الكرملين قال إن ولي عهد أبوظبي "أكد على حق روسيا في ضمان أمنها القومي"
الكرملين قال إن ولي عهد أبوظبي "أكد على حق روسيا في ضمان أمنها القومي"

حملت التطورات الأممية الأخيرة دلالات وصفها البعض بالتقارب الإماراتي الروسي، بعد قرارين لمجلس الأمن، الأول بشأن تسليح جماعة أنصار الله، والثاني بامتناع أبوظبي عن التصويت لصالح قرار أميركي بإدانة الحرب التي تشنها موسكو على أوكرانيا، فضلا عن اتصال جمع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وأصدر مجلس الأمن الدولي، الاثنين، بضغط من الإمارات ودعم من روسيا، قرارا يوسع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن، ليشمل جميع المتمردين الحوثيين.

وفسر دبلوماسيون تصويت روسيا، المقربة من إيران التي تدعم الحوثيين، لصالح القرار على أنه ثمرة "اتفاق" بين موسكو وأبوظبي هدفت موسكو عبره إلى ضمان امتناع الإمارات عن التصويت في مجلس الأمن ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفق ما قالت "فرانس برس".

ويرى الباحث في معهد دراسات القيادة الاستراتيجية في جامعة جيمس ماديسون - فرجينيا، جلال مقابلة، أن "أي دعم روسي للإمارات لا بد أن يقابله تصرف بالمثل من جانب أبوظبي تجاه موسكو".

ورأى مقابلة، في تصريحات لموقع "الحرة"،  أن "عدم استقرار العلاقة بين الامارات والولايات المتحدة في الوقت الحالي قد يكون محفزا للدولة الخليجية على تعزيز العلاقات مع أقطاب دولية أخرى من بينها روسيا".

في المقابل، يبرر الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، محمد تقي، في تصريحات لموقع "الحرة"، دعم روسيا للقرار الخاص بالحوثيين قائلا: "هي صفقة عادلة أكثر من أنها سياسية، والدليل على ذلك أن باقي الأعضاء الدائمين صوتوا أيضا لصالح القرار، ومنها الولايات المتحدة رغم خلافها مع روسيا بشأن أوكرانيا".

والجمعة، امتنعت الإمارات، إلى جانب الصين والهند، عن التصويت على مشروع قرار أميركي وألباني في مجلس الأمن يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويطالب موسكو بسحب قواتها. واستخدمت روسيا، كما كان متوقعا، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار.

وأصدر مجلس الأمن الدولي، الاثنين، بدعم من دولة الإمارات وروسيا، قرارا يوسع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن ليشمل جميع المتمردين الحوثيين، بعدما كان مقتصرا على أفراد وشركات محددة. وصوتت 11 دولة لصالح القرار وامتنعت 4 عن التصويت هي النروج والمكسيك والبرازيل وإيرلندا.

وشدد تقي على أن موقف بلاده "محايد من التصويت الأول بخصوص مشروع القرار الأميركي ضد روسيا". 

وكذلك يقول الباحث والكاتب السياسي، حميد الزعابي، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن "نهج دولة الإمارات واضح في علاقاتها مع الصراعات الدولية"، موضحا أنه "في الأزمة الروسية الأوكرانية، الأولوية هي للإنسان ومن ثم الدبلوماسية". 

وشدد الزعابي على أن "أبوظبي تتخذ الدبلوماسية وعدم الانحياز في أي صراع دولي".

وكانت الإمارات دعت، السبت، خلال اجتماع عقده مجلس الأمن، إلى خفض التصعيد بشكل فوري وإنهاء الأعمال العدائية في أوكرانيا، لافتة إلى أن تلك "التطورات الخطيرة" تقوض الأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

وفي بيان لوزارة الخارجية الإماراتية نشرته وكالة الأنباء الرسمية (وام)، أعربت الدولة الخليجية التي تملك عضوية غير دائمة في مجلس الأمن عن "قلقها بشكل خاص تجاه التداعيات المترتبة على المدنيين المتواجدين في أوكرانيا، وعلى المنطقة والمجتمع الدولي بأسره".

