عناصر من الشرطة الجزائرية خارج محكمة في العاصمة
عناصر من الشرطة الجزائرية خارج محكمة في العاصمة

تلقي القضايا الحقوقية بظلالها على النقاش العام الدائر في الجزائر، وبينما يتطلع نشطاء إلى انفراج في مجال الحريات، أطلق وزير العدل، لطفي بوجمعة، تصريحات قال فيها إنه سيشهر "سيف القانون وسيكون حادا، ولن يكون هناك أي تسامح" ضد القذف والسب والشتم على منصات التواصل الاجتماعي، بينما وصف ناشطون التصريح بـ "التهديد".

وقال الوزير، خلال جلسة عامة للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، الاثنين الماضي، إن الدولة "لا تُبنى بالشتم والسب، ولا بالقذف والمس بمؤسسات الدولة"، مضيفا "هناك أشخاص يواجهون تعدياً على شرفهم والإهانة"، مؤكداً أن بلاده "بلد الحريات والحمد لله".

وزير العدل لطفي بوجمعة:" سيف القانون ضد كل أشكال السب والشتم والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي.. ولا تسامح مع هذه القضايا

🔴🔴 #وزير_العدل لطفي بوجمعة: "سيف القانون ضد كل أشكال السب والشتم والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي .. ولا تسامح مع هذه القضايا "

Publiée par ‎Ennahar Tv النهار الجديد‎ sur Mardi 18 février 2025

وأثناء رده على أسئلة لنواب المجلس، نفى لطفي بوجمعة وجود "سجناء رأي في الجزائر"، موضحا أن "ماهو موجود فيها مغاير تماماً لما تسمعونه". 

وأضاف "عندما تتابع ما ينشر على فيسبوك تتساءل: هل هذا الشخص يستحق السجن؟ ويخطر على بالك أنه مسكين لم يفعل أي شيء، لكن ستفاجأ حين تعرف مع من يتواصل عبر هاتفه، وماذا يقول في اتصالاته"، وذلك في إشارة إلي تواصل متهمين بأشخاص تصنفهم الحكومة ضمن "الكيانات الإرهابية".

وتصنف الحكومة عدة معارضين وتنظيمات ضمن قائمة الكيانات الإرهابية، أبرزهم تنظيم حركة "تقرير مصير منطقة القبائل" التي يقودها فرحات مهني، وحركة "رشاد" المحسوبة على الإسلاميين.

وكانت منظمات حقوقية غير حكومية أكدت وجود عدد هام من معتقلي الرأي في الجزائر. 

وقالت منظمة العفو الدولية إنه "يتراوح ما بين 250 و300 شخص محرومين من حريتهم في الجزائر لمجرد مشاركتهم في الحراك، أو لانتقادهم السلطات على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأصدر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، نهاية السنة الماضية عفوا بشأن 2471 شخصا من بينهم 14 محبوسا من المحكوم عليهم في قضايا النظام العام (التظاهر)، بالإضافة إلى ثمانية آخرين محبوسين على ذمة التحقيق وإجراءات المحاكمة، إلا أن ذلك لم ينه جدل الحريات وسجناء الرأي في الجزائر وفق نشطاء سياسيين.

"تجاهل" استقلالية القضاء

وفي قراءته لتصريحات وزير العدل، رأى المحامي القاضي السابق، عبد الله هبول، أنها واضحة من خلال العبارات التي استعملها الوزير تحت قبة البرلمان".

وأضاف أنها "حملت لغة التحذير والتهديد، عندما استعمل عبارة سيف القانون الذي هو في الحقيقية تعبير عن إدارة الأمة".

وقال هبول، لموقع "الحرة"، إن هذا التصريح "يعتبر تجاهلا لاستقلالية القضاء"، مضيفا أنه في "غياب" المؤسسات فإن المواطن "يمارس حقوقه في حرية التعبير عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي"، 

واعتبر الحقوقي أن تصريح الوزير "يهدد هذا الفضاء الذي يمارس فيه الموطن حقه في حرية التعبير".

وفي رده على سؤال بشأن النفي الرسمي لوجود سجناء رأي، قال المحامي هبول إن "هذا الإنكار هو تكرار لما سبق وأن أعلنت عنه الحكومة" من عدم وجود هذا النوع من السجناء، "بينما الحقيقة والملفات تؤكد عكس ذلك".

