كيم داخل إحدى سياراته خلال زيارة لروسيا في أبريل 2019
كيم داخل إحدى سياراته خلال زيارة لروسيا في أبريل 2019

في عدة مناسبات، ظهر زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون وهو يركب سيارات فاخرة من صناعة شركات أوروبية، بينما تخضع بلاده لعقوبات دولية تحظر حصولها على المنتوجات الغربية الفاخرة.

رحلة تلك السيارات الفاخرة إلى بيونغ يانغ تثير تساؤلات. 

وتشمل مجموعة مركبات الدكتاتور البالغ من العمر 35 عاما، سيارات من طراز ليموزين من صنع ميرسيديس بنز الألمانية ورولز رويس البريطانية.  

لكن سر التهريب الذي يمكن نظام كيم من الحصول على السلع المحظورة، كشفه مركز دراسات أميركي، نجح خبراؤه في تتبع عمليات التهريب وتوصلوا إلى أن خمس دول تتورط فيها بمشاركة ثلاث طائرات.

وبحسب تقرير أصدره مركز دراسات الدفاع المتقدمة (C4ADS) في واشنطن الثلاثاء، فإن عملية تسليم لبيونغ يانغ تمت في عام 2018 وشملت سيارتين من طراز مرسيديس يعتقد أنهما مصفحتان من النوع الخاص برؤساء الدول، يزيد سعر الواحدة منهما على 500 ألف دولار، انطلقت من هولندا.

​​وحسب المركز الذي يعمل على كشف المعاملات المالية غير المشروعة حول العالم، استمرت رحلة نقل السيارتين إلى كوريا الشمالية ما بين شهري يونيو وأكتوبر.

ونقلت السيارتان من أوروبا إلى الصين بحرا في رحلة استغرقت 41 يوما، تنقلتا خلالها من منطقة لأخرى في اليابان وكوريا الجنوبية، ثم إلى روسيا حيث عملت ثلاث طائرات مملوكة لكوريا الشمالية على إيصالهما إلى بيونغ يانغ، حسب ما توصل إليه باحثون في المركز، عملوا على تحليل تقارير عامة عن بيانات الموانئ والسجلات التجارية.

ورصد كيم للمرة الأولى على متن سيارة معدلة من طراز مرسيديس مايباك أس-600 بولمان غارد، خلال توجهه إلى مبنى حكومي أواخر يناير الماضي، وذلك بعد أشهر على عملية التسليم التي تم رصدها.

السيارة الأخرى من نوع مرسيديس مايباك أس-62.

وسبق أن ظهر كيم على متن سيارات فاخرة أخرى خلال قمم مع زعماء دوليين بينهم الرئيس دونالد ترامب، وأحيانا كان يحيط بتلك السيارات فريق من الحراس الشخصيين الراجلين يركضون بجانبها.

وفي أكتوبر الماضي، ترجل كيم عن سيارة ليموزين من طراز رولز رويس فانتوم، لاستقبال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيونغ يانغ.

وضْع كيم يده على هذه السيارات، يشكل تحديا مفتوحا للعقوبات الدولية المفروضة على نظامه، والتي أقرتها الأمم المتحدة بناء على طلب إدارة الرئيس جورج بوش الابن في 2006، وشملت منع وصول المنتوجات الفاخرة إلى البلاد.

لكن دولا يصل عددها إلى 90، كانت ما بين عامي 2015 و2017 مصادر للبضائع الفاخرة التي تستوردها كوريا الشمالية، حسب تقرير مركز دراسات الدفاع المتقدمة الذي أشار أيضا إلى الشبكات وسلاسل التوريد التي تمر عبر أراض تابعة لدول أعضاء في مجلس الأمن الدولي بينها الصين وروسيا، وحلفاء لأميركا بينهم كوريا الجنوبية.

وجاء في التقرير أن كوريا الشمالية استوردت ما تزيد  قيمته على 191 مليون دولار من المنتجات الفاخرة ما بين 2015 و2017 عبر الدول الـ90. لكن القيمة النهائية للتلك الواردات يصعب تحديدها لعدم توفر تفسير محدد لما يشكل "منتجا فاخرا" وكذلك بسبب الطريقة السرية التي يعتمدها نظام كيم للحصول عليها.

