مهندس CNPC ينظر إلى الشاحنات المستخدمة لإجراء المسح الزلزالي في حقل الأحدب النفطي في محافظة واسط
شركات صينية رئيسية فازت بعقود عمل داخل مناطق جغرافية كبيرة في العراق(رويترز)

تمتلك كيانات صينية نسبة تتجاوز 46 في المئة في حقل الرميلة، أكبر الحقول العراقية إنتاجا للنفط في العراق، والثاني عالميا، كما تدير شركات صينية أخرى نحو 34 في المئة من احتياطيات العراق المؤكدة، إضافة لثلثي الإنتاج الحالي، وهي أرقام تشير إلى نفوذ صيني متنام على إنتاج النفط العراقي.

وتعد شركة CNPC أكبر مستثمر صيني في البلاد، بامتلاكها حصصا في حقول "الأحدب والحلفايا والرميلة وغرب القرنة، إضافة للاعبين صغار مثل "سينوك" و"يونيون" و"جينهوا" تشارك في إنتاج النفط العراقي.

في الوقت نفسه، انسحبت شركات نفطية كبرى من العراق مثل "إكسون موبيل" عام 2021 من أحد أكبر الحقول النفطية (غرب القرنة 1)، الذي يقدر احتياطه النفطي بأكثر من 20 مليار، لتستحوذ الصين على حصتها في بداية 2024، وتصبح "بترو تشاينا" المشغّل الرئيس له.

وانسحبت شركة "شيل" العالمية في فبراير 2024، من مشروع "نبراس" الذي كان سيصبح الأكبر لإنتاج البتروكيماويات في الشرق الأوسط، وهو قراراها الثالث بعد انسحابها في 2018 من حقلي "مجون" و"غرب القرنة" النفطيين.

ويرى خبراء ومسؤولون عراقيون، أن تزايد النفوذ الصيني على قطاع النفط في العراق يتجاوز مسألة البيع والشراء بين بغداد وبكين، خصوصاً أن العائدات النفطية تشكل 90 في المئة من الاقتصاد العراقي.

مساحات كبيرة وتهرّب ضريبي

ويقول الخبير في شؤون النفط بالعراق أحمد صدام، إن هناك 7 شركات صينية رئيسية فازت بعقود عمل داخل مناطق جغرافية كبيرة، مثل شركة "سينوك" التي استثمرت في مجال الاستكشاف النفطي على رقعة جغرافية تقدر مساحتها بحدود 6500 كيلو متر مربع، تضم 5 محافظات من الوسط والجنوب.

وتتوزع شركات أخرى مثل "جينهوا" و"أنتون" في محافظات مثل المثنى والناصرية، ومناطق جغرافية أخرى، كما يضيف صدام لقناة "الحرة" ضمن برنامج "الحرّة" تتحرى.

النائب كاظم الشمري، عضو لجنة الاقتصاد والصناعة البرلمانية، يبين لـ"الحرة" أن "معظم الشركات الصينية العاملة في العراق تتهرب من دفع الضرائب المترتبة عليها".

ويؤكد "تابعنا أكثر الشركات تهرباً من دفع الضريبة فكانت "سي ان بي سي"، المسؤولة عن التنقيب والإنتاج في حقل الأحدب".

ويقول الشمري لقناة "الحرة" إن هناك تلكؤاً كبيراً وواضحاً في تنفيذ مشروعات الشركات الصينية في العراق، إذ يقع التنفيذ على عاتق العراقيين، الذي ينتظر التمويل الصيني، مشيراً إلى أن التمويل لا يصل في بعض الحالات، مثلما حصل في مشروع بناء المدارس.

"العراق بحاجة إلى تشييد قرابة 12 ألف مدرسة، ولغاية الآن لم ينفذ المشروع الصيني العراقي رغم مرور المدة الزمنية الكافية"، يتابع الشمري.

وقاد الشمري تحقيقاً عام 2019 كشف فيه تهرباً ضريبيا لدى عدد من الشركات الصينية في العراق بقيمة 180 مليون دولار.

وكان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الإعمار، صباح عبد اللطيف، أعلن في يوليو 2021 أن الاتفاقية الصينية شملت تنفيذ 4 مشروعات إعمار كبيرة، من بينها بناء ألف مدرسة.

