روسيا أعلنت تدخلها العسكري في سوريا عام 2015
روسيا أعلنت تدخلها العسكري في سوريا عام 2015

بعد إعلان روسيا، أحد أهم اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية، الحرب على أوكرانيا، خلص تقرير لصحيفة "الغارديان" إلى مجموعة من الدروس التي يمكن أن يتعلمها الغرب من ما حصل خلال أكثر من 11 عاما. 

وروسيا هي الداعم الرئيسي للنظام السوري، وقد ساعد تدخلها العسكري في عام 2015 على قلب ميزان القوى لصالحه.

ووصف النظام السوري الهجمات على أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية من قبل الحلفاء الروس للحفاظ على أمنهم القومي واستقرارهم"، وهو ما ينسجم مع تصريحات بوتين في إطار إعلانه الحرب الخميس. 

ويقول الخبير في الأسلحة الكيماوية، هاميش دي بريتون -غوردون، والذي أعد التقرير: "منذ أن أزالت الأمم المتحدة مخزون سوريا المعلن من الأسلحة الكيماوية عام 2014، واصل النظام السوري قصف المستشفيات والمدارس، وحرق القرى في سياسة الأرض المحروقة".

وأضاف أنه "بالرغم من عدم استخدام أسلحة كيماوية في سوريا منذ أبريل 2019، إلا أن سوريا أصبحت دولة روسية تسيطر عليها موسكو، باستثناء إدلب الخارجة عن سيطرة النظام، ولكن الغرب أدار ظهره لها بالرغم من الأزمات الإنسانية داخل المحافظة".

وأشار غوردون إلى أن ما يبعد القلق عن العالم هو أن رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، "على عكس الأسد، لا يرحب ببوتين بأذرع مفتوحة".

وعن ما يقصده من تكرار السيناريو السوري، يوضح غوردون أن "دمشق تمثل وجودا روسيا وإيرانيا كبيرا على حافة أوروبا، وإذا سقطت أوكرانيا أيضا، فسوف يتحول ميزان القوى إلى حد كبير نحو الشرق".

وتابع: "مع اعتماد الكثير من الدول الأوروبية على الغاز الروسي، بدأ عدم الاستقرار العالمي الحالي من دمشق، حيث تبدو روسيا المتشجعة المدعومة بأسعار النفط المرتفعة أكثر استعدادا لمواجهة الناتو مما كانت عليه قبل بضع سنوات، عندما لم يكن جيشها البالي يضاهي الدبابات الغربية".

وفي مارس الماضي، أبرمت إحدى الشركات الروسية صفقة مع الحكومة السورية للتنقيب عن النفط والغاز هي جزء من شبكة الشركات التي تملكها مجموعة المرتزقة فاغنر، والتي لعبت دورا محوريا في أنشطة موسكو المزعزعة للاستقرار حول العالم، بحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي.

في أواخر عام 2019، أبرمت شركتان أخريان على الأقل بحسب تقارير مرتبطة بفاغنر صفقات نفط وغاز مع الحكومة السورية. وذكرت صحيفة "نوفايا غازيتا" الاستقصائية الروسية في وقت لاحق أن شركتي ميركوري وفيلادا تربطهما علاقات طويلة الأمد برئيس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين. 

وتعتبر هذه العقود بمثابة مكافأة لمجموعات المرتزقة التي قاتلت في الخفاء إلى جانب القوات الحكومية السورية في بعض العمليات البرية الأكثر صعوبة في الحرب.

وأصر غوردون على أنه "يجب النظر إلى سوريا  والإقرار بأنه كان ينبغي القيام بعمل أفضل، وذلك لتكون هذه المعرفة مصدرا لاستجابة الغرب لغزو بوتين الجديد".

واستخف الخبير الكيماوي بقدرة العقوبات على وقف الحرب، قائلا: "لا أعتقد أن بعض العقوبات المفروضة على عدد قليل من البنوك والمليارديرات سوف تزعج بوتين إنه يفهم فقط بقواعد القوة والقوة فقط".

