حالة من الخوف تسيطر على الركاب بينم تقوم الشرطة بتفتيش القطارات - 1 سبتمبر 2019
حالة من الخوف تسيطر على الركاب بينم تقوم الشرطة بتفتيش القطارات - 1 سبتمبر 2019

توجه مئات المتظاهرين في هونغ كونغ الأحد، إلى محطة قطار المطار الرئيسية في المدينة، فيما علقت السلطات حركة القطارت الواصلة بين مركز المدينة والمطار.

وتجمع المتظاهرون خارج المطار في وقت مبكر الأحد، مرددين شعارات طالبوا فيها الدعم "للنضال في سبيل الحرية".

آلاف المتظاهرين يسدون الطريق السريع المؤدي لمطار المدينة- 1 سبتمبر 2019
متظاهرون يسدون الطريق السريع المؤدي لمطار المدينة- 1 سبتمبر 2019

شركة ماس ترانسيت ريلواي المشغلة للقطارات في هونغ كونغ، قالت في إخطار لمحطات القطارات إنها علقت حركة القطارات "بناء على طلب حكومة هونغ كونغ وهيئة المطار لتسهيل ترتيبات التحكم في الوصول إلى المطار".

وحصلت سلطة المطار في الشهر الماضي على أمر قضائي يمنع الناس من عرقلة حركة المطار. كما طبقت إجراءات أمنية مشددة لدخول مجمع المطار.

الشرطة تقتحم أحد القطارات بينما يسد آلاف المتظاهرين الطرق المؤدية إلى محطة المطار - 1 سبتمبر 2019
الشرطة تفتش حقائب ركاب القطار بينما يسد آلاف المتظاهرين الطرق المؤدية لمطار المدينة- 1 سبتمبر 2019

ويعتزم المتظاهرون سد الطرق إلى المطار الأحد بعد ليلة من الفوضى دارت فيها معارك بين الشرطة ومحتجين ملثمين في أحدث موجة من الاضطرابات في المدينة التي تحكمها الصين.

وتحرك العديد من المتظاهرين نحو مدينة تونغ شونغ التي يمر عبرها الطريق الوحيد المؤدي إلى المطار. واستخدموا أنابيب مياه لإغراق محطة مترو المدينة وحرقوا علما صينيا، وهي حركة يشتبه أن تثير غضب بكين. 

وقالت أندي تانغ، 26 عاما، إنها ترغب بالعودة إلى أستراليا بعدما أسبوع عطلة في هونغ كونغ، مضيفة أن "الأمر خارج تماما عن سيطرتنا. لا ينفع التوتر". 

وأظهرت لقطات فيديو، السبت، فريقا من رجال الشرطة يرتدون ملابس سوداء، وأعضاء فرقة النخبة المعروفة باسم "رابتورز"، وهم يدخلون في عربة قطار ويضربون الناس بالهراوات.

ضابط شرطة في محطة قطار مطار هونغ كونغ - 1 سبتمبر 2019

من جانبها، قالت الشرطة إن "مجموعة كبيرة من المتظاهرين قامت بإلقاء العديد من الأعمدة الحديدية والطوب والحجارة على المسار بالقرب من محطة قطار المطار"، مضيفة أن الشرطة ستقوم أيضا بعملية تفريق هناك.

وفي الشهر الماضي، تجمع الآلاف من المتظاهرين في المطار للاحتجاج مما تسبب في إلغاء الرحلات الجوية وتعطيل حركة السفر.

وجاءت الاضطرابات في المطار بعد يوم من الاشتباكات العنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، والتي استخدمت فيها قوات مكافحة الشغب كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود، فيما أشعل متظاهرون حريقا كبيرا بالقرب من مقر شرطة المدينة.

متظاهرون يقتحمون محطة قطار ضمن احتجاجاتهم ضد السلطات الصينية - 1 سبتمبر 2019
متظاهرون داخل في عربة قطار - 20 أغسطس 2019
ركاب يخرجون من القطار بينما يقوم محتجون من هونغ كونغ بالهتاف ضد حكومة الصين - 21 أغسطس 2019

وتعيش هونغ كونغ على وقع احتجاجات غاضبة، وأحيانا عنيفة، مناهضة للحكومة منذ ثلاثة أشهر أشعل شرارتها الأولى مشروع قانون جرى تعليقه حاليا لتسليم المشتبه بهم إلى الصين ومخاوف من سعي بكين إلى إخضاع هونغ كونغ إلى سيطرتها بشكل أكبر.