وفي خريف 2019، وقعت بغداد وبكين على 8 اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة. وكان أهمها قطاع النفط، وجمعت البلدين المصلحة المشتركة، فالعراق سادس أكبر منتج للنفط في العالم، والصين الأولى عالمياً في استهلاك موارد الطاقة مما يعني حاجتها الدائمة لشرائها.

فساد ونفوذ "عسكري"

تتبع العديد من شركات النفط والغاز الصينية الكبرى لكيانات تنتمي للمجمع العسكري الصيني، بما في ذلك بعض الشركات الفائزة بجوائز التراخيص الأخيرة في العراق، مثل "جينهوا أويل" أحد فروع "نورينكو غروب" وهي من أبرز المقاولين في وزارة الدفاع الصينية.

وتقول ميشال ميدن، رئيسة قسم الصين في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، إن "نورينكو غروب" في الواقع شركة عسكرية وفرع من الجيش الصيني، وتمارس الكثير من مبيعات الأسلحة والتجارة، وقامت من قبل بعمليات شراء للنفط وتجارة السلاح مع إيران.

كما أن رؤساء الشركات الثلاث الكبرى "بترو تشاينا" و"سينوبك" و"سينوك" في الأساس موظفون في الحزب الشيوعي الصيني، ويتم تعيينهم من قبل الحزب الذي يعد المساهم الأكبر في تلك الشركات، بالإضافة إلى أن مستقبلهم متعلق إلى حد كبير بإنجازاتهم السياسية والتجارية داخل وخارج الصين، بحسب ما تشرح ميدن لـ"الحرة".

وتشير إلى تورط هذه الشركات الصينية في "الفساد" ضمن صفقات تجارية عقدتها مع دول أخرى، مثل أنغولا، مردفةً "أنفق الكثير من الأموال لكن الأصول لم تعمل بشكل جيد، أو أن هذه الأموال ذهبت لجيوب المرتشين".

ومنذ عام 2006 أنفقت "سينوبيك" الصينية مليارات الدولارات على الاكتشافات النفطية في أنغولا بحصيلة كانت مخيبة للآمال.

من جهته، يقول الخبير في شؤون النفط العالمي ممدوح سلامة، إن الشركات الصينية الآن تسيطر على جزء كبير من صناعة النفط في البلد الريعي الذي لا يملك صادرات أخرى بذات الحجم تدعم اقتصاده.

ويؤكد غياب الشفافية بخصوص إنفاق العراق لدخل الصادرات النفطية، متسائلاً "أين تذهب هذه الأموال؟" في إشارة إلى تغلغل الفساد الذي "يُبعد" برأيه الكثير من الشركات الغربية النفطية، وفعلياً كانت هذه حجة بعضها التي غادرت العراق.

ويقول أحمد صدام، إن مشروع "البتروكيماويات" مثلاً، الذي قُدّر بحدود 11 مليار دولار، كان من أكبر المشاريع التي خسرها العراق بعد انسحاب "شيل"، إذ كان من المؤمّل أن يوفر 2 مليار دولار سنوياً لبلاده.

وفي بيان الشركة، قالت إن سبب انسحابها "توجهها وتركيزها نحو الاستثمار في المشاريع الغازية في دول أخرى".

لكن، يضيف صدام لـ"الحرة": "هناك أسباب أخرى منها ما يتعلق بحالة عدم الاستقرار السياسي، خصوصا بوجود توقعات أن يتنامى دور الجماعات المسلحة، وحالة اللايقين التي تسود البيئة العراقية".

وفي تصريح وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، لبرنامج "الحرة تتحرى"، يروي سبب انسحاب "إكسون" الأميركية: "أنا دخلت بمفاوضات مباشرة مع الشركة لمنعها من الانسحاب، إلا أنها أصرت على الانسحاب من حقل غرب القرنة 1 لأنها حصلت على عروض أفضل اقتصاديا منه".

وفي النهاية فإن هذه الشركات "ربحية" يضيف عبد الغني، في إشارة إلى أن السبب الأساسي لانسحابها من العراق البحث عن المزيد من الربح.

