متظاهرون في هونغ كونغ
متظاهرون في هونغ كونغ

تدفق عشرات آلاف الأشخاص إلى حديقة وسط هونغ كونغ، الأحد، من أجل ما يأمل منظمون أن تكون تظاهرة سلمية في الأراضي الصينية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.
 
وقال المنظم بوني لونغ "نأمل ألا تكون هناك أي أوضاع فوضوية اليوم.. نأمل أن نظهر للعالم أن سكان هونغ كونغ يمكن أن يكونوا مسالمين تماما".
 
ونظمت جماعة ليونغ (الجبهة المدنية لحقوق الإنسان)، ثلاث مسيرات حاشدة في هونغ كونغ منذ يونيو.
 
وبالرغم من أن تلك المسيرات كانت سلمية، اتسمت الحركة بشكل متزايد بالاشتباكات بين المحتجين والشرطة.
 
وفي بكين، دان المتحدث باسم الهيئة التشريعية الصينية الشكلية يو وينزي، التصريحات الصادرة عن مشرعين أميركيين داعمين للحركة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ.
 
ووصف تلك التصريحات بأنها "انتهاك صارخ لروح سيادة القانون، وازدواجية صارخة في المعايير وتدخل صارخ في الشؤون الداخلية للصين".
 
وقال إن سكان هونغ كونغ البالغ عددهم 7.5 مليون نسمة والسكان الصينيين ككل يرفضون تصرفات "مجموعة صغيرة للغاية من المتظاهرين العنيفين"، وكذلك "أي تدخل للقوى الأجنبية".
 
ولم يذكر المتحدث مشرعا أميركيا معينا، لكن العديد من أعضاء الكونغرس بمن فيهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أكدوا التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان وحثوا حكومة هونغ كونغ على إنهاء الأزمة.
 
ويمتلك الكونغرس سلطة إصدار تشريع يؤثر على علاقة هونغ كونغ مع الولايات المتحدة بطرق يمكن أن تؤدي إلى تآكل سمعة الإقليم في الاستقرار وسيادة القانون.

وتسببت 10 أسابيع من الاحتجاجات في إغراق هونغ كونغ، التي تعد مركزا تجاريا دوليا، في أزمة مع مشاهد متكررة لمتظاهرين مقنعين يدخلون في معارك مع قوات مكافحة الشغب وسط سحب الغاز المسيّل للدموع.

وفي الوقت ذاته، اتخذت الصين القارية الشيوعية مواقف متشددة متزايدة تجاه المحتجين، معتبرة التظاهرات الأكثر عنفا أفعالا "شبه إرهابية".

ورغم الاشتباكات التي تدور عادة ليلا، لم تحظ الحركة الاحتجاجية سوى بتنازلات قليلة من قبل الصين او مسؤولي المدينة غير المنتخبين.

وبدأت التظاهرات في هونغ كونغ باحتجاجات على مشروع قانون يتيح تسليم المطلوبين إلى الصين القارية، لكنها توسعت للمطالبة بحقوق ديمقراطية.

وتتمتع هونغ كونغ بحريات غير معروفة في البر الصيني بموجب اتفاقية بدأ تطبيقها عندما أعادت بريطانيا مستعمرتها السابقة إلى الصين في 1997.

ويقول العديد من أهالي هونغ كونغ إن الحريات تتضاءل، خصوصا منذ وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ للحكم. وقد نزلوا إلى الشارع بأعداد ضخمة في السنوات الماضية احتجاجا على ذلك، غير أن مطالبهم بانتخاب قادتهم ووقف تراجع الحريات، لم تلق آذانا صاغية.

إدوارد ليونغ- 2016
إدوارد ليونغ- 2016

تشهد مقاطعة هونغ كونغ منذ أوائل شهر يونيو الماضي، احتجاجات واسعة مطالبة بإنهاء مهام الرئيسة التنفيذية للحكومة المحلية، وضد مرسوم يقضي بتسليم مشتبه بهم إلى السلطات في الصيني.

كما انتفض سكان هونغ كونغ للمطالبة بجملة من المطالب الاجتماعية مثل السكن والسياسية مثل الشفافية خلال الانتخابات وأخرى تتعلق بالهوية.

