الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس 2021

عاد التصعيد بين الجزائر والمغرب إلى واجهة الأحداث، بعد أن نشرت وكالة الأنباء الجزائرية تعليقا اتهمت فيه الرباط بالوقوف وراء "اختلاق الأكاذيب والافتراءات ونشرها على أوسع نطاق ممكن"، في إشارة إلى مزاعم أفادت أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، رفض طلب وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، الإفراج عن "جنود من الجيش الجزائري وجبهة البوليساريو سبق لهم القتال بجانب قوات بشار الأسد".

وقالت الوكالة الرسمية إن هذه الأخبار "محض افتراءات من نسج خيال بؤساء لا هَمَّ لهم سوى الجزائر". بينما لم يصدر أي رد رسمي من المغرب.

وكانت إذاعة "مونت كارلو" الدولية نقلت، عن مراسلها في سوريا، خبرا مفاده أن الشرع رفض طلبا تقدم به وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، بالإفراج عن 500 جندي جزائري ومقاتل من جبهة البوليساريو، قبل أن تعيد "قناة سوريا"، التي تبث من تركيا، نقل الخبر.

وكان وزير الخارجية الجزائري زار دمشق السبت الماضي، وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الشرع، ووزير خارجيته أسعد الشيباني، استقبلا الوفد الذي ترأسه عطاف، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

بينما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن عطاف سلّم الشرع "رسالة خطية" موجهة إليه من قبل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، هنأه فيها وتمنى له التوفيق، "في تحمل مهامه خلال هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا".

وأضافت الوكالة أنهما ناقشا "مستجدات الأوضاع على الصعيدين الوطني والإقليمي، واستعداد الجزائر دعم المساعي الرامية للم شمل الشعب السوري حول مشروع وطني جامع، يعيد بناء مؤسسات الدولة ويوفر مقومات الأمن والاستقرار والتنمية والرخاء"، ولم يتم ذكر أي شكل من أشكال وجود قوات جزائرية في سوريا.

وكانت الجزائر قد دعمت بشار الأسد بشكل قوي، حيث دعت في فبراير 2020 إلى "رفع التجميد عن عضوية سوريا في الجامعة العربية"، كما تحفظت على قرار تجميد عضويتها في الجامعة العربية أواخر نوفمبر 2011".

وعقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، دعت كافة الأطراف إلى "الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه".

وتزامنا مع ذلك انتشرت في منصات التواصل الاجتماعي أخبار غير رسمية وغير مؤكدة عن وجود "مقاتلين من جبهة البوليساريو" في قبضة السوريين، وتخوض جبهة البوليساريو نزاعا مع المغرب منذ 1975 حول الصحراء الغربية، في وقت تقود فيه الأمم المتحدة جهودا لإيجاد حل سياسي ينهي النزاع، لكن المفاوضات التي تشارك فيها أيضا الجزائر وموريتانيا، توقفت منذ 2019 بعد استئنافها في 2018.

"هجمة مركزة من حسابات مغربية"

وتعليقا على هذه التطورات يرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن الجزائر وجهت اتهامات مباشرة للمغرب بضلوعه في الترويج لأخبار ومعلومات "مضللة من منطلق تبني منصات مغربية لتلك الأخبار المفبركة على شبكات التواصل الاجتماعي بطريقة ممنهجة"، مشيرا إلى "هجمة مركزة من حسابات مغربية".

وتابع بن حمو حديثه لـ"الحرة" قائلا إن الجهات المغربية التي تقف وراء هذه "الدعاية" استغلت تصريح سفير الجزائر في دمشق، كمال بوشامة، في مطلع ديسمبر الماضي، حين أفاد بوجود 500 مواطن جزائري مقيم يتعرض للحصار في حلب لوحدها بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت تعرفها المدينة جراء زحف قوات المعارضة السورية عليها".

وأضاف المتحدث أن هذا التصريح "بتر وحرف بشكل فاضح، وعوض الحديث عن 500 جزائري، تحول بقدرة قادر إلي 500 جندي"، مؤكدا أن كل الصحف والمنصات المغربية تناقلت الخبر بشكل "متعمد في محاولة لتشويه الجزائر ومقاتلي جبهة البوليساريو"، مضيفا أنها ليست المرة الأولى التي يكثف "الذباب الإلكتروني المغربي من هجماته ضد الجزائر"، معتبرا أن تعليق وكالة الأنباء الرسمية "لم يخرج عن سياقه الحقيقي في الرد عما تداوله المغاربة".

