة خطية" موجهة إليه من قبل تبون هنأه فيها وتمنى له التوفيق "في تحمل مهامه خلال هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا".

وأضاف البيان أن عطاف ناقش مع الشرع "مستجدات الأوضاع على الصعيدين الوطني والإقليمي.. واستعداد الجزائر في دعم المساعي الرامية للم شمل الشعب السوري حول مشروع وطني جامع يعيد بناء مؤسسات الدولة ويوفر مقومات الأمن والاستقرار والتنمية والرخاء".

وظلت الجزائر متمسكة بمواقفها السياسية والديبلوماسية المؤيدة لنظام بشار الأسد حتى آخر أيامه.

وقبيل سقوط نظام الأسد بأيام أكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان "موقف الجزائر الثابت وتضامنها المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعبا، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها".

وكانت الجزائر دعت في فبراير 2020 إلى "رفع التجميد عن عضوية سوريا في الجامعة العربية"، وقال وزير الخارجية الجزائري الأسبق صبري بوقادوم أن تجميد عضويتها "خسارة لكل الدول العربية".

وتعد الجزائر في" صدارة" الدول العربية "القليلة" التي تحفظت على قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أواخر نوفمبر 2011"، ورافعت من أجل عودتها بمناسبة احتضانها للقمة العربية الواحدة والثلاثين في نوفمبر 2022.

وواصلت الجزائر إعلان انشغالها بالتطورات الحاصلة في سوريا عقب الإطاحة بنظام الأسد من قبل المعارضة المسلحة، حيث أصدرت بيانا دعت فيه كافة الأطراف إلى "الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه".