تبون اشترط إقامة دولة فلسطينية للتطبيع مع إسرائيل
تبون اشترط إقامة دولة فلسطينية للتطبيع مع إسرائيل

أيام قليلة بعد إثارة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قضية التطبيع مع إسرائيل في مقابلة صحفية، حمل بيان لوزارة الخارجية الجزائرية "تغييرا كبيرا" في اللغة الدبلوماسية بشأن إسرائيل، ما أثار جدلا وتساؤلات في مواقع التواصل الاجتماعي حول حقيقة تغير الموقف الجزائري من التطبيع.

والخميس، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا يرفض "تهجير الفلسطينيين" من قطاع غزة، وسرعان ما تحول البيان إلى "ترند" ليس لمضمونه بل لكلماته التي خلت من أي توصيف شديد اللهجة ضد إسرائيل كما دأبت عليه البيانات السابقة.

وأشار البيان إلى "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وتحدث عن "حل الدولتين" وغابت كلمات "جيش الاحتلال" و "الكيان الصهيوني"، وهي توصيفات قال مغردون إنها كانت أساس البيانات الجزائرية بشأن إسرائيل.

ونشر مغردون ونشطاء صورتين تجمعان بيان الخميس عن غزة وبيان يعود إلى ديسمبر الماضي عن سوريا، وبين تاريخ البيانين كان هناك حديث الرئيس الجزائري عن التطبيع مع إسرائيل، فهل هو تحول تدريجي في الموقف الجزائري أم أن الأمر مجرد صدفة توقيت؟

الأحد الماضي، تحدث تبون في مقابلة مع الصحيفة الفرنسية "لوبينيون"، تطرق فيها إلى عدة قضايا تهم بلاده، من بينها الموقف من العلاقات مع إسرائيل.

وقال تبون إن الجزائر ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل "في اليوم ذاته الذي ستكون فيه دولة فلسطينية كاملة".

وأثار تصريح الرئيس الجزائري بشأن التطبيع المشروط مع إسرائيل ردودًا مختلفة داخل وخارج الجزائر حتى جاء بيان وزارة الخارجية الجزائرية الأخير ليثير المزيد من الجدل والتساؤلات.

الموقف ثابث والسياقات تختلف

يرى المحلل السياسي الجزائري، حكيم بوغرارة، أن لا شيء تغير، فالموقف الجزائري ثابث من القضية الفلسطينية "فقط بعض السياقات التي تأتي فيها الخطابات والمواقف هي ما تتغير".

ويشير بوغرارة في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "انتماء وسائل الإعلام التي تجري حوارات مع الرئيس لدول أجنبية واستعمالها لمصطلحات غير التي تستعملها الجزائر هي ما يجعل الأمور تتغير وفقا للبيئة والدولة التي تنتمي إليها وسائل الإعلام".

وأوضح المحلل أن الموقف الرسمي الجزائري عبر عنه تبون في خطابه أمام البرلمان في بداية السنة الجارية عندما قال ".....نحن مع قيام دولة فلسطينية كاملة في حدود 1967 ..وعاصمتها القدس الشريف"، وبالتالي هذا الموقف ليس بجديد والجزائر تجدد التذكير به كل مرة، وفق المتحدث.

في المقابل، يرى الناشط السياسي المعارض، وليد كبير، أن هناك تغيرا في لغة الدبلوماسية الجزائرية مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وكتب كبير على صفحته بفيسبوك أن الإشارات بدأت مع مندوب الجزائر بالأمم المتحدة الذي تولى رئاسة مجلس الأمن الشهر الماضي واستعمل اسم إسرائيل عدة مرات. 

 

وتابع كبير أنه بعد حوار تبون مع الصحيفة الفرنسية تخلت وكالة الأنباء الجزائرية والتلفزيون العمومي عن استعمال مصطلح "الكيان الصهيوني" في تناولها لحوار تبون.

ويرى كبير أن بيان وزارة الخارجية الأخير جاء ليؤكد  التوجه الجديد باعتماد لغة دبلوماسية خالية من المصطلحات التي تعودت استعمالها.

ولا تعترف الجزائر بإسرائيل، واعترفت بالدولة الفلسطينية في 1988 دقائق فقط بعد إعلان زعيم منظمة التحرير الراحل ياسر عرفات "قيام دولة فلسطين" وعاصمتها القدس، خلال انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في المنفى في الجزائر.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

اعتبر رئيس الجزائر عبد المجيد تبون أن هناك "فوضى عارمة وجلبة سياسية (في فرنسا) حول خلاف تم افتعاله بالكامل" مع بلاده.

وأوضح تبون خلال لقاء إعلامي، السبت، أنه كان هناك بالفعل سوء تفاهم، لكن إيمانويل ماكرون "يبقى رئيس الجمهورية الفرنسية".

وتابع في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية: "بالنسبة لي فإن تسوية الخلافات يجب أن تكون، سواء معه (ماكرون) أو مع الشخص الذي يفوضه، أي وزيره للشؤون الخارجية، وهو الصواب".

وأشار تبون إلى أن الجزائر و فرنسا دولتان مستقلتان.. "قوة أفريقية وقوة أوروبية ورئيسان يعملان سويا"، مؤكدا أن "الباقي لا يعنينا".

وبخصوص زيارات مسؤولين رسميين فرنسيين إلى الصحراء الغربية، قال تبون إن هذه الزيارات "ليست استفزازا".

وتابع: "فرنسا والمغرب يتفقان جيدا وهذا أمر لا يزعجنا".

وفي مارس الجاري، لم تستبعد الخارجية الفرنسية إمكانية "الدخول في حوار مع الجزائر من أجل إحراز تقدم بشأن القضايا" التي تهم الطرفين.

وأشارت المتحدثة بالنيابة للخارجية الفرنسية، جوزيفا بوغنون، لـ"الحرة" إلى أنه "لا مجال للدخول في تصعيد لا مصلحة للجزائر ولا لفرنسا فيه".

وشددت على أن باريس "تظل متمسكة بعلاقتها الفريدة والطويلة الأمد مع الجزائر والشعب الجزائري. وما يزال هناك مجال للحوار".

وتشهد العلاقات الثنائية بين البلدين توترا مؤخرا،  إذ استدعت الخارجية الجزائرية، في مارس، السفير الفرنسي لديها، وأبلغته بـ"خطورة مشروع المناورات العسكرية الفرنسية-المغربية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل في الراشيدية بالقرب من الحدود الجزائرية، وذلك تحت مسمى شرقي 2025 الذي يحمل الكثير من الدلالات"، معتبرة الخطوة بمثابة "استفزاز".

كما يعرف ملف الهجرة بين البلدين جدلا سياسيا وقانونيا واسعا، بعد رفض الجزائر استقبال مواطنيها المرحلين، وفي هذا السياق، جددت الخارجية الفرنسية (الكي دورسيه) تأكيداتها لـ"الحرة" أن بلادها ستقدم للجزائر "قائمة بالأشخاص الذين سيتم ترحيلهم" خلال أسابيع.

ورفضت الجزائر استقبال عدد من مواطنيها الذين لم تُسو أوضاعهم في فرنسا والذين رحلتهم باريس، ومن بينهم "منفذ هجوم أودى بحياة شخص في 22 فبراير في مولوز في شرق فرنسا".

وأدى الرفض إلى المزيد من التوتر في العلاقات المضطربة منذ اعتراف فرنسا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في يوليو 2024.