وتتمتع هونغ كونغ بحريات غير معروفة في البر الصيني بموجب اتفاقية بدأ تطبيقها عندما أعادت بريطانيا مستعمرتها السابقة إلى الصين في 1997.

وحذرت منظمة هيومان رايتس ووتش من استخدام شرطة هونغ كونغ من "أسلحة أقل فتكا" كقنابل الغاز المسيلة للدموع، في سياق السيطرة على التجمعات غير القانونية، إذ يجب أن يتم بطريقة تتوافق مع القواعد والمعايير الدولية.

وأشارت منظمة هيومان رايتس ووتش في نفس التقرير، إلى أن شرطة هونغ كونغ اعتقلت أكثر من 600 متظاهر خلال الشهرين ونصف الأخيرين.

وكانت شرطة هونغ كونغ قد استخدمت أكثر من 1800 قنبلة غاز، و300 رصاصة مطاطية، و170 قنبلة إسفنجية، بحسب ما أعلنت عنه الشرطة في 6 أغسطس الماضي.

البابا فرنسيس

في صباح مشمس من مارس 2021، وقف طفل ملوحا بعلم عراقي صغير، على حافة الرصيف في مدينة النجف، يتأمل موكبا رسميا لم يَعْهد له مثيلا من قبل. 

وسط الجموع، لمح الطفل الثوب الأبيض للزائر الغريب وهو يخطو على مهل داخل أزقة المدينة المقدسة لدى المسلمين الشيعة.  لم يكن ذلك الطفل يعلم على الغالب أنه كان شاهدا على واحدة من الزيارات البابوية التي ستسجل في كتب التاريخ باعتبارها لحظة نادرة ومفصلية في علاقة الأديان في الشرق الأوسط. 

في تلك الزيارة التي وقّتها البابا مع بدء تعافي الكوكب من فايروس كورونا، وبدء تعافي العراق من "داعش"، زار البابا الراحل المناطق التي دمرها داعش في أور والموصل، وحمل معه للعراق عموماً وللمسيحيين خصوصاً رسالة أمل رمزية لكنها شديدة العمق: "السلام ممكن، حتى من قلب الألم". 

خلال لقائه بالمرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، في المدينة الشيعية المقدسة، بحث رأس الكنيسة الكاثوليكية مع رأس الحوزة "التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية"، وقد شكل ذلك اللقاء "فرصة للبابا ليشكر آية الله السيستاني لأنه رفع صوته ضد العنف والصعوبات الكبيرة التي شهدتها السنوات الأخيرة، دفاعاً عن الضعفاء والمضطهدين، بحسب بيان وزعه المكتب الصحفي للكرسي الرسولي بعد اللقاء.

منذ حمله لقب "صاحب القداسة" في العام ٢٠١٣، أولى البابا فرنسيس أهمية كبيرة للبقعة الجغرافية التي تتنازعها الحروب والنيران على طول خريطة الشرق الأوسط. والتفت البابا بعين دامعة، الى البشر الذين يُدفعون بسبب الحروب والمآسي إلى البحار هرباً من الموت على اليابسة. 

خرج صوت البابا من أروقة الفاتيكان، بخشوع وألم، ليعبر بنبرة أب قلق على أبنائه وبناته في تلك البقعة من العالم، من تمييز بينهم على أساس أديانهم أو طوائفهم. 

رفع البابا صوته وصلواته لضحايا الهجرة، ووقف على شاطئ المتوسط منادياً العالم: "أولئك الذين غرقوا في البحر لا يبحثون عن الرفاه، بل عن الحياة". وفي لقائه بلاجئين سوريين خلال زيارته إلى اليونان، طلب "ألا يتعامل العالم مع المهاجرين كأرقام، بل كوجوه وأرواح". 

لا يمكن الفصل بين رؤية البابا فرنسيس لقضايا الشرق الأوسط وبين خلفيته الآتية من أميركا اللاتينية، كما يشرح الباحث في العلاقات الإسلامية المسيحية روجيه أصفر لموقع "الحرة". 

يقول أصفر إن "المنطقة التي أتى منها البابا وشهدت صعود لاهوت التحرير وتعيش فيها الفئات المسحوقة والديكتاتوريات، لابد أن تخلق لديه حساسية تجاه قضايا شعوب الشرق الأوسط التي تعاني من نموذج مشابه من الديكتاتوريات". 