وتابع: "حان الوقت لإظهار فولاذنا، وقفنا متفرجين بينما تشق روسيا وإيران طريقهما عبر سوريا لإنشاء قاعدة عمليات أمامية على أعتاب أوروبا". 

مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة عقوبات أولى على روسيا، مع التلويح بعقوبات إضافية إذا ما استمرت موسكو في حربها على كييف.

وتضم العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو إجراءات اقتصادية جديدة، فيما أقرت قيودا على التصدير إلى روسيا.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن إن أربعة مصارف روسية ستدرج على قائمة العقوبات، وسيتم حرمان روسيا من أكثر من نصف وارداتها من المنتجات التكنولوجية المتطورة، مؤكدا أن هذه العقوبات "ستكبد الاقتصاد الروسي تكاليف باهظة، على الفور وعلى المدى البعيد في آن واحد".

وأشار إلى أنه سيتم "إضافة أسماء إلى قائمة النخب الروسية وأفراد أسرهم الخاضعين للعقوبات".

وأوضح بايدن أن فرض عقوبات مباشرة على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وعزل روسيا عن نظام سويفت للتعاملات المصرفية، ستبقى خيارات قائمة.

وشملت العقوبات التي فرضتها واشنطن أكبر مؤسستين ماليتين في روسيا، وهما شركة الأسهم العامة (سبيربنك) وشركة VTB Bank العامة للأوراق المالية المشتركة (VTB Bank).

ومن شأن هذه العقوبات أن تحد من قدرة المؤسستين على العمل، إذ تجريان معاملات صرف أجنبي بقيمة 46 مليار دولار على مستوى العالم، 80 في المئة منها بالدولار الأميركي، وستعطل العقوبات نسبة كبيرة من هذا النشاط.

ويعد سبيربنك أكبر مؤسسة مالية في روسيا، وتعتبره الحكومة مؤسسة ذات أهمية مالية نظامية.

أوكرانيا تتخوف من التوصل لاتفاق سلام على حسابها. أرشيفية
أوكرانيا تتخوف من التوصل لاتفاق سلام على حسابها. أرشيفية

يصوت الأميركيون لاختيار رئيس للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر، وهو قرار لن يؤثر على الداخل الأميركي فقط، بل يتردد صداه في مختلف أنحاء العالم، وقد تكون أوكرانيا من أوائل تلك الدول التي تشعر بها، على ما أفاد تقرير نشره موقع راديو أوروبا الحرة "ليبرتي".

وتعتمد أوكرانيا في دفاعاتها ضد روسيا إلى حد كبير على الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي الأميركي بشكل أساسي.

ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا، قدمت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن عشرات مليارات الدولارات كمساعدات أمنية ومالية وإنسانية لأوكرانيا.

روث دييرموند، باحثة في قسم دراسات الحرب في كينغز كوليدج لندن، قالت "إن العامل الأكثر أهمية الذي سيؤثر على نتيجة الحرب، وما سيحدث بالتأكيد في الأشهر القليلة المقبلة هو نتيجة الانتخابات الأميركية".

وأضافت لراديو "ليبرتي" أن "نتيجة التصويت ستحدث في الواقع ما إذا كانت أوكرانيا ستستمر في الحصول على الدعم من الولايات المتحدة، أو مدى الدعم المقدم لها".

الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الأميركي، والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس عبرا عن مواقف مختلفة تماما بشأن دعم أوكرانيا.

المرشحة الديمقراطية، هاريس قالت "إنها ستواصل سياسة بايدن في مساعدة أوكرانيا، معبرة بوضوح عن رغبتها في رؤية روسيا مهزومة".

المرشح الجمهوري، ترامب شكك في استمرار دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، منوها إلى أن أوروبا يجب أن تتحمل العبء الأكبر في دعم كييف ضد الغزو الروسي، رافضا التعليق عما إذا كان يرغب في رؤية أوكرانيا تنتصر أم لا.

وكرر ترامب مرارا إنه إذا تم انتخابه، سينهي الحرب بسرعة كبيرة قبل استلامه إذا ما فاز.

