شهدت منطقة الخليج مؤخرا أحداثا متسارعة عززت المخاوف من احتمال تحول التوترات القائمة بين واشنطن وطهران إلى حرب شاملة بينهما.
توترات بدأت تتجلى منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع مع طهران، في العام الماضي.
وتقول واشنطن إن انسحابها يهدف لحمل إيران على التشاور بشروط جديدة تحد من قدرتها على زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وبلغت الأوضاع أشدها بعد تعرض ناقلات نفط لعميات تخريب في مياه الخليج وإسقاط طهران طائرة درون أميركية، وصولا إلى احتجازها ناقلة بريطانية في مضيق هرمز، في تهديد واضح لسلامة الملاحة البحرية، الأمر الذي أثار تحذيرات دولية قوية.
فما هو مصير حالة التوتر في المنطقة؟
الكاتب حسن منيمنة رئيس مكتب بدائل الشرق الأوسط، يستبعد اندلاع حرب، ويقول "لا واشنطن ولا إيران تريدان حربا لكنها ليست مستحيلة".
ويضيف "الحرب قد تقع نتيجة أخطاء.. فهناك خطر نوعي بدأ يتبين الآن وهو أن طهران أصبحت غير قادرة على السيطرة الكاملة على تصرفات الحرس الثوري، وهذا ما قد يورطها في حرب".
ويشدد منيمنة على أن وقوع حرب سيكون "كارثة في المقام الأول، لأنها ستؤدي الى ولادة سوريا أو ليبيا جديدة في المنطقة، وحينها لا يمكن تصور مدى الخطر".
الانسحاب الإماراتي!
رأى البعض انسحاب الإمارات من اليمن خطوة استباقية ومقدمة لحرب واسعة بالمنطقة.
لكن منيمنة رفض بشدة الربط المباشر بين ما يجري في اليمن، وبين التوتر الأميركي الإيراني، وقال إن "الحوثيين هم مشروع أداة إيرانية وليسوا أداة بالفعل كما هو الحال مع حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي".
لماذا تصعد إيران؟
يقول الكاتب حسن منيمنة إن إيران تواصل سياسة الاستفزاز "ليس طمعا في الحرب، بل أملا في تغيير الوضع القائم ضدها وهو نظام العقوبات الأميركية الناجع".
فإلى جانب تخريب السفن وإسقاط الدرون الأميركية، طورت إيران اعتداءاتها واستفزازاتها إلى حد احتجاز سفينة بريطانية قرب مضيق هرمز.
ولم تستبعد تقارير أن تصل الاستفزازات الإيرانية إلى إسرائيل إذا ما زادت الضغوط الأميركية.
ويتابع منيمنة أن أذرع إيران في المنطقة، كحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي، سلاح إضافي توظفه طهران كيفما تشاء لزعزعة الأوضاع، لكن "من دون أن ينفلت من يدها.. إيران ستوظفه بشكل يحفظ لها مكاسبها. ستواصل التصعيد في إطار سياسة الوصول لحافة الهاوية، ثم التراجع. لكنها لن تنتحر".
طبيعة الرد الأميركي المتوقعة
في مواجهة الاستفزازات الإيرانية، اتخذت الولايات المتحدة مؤخرا خطوة نوعية من خلال نشر وحدات أمنية في السعودية، كانت قد سبقتها بنشر مقاتلات وتعزيزات عسكرية متطورة في الخليج.
ويقول الكاتب حسن منيمنة إن "هذا ليس تصعيدا وإنما تحصين للوضع القائم وإن صوّرتها طهران على أنها خطوات هجومية. ولكي تتجنب أميركا الحرب، ينبغي لها ضمان أمن الخليج وتأمين الملاحة البحرية".
وتوقع منيمنة أن يؤدي احتجاز إيران السفينة البريطانية إلى نشوء تحالف أمني موسع بمشاركة الأوروبيين انفسهم، لضمان سلامة الملاحة في الخليج وتضييق الخناق على إيران.
وكلما زاد الخناق عليها، كلما عمدت ايران إلى تكثيف ردودها المحصور في جانب "المقاومة الاقتصادية أو المناوشات العسكرية" ولكن تلك الخيارات "تتضاءل مع عامل الزمن، لأن الولايات المتحدة مصممة على أن تتصرف إيران بمنطق الدولة وليس الثورة"، بحسب منيمنة.
هل ستتفاوض طهران؟
يقول منيمنة إن حديث إيران عن التفاوض أحيانا، هو "مناورة تهدف لتخفيف الضغوط الاقتصادية المؤلمة، ومحاولة للصمود لفترة عامين، على أمل ألا يتم التجديد للرئيس دونالد ترامب". ويضيف "لكن باعتقادي أن أميركا ستتبع النهج الحالي نفسه بغض النظر عن الرئيس القادم".