ويقول إن لدى وزارة النفط "خطة طموحة لزيادة استثمار النفط والغاز من الحقول المختلفة، حيث وضعنا خطة خمسية لزيادة إنتاج العراق لأكثر من 6 ملايين برميل يومياً".

وبحسب منظمة الشفافية الدولية، يحتل العراق المرتبة 154 من أصل 180 دولة، على مؤشر الفساد الحكومي وهي مرتبة متدنية شكلت هاجسا للشركات الغربية الكبرى.

وطبقا لأرقام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ومنذ توقيع اتفاقية 2019 بين العراق والصين، ارتفعت صادرات النفط العراقي للصين نحو 20 في المئة، ووصلت في 2023 إلى أكثر من مليون برميل نفط يومياً، وتصدرت بكين قائمة مستوردي ذهب العراق الأسود.

وفي السياق نفسه، يقول ممدوح سلامة، إن شركتي "إكسون موبيل" و"شل" لا تسعيان للعودة إلى العراق سوى بشروطهما، وهي التعامل الواضح مع الحكومة العراقية بشفافية واضحة جدا، إذ أدى غيابها لابتعادهما.

أما الشركات الصينية، كما يقول لـ"الحرة"، فلا يهمهما من يحكم العراق ومدى شفافيته، بعكس الأوروبية والأميركية.

كورماشيفا كانت في زيارة سريعة لمسقط رأسها العام الماضي
كورماشيفا كانت في زيارة سريعة لمسقط رأسها قبل اعتقالها من السلطات الروسية. أرشيفية

تعد روسيا رابع أسوأ دولة في العالم سجنا للصحفيين، حيث وثقت أحدث تقارير لجنة حماية الصحفيين الدولية، وجود ما لا يقل عن 22 صحفيا في السجون الروسية.

في صيف عام 2023 ألقت السلطات الروسية القبض على الصحفية الأميركية، ألسو كورماشيفا، في مطار قازان، عاصمة تترستان، إحدى جمهوريات الاتحاد الروسي، واتهمتها بالفشل في التسجيل كمراسلة أجنبية إضافة إلى نشر معلومات كاذبة عن الجيش الروسي.

الحرة تتحرى تلقي الضوء على ملف حرية الصحافة في روسيا، وتكشف مدى تراجع مساحة التعبير منذ تولي فلاديمير بوتين الرئاسة، وكيف تصاعدت الضغوط على المؤسسات، والأفراد، خلال العقدين الماضيين.

ويستعرض التحقيق الأدوات والقوانين، التي يستخدمها الكرملين لقمع الأصوات المعارضة، وكيف أثرت تلك التشريعات على عمل الصحفيين والمؤسسات داخل روسيا.

المستشار في معهد الولايات المتحدة للسلام، دونالد جنسن قال "الوضع سيء للغاية، يمكنك إما محاولة القيام بعملك، كما يحدث في الغرب، وفي هذه الحالة قد يتعرض البعض للقتل، أو السجن، أو التهديد، أما إذا أردت الحفاظ على وظيفتك، فعليك إذاعة ما يمليه الكرملين، هذه هي الخيارات".

الخبير في الشؤون الروسية، بافيل فيلجينهاور يوضح أنه خلال الفترة الماضية "توقفت صحيفة نورويا غازيت، واختفت إذاعة صدى موسكو نهائيا، وبالتالي لا توجد حاليا أي خدمة إخبارية مستقلة، سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة، ومن يحاول نشر أي شيء، لا يعجب السلطات على الإنترنت، يتعرض للملاحقة القضائية، وقد يعاقب بغرامات باهظة، أو بالسجن".

مطلع تسعينيات القرن الماضي، وفي السنوات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأت موسكو في هيكلة نظامها الجديد، فأصدرت آنذاك، أول قانون لتنظيم الإعلام.

الرئيس بوريس يلتسين وقع قانون الإعلام الروسي لعام 1991، والذي يضمن حرية الصحافة، مع وجود استثناءات محددة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تنص المادة الرابعة على حظر الدعوة إلى تغيير النظام الدستوري القائم بالقوة، وحظر إثارة الكراهية الاجتماعية أو الطبقية أو الوطنية، بحسب تقرير مركز القانون بجامعة تورو الأميركية.

