#الحرة_تتحرى - روسيا... عودة الحرب الباردة

حسين الرزاز- واشنطن

تتزايد المخاوف من عودة الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة في ظل التوتر المتصاعد بينهما، والذي تجسد مؤخرا في انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى إثر اتهامها لموسكو بانتهاك بنودها.

عهد روسيا-بوتين يشهد تضاعفا في الإنفاق العسكري، يصاحبه تراجع في الاقتصاد، وتخلف في المشروعات الاجتماعية كالصحة والتعليم. فما الذي تخطط له روسيا، ويحلم به فلاديمير بوتين؟

تحت عنوان "روسيا... عودة الحرب الباردة"، تحاول "الحرة تتحرى" إيجاد إجابة لهذه الأسئلة.

في مارس 2000، انتخب فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا الاتحادية. إلى الكرملين، وبخليط من الطموح الشخصي والنرجسية، دخل الضابط السابق في المخابرات السوفيتية (KGB) ليدشن عهدا يكرس للهيمنة محاولات مستمرة حتى اليوم لصناعة مجد شخصي.

يقول سايمون ويزمان من معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام لـ"الحرة"، إن "فكرة وجود شخص ما في السلطة، وفي هذه الحالة بوتين، والذي يمتلك أجندة ويريد أن يكون لروسيا مكانها على الخريطة كقوة عظمى والاحتفاظ بها على الخريطة كقوة عظمى وهذا مكلف، قد يكون لزعماء آخرين اهتمام أقل للقيام بذلك وقد يجدون طرقا مختلفة للإنفاق بنسب أقل على الجيش، أكثر على شيء آخر، ربما يريدون أن يروا روسيا كقوة اقتصادية أو ثقافية، ولكن في هذه الحالة بوتين يرى روسيا كلاعب عالمي وهذا يعني أنه يجب أن تكون لديك قوة عسكرية ضخمة".

لكن طموحات بوتين لم تجد التمويل اللازم. 

فمنذ عام 1992. وطبقا لإحصاءات معهد ستوكهولم الدولي، انخفض الإنفاق العسكري الروسي ليصل إلى أدنى مستوياته عام 1998، أقل من 10 في المئة فقط مقارنة بالعام الأخير من عمر الاتحاد السوفيتي.

يرى ريتشارد وايز، مدير مركز الدراسات السياسية والعسكرية بمعهد هدسون، أنه بعد "تفكك الاتحاد السوفيتي ورثت روسيا حوالي نصف أصول القدرات الصناعية والقوى البشرية. ولفترة من الوقت انهار الإنفاق العسكري. لم يتمكنوا من دفع مرتبات الجنود. لم يتمكنوا حتى من إدارة مؤسساتهم العسكرية".

في أغسطس من عام 2008، تجلت تلك السلبيات عندما خاضت روسيا حربا قصيرة ضد جارتها جورجيا ذات القدرات العسكرية المحدودة. 

كشف القتال الذي دام خمسة أيام فقط، عما وصل إليه حال الجيش الروسي نتيجة الترهل البشري وتقادم المعدات المستخدمة. 

"أيقظتهم صدمة عام 2008 بسبب سوء الأداء في الحرب ضد جورجيا الصغيرة وجعلتهم يعترفون بأنهم بحاجة إلى زيادة الإنفاق"، يوضح ويزمان.

عقب شهرين من انتهاء الحرب مع جورجيا، اعتمدت وزارة الدفاع الروسية خطة بعشرات المليارات من الدولارات لإعادة هيكلة القوات المسلحة بأسرها.

معظم المعدات التي ورثوها من الحقبة السوفيتية كانت قديمة، كما يقول ويزمان فقد "أدركوا أنه يتعين عليهم تحديثها لأنهم أحسوا أنهم مهددون من الخارج، ولكن أيضًا لأنهم ما زالوا يرون أنفسهم قوة عظمى. وبالتالي لا بد أن يثبتوا أنهم يمتلكون القدرات العسكرية الضخمة". 

ولكن أحلام القوة جاءت على حساب الشعب الروسي بالكامل، في بلد وصف مصرف كريدي سويس عدم المساواة في الثروة فيه، بأنه صارخ لدرجة أنه يحتاج إلى قياسات جديدة.

منذ مطلع الألفية الثالثة، والإنفاق العسكري الروسي في ارتفاع تدريجي. ولكن ذلك لم يكن كافيا لتحديث معدات الجيش الروسي بالكامل.

