جلسة للبرلمان الأوروبي- صورة أرشيفية.
جلسة للبرلمان الأوروبي- صورة أرشيفية.

انتقلت حدة الخلافات السياسية بين الجزائر وفرنسا إلى البرلمان الأوروبي، بعد أن دعا الأسبوع الماضي، غالبية نوابه للإفراج عن عدد من معتقلي الرأي، بينهم الكاتب بوعلام صنصال والإعلامي عبد الوكيل بيلام.

وأثارت هذه الدعوة استنفارا جزائريا حادا وسط أحزاب سياسية ووسائل إعلام المحلية والبرلمان الجزائري، "تنديدا بالتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي" للبلاد.

ودان البرلمان الجزائري بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني)، اليوم الاثنين، لائحة البرلمان الأوروبي "بأشد العبارات" لما تضمنته من "مغالطات الغرض الوحيد منها التهجم على الجزائر ومؤسساتها".

كما "استنكر" البرلمان الجزائري التوظيف "المشين لهذه القضية (اعتقال الكاتب بوعلام صنصال) في التهكم على استقلالية العدالة ومؤسساتها السيادية التي تقوم على ركائز الديموقراطية الحقة"، وفق البيان، الذي اتهم اليمين الفرنسي بـ "الوقوف من ورائها".

وانتقد البرلمان الجزائري اعتماد نظيره الأوروبي على مصادر "مشبوهة ومجردة من كل مصداقية، متجاهلا التوضيحات التي قدمتها السلطات الجزائرية".

وأشار إلى أن اللجنة المشتركة بينهما، وهي "الفضاء الأنسب لمناقشة كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك حقوق الإنسان".

وصوّت غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، على قرار يدعو إلى إطلاق سراح الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، الموقوف في الجزائر منذ منتصف نوفمبر الماضي، إلى جانب ناشطين آخرين.

وندد البرلمان الأوروبي بـ"توقيف واحتجاز بوعلام صنصال"، وطالب بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عنه". 

كما "دان توقيف جميع النشطاء الآخرين والسجناء السياسيين والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وغيرهم من المعتقلين أو المدانين لممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير" في الجزائر.

ولا يعتبر تصويت البرلمان الأوروبي سابقة في تاريخ علاقاته ومواقفه من القضايا الداخلية للجزائر. 

وأصدر البرلمان في نهاية 2020 لائحة حول حقوق الإنسان، وذلك بعد سنة من تولي عبد المجيد تبون مقاليد الحكم في البلاد، تطرق فيها إلى "تدهور وضع حقوق الإنسان في الجزائر". 

ولفت الانتباه إلى قضية الصحفي المعتقل ـ وقتها ـ خالد درارني الذي صدر الحكم بحبسه لمدة عامين في 15 سبتمبر 2020، وأفرج عنه لاحقا.

كما سبق للبرلمان الأوروبي أن أصدر لائحة سياسية في ديسمبر 2019، دعا فيها إلى "إنهاء الأزمة السياسية في الجزائر من خلال إطلاق عملية سياسية سلمية وشاملة". 

كما ندد بما وصفها بـ "الاعتقالات التعسفية وغير القانونية لمتظاهرين وصحفيين وطلاب وناشطين شاركوا في الحراك الشعبي".

لائحة لا تلزم الاتحاد الأوروبي

وتعليقا على هذه التطورات، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، محمد هدير، أنها المرة الأولى التي تقترن فيها لوائح البرلمان بالخلاف الفرنسي الجزائري العميق، إلا أن ذلك "لن يؤثر" على علاقة بلاده مع دول الاتحاد الأوروبي.

ويعتقد المحلل الجزائري هدير في حديثه لموقع "الحرة" أن البرلمان الأوروبي "يستبق الأحداث بسبب سيطرة الخلفيات الأيديولوجية على لوائحه، التي لا تلزم دول الاتحاد الأوروبي، نظرا لاستقلالية المؤسستين عن بعضهما البعض". 

وأشار إلى أن البرلمان الأوروبي الذي يحاول الجانب الفرنسي نقل خلافته إليه "لا يملك الثقل السياسي ولا القوة التي تلزم الحكومات الأوروبية بقراراته".

ويوضح المتحدث أن الأزمة الحالية جزائرية فرنسية "والمصالح الأوروبية الاقتصادية والأمنية في غاية الأهمية مع عدد من أقطاب الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا". 

وأضاف أن الجزائر "بلد ضامن للطاقة والأمن المتوسطي"، معتبرا قضية صنصال "شأن جزائري داخلي يمس بالسيادة والأمن القومي".

الخلافات "لا تعوض" المصالح المشتركة

ويعتبر الاتحاد الأوروبي شريكا اقتصاديا رئيسيا للجزائر، فقد فاقت قيمة المبادلات التجارية بين الطرفين قرابة 30 مليار دولار، ما بين يناير ونهاية يوليو 2024، بينما بلغت 52.6 مليار دولار سنة 2023. 

ويرى الخبير الاقتصادي، أحمد حيدوسي، أن جر الخلافات السياسية بين الجزائر وفرنسا إلى دول الاتحاد "لا يمكنها تعويض المصالح المشتركة بين الطرفين".

وأكد حيدوسي، لموقع "الحرة"، أن العلاقات خصوصا الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي "لاتزال جيدة"، رغم "الانخفاض الملموس في بعض واردات الجزائر من المنتجات الأوروبية، مثل الحديد والإسمنت والسيراميك والحبوب".

وبرأي المتحدث، فإن الجزائر أمام "تنوع" في خياراتها الاقتصادية من حيث تعدد الأسواق في آسيا وأميركا، لكن هذا لا يمنعها من "تعزيز" علاقاتها مع دول الاحاد الأوروبي الأقرب جغرافيا. 

ويشير إلى أن أوروبا "ليس من مصلحتها التصعيد ضد الجزائر، بعدما أثبتت وفاءها لالتزاماتها الطاقوية".

عامل مناجم في دولة أفريقية
قرار تطوير استغلال المناجم في الجزائر يستثني الأتربة النادرة

أفادت الرئاسة الجزائرية الأحد بأن الرئيس عبد المجيد تبون وافق في مجلس الوزراء على مشروع قانون لتنظيم النشاطات المنجمية.

وأمر الرئيس الجزائري في الاجتماع بـ"إدخال التقنيات التكنولوجية والحلول العلمية وإبعاد كل ما هو بيروقراطي في عمليات البحث والاستغلال" المرتبطة بالمناجم، بالنظر "لما تتوفر عليه البلاد من إمكانيات في مجال المناجم كما هو الحال بالنسبة لنشاط الرخام".

كما طلب "إعداد تصور شامل حول أنجع الكيفيات للاستثمار أكثر في هذا النشاط من خلال إعداد دراسات جديدة أكثر عمقا وضامنة لمستقبل الأجيال".

في المقابل أمر تبون بـ"استثناء استغلال بعض الأتربة النادرة في الوقت الحالي من الاستثمار باعتبارها ملكا للأجيال القادمة"، دون تحديد طبيعة هذه المواد المستثناة.

وفي سياق متصل، أمر الرئيس الجزائري في الاجتماع بإيفاد لجنة تحقيق "فورا" إلى سلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية لمتابعة قضية "عرقلة" منح تراخيص الاستغلال الخاصة بمعدات الرقمنة لفائدة المحافظة السامية للرقمنة.

كما تم في الاجتماع مناقشة تحديث آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف، وتطوير الرياضات الجماعية.