لا يزال إقليم كشمير في الهند الذي تسكنه أغلبية مسلمة، معزولا عن العالم لليوم الثاني على التوالي بعدما قُطعت الاثنين شبكات الهاتف والإنترنت وفرض حظر تجول، وبدء حملة ضد المعارضين لقرار الحكومة الهندية بإلغاء الحكم الذاتي، الذي كان قائما منذ سبعة عقود.
رد غاضب من القوة النووية وجارتها باكستان، وتنديد دولي بالخطوة الهندية، التي جاءت مفاجئة بإعلان وزير الداخلية أميت شاه، المقرّب من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أن الرئيس قد أصدر مرسوما يلغي المادة 370 من الدستور التي تعطي المنطقة حكما ذاتيا للإقليم.
وكان حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي الهندوسي القومي قد دفع قدما باتّجاه إصدار مرسوم رئاسي يلغي الوضع الخاص لولاية جامو وكشمير (شمال) الذي كان يكفله الدستور الهندي منذ العام 1947.
وكانت ولاية جامو وكشمير تتمتع حتى قبل الإعلان الهندي، بوضع خاص يضمنه الدستور الهندي. ويتيح للولاية التشريع في كافة القضايا باستثناء شؤون الدفاع والخارجية والاتصالات.
وأنهى المرسوم الامتيازات التي كان يتمتع بها أبناء المنطقة لا سيما فيما يتعلّق بشراء العقارات والتوظيف.
وكشمير مقسّمة إلى شطرين هندي وباكستاني منذ استقلال البلدين في عام 1947.
ومن شأن قرار نيودلهي أن يفاقم التمرّد الدامي القائم في كشمير والذي خلف أكثر من 70 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين، منذ 1989.
وتحسبا لاضطرابات محتملة نشرت السلطات الهندية في الأيام الأخيرة أكثر من 80 ألف عنصر أضافي من القوات شبه العسكرية.
ويقاتل متمردون كشميريون والعديد من سكان المنطقة من أجل استقلال منطقتهم أو ضمها إلى باكستان.
وكان معسكر رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومي الهندوسي، الذي أعيد انتخابه في مايو لولاية ثانية، يتعهد منذ زمن بإلغاء الوضع الخاص لكشمير.
ويتخوّف كثر من سعي نيودلهي إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة عبر السماح لغير الكشميريين، وبخاصة الهندوس، بشراء الأراضي في المنطقة.
ولم ترد تقارير مستقلة عما يجري على الأرض، بعدما قطعت السلطات الهندية الاتصالات والإنترنت وفرضت إجراءات أمنية مشددة، وعززت حملة القمع على المنشقين في المنطقة المضطربة، فيما تشهد وسائل التواصل الاجتماعي في باكستان حالة من الغليان.
وأعلنت نيودلهي عن توقيف ثلاثة من قادة كشمير من بينهم الرئيسين السابقين لحكومة جامو وكشمير محبوبة مفتي وعمر عبدالله بالإضافة إلى ساجد لون زعيم حزب المؤتمر الشعبي في جامو وكشمير. وجاء في القرار القضائي "أنشطتكم ستؤدي على الأرجح إلى الإخلال بالسلام".
وسيعمّق القرار، العداوة القائمة مع باكستان التي تملك، على غرار الهند، السلاح النووي وتطالب بالقسم الآخر من كشمير. وخاضت القوتان النوويتان الجارتان حربين من أصل ثلاث حروب دارت بينهما بسبب هذه المنطقة الجبلية التي يشكل المسلمون غالبية سكانها.
ووصفت باكستان التي تطالب بمنطقة جامو وكشمير منذ التقسيم مع الهند في 1947 مع نهاية الاستعمار البريطاني، قرار نيودلهي بأنه "غير قانوني"، وتوعد رئيس الوزراء الباكستاني أمام البرلمان باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، ورفع المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت قيادة الجيش الباكستاني الثلاثاء "إن الجيش الباكستاني يدعم بحزم الكشميريين في كفاحهم العادل حتى النهاية. نحن مستعدون وسنفعل كل ما بوسعنا للقيام بواجباتنا"، بحسب تغريدة للمتحدث العسكري عاصف غفور نقلا عن قائد أركان الجيش الجنرال قمر باجوا بعد اجتماع للقادة العسكريين الرئيسيين للبلاد في روالبيندي المدينة الحامية الواقعة قرب أسلام أباد حيث مقر قيادة الجيش.
وأضاف قائد الجيش إن المشاركين في الاجتماع "أيدوا تماما" موقف الحكومة الباكستانية التي تعارض الاجراء الهندي. وقال "ان باكستان لم تعترف أبدا بجهود الهند لإضفاء شرعية على احتلالها" كشمير.
وتظاهر الآلاف من الباكستانيين في عدة مدن باكستانية مثل مظفر أباد كبرى مدن القسم الباكستاني من كشمير، ولاهور (شرق) وكراتشي (جنوب) وفي العاصمة إسلام أباد.
وطالب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان المجتمع الدولي بالتحرك، واتهم مودي بانتهاك القانون الدولي بشكل سافر لتحقيق أجندة معادية للمسلمين في الهند.
وقال "إذا لم يتحرك العالم اليوم، وإذا لم يحترم العالم المتقدم قوانينه، فستصل الأمور إلى مكان لن نكون مسؤولين عنه".
بدورها حضّت واشنطن السلطات الهندية على احترام حقوق الإنسان ودعت إلى الحفاظ على السلم وحماية الحدود في كشمير.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أوريتغاس في بيان "نحن قلقون بشأن تقارير عن تنفيذ اعتقالات ونحض على احترام الحقوق الفردية وفتح حوار مع المعنيين".
وأضافت المتحدثة "ندعو جميع الفرقاء إلى الحفاظ على السلم والاستقرار على طول خط المراقبة" الذي يفصل شطري كشمير المقسمة بين الهند وباكستان.