وايضاً يجب الأخذ بعين الاعتبار، بحسب أصفر، المعرفة العميقة لدى البابا بالإسلام، "ومع كل الاستقطاب الديني الذي نشهده في العالم، وصعود الإسلاموفوبيا، تمكن البابا من نسج علاقات جيدة بالعالم العربي والمرجعيات الدينية فيه وخصوصاً مع الأزهر وتوقيعه وثيقة الأخوة الإنسانية التي تعتبر متقدمة جداً في مجال الحوار بين الأديان".

جال البابا في زيارات مختلفة توزعت على دول عربية، وحط في العام ٢٠١٧ في مصر، بعد تفجيرات استهدفت الكنائس القبطية، والتقى حينها بشيخ الأزهر، أحمد الطيب، وشارك في مؤتمر للسلام. هناك قال إن "الإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يدفعنا إلى محبة الآخرين، لا إلى كراهيتهم". 

بعدها بسنتين، زار الإمارات في زيارة تاريخية لأول بابا يزور شبه الجزيرة العربية، ووقع مع شيخ الأزهر وثيقة "الأخوّة الإنسانية" التاريخية، داعياً من قلب الخليج إلى "نبذ الحرب، والعنصرية، والتمييز الديني". كما ترأس قداساً حضره أكثر من 100 ألف شخص في استاد زايد، ليقول للعالم: "الإيمان يوحّد ولا يُفرّق".

ما فعله البابا هو "كسر الحواجز وتأسيس منطلقات نظرية لاهوتية وشرعية وفقهية مع الجانب المسلم والتعاون لتأسيس للعيش معاً بشكل أفضل"، يقول أصفر. ويتابع: "البابا انطلق في ذلك من سلطته المتأتية من صلاحية قوية جداً على رأس هرم الكنيسة الكاثوليكية التي تضم أكبر جماعة مسيحية في العالم". 

حينما وقع انفجار هائل في مرفأ بيروت في أغسطس من العام ٢٠٢٠، عبّر البابا فرنسيس عن تضامنه العميق مع الشعب اللبناني، ووصف لبنان بأنه "رسالة" في التعايش، داعيًا العالم لعدم التخلي عنه: "لبنان لا يمكن أن يُترك وحيدًا... هو كنزٌ يجب الحفاظ عليه". 

خصص صلوات كاملة لأجل "نهضة لبنان من الرماد"، وكان يخطط لزيارة بيروت قبل أن تؤجل الزيارة بسبب وضعه الصحي. وأبدى اهتماماً كبيراً بأزمة السودان، وتدهورها في السنوات الأخيرة إلى انتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، فرفع الصلوات لسلام السودانيين ودعا إلى حماية المدنيين مما سماه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

كما عبّر البابا فرنسيس مراراً عن قلقه العميق من تدهور الأوضاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الشرق الأوسط وانسحاب الصراع إلى دول أخرى مثل لبنان. 

خلال زيارته لبيت لحم عام 2014، آتياً من الأردن، تحدث عن السلام وأهميته وعن حق الفلسطينيين كما الإسرائيليين بالأمان. 

وبعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، أدان البابا فرنسيس بوضوح قتل المدنيين واختطاف الأبرياء، مع دعوة لوقف العنف من الجانبين: "أتابع بألم ما يحدث في إسرائيل وفلسطين... أدعو إلى الوقف الفوري للعنف الذي يحصد أرواحًا بريئة. الإرهاب والعنف لا يحققان السلام أبدًا".

ودعا إلى إطلاق سراح الرهائن وفتح ممرات إنسانية لغزة، مؤكدًا أن "كل إنسان له الحق في العيش بكرامة، سواء كان فلسطينياً أو إسرائيلياً".

في العام ٢٠٢٢ شارك في "ملتقى البحرين للحوار"، في زيارة ثانية الى الخليج، كشفت عن اهتمامه بتلك البقعة من العالم، حيث دعا إلى احترام الحريات الدينية، والحوار بين المذاهب والأديان، مؤكدًا أن "الاختلاف لا يجب أن يتحول إلى صراع".

لم يكن البابا الراحل فرنسيس يوماً زائراً غريباً عن المنطقة، وعن الشرق الأوسط، بل كان يحمل في قلبه الحب لجميع شعوب العالم، ويحمل بلسانه لغة الحوار والعدالة التي يفهمها الجميع بمعزل عن اختلاف لغاتهم. 

كان يعرف كيف يقارب الصراعات الحساسة بحسّ إنساني عال وبشجاعة ملحوظة، فيقف إلى جانب المدنيين دائما في الصراعات العسكرية، ويدعو المتحاربين إلى انهاء حروبهم وتجنيب المدنيين قسوة الحروب ومآسي القتل والدمار والتهجير.