تمر اليوم الذكرى الأولى لانطلاق احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، التي شارك فيها آلاف الفرنسيين من فئة العمال ودافعي الضرائب..
وخرجت حركة السترات الصفراء في البداية للتنديد بارتفاع أسعار الوقود، وتكاليف المعيشة عموما، ثم امتدت المطالب لتشملَ إسقاط الإصلاحات الضريبية التي سنّتها الحُكومة، والتي ترى الحركة أنها تستنزف الطبقتين العاملة والمتوسطة، بينما تُقوي الطبقة الغنيّة.
وتدعو الحركة إلى تخفيض قيمةِ الضرائب على الوقود، ورفع الحد الأدنى للأجور، ثم تطوّرت الأمور فيما بعد لتصل إلى حدّ المناداة باستقالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ماذا حدث في 17 نوفمبر 2018؟
خرج نحو 290 ألفا من الفرنسيين مرتدين سترات صفراء، لتصعيد الاحتجاج، وإجبار الحكومة على الرضوخ لمطالب دافعي الضرائب من العمال والموظفين.
يوم 17 نوفمبر، شكل منعرجا خطيرا بسقوط عدد من الجرحى قدرتهم السلطات وقتها بنحو 230 جريحا في صفوف المحتجين وبضع عشرات في صفوف رجال الأمن.
ما معنى السترات الصفراء؟
اختارت الحركة التي انطلقت شرارتها بداية من قرية صغيرة تسمى "سين ومارن" في ضواحي باريس بحسب وسائل إعلام فرنسية، تلك السترات الصفراء لتكون رمزا للطبقة المحتجة، وهي طبقة العمال والموظفين.
يرتدي المتظاهرون سترات صفراء على أساس أن القانون الفرنسي يوجب على جميع سائقي السيارات حملُ سترات صفراء في السيارة وارتداؤُها في حالات الطوارئ، وبما أن فرنسا تعيش طوارئ اقتصادية ناجمة عن زيادة الضرائب، وفقهم، اختار دعاة الاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي تلك السترات لتكون إيقونة المظاهرات وهو ما حدث بالفعل.
السترات الصفراء انتقلت بعدها لتشمل عديد المظاهرات في أوروبا وحتى بعض بلدان العالم العربي كليبيا والعراق.
مركز المظاهرات
لا شك أن العاصمة باريس كانت مركز تلك الاحتجاجات رغم تسجيل عشرات الوقفات الاحتجاجية في كبرى المدن الفرنسية على غرار سانت إتيان، ليون نيس ومرسيليا.
شارع الشانزيليزيه الذي يرمز إلى الطبقة "البرجوازية" على اعبار أنه يضم أكبر عدد من محلات بيع "الماركات" العالمية، أصبح مركز التقاء السترات الصفراء، وشهد مشادات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة.
محلات شارع الشانزيليزيه الذي ينتهي عند قوس النصر تعرضت للنهب في إحدى المظاهرات، وهو ما تسبب في إغلاقه في وجه المحتجين بعد ذلك.
كيف يرى الفرنسيون السترات الصفراء؟
وفقًا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة Odoxa، يعتقد سبعة من كل عشرة فرنسيين أن التعبئة "لها ما يبررها".
ويعتقد ستة من كل عشرة أنها "أفادتهم شخصيًا" بينما الغالبية العظمى تريد أن تتوقف الحركة.
مسح آخر أجرته مؤسس BVA، نُشر هذا الجمعة، كشف أن 45 في المئة من الفرنسيين ينظرون "سلبيا" إلى السترات الصفراء، لكن 42 في المئة منهم يرونها حركة إيجابية.
أما استطلاع الرأي الذي قامت به مؤسسة Elabe، ونشرته الأربعاء، فوصل إلى أن 63 في المئة من الفرنسيين لا يريدون استئناف الاحتجاجات".
هل تراجعت الحركة؟
نقلت وسائل إعلام فرنسية السبت عن متابعين لملف السترات الصفراء قولهم إن "التنبؤ صعب".
لكن بالنسبة للمحلل هيرفي لو براس، فإن تعبئة عطلة نهاية الأسبوع هذه "ستكون بمثابة استذكار الماضي فقط، في إشارة منه إلى تراجع تعبئة السترات الصفر.
الخطر الوحيد الذي يتصوره هيرفي لو براس هو "تعبئة الطلاب" في ضوء إضراب الخامس من ديسمبر الذي أعلنوا عنه.
بالنسبة إلى لو براس، "الغضب خمد بعض الشيء، لكن الجمر لا يزال ساخنًا".

ماذا تحقق؟
من وجهة نظر اقتصادية، تأثير السترات الصفراء على النمو الفرنسي "كان إيجابيًا باعتراف الجميع" تقول قناة BFM tv.
وقدرت مؤسسة الإحصاء الاقتصادي الفرنسية (INSEE) أن الحركة ساهمت في رفع الإنتاج الإجمالي المحلي بـ 0.1 نقطة في الربع الأخير من عام 2018.
في الوقت نفسه، أجبرت الحكومة على وضع الحكومة 17 مليار يورو على الطاولة في محاولة لتهدئة غضب.

كما لاحظت مؤسسة الإحصاء الاقتصادي زيادة في قسط النشاط، وإعادة فهرسة المعاشات التقاعدية التي تقل عن 2000 يورو، وساعات العمل الإضافي المعفاة من الضرائب.
وقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مجموعة من التدابير الاجتماعية الطارئة بين ديسمبر 2018 وأبريل الماضي ساعدت في دعم القوة الشرائية للفرنسيين، وبالتالي نمو مع زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 نقطة، ناهيك عن توقع زيادة مداخيل الدولة من قيمة ضريبة الدخل التي قد تبلغ 5 مليارات يورو عام 2020.