وكانت الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس 2021، منددة بسلسلة "أفعال عدائية"، لا سيما في ما يتعلق بإقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، والتطبيع مع إسرائيل ودعم حركة انفصال منطقة القبائل التي تصنفها الجزائر "منظمة إرهابية".

خطاب "العدو المتربص"

ومن مدينة وجدة شرق المغرب التي تتقاسم حدودها مع غرب الجزائر، يرى أستاذ العلاقات الدولية، خالد الشيات، أن ما صدر عن وكالة الأنباء الجزائرية من "اتهام مفصل للمغرب أمر معتاد"، متسائلا عن هوية الجهة التي ردت عليها وكالة الأنباء الرسمية.

وأشار الشيات في حديثه لـ "الحرة" إلى أن الرد.. إن كان يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، فما نشر عليها "ليس موقفا رسميا أو حكوميا"، مضيفا أن هذه الأخبار "استمدت تفاعلها من التوافق الذي كان حاصلا بين النظام الجزائري والسوري بقيادة بشار الأسد".

ويعتقد المتحدث أن الهدف من اتهام الجزائر للمغرب بالوقوف وراء الترويج لهذه الأخبار هو"العودة مجددا للفت انتباه الرأي العام الداخلي في الجزائر إلى خصومة حكومته مع المغرب، والترويج لخطاب وجود عدو متربص دائم"، نافيا أن تكون وسائل إعلام رسمية، مثل وكالة الأنباء المغربية، تروج لمثل هذه الأخبار، داعيا الجزائر إلى "عدم تحميل المغرب مسؤولية خياراتها في التحالف مع نظام الأسد وحلفائه".

الكاتب الفرانكو جزائري بوعلام صنصال
الكاتب بوعلام صنصنال يواجه تهما ثقيلة أمام القضاء الجزائري

طالبت النيابة العامة بمحكمة الجنح في العاصمة الجزئرية، الحكم بعقوبة عشر سنوات سجنا نافذا في حق الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال بتهمة المساس "بوحدة الوطن".

كما طالبت النيابة بغرامة مالية بمليون دينار جزائري بحق الكاتب الذي ساهم اعتقاله في تفاقم التوتر المتواصل بين فرنسا والجزائر.

ومثل صنصال أمام قاضي الجنح، صبيحة الأربعاء، للرد على الأسئلة المتعلقة بالتهم المنسوبة إليه، وفق ما نقلت وسائل إعلام جزائرية.

ويتهم الكاتب بالمساس بوحدة الوطن وإهانة هيئة نظامية والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، وكذا حيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني.

ونقل موقع "أوراس" الجزائري إن صنصال نفى خلال استجوابه من طرف المحكمة، وجود أي نية للإساءة إلى الجزائر من خلال منشوراته.

وأوضح صنصنال أمام القضاة أن منشوراته مجرد تعبير عن الرأي، كما يفعل أي مواطن جزائري، موضحا أنه لم يدرك "ما قد تحمله بعض عباراته من مساس بالمؤسسات الوطنية"، بحسب ذات المصدر.

وقرّرت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إلى تاريخ 27 مارس الجاري، بعد الاستماع إلى أقوال المتهم ومرافعات النيابة، والتماس العقوبة المذكورة.

وصنصال كاتب جزائري يحمل الجنسية الفرنسية، وسبق له العمل في وزارة الصناعة الجزائرية. اشتهر بمواقفه المعارضة والناقدة للنظام، كما عُرف بمناهضته للإسلاميين المتشددين. وهو حاصل على الجائزة الكبرى الفرنسية للرواية مناصفة مع الكاتب الفرنسي التونسي، الهادي قدور، في 29 أكتوبر 2015.

وأوقفت الشرطة الجزائرية صنصال (75 سنة) يوم 16 نوفمبر الماضي، بالمطار الدولي هواري بومدين، بينما أشارت وكالة الأنباء إلى أن تصريحاته حول تاريخ الجزائر "كانت تجاوزا للخطوط الحمر".

وأثار صنصال جدلا أعقب مقابلة مع "فرانتيير ميديا" الفرنسية، قال فيها إن "مدنا بالغرب الجزائري كانت تاريخيا جزءا من المغرب مثل تلمسان ووهران ومعسكر"، وردا على ذلك وصفت الجزائر صنصال بـ "محترف التزييف".

كما انتقد النظام الجزائري، مشيراً إلى أن قادته "اخترعوا جبهة البوليساريو لضرب استقرار المغرب". وانتقدت أوساط سياسية وجزائرية هذه التصريحات واعتبرتها "مجانبة للصواب".

وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإطلاق سراح الكاتب الذي تسبب اعتقاله في توتر العلاقات بين باريس والجزائر.