وقالت دييرموند بينما نتوقع أن يستمر البيت الأبيض في عهد هاريس بالسياسة ذاتها، كما في عهد بايدن، إلا أن ترامب أوضح أنه "يريد رؤية نهاية للحرب بسرعة".

وأضافت نعلم أن ترامب إحدى أولويات سياسته الخارجية طويل الأجل، والتي تبناها قبل انتخابه في 2016 "التفاهم مع روسيا"، لهذا قد "يريد أن يرى نهاية للحرب بسرعة بشروط روسيا".

وكرر ترامب أنه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لم يكن لغزو أوكرانيا لو لم يكن في البيت الأبيض.

وفي أبريل الماضي، قال ترامب إنه سيكون منفتحا على شيء مثر برنامج "الإعارة والتأجير" الذي أطلقته الولايات المتحدة لمساعدة حلفائها خلال الحرب العالمية الثانية كبديل لمنح المساعدات.

ولم يتحدث ترامب كثيرا عن الكيفية التي يعتزم بها هندسة "نهاية الحرب الروسية ضد أوكرانيا".

وألمح ترامب في تصريحات في يوليو من 2023 إلى أنه سيحاول دفع بوتين للتفاوض، وسيضغط على الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي من خلال التهديد بحجب المساعدات.

ويخشى الأوكرانيون من أن أي جهد للتوصل إلى اتفاق سلام سريع من شأنه أن يصب في مصلحة روسيا، ما قد يترك نحو خمس بلادهم تحت سيطرة موسكو، وقد يسمح توقف القتال لبوتين الفرصة لبناء قواته لشن هجوم مستقبلي.

ويشير التقرير إلى أن ما سيفعله الفائز بمجرد الوصول إلى البيت الأبيض غير مؤكد على وجه التحديد، وهناك عدة متغيرات قد تؤثر في سياسات الرئيس المقبل.

وكانت حكومة زيلنسكي تشكو من إدارة بايدن قائلة إن المساعدات العسكرية الأميركية يتم توريدها ببطء كثير، كما لم تسمح واشنطن بضرب أهداف بعيدة المدى في العمق الروسي.

هاريس لم توضح ما إذا كانت أكثر كثافة في تسليم المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتخفيف القيود، وهي إحدى النقاط الهامة في "خطة النصر" التي قدمها زيلينسكي خلال الأشهر الأخيرة، والتي تتضمن أيضا تسريع انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي.

وستكون إحدى العوامل المؤثرة في رئاسة ترامب بملف أوكرانيا تشكيلة إدارته.

وعود بإنهاء الحروب.. نظرة واقعية أم شعارات انتخابية
من يستطيع إنهاء الحروب.. ترامب أم هاريس؟
سعى المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى استمالة الناخبين المسلمين في ولاية ميشيغان السبت في حين استعدت ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، إلى الانضمام للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في فعالية أخرى بنفس الولاية الحاسمة.

وتشير التقارير إلى أن ترامب قد يرشح وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو لمنصب وزير الدفاع، ومستشار الأمن القومي السابق، روبرت أوبراين لمنصب وزير الخارجية، وكلاهما انتقدا إدارة بايدن في تقييد استخدام الأسلحة الأميركية المرسلة لأوكرانيا.

وهناك عامل متغير آخر، وهو الكونغرس، ورغم تمتع الرؤساء بنفوذ كبير في السياسة الخارجية لواشنطن، تبقى الهيئة التشريعية تمسك بزمام الأمور في البلاد، وقد تجبر البيت الأبيض على تعديل موقفه بشأن قضية الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.

ويمكن أن تنقلب السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات الخامس من نوفمبر، مع حصول الديمقراطيين على أغلبية المقاعد في مجلس النواب، والجمهوريين في مجلس الشيوخ.

تشارلز كوبتشان، المحلل في مجلس العلاقات الخارجية قال لإذاعة "ليبرتي" إن الولايات المتحدة قد تدفع أوكرانيا نحو المحادثات بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الحرب تضغط على الموارد الغربية.

وقال "أتوقع أن يكون 2025 عام الدبلوماسية.. لا أعتقد أن الوضع الذي نحن فيه قابل للاستدامة".