إذ يقول "كابو تشن" وهو شاب في العشرين من عمره، شارك في الاحتجاجات منذ بدايتها وكان من ضمن المعتصمين في مطار هونغ كونغ: "أنا من هنا من هونغ كونغ، دمي صيني، لكنني لا أعتبر نفسي صينيا".

إدوارد ليونغ

​اللافت أن الشاب "كابو تشن" كان يحمل على ظهره ورقة تحمل شعارات، كان قالها شاب من هونغ كونغ سنة 2016 وهي: "استرجاع هونع كونغ، هي ثورتنا المعاصرة".

الشاب الذي أطلق هذه الاعتبارات يدعى إدوارد ليونغ (28 سنة)، اعتقلته سلطات هونغ كونغ خلال احتجاجات تخللت الانتخابات التشريعية قبل ثلاثة أعوام.

كلمات ليونغ أصبحت شعارات المحتجين في هونغ كونغ، واعتقاله أصبح بمثابة شرارة أخرى لما يعتبره شباب هونغ كونغ ثورة سلمية لتخليص إقليمهم من التبعية لبكين.

شعارات ليونغ، لم ترق للرئيسة التنفيذية للحكومة المحلية، وبعض المسؤولين في بكين الذين اعتبروها خيانة لمبدأ "دولة واحدة ونظامان" والذي رفعته الصين والحكومة المحلية الموالية لها في هونغ كونغ منذ استقلال الأخيرة عن بريطانيا سنة 1997.

فمن هو ملهم ثورة هونغ كونغ؟

إدوارد ليونغ، شاب هادئ كما يصفه عضو المجلس التشريعي في مدينة هونغ كونغ "تشو هوي ديك"، ولد سنة 1991 في الصين، وانتقل إلى هونغ كونغ مع والدته عندما بلغ عمره عاما تقريبا.

إدوارد ليونغ يقود مظاهرات في هونغ كونغ سنة 2016

​​ليونغ كان طالبا في قسم الفلسفة بجامعة هونغ كونغ، انتقل إليها بعدما حصل على شهادة التعليم الثانوي من ثانوية "شونج تاك" الكاثوليكية في مقاطعة يوين لونغ، حيث لا يزال يقيم.

أسس برفقة مجموعة من الشباب جمعية "هونغ كونغ الأصليون"، وهي مجموعة محلية تشكلت في أوائل عام 2015.

في يناير 2015 قال ليونغ إنه يؤمن بحق تقرير المصير لشعب هونغ كونغ، بل هو مؤيد لمطلب الاستقلال عن الصين.

تعرض للاعتقال مطلع سنة 2016 قبل أيام فقط من الانتخابات التشريعية، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام محلية، نقضا لحق التعبير الذي يكفله القانون المحلي هناك.

واعتقل ليونغ برفقة عدد من أقرانه خلال حركة احتجاجية دفاعا عن الباعة المتجولين غير المصرح لهم من قبل مفتشي وزارة الصحة الغذائية والبيئة، بعدما تحولت الاحتجاجات إلى مواجهة صريحة مع قوات الشرطة التي قمعت المتظاهرين بشكل عنيف.

يذكر أن إدوارد ليونغ كان ينوي الترشح للانتخابات التشريعية في 2016، لكنه لم يقبل التوقيع على وثيقة نية الترشح التي تتضمن نقطة مؤداها "الاعتراف بأن هونغ كونغ جزء من الصين"، وهو المبدأ المدون في الدستور الذي يكرس هونغ كونغ مقاطعة محلية مربوطة ببكين.

وبعد إصرار زملائه، وقع ليونغ الوثيقة، لكنه تفاجئ برفض ترشحه "نظرا لمواقفه المعبر عتها في فيسبوك".

وخلال مؤتمر صحفي، قالت المكلفة بتنظيم الانتخابات التشريعية: "نشك في حقيقة ما يعتقد، لقد وقع، لكنه يفكر بشكل مختلف".

 وشهر يونيو 2018، حكم على إدوارد يونغ بسبع سنوات سجنا لمشاركته في انتفاضة بائعي السمك في هونغ كونغ، وهو ما جعله رمزا للمقاومة ضد نفوذ الصين في هونغ كونغ.