ويشرح جنسن أنه "خلال التسعينيات، كان يقال دائما إن الصحافة في روسيا حرة، لم تكن حرة بالمعنى الذي نفهمه في الغرب، لكنها كانت على الأقل، أكثر حرية وتعددية من اليوم، تواجدت مؤسسات إعلامية، أشهرها NTV، وهي شبكة تلفزيون مستقلة، مولها أحد الاثرياء الروس، المرتبطين ببوريس يلتسين، لكن عندما تولى بوتين السلطة، استولى على هذه الشبكة، ووضعها تحت سيطرة الكرملين".

ومع تولي فلاديمير بوتين الرئاسة مطلع الألفية الثالثة، تراجعت حرية الإعلام الروسي بشكل مطرد، وتقلصت حتى، المساحة المحدودة، التي كانت متاحة.

ويشير تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود إلى أن هيئة تنظيم وسائل الإعلام الروسية وضعت رقابة على معظم المواقع الإخبارية المستقلة، وتم تصنيف المواقع الأكثر شعبية، مثل ميدوزا، وTV Rain، بكونها منظمات غير مرغوب فيها، ما يعني أن ذكرها أو الاقتباس عنها، قد يؤدي إلى مسؤولية جنائية. اما وسائل الإعلام المتبقية فمملوكة للدولة أو لحلفاء الكرملين، ويجب على موظفيها اتباع الأوامر الصادرة من مكتب الرئيس بشأن المواضيع التي يتم تجنبها، كما يجب عليهم ممارسة الرقابة الذاتية بدقة.

وقال جنسن إنه "لا ضرورة لسجن الناس، بل يمكن زرع الخوف، وإملاء ما يجب إذاعته على الإعلاميين الحكوميين، هذا ما سنبثه اليوم، وهكذا سنغطي حرب أوكرانيا، إضافة لإجراءات أخرى، مثل زيارة المحطات الاهلية والمستقلة، وإخبارهم بانتهاء تراخيصهم الصادرة في فترة يلتسين، أو وجود مخالفات في العقد، يترتب عليها إغلاق المحطة".

حملة بوتين القمعية لم تتوقف، ففي صيف عام 2012، صادق الرئيس الروسي على قانون جديد يشدد الرقابة، على، جماعات الحقوق المدنية الممولة من الخارج، ويسميها، العملاء الأجانب.

واستهدف قانون العملاء الأجانب المنظمات غير الحكومية التي تتلقى منحا من الخارج. ومن وقتها تم تعديل التشريع بحيث لا يستهدف المنظمات الإعلامية فحسب، بل الصحفيين وناشطي اليوتيوب وأي شخص يتلقى أموالا من الخارج، ويعبر عن رأي سياسي، بحسب تقرير لمحطة NPR الأميركية.

وبدخول قانون العملاء الأجانب حيز التنفيذ أواخر 2012، تعرضت مئات المنظمات لتقلص في التمويل، وتشويه للسمعة.

ونقلت قناة PBS الأميركية عن منظمات حقوق الإنسان قولهم إن مصطلح "العميل الأجنبي" في روسيا يشبه وصف "الجاسوس" أو "الخائن". ولا توجد طريقة للطعن في هذا التصنيف أمام المحكمة مسبقا. كما يُحظر على من يسمون "عملاء أجانب" ممارسة العديد من أنشطة الحياة العامة، كالخدمة المدنية، والتبرع للحملات الانتخابية، وتعليم الأطفال.

ويشرح الخبير في شؤون الدفاع الروسية، فيلجينهاور أن "تصنف كعميل أجنبي" يتبعها اتهامات "بنشر معلومات مضللة أو أخبار كاذبة، وقد تصل العقوبة إلى السجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات، والأسوأ، أن تعمل مع منظمة غير مرغوب فيها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عقوبات تصل للسجن عشر سنوات، الجميع يدرك العواقب، لذا يرحل الكثيرون قبل أن يتم اعتقالهم".