لكن عام 2008، حمل أخبارا سعيدة للرئيس الروسي. ارتفع سعر النفط إلى أعلى مستوى له حتى اليوم، 147 دولارا للبرميل.

يقول وايز "منذ أن وصل فلاديمير بوتين إلى السلطة، شهدنا قفزة في حجم الميزانيات التي تخصص للأمن القومي. تزامن هذا مع ارتفاع أسعار النفط، فقاموا بتحويل بعض هذه الأرباح إلى الإنفاق العسكري".

في بلد هو الأول عالميا في تصدير الغاز، والثاني في تصدير النفط، وبدلا من الاستفادة من عائدات التصدير في تنمية المجتمع وإصلاح الاقتصاد المتدهور، تضاعف الإنفاق العسكري الروسي ليصل عام 2016 إلى أعلى مستوى له أكثر من 82 مليار دولار سنويا.

ولكن البعض يؤكد أن حتى الرقم المعلن أقل بكثير من الواقع. 

يوضح وايز "من الصعب تقدير حجم الإنفاق العسكري الروسي مقارنة بمثيله في الولايات المتحدة، لأن ذلك يعتمد على كيفية حساب سعر الروبل للدولار. الأجور أقل هناك وهم لا يدرجون بعض البنود في ميزانيتهم وندرجها نحن. ولكني أعتقد أننا سنكون أمناء لو قلنا إن روسيا على الأرجح هي الأعلى في العالم من حيث الإنفاق العسكري بعد كل من الولايات المتحدة والصين، بميزانية تتراوح بين 100 إلى 150 مليار دولار".

تحاول روسيا تقديم نفسها كقوة عظمى جديدة، وتتحرك عسكريا خارج حدودها ما ينذر بخطر التصعيد على المستوى العالمي. الاستيلاء على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ودعم ديكتاتور فنزويلا نيكولاس مادورو، والمشهد الأهم إرسال قوات لإنقاذ نظام الأسد في سوريا.

بوتين قال "أظهرت أسلحتنا في سوريا حقيقة أن الجيش الروسي مجهز اليوم كواحد من أقوى الجيوش في العالم، وأنه ليس هناك منافس لبعض أنظمة الأسلحة التي يمتلكها".

لكن باتريك تاكر، المحرر التقني لموقع Defense One، قال لـ"الحرة" إن تلك التصريحات "مجرد مبالغات من السيد بوتين". وتابع أن "الخصم مجموعة من التنظيمات المسلحة التي لا ترتقي عسكريا إلى مستوى الجيوش النظامية. ولهذا تقود شبكة قنوات روسيا اليوم، أهم أذرع موسكو الإعلامية، حملة مكثفة من الدعاية لأسلحة روسيا الجديدة رغم التساؤل المشروع عن مدى فعالية هذه المعدات والأساطير التي تحاك حولها".

وفي ظل غياب التجارب الحقيقية في مواجهة أنظمة عسكرية متقدمة، تصبح فعالية الأسلحة الروسية الجدية مجرد هالة جوفاء من الدعاية.

والحقيقة المؤكدة الوحيدة هي أن العالم اليوم، وبسبب روسيا-بوتين، يعيش سباقا جديدا للتسلح لا يختلف عن ذلك الذي دار إبان الحرب الباردة وكاد أن يتسبب في أكثر من مناسبة في فناء الحضارة الإنسانية كلها.

 

 

تأثير دبابات "أبرامز" في حرب أوكرانيا يعتمد على العدد وسرعة التسليم
الدبابات الأميركية تمتاز بقدرات قتالية عالية

من المتوقع أن تدخل الحرب في أوكرانيا منعطفا جديدا، مع وصول دفعة من دبابات "أبرامز" الأميركية المتطورة، والتي تمتاز بقدرات قتالية عالية الكفاءة، وفقا للعديد من الخبراءوالمختصين العسكريين.

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أعلن، الإثنين، وصول دبابات "أبرامز"  إلى بلاده، تمهيدا لاستخدامها في العمليات ضد قوات الكرملين، التي بدأت غزوا ضد أوكرانيا في  أواخر فبراير من العام الماضي.

وقال زيلينسكي عبر حسابه بمنصة تليغرام: "دبابات أبرامز بالفعل في أوكرانيا، ويتم تجهيزها لتعزيز كتائبنا".

"أقوى سلاح هجومي"

وتبلغ تكلفة دبابة أبرامز الأميركية نحو 5 مليون دولار، ولها مدفع أملس 120 ملم يتم تحميله يدويًا بواسطة أحد أفراد الطاقم الأربعة، ويبلغ مدى إطلاق النار الفعال أكثر من 2.5 ميل (4 كيلومترات).