فلسطينيون يتجمعون لتلقي طعام أعدته جمعية خيرية، بشمال قطاع غزة بتاريخ 11 سبتمبر 2024
فلسطينيون يتجمعون لتلقي طعام أعدته جمعية خيرية، بشمال قطاع غزة بتاريخ 11 سبتمبر 2024

مع استمرار الحرب في قطاع غزة وتعثر المساعدات الدولية، سعت بعض الشركات الخاصة إلى سد احتياجات السكان وتزويدهم بالغذاء والسلع الأساسية، لتصبح مسؤولة عن توريد نسبة كبيرة من الحاجات الغذائية، متفوقة بذلك على وكالات الإغاثة الإنسانية التقليدية، وفق تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

بيد أن ذلك التحول، أفسح المجال أمام "استغلال" المواطنين من خلال رفع الأسعار بشكل كبير، حسب "الصحيفة البريطانية".

ووفق بيانات الجيش الإسرائيلي، فقد ارتفعت حصة المساعدات القادمة من الجهات الخاصة من 5 بالمئة في أبريل، إلى حوالي 60 في المئة في أغسطس وسبتمبر المنصرمين.

 ومع ذلك، يعاني الفلسطينيون في قطاع غزة من ارتفاع جنوني في الأسعار، حيث يتعين على التجار دفع رسوم ضخمة في السوق السوداء للحصول على تصاريح استيراد صادرة عن إسرائيل، بالإضافة إلى تكاليف باهظة لتأمين الحماية المسلحة لقوافلهم. 

ووفقًا لعدد من العاملين في مجال الإغاثة والتجار في غزة، فإن هذه التكاليف "يتم تحميلها مباشرة على السكان المحليين"، الذين يعانون من الجوع ونقص الغذاء.

ولفت أحد التجار الفلسطينيين إلى أن "كل وسيط يأخذ حصته من الأرباح على طول الطريق، وهناك قلة قليلة تربح بشكل كبير، بينما يعاني المستهلك"، مؤكدا أنه رغم توفر بعض المواد الغذائية بكميات جيدة، فإن أسعارها أصبحت خارج متناول الكثيرين.

ويتم توفير السلع الطازجة من قبل التجار الخاصين، كتكملة للمواد الجافة والمعلبة التي توفرها وكالات الإغاثة. لكن هؤلاء التجار يستوردون أيضًا سلعًا غير ضرورية مثل رقائق البطاطا، حسب "فاينانشال تايمز". 

وتعتبر إسرائيل جميع هذه السلع التجارية مساعدات إنسانية. ومع ذلك، أظهرت البيانات العسكرية الإسرائيلية أن حجم المساعدات الغذائية التي دخلت غزة الشهر الماضي، هو "الأدنى منذ فبراير".

وفي هذا الصدد، قال مدير التخطيط في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، سام روز: "السلع التي يجلبها القطاع الخاص ليست مساعدات"،  مضيفا أن تلك السلع لا تلبي احتياجات السكان المحليين، "بل تعكس فقط ما يمكن أن يتوفر في السوق".

وفي الفترة بين مايو ويوليو، دخلت قطاع غزة شاحنات خاصة أكثر بمرتين من تلك التي أرسلتها المنظمات الإنسانية، حيث تعمل شبكة من التجار بين القاهرة والضفة الغربية وإسرائيل وغزة على تنسيق دخول الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم.

تراجع دور الأمم المتحدة

ومع ازدياد الفوضى وانعدام الأمن على طول طرق التوصيل، تراجع دور الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في إيصال المساعدات، حيث أدى إغلاق معبر رفح مع مصر إلى تقليل عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى أقل من الثلث، مقارنةً بالفترة بين أبريل وسبتمبر.

ووصف أحد التجار الفلسطينيين كيف أجبرته تكاليف السوق السوداء، التي تشمل شراء تصاريح الاستيراد واستئجار الحماية المسلحة، على رفع الأسعار في غزة.

