محاكمة وترحيل.. ملف "المؤثرين" يفاقم التوتر بين الجزائر وفرنسا
بدأت النيابة العامة الفرنسية، السبت، تحقيقا حول تسجيلات مصوّرة مشحونة بالكراهية لمؤثرة جزائرية، بعد يومين على رفض الجزائر تسلم مؤثر آخر طردته فرنسا وسط تبادل اتهامات بين البلدين.
ومثلت المؤثّرة الفرنسية-الجزائرية، صوفيا بنلمان، التي أوقفت الخميس في فرنسا، في إطار تحقيق حول تسجيلات مصوّرة مشحونة بالكراهية أمام النيابة العامة السبت.
وستمثل أمام القضاء في مارس، وفق النيابة العامة في ليون (وسط شرق) ومحاميها.
وكانت بنلمان التي يتابعها على "تيك توك" و"فيسبوك" أكثر من 300 ألف شخص قد كالت الشتائم في بثّ مباشر في سبتمبر لامرأة أخرى، متمنّية لها الموت.
وهي ملاحقة "لتحريضها على ارتكاب جريمة أو جنحة" وإطلاقها "تهديدات بالموت عبر الصور" و"التشهير العلني بسبب الميول الجنسية أو الهوية الجنسانية" و"التشهير العام بسبب الأصل أو الإثنية أو الأمّة أو العرق أو الدين".
وقد سبق أن حُكم على لاعبة كرة القدم السابقة هذه في 2001 بالسجن سبعة أشهر مع وقف التنفيذ ومنعها لثلاث سنوات من دخول مدرجات بسبب دخولها أرضية ستاد دو فرانس حاملة العلم الجزائري خلال مباراة ودية بين فرنسا والجزائر.
وقبل بضع سنوات، كانت بنلمان تعارض بشدّة الحكم القائم في بلدها، لكنها عدلت عن موقفها تماما وباتت تجاهر بتأييدها للحكومة الحالية.
ومنذ مطلع يناير، تواجه صوفيا وخمسة مؤثّرين جزائريين آخرين إجراءات قضائية في فرنسا بسبب تصريحات مشحونة بالكراهية طالت خصوصا معارضين للحكومة الجزائرية، في ظلّ توتّر العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر.
وثمة مؤثر آخر أوقِف في ضواحي غرونوبل بعد نشره مقطع فيديو، حذِف لاحقا، يحض المتابعين على "الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية"، بحسب لقطة مصورة لوزير الداخلية برونو ريتايو.
ونشر هذا الرجل "أنا معك يا زازو"، مخاطبا مؤثرا جزائريًا آخر، يدعى يوسف أ المعروف باسم "زازو يوسف"، كان قد اعتُقل قبل ساعات قليلة، بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد "معارضي النظام الحالي في الجزائر"، حسب القضاء الفرنسي.
وأعادت الجزائر إلى فرنسا مساء الخميس المؤثّر الجزائري "بوعلام" الذي كانت باريس رحّلته في اليوم نفسه إلى بلده، وذلك بعدما منعته السلطات الجزائرية من دخول أراضيها، وفق مصدر أمني فرنسي.
والمؤثر الذي أوقف في مونبلييه في جنوب فرنسا على خلفية فيديو على منصة تيك توك يدعو إلى العنف، كان قد رُحّل على متن طائرة أقلعت من باريس عصر الخميس، وفق محاميه.
وكانت فرنسا أوقفت"بوعلام" والبالغ 59 عاما، وألغت تصريح إقامته لاتهامه بـ"الدعوة لتعذيب معارض للنظام الحالي في الجزائر".
تصعيد وإذلال
ورفضت الجزائر، السبت، اتهامات فرنسا لها بـ"التصعيد" و"الإذلال" بعد منعها "بوعلام" من دخول البلاد وإعادته إلى فرنسا، منددة في المقابل بـ"حملة تضليل وتشويه" ضدها.
وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان أن الجزائر "لم تنخرط بأي حال من الأحوال في منطق التصعيد أو المزايدة أو الإذلال".
وأكدت في المقابل أن "اليمين المتطرف المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية، قد انخرط عبر أنصاره المعلنين داخل الحكومة الفرنسية، في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر".
ويأتي البيان الجزائري بعد اتهام باريس لمستعمرتها السابقة بالسعي لإذلالها.
وصرح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الجمعة، أن "الجزائر تسعى لإذلال فرنسا" مضيفا "مع احتفاظنا بهدوئنا... علينا الآن أن نقيم كل الوسائل التي في متناولنا تجاه الجزائر".
وتشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر، خضّات جديدة مع توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري فرنسي في العاصمة الجزائرية.