"التحريض ليس حرية رأي"

وبخلاف هذا الموقف، فإن الخبير في القانون الدستوري، موسى بودهان، يعتقد أنه لا بد من الفصل بين "الشتم والسب والقذف" وبين حرية الرأي "المضمونة بحكم القانون والدستور وباقي قوانين الجمهورية"، وذلك تفاديا للخلط في المفاهيم، قائلا: إن "التحريض ليس حرية رأي".

وتباعا لذلك، أكد بودهان، لموقع "الحرة"، أنه "يوافق على ما ذهب إليه وزير العدل الذي تحدث بروح القانون الجزائري الذي يضع خطا فاصلا بين حرية التعبير والشتم".

وأشار إلى أنه "لا يمكن استغلال هامش الحرية لإلحاق الأذى بالآخرين باسم حرية التعبير".

وأضاف المتحدث أن البعض "تجاوز كافة الخطوط لنشر التظليل وتهديد الأمن الوطني وسلامة ووحدة البلاد".

وإذ شدد على ضرورة تطبيق القانون "بحزم وصرامة"، نفى أن يكون تصريح الوزير بمثابة "تهديد للحريات أو للنشطاء"، معتبرًا الاتهامات الموجهة له بأنها "مبالغات تفتقر إلى الواقعية".

الكاتب الفرانكو جزائري بوعلام صنصال
الكاتب بوعلام صنصنال يواجه تهما ثقيلة أمام القضاء الجزائري

طالبت النيابة العامة بمحكمة الجنح في العاصمة الجزئرية، الحكم بعقوبة عشر سنوات سجنا نافذا في حق الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال بتهمة المساس "بوحدة الوطن".

كما طالبت النيابة بغرامة مالية بمليون دينار جزائري بحق الكاتب الذي ساهم اعتقاله في تفاقم التوتر المتواصل بين فرنسا والجزائر.

ومثل صنصال أمام قاضي الجنح، صبيحة الأربعاء، للرد على الأسئلة المتعلقة بالتهم المنسوبة إليه، وفق ما نقلت وسائل إعلام جزائرية.

ويتهم الكاتب بالمساس بوحدة الوطن وإهانة هيئة نظامية والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، وكذا حيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني.

ونقل موقع "أوراس" الجزائري إن صنصال نفى خلال استجوابه من طرف المحكمة، وجود أي نية للإساءة إلى الجزائر من خلال منشوراته.

وأوضح صنصنال أمام القضاة أن منشوراته مجرد تعبير عن الرأي، كما يفعل أي مواطن جزائري، موضحا أنه لم يدرك "ما قد تحمله بعض عباراته من مساس بالمؤسسات الوطنية"، بحسب ذات المصدر.

وقرّرت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إلى تاريخ 27 مارس الجاري، بعد الاستماع إلى أقوال المتهم ومرافعات النيابة، والتماس العقوبة المذكورة.

وصنصال كاتب جزائري يحمل الجنسية الفرنسية، وسبق له العمل في وزارة الصناعة الجزائرية. اشتهر بمواقفه المعارضة والناقدة للنظام، كما عُرف بمناهضته للإسلاميين المتشددين. وهو حاصل على الجائزة الكبرى الفرنسية للرواية مناصفة مع الكاتب الفرنسي التونسي، الهادي قدور، في 29 أكتوبر 2015.

وأوقفت الشرطة الجزائرية صنصال (75 سنة) يوم 16 نوفمبر الماضي، بالمطار الدولي هواري بومدين، بينما أشارت وكالة الأنباء إلى أن تصريحاته حول تاريخ الجزائر "كانت تجاوزا للخطوط الحمر".

وأثار صنصال جدلا أعقب مقابلة مع "فرانتيير ميديا" الفرنسية، قال فيها إن "مدنا بالغرب الجزائري كانت تاريخيا جزءا من المغرب مثل تلمسان ووهران ومعسكر"، وردا على ذلك وصفت الجزائر صنصال بـ "محترف التزييف".

كما انتقد النظام الجزائري، مشيراً إلى أن قادته "اخترعوا جبهة البوليساريو لضرب استقرار المغرب". وانتقدت أوساط سياسية وجزائرية هذه التصريحات واعتبرتها "مجانبة للصواب".

وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإطلاق سراح الكاتب الذي تسبب اعتقاله في توتر العلاقات بين باريس والجزائر.