وتحتوي الدبابة التي يبلغ طولها 26 قدمًا أيضًا على نظام تحديد الهدف، بالإضافة إلى مدفعين رشاشين 7.62، ومدفع رشاش آخر 12.7 ملم.

لكن الخزان، الذي يعمل بوقود الطائرات، يعتبر أقل ملاءمة من دبابات "ليوبارد 2" الألمانية، وخزانات "تشالنجر 2" في المملكة المتحدة، بسبب ارتفاع استهلاك الوقود واحتياجات الصيانة.

ووفقا لشبكة "سي إن إن" الأميركية، فإن تلك الدبابات قد تمثل "أقوى سلاح هجومي مباشر تم توفيره لأوكرانيا حتى الآن"، وهو نظام مدجج بالذخائر، مصمم لمواجهة العدو وجها لوجه، بدلا من إطلاق النار من مسافة بعيدة.

وفي حال استخدامها بشكل صحيح مع التدريب اللازم، فقد تسمح الدبابات الثقيلة لأوكرانيا باستعادة الأراضي من القوات الروسية، التي كان لديها الوقت لحفر خطوط دفاعية، بحسب الشبكة الأميركية.

مسؤول في البنتاغون يكشف لـ"الحرة" تفاصيل تزويد أوكرانيا بدبابات أبرامز الأميركية
قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، بنتاغون، الثلاثاء، إن اعلان البيت الابيض بشان دبابات ابرامز  (لأوكرانيا) سيأتي غدا، مضيفا "الدبابات لن تسحب من مخزون وزارة الدفاع و انما سيتم تأمينها عبر عقود خارجية".

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محمد الثلجي، أن هناك عدة عوامل من شأنها أن تجعل هذه الدبابات ذات تأثير كبير في الخطوط الأمامية بالنسبة لأوكرانيا.

وقال لموقع "الحرة" في وقت سابق، إن "إحداث الفارق بالنسبة لأوكرانيا في المعارك مرتبط بأعداد هذه الدبابات الثقيلة ووقت تسليمها، وتدريب الأطقم التي تستخدمها، بالإضافة إلى كيفية توظيفها في ساحة المعركة والمسائل المتعلقة بإدامتها، من قطع الغيار والصيانة والتزود بالوقود".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قد ذكرت آنفا أن إرسال دبابات "أبرامز" إلى أوكرانيا سيكون "جزءا من تفاهم دبلوماسي أوسع مع ألمانيا"، حيث توافق برلين على إرسال دبابات "ليوبارد 2" الخاصة بها.

ونقلت الصحيفة  وقتها عن مسؤولين أميركيين، أنه من المتوقع أن ترسل واشنطن 30 دبابة من طراز "أبرامز إم 1" إلى أوكرانيا.

وقبل ذلك نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن ضابط المدرعات المتقاعد، الخبير في استخدام دبابات "أبرامز"، التي سميت على اسم والده الضابط، الجنرال كريتون أبرامز، قوله إن "بناء مخزونات الإمدادات وتسليم المركبات وتدريب الأطقم والميكانيكيين يستغرق وقتا".

وذكر مسؤولون أميركيون في وقت سابق، أن "صيانة الدبابة أبرامز أمر صعب"، كما أنه من الصعب تدريب الأوكرانيين عليها، لافتين إلى أنها تعمل بوقود الطائرات، بحسب رويترز.

وقال الثلجي إن "الدبابات الثقيلة يمكن أن تشكل قوة مجتمعة لإحداث تأثير كبير في منطقة معينة، لا سيما إذا كان هناك عدد كبير منها".

وأشار إلى أن الدبابات الثقيلة "لديها قابلية عالية في التحرك من منطقة لأخرى، خصوصا في الأماكن المفتوحة".

كما رجح أن تستخدم هذه الدبابات في المناطق الجنوبية من أوكرانيا، مثل خيرسون وزابوريجيا، على اعتبار أن الغرب يسعى لوضع ضغوطات على الجانب الروسي قرب شبه جزيرة القرم، وهي هدف حيوي بالنسبة للدول الغربية، بحسب قوله.

وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، قد ذكر لقناة "الحرة" في أواخر يناير الماضي، أن "دبابات أبرامز لن تُسحب من مخزون وزارة الدفاع، وإنما سيتم تأمينها عبر عقود خارجية".