بينما ترى كارولين روز، كبيرة المحللين في معهد "نيو لاينز" للاستراتيجيات والسياسات بواشنطن، أن "الحياد النسبي بشأن الحرب في أوكرانيا يمثل مصلحة روسية".

وأضافت روز، في تصريحات لموقع "الحرة"، أنه "بالنسبة للروس، ونظرا لارتفاع مستوى التضامن الدولي مع الشعب الأوكراني، من الضروري بالنسبة لهم الاحتفاظ بالحلفاء حيثما أمكنهم ذلك".

ولكن الزعابي يرفض وضع الحياد في خانة مصلحة طرف على حساب آخر، قائلا: "الإمارات لا تفصل مبادئها كدولة انسانية، وهي تريد الوصول إلى حل دبلوماسي سلمي ووقف الأعمال العسكرية بأسرع وقت ممكن". 

وفي وقت يسعى مجلس الأمن بضغط من الولايات المتحدة لإدانة موسكو بسبب إعلانها الحرب على أوكرانيا، تترأس الإمارات مجلس الأمن في شهر مارس الجاري، وهو الذي "يرفع من مسؤولياتها الدولية"، بحسب مقابلة. 

ويوضح مقابلة أن "ترؤس الإمارات لمجلس الأمن يتطلب منها لعب دور حيوي لتكثيف الجهود الدولية لحل الأزمة الروسية الأوكرانية"، وذلك بالرغم من أن دورها سيكون "محدودا" نظرا لأن القرارات رهنا لمواقف الدول دائمة العضوية، والتي تمتلك حق الفيتو".

من جهته، يضع تقي رئاسة الامارات لمجلس الأمن بخانة "الانتصار، لاسيما للعرب ولدول منطقة الشرق الأوسط"، معتبرا أن بلاده "ستعمل بشكل واضح وانساني يخدم مبادئ مجلس الأمن والمعاهدات الدولية المتفق عليها، لاسيما لجهة مكافحة الإرهاب وتعزيز الوصول إلى السلام والتسامح ".

بينما يدخل الزعابي في تفنيد الدور الإماراتي في رئاسة مجلس الأمن، قائلا: "هناك ثلاثة نقاط يجب التركيز عليها والسعي نحوها، وهي: ضرورة حماية المدنيين وتوفير كل المساعدات الانسانية، خفض أي تصعيد ومنع الانزلاق في أي صراع، وأخيرا اللجوء إلى الحوار والقنوات الدبلوماسية لحل الأزمة الروسية الأوكرانية".

وهنا استدرك الزعابي مشيرا إلى تصريحات مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، في جلسة مجلس الأمن والتي أكدت فيها على "ضرورة الامتثال للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والعمل على التهدئة ووقف الأعمال العدائية في أوكرانيا"، الأمر الذي اعتبره موقفا واضحا داعما للإنسان، على حد تعبيره. 

وقالت نسيبة، في جلسة مجلس الأمن للتصويت على قرار إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، "إن نتيجة التصويت اليوم هي مجرد تحصيل حاصل، ولكن يجب أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة أكثر من وقت مضى، ويتعين علينا جميعا السعي لتحقيق ذلك".

اتصال بوتين ومحمد بن زايد

وتزامنا مع جلسة مجلس الأمن، حصل اتصال بين ولي عهد أبوظبي وبوتين، أكدا فيه على ضرورة "المحافظة على استقرار سوق الطاقة"، حسبما أفادت وكالة أنباء الإمارات، وذلك قبل اجتماع مقرر الأربعاء لمنظمة "أوبك +".

وكان لافتا أن الكرملين كشف في بيان إن ولي عهد أبوظبي "أكد على حق روسيا في ضمان أمنها القومي" خلال الاتصال، لكن هذه العبارة لم ترد في بيان وكالة الأنباء الإماراتية، وهو ما اعتبره مقابلة أنه "لا يتعارض مع ما دعت إليه الإمارات بضرورة سعي جميع الأطراف إلى حل سلمي للأزمة، ويدخل ضمن السياق نفسه".

