تعتمد أوروبا على روسيا في نحو 40 في المئة من الغاز الطبيعي
تعتمد أوروبا على روسيا في نحو 40 في المئة من الغاز الطبيعي

قالت شركة الطاقة الروسية غازبروم، الجمعة، إنها تمد عملاءها الأوروبيين بالغاز عبر أوكرانيا وفقا للطلب الذي بلغ 103.8 مليون متر مكعب اليوم، وسط تصاعد المخاوف بشأن الإمدادات وإمكانية استبدال الغاز الروسي في أوروبا، في ظل الحرب التي تشنها موسكو على أوكرانيا.

روسيا، أحد أكبر منتجي الغاز في العالم، مهددة بالعزل من نظام سويفت للمدفوعات العالمية بين البنوك، الذي يسمح لها بنقل الأموال حول العالم لتلقي مدفوعاتها مقابل تصدير الغاز.

وعند التفكير في فرض عقوبات على هذا القطاع، تجد القارة العجوز موقفها ضعيفا بالنظر إلى اعتمادها على روسيا في تزويدها بالغاز، مما "يمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلاحا يهدد به السياسات في الغرب"، كما يقول رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وتعتمد أوروبا على روسيا في نحو 40 في المئة من الغاز الطبيعي الذي يأتيها معظمه عبر خطوط أنابيب يامال-أوروبا الذي يعبر بيلاروس وبولندا إلى ألمانيا، ونورد ستريم 1 الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز الروسي، مرورا بأوكرانيا.

وقد أثيرت التساؤلات بشأن إمكانية تخلي أوروبا عن الغاز الروسي بالكامل خصوصا بعدما فرضت واشنطن عقوبات على الشركة المسؤولة عن بناء خط أنابيب الغاز (نورد ستريم 2) الروسي الذي لم يعمل بعد، وقد علقت ألمانيا المصادقة عليه أيضا، بسبب الأزمة بين روسيا والغرب.

يقول الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس والمتخصص في صناعة الغاز، تييري بروس، لموقع "الحرة" إنه لا يمكن لأوروبا أن تجد بديلا لكل الكمية المستوردة من الغاز الروسي. 

وأضاف "يمكنها فقط التخلي عن 75 في المئة كحد أقصى من الواردات الروسية واستبدالها بالغاز الطبيعي المسال". 

وعبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا، وخط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول من خلال تركيا، بإمكان دول جنوب أوروبا استقبال الغاز من أذربيجان. كما يمكن للدول المجاورة نقل الغاز عبر الروابط البينية.

إلا أن بعض الدول غير مستعدة للتخلي عن الغاز الذي تحتاجه، مثل النرويج، وهي ثاني أكبر مورد لأوروبا، حيث قال رئيس وزرائها إن بلاده تشحن الغاز الطبيعي بأقصى طاقتها ولا يمكنها تعويض أي إمدادات تُفقد من روسيا. 

ويجبر هذا الوضع المستوردين إلى دفع ثمن باهظ.

وقد سعت الدول الأوروبية مؤخرا للحصول على إمدادات بديلة للغاز الروسي. واتجهت الأنظار إلى أستراليا والولايات المتحدة، وكذلك إلى قطر، المنتج الكبير للغاز الطبيعي المسال.

15 في المئة فقط

وتتحدث نُعَام ريدان، الباحثة المستقلة في مجال الطاقة، عن المعضلة التي تواجه صعوبة توريد الغاز المسال القطري لأوروبا، قائلة لموقع "الحرة" إنه لا يمكن للدوحة التخلي عن عملاءها الآسيويين الذين ترتبط معهم بعقود طويلة الأجل.

ولطالما رفض الاتحاد الأوروبي إبرام عقود طويلة تمتد 10 أو 15 أو 20 عاما.

والثلاثاء الماضي، قال سعد الكعبي وزير الطاقة القطري، في مؤتمر منتدى الدول المصدرة للنفط الذي احتضنته الدوحة، إنه لا قطر ولا أي دولة منفردة أخرى لديها القدرة على أن تسد الفراغ أو تحل محل إمدادات الغاز الروسية لأوروبا بالغاز الطبيعي المسال.

وأضاف الكعبي أنه نظرا لأن معظم كميات الغاز القطرية محجوزة في عقود طويلة الأجل في الغالب لمشترين آسيويين، فإن ما يمكن تحويله للشحن إلى أوروبا يتراوح بين 10 و15 في المئة فقط.

وفي الآونة الأخيرة، طالبت الولايات المتحدة قطر ودولا أخرى مثل اليابان بتحويل إمدادات غاز لأوروبا إذا تصاعد الصراع. لكن معظم الدول المنتجة تقول إن فائضها لا يكفي لتعويض الإمدادات الروسية.

وأوضح الكعبي أن "أغلب الغاز الطبيعي المسال مرتبط بعقود طويلة الأجل ووجهات واضحة للغاية. لذلك فإن تعويض هذا الكم بهذه السرعة شبه مستحيل".

ويبدو أن الأمر لا يتعلق بالكمية التي تحتاج أوروبا إليها أو السرعة فقط، إذ تتحدث ريدان عن شروط البيع التي تفرضها قطر على أي شحنة غاز مسال، فضلا عن التعقيدات اللوجستية. 

وتابعت قائلة: "صحيح أن قطر مصدر ضخم للغاز المسال، ولكن لا يمكن أن تحل إمداداتها محل الغاز الروسي".

مصادر أخرى

ويقول بروس إنه إذا استبدلت سوق الغاز الأوروبية 75 في المئة كحد أقصى من الوارادات الروسية بالغاز الطبيعي المسال ستعاني عجزا بنحو 25 في المئة من الغاز الروسي، أي 10 في المئة من حاجة الطلب الأوروبي على الغاز. 

وإذا تحقق هذا السيناريو، فسيعني ذلك "حرق المزيد من الفحم لتوليد الطاقة وإغلاق بعض الصناعات"، كما يقول بروس لموقع "الحرة".

ولجأ العديد من دول الاتحاد الأوروبي إما إلى غلق محطات الطاقة القديمة التي تعمل بالفحم أو عدم بناء محطات جديدة، تحت الضغط لتحقيق الأهداف المناخية.

غير أنه منذ منتصف العام الماضي، بدأت أوروبا في التحول إلى الفحم من الغاز بعد ارتفاع أسعار الغاز. وتحتفظ بعض البلدان بمحطات الفحم للإمدادات الاحتياطية. 

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.