وسط خطاب عدائي متبادل بين السلطات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي مع سباق تسلح لا يتوقف، تبدو فرص حصول أي تهدئة أو تحسن في العلاقات بين المغرب والجزائر ضئيلة جدا.
ووفق تحليل من مؤسسة "أوكسفورد أناليتيكا" فإن ضبط النفس المتبادل حاليا من البلدين هو ما يمنع أي مواجهة عسكرية، لكن سباق التسلج والخطاب العدائي يبقي التوتر على أعلى مستوى.
وعلى الرغم من أن كلا الجانبين سعى لتجنب الحرب. يتواصل الجاران مع الحكومات في الساحل وأوروبا من خلال تقديم الاستثمار والشراكات الأمنية والعلاقات الدبلوماسية لتسجيل نقاط على بعضها البعض.
اختلال التوازن العسكري
يرى التحليل أن هناك تفاوتا في القدرات العسكرية بين البلدين.
فالجيش الجزائري أكبر بكثير من نظيره المغربي، سواء من حيث عدد الأفراد أو المعدات العسكرية. تمتلك الجزائر 520 ألف عنصر نشط في قواتها المسلحة، مقابل 200 ألف للمغرب، كما أن ميزانية دفاعها بلغت 18.3 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ 5.2 مليارات دولار فقط للمغرب.
وحسب مؤشر "غلوبال فاير باور" لتصنيف جيوش العالم من حيث القوة، فإن الجيش الجزائري يحتل المرتبة 26 عالميا متجاوزا الجيش المغربي الذي يحتل المرتبة 59.
ورغم هذا التفوق العددي، فإن المغرب يستفيد من عمليات شراء الأسلحة المنتظمة من الولايات المتحدة، وتعاونه العسكري مع إسرائيل، إلى جانب تقدمه التكنولوجي في مجالات مثل الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي.
ويقول التحليل إنه في حال اندلاع حرب، يمكن للمغرب الحصول على دعم طارىء من الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا، بينما تعتمد الجزائر بشكل أساسي على روسيا.
حرب محدودة
ومن المحتمل أن تكون الحرب بين البلدين محدودة في الحجم والمدة ولكن لا يزال من الممكن أن تعطل الأمن الإقليمي بشكل كبير.
وفي الوقت الحالي يعتمد استقرار العلاقات بين البلدين على ضبط النفس، لأن السلطات في البلدين تدركان أن الحرب قد تدمر شرعيتهما وتعزز عدم الاستقرار الداخلي.
وفي ظل التغيرات السياسية العالمية، يطرح التحليل سيناريوهين محتملين للسياسة الأميركية في عهد دونالد ترامب: إما أن تنسحب واشنطن تماما من المنطقة كما فعل ترامب خلال ولايته السابقة أو تدعم المغرب بشكل علني كما حدث عندما اعترف ترامب بسيادة الرباط على الصحراء في 2020. إضافة إلى مواقف وزير الخارجية ماركو روبيو، عندما كان سيناتورا واتخذ مواقف علنية داعمة للمغرب ومعادية للجزائر بسبب تعاونها العسكري مع روسيا.
وتشهد علاقات الجارين أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط صيف العام 2021، متهمة الأخيرة باقتراف "أعمال عدائية" ضدها، في سياق النزاع بين البلدين حول الصحراء الغربية.
والصحراء الغربيّة مستعمرة إسبانية سابقة مطلة على المحيط الأطلسي تصنفها الأمم المتحدة ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي" ويسيطر المغرب على 80 بالمئة من أراضيها الغنية بالفوسفات والأسماك.
في نهاية أكتوبر 2024، جدد مجلس الأمن الدولي دعوة المغرب وبوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى "استئناف المفاوضات" للتوصّل إلى حلّ "دائم ومقبول" من طرفي النزاع.
لكن المغرب يشترط التفاوض فقط حول مقترح الحكم الذاتي، بينما تطالب بوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير وفق ما تم الاتفاق عليه بعد وقف إطلاق النار في 1991.