وأبدى ولي عهد أبوظبي تأييده "الحل السلمي للأزمة بما يضمن مصالح كافة الأطراف وأمنهما القومي"، مؤكدا أن الإمارات ستبقى على تواصلها مع الأطراف المعنيين للمساعدة في إيجاد "حلول سياسية"، وفق ما نقلت فرانس برس.

بوتين ومحمد بن زايد - أرشيفية
اتصال بوتين ومحمد بن زايد.. اتفاق على "النفط" وتضارب بشأن "عبارة واحدة"
أكد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة "المحافظة على استقرار سوق الطاقة"، حسبما أفادت وكالة أنباء الإمارات الثلاثاء، بينما ارتفع سعر الخام على خلفية الحرب الروسية الاوكرانية.

وعن عبارة "ضمان الأمن الوطني"، يرى تقي أن "تصريحات ولي العهد واضحة بما يخص الدبلوماسية الإماراتية في التعامل مع الأزمة وإنهائها، ولكن هذا لا يعني الإغفال عن حق كل الدول في ضمان أمنها القومي، وهذا ما فعلته الإمارات في الملف اليمني وتحديدا عند تعرضها لقصف حوثي".

وبدأت الحرب في اليمن في 2014 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين سيطروا على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء. وتدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية لدعم القوات الحكومية اعتبارا من 2015.

وتشارك الإمارات في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن دعما للحكومة ضد الحوثيين. وقد سحبت في 2019 قواتها من البلد الفقير الغارق في نزاع مسلح منذ 2014، لكنّها لا تزال لاعبا مؤثرا فيه.

وفي يناير الماضي، تعرضت الإمارات لثلاث هجمات بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة شنها المتمردون اليمنيون بعد خسارتهم مناطق في اليمن على أيدي "قوات يمنية موالية للحكومة دربتها الإمارات"، بحسب فرانس برس.

أما الزعابي، فيشدد على ضرورة "عدم تبني هذا التصريح ونسبه لولي عهد أبوظبي طالما لم يصدر في بيان رسمي في وكالة الأنباء الإماراتية".

"أوبك +" وأسعار النفط

واقتصاديا، تترقب أسواق النفط نتائج اجتماع أوبك+، المقرر انعقاده الأربعاء، وسط مخاوف من تعطل الإمدادات جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي دفع أسعار النفط إلى الصعود فوق حاجز الـ100 دولار للبرميل.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إن ولي عهد أبوظبي وبوتين بحثا خلال الاتصال الهاتفي "ملف الطاقة في ضوء التعاون الروسي مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وتم الاتفاق على ضرورة المحافظة على استقرار سوق الطاقة العالمي".

وفي هذا السياق، يشدد تقي على أن " الإمارات لها علاقات مع روسيا وعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، ولكنها بكل تأكيد ملتزمة بأوبك + وبأن ارتفاع أسعار النفط قد يؤثر سلبا على العالم".

وتقود موسكو، إلى جانب السعودية، تحالف "أوبك بلاس" الذي يضم منظمة الدولة المصدرة ودولا من خارجها، والذي يتحكم بكميات الضخ منذ سنوات للموازنة بين العرض والطلب وإنعاش الأسعار. ومن المقرر عقد اجتماع للتحالف الأربعاء.

والإمارات، الدولة النفطية الثرية التي تقود مجلس الأمن الدولي هذا الشهر، عضو في هذا التحالف.

ولكن روز ترى أن "التعاون داخل أوبك + والارتفاع المتوقع في أسعار النفط سيفيد الإمارات، على الرغم من أنها يمكن أن تكون حليفة لروسيا حيث أن العقوبات المفروضة وغيرها من الإجراءات العقابية تزيد من عزلة اقتصادها".

وكذلك، أشار مقابلة إلى أن "الإمارات تعتبر إحدى الدول المهمة في أوبك بحكم حجم إنتاجها"، مضيفا أن "لأي توتر في العالم انعكاسات مباشرة على ارتفاع أسعار الطاقة، ما سيؤدي بالضرورة إلى زيادة أرباح الدول المصدرة".

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.