مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة عقوبات أولى على روسيا، مع التلويح بعقوبات إضافية إذا ما استمرت موسكو في حربها على كييف.
وتضم العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو إجراءات اقتصادية جديدة، فيما أقرت قيودا على التصدير إلى روسيا.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن إن أربعة مصارف روسية ستدرج على قائمة العقوبات، وسيتم حرمان روسيا من أكثر من نصف وارداتها من المنتجات التكنولوجية المتطورة، مؤكدا أن هذه العقوبات "ستكبد الاقتصاد الروسي تكاليف باهظة، على الفور وعلى المدى البعيد في آن واحد".
وأشار إلى أنه سيتم "إضافة أسماء إلى قائمة النخب الروسية وأفراد أسرهم الخاضعين للعقوبات".
وأوضح بايدن أن فرض عقوبات مباشرة على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وعزل روسيا عن نظام سويفت للتعاملات المصرفية، ستبقى خيارات قائمة.
وفي الكونغرس الأميركي، حث السياسيون من كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، الرئيس بايدن على اتخاذ موقف حازم من عدوان الرئيس بوتين على أوكرانيا.
عقوبات كافية أم لا؟
وشملت العقوبات التي فرضتها واشنطن أكبر مؤسستين ماليتين في روسيا، وهما شركة الأسهم العامة (سبيربنك) وشركة VTB Bank العامة للأوراق المالية المشتركة (VTB Bank).
ومن شأن هذه العقوبات أن تحد من قدرة المؤسستين على العمل، إذ تجريان معاملات صرف أجنبي بقيمة 46 مليار دولار على مستوى العالم، 80 في المئة منها بالدولار الأميركي، وستعطل العقوبات نسبة كبيرة من هذا النشاط.
ويعد سبيربنك أكبر مؤسسة مالية في روسيا، وتعتبره الحكومة مؤسسة ذات أهمية مالية نظامية.
الكاتب والمحلل السياسي، إيلان بيرمان يرى " إنه من المبكر معرفة ما إذا كانت العقوبات التي تم فرضها ستكون فعالة بالشكل الكافي أم لا".
وأضاف في حديث لموقع "الحرة" أن "العقوبات الأكثر تأثيرا لم يتم فرضها بعد، مثل عزل روسيا عن منظومة سويفت أو حتى فرض عقوبات شخصية على بوتين نفسه".
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن، وليام لورانس، إن العقوبات التي فرضت على روسيا "وخيمة وقوية ولكنها لن تستطيع إجبار الرئيس بوتين على تغيير سياسة الحرب التي اتبعها".
وأضاف في رد على استفسارات "الحرة" أن بوتين "استطاع خلال الفترة الماضية تكوين صورة عن العقوبات التي يمكن أن تفرض على روسيا، واستطاع تحضير البلاد لها".
معهد التمويل الدولي، الذي يعتبر من أكبر المجموعات المصرفية الدولية، قال الخميس إن "العقوبات على روسيا سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الوطني والمواطنين، وهو ما قد يتسبب في ركود اقتصادي"، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
وأكد المعهد أنه بالمحصلة النهائية ستكون هناك تكلفة عالية على الاقتصاد الروسي والمواطنين سيشعرون بها خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع المعهد أن تجبر العقوبات البنك المركزي على مواصلة رفع أسعار الفائدة، ونتيجة لذلك من المحتمل أن نرى نموا سلبيا في اقتصاد سيشهد مزيدا من الانعزالية.
عقوبات أشد قسوة
وأشار المحلل السياسي بيرمان إلى أن روسيا قامت "خلال الفترة الماضية بتقوية اقتصادها الوطني، وعزله عن التأثيرات الخارجية الكبيرة في سياسة تعرف باسم (حصن روسيا)".
وأوضح أن الدين الحكومي الروسي تبلغ نسبته من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 20 في المئة، فيما تم تعزيز الاحتياطي من العملات الأجنبية بنحو 630 مليار دولار، الأمر الذي سيجعل روسيا أكثر قدرة لتحمل الضغوط الاقتصادية".
وأكد بيرمان أنه "ما لم يتم فرض عقوبات شديدة، فليس من المتوقع أن تتأثر مواقف موسكو كثيرا في المرحلة الحالية".
ويؤكد لورانس أن "العقوبات التي تم فرضها مهمة جدا، ولكن يجب تعزيزها بحزمة عقوبات دولية كبيرة ومؤثرة من الولايات المتحدة وحلفائها".
وحذر لورانس من "أنه في حال نجاح روسيا في فرض سيطرتها على أوكرانيا، فهذا قد يعطيها الحافز لمتابعة استهداف بقية الدول التي كانت منضوية في الاتحاد السوفيتي".
وأشار لورنس إلى أن تحليل سلوكيات روسيا في ظل حكم بوتين تفيد "بأن موسكو قد تجري تحركات عسكرية مشابهة كل نحو 5 سنوات، ما يعني أننا قد نشهد تحركا عسكريا مشابها يستهدف إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق".
ودخلت القوات البرية الروسية أوكرانيا، الخميس، من اتجاهات عدة، وفق ما أعلن حرس الحدود الأوكراني، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين شن هجوم على البلاد.
وأوضحت قوات حرس الحدود الأوكرانية في بيان أن دبابات روسية ومعدات ثقيلة أخرى عبرت الحدود في مناطق شمالية عدة، وكذلك من شبه جزيرة القرم التي ضمها الكرملين في جنوب أوكرانيا.
وكان الرئيس الأميركي، بايدن قد ندد بـ"الهجوم غير المبرر لروسيا على أوكرانيا. وقال في بيان "اختار الرئيس بوتين شن عملية مخطط لها ستتسبب بمعاناة وخسائر بشرية كارثية"، مضيفا قوله "نددت بهذا الهجوم غير المبرر للقوات العسكرية الروسية".
وشدد على أن "روسيا وحدها مسؤولة عن الموت والدمار اللذين سينجمان عن هذا الهجوم" مؤكدا أن "العالم سيحاسب روسيا".
ويؤيد 54 من الأميركيين قرار بايدن تعزيز الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي، وفقا لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك الأسبوع الماضي. وقال المستطلعون إن روسيا تشكل تهديدا عسكريا على الولايات المتحدة، وفق تقرير سابق لوكالة فرانس برس.