وبعد غزو أوكرانيا، نهايات فبراير 2022، أصدر الكرملين حزمة من التشريعات، أصبح معها المشهد الإعلامي الروسي أشد قسوة.

وفي السنوات الأخيرة، خاصة بعد بدء الحرب في أوكرانيا، تم تعديل وتوسيع القوانين المتعلقة بحرية التعبير، بما في ذلك التشهير ونشر الأخبار الكاذبة، أو أي معلومات عن الحرب، قد تعتبرها الحكومة الروسية غير صحيحة، والتي يؤدي نشرها إلى عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس عشرة 15 سنة، وغرامات تصل إلى خمسة ملايين روبل (أي ما يزيد عن 48 ألف دولار)، بحسب تقرير نشره موقع قناة PBS الأميركية.

الخبيرة في شؤون الصحافة الروسية، ماريا أوردزونيكيدزه قالت إن القوانين الجديد "تفرض قواعد معينة على تغطية الحرب في أوكرانيا، ومن لا يلتزم بهذه القواعد، يمكن أن يتعرض للمحاكمة، بتهمة نشر أخبار كاذبة، لذا أصبح من الخطر على الصحفيين نشر أي معلومات، لا تتوافق مع ما تروجه وسائل الإعلام الحكومية الروسية، سواء كانت أخبارا، أو معلومات، أو صورا، أو مقاطع مصورة".

ووفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود، تصاعدت أعداد الصحفيين، الذين تعرضوا للاضطهاد في روسيا، بين عامي 2000 و2024، لتصل 162 صحفيا، 41 منهم في عداد القتلى، وما لا يقل عن 111 قيد الاحتجاز، إضافة لعشرة في عداد المفقودين.

وقالت أوردزونيكيدزه لقد "رأينا حالات لاعتقال صحفيين أجانب، كمراسل وول ستريت جورنال، إيفان جيرشكوفيتش، والذي قضى أكثر من عامين في سجن روسي، قبل أن يتم استبداله بجواسيس ومجرمين، كما نشهد حاليا اتهاما لمجموعة من الصحفيين بإنتاج محتوى متطرف، حيث يُزعم أنهم عملوا على مساعدة المعارض الروسي، اليكسي نافالني، في نشر مواد إعلامية".

كانت قوانين العملاء الأجانب، والأخبار الكاذبة، هي أساس الاتهامات الموجهة للصحفية الأميركية، ألسو كورماشيفا، والتي تحولت قضيتها إلى مسألة دبلوماسية، بين واشنطن وموسكو، فما قصة احتجازها، وكيف تم الإفراج عنها.
وفي تقرير وثائقي نشرته "صوت أميركا" قال بافيل بوتورين زوج ألسو كورماشيفا "أنا زوج ألسو كورماشيفا، وأعمل مديرا لقناة Current Time، في محطة راديو أوروبا الحرة / راديو ليبرتي، هنا في براغ، أتولى مسؤوليات كثيرة، مسؤوليتي كأب لفتاتين، كان عليهما أن يكبرا بسرعة، خلال الأشهر القليلة الماضية".

وأضاف "قمنا بحساب الوقت الذي مر دون ألسو بأعياد ميلادنا، لأنها غابت عنها كلها، لا يوجد أي منطق في العقوبة التي تتعرض لها، ومن وجهة نظري حدث ذلك فقط، لأنها عاشت الحلم الأميركي، ومارست حقوقها، التي يكفلها التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة".

وقالت بيبي بوتورين، ابنة ألسو "ربما يكون من المستحيل وصف أمي، لأنها تمتلك العديد من الصفات، هي محبة وتهتم بالآخرين، كما أنها خفيفة الدم حقا، ومن أكثر الأشياء التي أحبها فيها، اهتمامها بكل من حولها".

ويشرح بافيل أن زوجته ألسو "تهتم كثيرا بالآخرين، وهو ما دفعها حقا للسفر إلى روسيا، على الرغم من أننا كنا ندرك المخاطر المحتملة، وعندما كانت تستعد للمغادرة، قالت، أخبرني إن كل شيء سيكون على ما يرام، ماذا يمكن للزوج أن يقول لزوجته في مثل هذا الموقف، وأحيانا أتساءل، ماذا لو كنت قد قلت لا".