وأوضح أن تكلفة استيراد شاحنة واحدة من الضفة الغربية إلى غزة كانت لا تتجاوز 300 دولار قبل الحرب، بينما تصل التكاليف في الوقت الحالي إلى ما بين 5000 و35000 دولار، حسب قيمة البضائع، بالإضافة إلى 3000 دولار للحماية و4000 دولار كحد أدنى لرسوم النقل.

ومنذ نوفمبر وحتى مايو، سمحت السلطات الإسرائيلية لخمس شركات فلسطينية فقط بالحصول على تصاريح لإدخال البضائع إلى غزة، مما منح هذه الشركات سيطرة كاملة على السوق، "لتبدأ في بيع التصاريح لتجار آخرين"، وفق "فاينانشال تايمز".

وعلى الرغم من توسيع نطاق منح التصاريح منذ أبريل، فإن التصاريح لا تزال تتركز في أيدي عدد قليل من التجار، مما يثير تساؤلات بشأن آلية منحها.

وفي هذا الصدد، أوضحت الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون الإنسانية في غزة (كوغات)، أن "العديد من التجار يُسمح لهم بتسليم المساعدات، بشرط اجتيازهم فحوصات أمنية دقيقة".

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، تعاني غزة من نقص حاد في السيولة وارتفاع البطالة، مما جعل المواد الغذائية المتوفرة بأسعار مرتفعة، غير متاحة للكثير من السكان.

وأوضح أبو شكري، الذي يعمل في مبادرة تضامن مجتمعية بوسط غزة، أنه لم يعد يستطيع تحمل شراء الطعام الطازج لجيرانه. 

وحسب برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 170في المئة منذ بداية الحرب، بينما زادت أسعار الفاكهة الطازجة بنسبة 228 بالمئة.

وفي خان يونس، قفز سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم إلى 5 أضعاف. وفي هذا الصدد، أوضح الباحث في وزارة الاقتصاد الفلسطينية في غزة، محمد بربخ أن سعر الكيلوغرام من الطماطم وصل إلى 35 شيكلًا (حوالي 9.17 دولار). 

وقد تسببت المخاوف من إغلاق المعابر في الفترة القادمة، بسبب سلسلة من الأعياد اليهودية، في زيادة تخزين السلع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.

وفي شمال غزة، حيث تزداد الأوضاع سوءًا، يعيش السكان على الدقيق والمواد المعلبة القادمة من شاحنات الإغاثة، في ظل عدم السماح للتجار بجلب البضائع عبر المعابر التي تفصل الجنوب عن الشمال.

وأحد التجار الفلسطينيين، الذي كان يستورد بضائع من دبي والهند، أشار إلى أنه قلّص وارداته بشكل كبير لأن السكان لم يعودوا قادرين على شراء المنتجات، مضيفا: "السوق ممتلئ، لكن الناس لا يملكون القوة الشرائية".

ارتفاع جنوني للأسعار بمدينة غزة

وفي مدينة غزة، ارتفعت أسعار الطماطم بنسبة تتجاوز 8690 بالمئة، فيما ارتفعت أسعار البيض بنسبة 1829بالمئة. 

وما يزيد الوضع تعقيدًا، أن إسرائيل لا تسمح بمرور السلع بين مناطق القطاع المختلفة، مما يعمق من حدة الجوع في الشمال.

ولحماية بضائعهم من السرقات والنهب، يلجأ معظم التجار إلى توظيف "شركات أمنية"، وهي عبارة عن مجموعات مسلحة تتألف من 20 شخصًا أو أكثر، يحملون أسلحة تتراوح بين العصي والبنادق. 

وأوضح تاجر يدير أعماله من العاصمة المصرية القاهرة: "لا خيار أمامنا سوى توظيف الحماية".

من جهتها، ترفض الأمم المتحدة استخدام الحماية المسلحة، مما يجعلها عرضة للنهب، خاصة أن السجائر، الممنوعة من قبل إسرائيل، يتم تهريبها ضمن شاحنات المساعدات، مما يزيد من جاذبيتها كهدف للنهب، وفق الصحيفة البريطانية.