وقال بافيل إن "أصعب اللحظات عندما أكون بمفردي، لذا أستمد القوة من أطفالي، إنهم دعم كبير لي، كانوا رائعين، وأعتقد أنني تعودت على أن أبقي متماسكا مهما حدث، لكن وبالتأكيد أثر هذا الأمر علينا عاطفيا، عادة ما أستيقظ مبكرا لممارسة رياضة الصباح، لذا، ومن أجل الحفاظ على أي نوع من الطبيعية أو العقلانية، يتعين علي حقا أن أتوقف عن التفكير".

مدير الخدمة التترية في راديو أوروبا الحرة / راديو ليبرتي، ريم جيلفانوف قالت إنها "التقطت صورة بمناسبة الذكرى الستين لبدء الخدمة، وقررنا الاحتفال بهذه الطريقة، التقطنا صورة بالزي التتري التقليدي، ألسو شخصية جادة، لا شك في ذلك، ومع ذلك، فالصفة الرئيسية التي تتبادر إلى ذهني، عندما أفكر فيها، هي الحماس الدائم، والاستعداد لمساعدة كل من حولها".

رئيس محطة راديو أوروبا الحرة / راديو ليبرتي، ستيفن كابوس قال إن الأمر "تطور تدريجيا، ذهبت ألسو لزيارة والدتها، ولم تكن هناك للعمل الصحفي، وعندما حاولت المغادرة، منعت من السفر، بدأت الامور تسوء تدريجيا من تلك اللحظة، وشيئا فشيئا، أصبح واضحا أنهم لن يسمحوا لها بالمغادرة، بعدها، لم يتم سجنها إلا في أكتوبر".

وذكر بافيل أن "ألسو امرأة قوية وصامدة، لكن عندما أراها في جلسات المحكمة، أستطيع أن أرى التأثير العاطفي والجسدي، الذي تركه هذا الاحتجاز الظالم عليها، مكانها ليس في زنزانة السجن، بل مع أسرتها هنا".

وفي 19 يوليو 2024 حكم على ألسو كورماشيفا بالسجن لست سنوات ونصف، فيما انتقد مراقبون محاكمتها السرية ووصفوها بالصورية.

وقال بافيل "صدمت بعد سماع خبر هذا الحكم المروع، ولكنه كان متوقعا، فمعدلات الإدانة في روسيا مرتفعة بشكل لا يصدق، وتصل إلى 100 في المئة تقريبا، وخاصة في القضايا السياسية، مثل قضية ألسو".

من حضن عائلتها إلى زنزانة باردة.. ماذا حدث للصحفية الأميركية كورماشيفا في روسيا؟
بعد نحو 10 أشهر من السجن والضغط لانتزاع اعترفات، أصدرت محكمة روسية حكما بالسجن على صحفية روسية أميركية كانت في زيارة سريعة لمسقط رأسها، العام الماضي، ليضاف إلى سلسلة أحكام روسية صدت بحق مواطنين أميركيين يعتبرها البعض ذات أغراض سياسية.

واستطاعت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن التوصل لتبادل تاريخي للسجناء مع روسيا، والتي كانت أكبر عملية تبادل منذ الحقبة السوفيتية بين روسيا والدول الغربية، ليشمل ثلاثة مواطنين أميركيين، وحامل إقامة دائمة.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن حينها "نعيد إلى الوطن، بول وإيفان وألسو وفلاديمير، ثلاثة مواطنين أميركيين، إضافة لحامل بطاقة خضراء، والأربعة سُجنوا ظلما في روسيا".

وفي أواخر أغسطس بعد نحو شهر على إطلاق سراحها ووصولها للولايات المتحدة قالت الصحفية ألسو كورماشيفا إنها "تستمتع بالحرية، وبكل لحظة فيها، بمذاق الطعام والماء، وبالتحدث إلى الناس".

وأضافت "أنا سعيدة بلقاء عائلتي، ولكنني أفكر أيضا في أولئك الذين ما زالوا في السجن، وخاصة الصحفيين، وتحديدا ثلاثة من زملائي في راديو أوروبا الحرة، أشعر بآلامهم، وآلام عائلاتهم".