عمال وافدون بانتظار دورهم من أجل تصحيح أوضاعهم
عمال وافدون بانتظار دورهم من أجل تصحيح أوضاعهم في السعودية

اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء أنه ينبغي على دول الخليج الست تخفيف الإجراءات العقابية ضد العمال الوافدين المخالفين وبينها الاحتجاز في أماكن مزدحمة خشية تفشي فيروس كورونا المستجد.

ويعمل ملايين الوافدين الأجانب في دول الخليج الست، السعودية والإمارات وعمان وقطر والبحرين والكويت، وغالبيتهم من دول آسيوية بينها الفيليبين وبنغلادش والهند وباكستان.

وقالت المنظمة الحقوقية ومقرها نيويورك إن على دول مجلس التعاون "توفير بدائل غير الاعتقال للوافدين المحتجزين في دول الخليج بانتظار الترحيل، وسط المخاطر الصحية عن تفشي فيروس كورونا".

وتضيف أنه ينبغي للدول الخليجية "وقف اعتقال الوافدين الذين لا يحملون وثائق، بمن فيهم العمال الهاربون، وإلغاء غرامات تجاوز مدة الإقامة".

وتابعت "ينبغي للسلطات الإفراج عن جميع الوافدين المحتجزين بشكل غير قانوني أو غير ضروري، بمن فيهم أي شخص لا يمكن ترحيله في المستقبل القريب".

واتخذت دول الخليج إجراءات صارمة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد فيها، وبينها تعليق الرحلات الجوية وفرض حظر تجول وإغلاق المدارس والمراكز التجارية ووقف التنقل بالمواصلات العامة.

وتسبب الفيروس بوفاة 60 شخصا في الخليج، بينهم 38 في السعودية وحدها، من بين أكثر من 8300 إصابة في الدول الست الغنية بالنفط.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن حظر السفر المفروض "أوقف السفر الدولي تماما في كثير من الحالات، حيث لم يعد احتجاز الوافدين في انتظار الترحيل مبررا"، داعية إلى إطلاق "الوافدين المحتجزين الذين لا يمكن ترحيلهم في المستقبل القريب".

وكانت الكويت أعلنت عن مهلة لتصحيح أوضاع المخالفين لقوانين الإقامة والعمل فيها مجانا وترحليهم فيما بعد إلى بلدانهم.

وإلى جانب العمّال، طالبت منظمات حقوقية دول الخليج بالإفراج عن ناشطين معتقلين في سجونها، وخصوصا في البحرين والسعودية، على خلفية المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد.
 

الرئيس ترامب ونتانياهو

في واحدة من المفارقات اللافتة في العلاقة الأميركية الإسرائيلية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، قرار الأخير عدم زيارة إسرائيل في جولته الشرق أوسطية، مفضلا زيارة دول الخليج ومراكز القرار الجديدة في المنطقة.

ورغم ما تبدو عليه الخطوة من برود دبلوماسي أو حتى تجاهل متعمد لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يُظهر التحليل الأعمق، كما يوضح الخبير الأميركي في شؤون الأمن القومي إيلان بيرمان، مزيجا معقدا من الحسابات الاستراتيجية، والرسائل السياسية، وتغيرات كبرى في بنية التحالفات الإقليمية.

بحسب بيرمان، ترتكز الرؤية الأميركية الحالية على إحداث اختراق استراتيجي في مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، دون ربط مباشر بتقدم حقيقي في المسار الفلسطيني. 

ويشير إلى أن الرهان كان قبل 7 أكتوبر ٢٠٢٣ على قرب توقيع اتفاق سعودي-إسرائيلي، لكنه كان خالياً تقريباً من أي مضمون يتعلق بالقضية الفلسطينية.

لكن بعد هجوم حماس وعمليات إسرائيل العسكرية في غزة، بدأت الرياض تتخذ موقفا أكثر حزما، رابطة أي اتفاق بتعهد واضح من إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية. وهو ما بات صعب المنال في ظل حكومة إسرائيلية توصف بـ"المتشددة"، وشارع إسرائيلي بات أكثر رفضا لحل الدولتين.

قرار ترامب بعدم زيارة إسرائيل قد لا يكون مجرد صدفة دبلوماسية. فإسرائيل، كما يشرح بيرمان، لا تملك اليوم ما يمكن تحقيقه عملياً من زيارة كهذه، بينما الملفات الساخنة التي تهتم بها واشنطن – من التطبيع، إلى إيران، إلى اليمن – تقع جغرافياً وسياسياً في أماكن أخرى.

الأخطر أن هذا التجاهل الظاهري يتقاطع مع مؤشرات أعمق على تراجع التنسيق الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب. بدءاً من التباين حول الملف النووي الإيراني، حيث يُفضل ترامب العودة إلى المفاوضات، بينما يتحمس نتنياهو للخيار العسكري، مروراً باتفاق التهدئة الأميركي مع الحوثيين في اليمن، الذي أثار امتعاض إسرائيل بسبب ما اعتُبر انفصالاً عن مصالحها الأمنية، وليس انتهاءً بتوصل ترامب الى صفقة لاطلاق عيدان اسكندر الرهينة الأميركي لدى حماس.

هنا، يقول بيرمان إن "الأمن الأميركي والأمن الإسرائيلي بدآ ينفصلان فعلياً في بعض الملفات"، وهو ما يشكّل سابقة مقلقة في تاريخ الشراكة بين الطرفين.

من داخل إسرائيل، ينقل بيرمان أجواء من الإرباك وانعدام اليقين: الأهداف في غزة غير واضحة، الرهائن لا يزالون في الأسر، والخطة العسكرية الجديدة مرهقة اقتصادياً ونفسياً للبلاد، مع استدعاء واسع لقوات الاحتياط.

الاستنزاف الطويل، والانقسامات الداخلية، وتراجع الدعم الدولي، كلها عوامل، يعددها بيرمان، وهي برأيه، تضعف قدرة إسرائيل على فرض شروطها في أي تفاوض، سواء مع الفلسطينيين أو مع الأطراف العربية الأخرى.

رغم كل ما سبق، يشير بيرمان إلى أن أسس التحالف الأميركي الإسرائيلي لا تزال قوية، إذ تجمعهما المصالح الأمنية والقيم السياسية. لكن هذا لا ينفي حقيقة وجود "مساحة رمادية" تتسع يوماً بعد يوم، تعكس تبايناً متزايداً في السياسات والتكتيكات.

بينما تُعيد واشنطن رسم أولوياتها الشرق أوسطية، وتبحث تل أبيب عن استراتيجيات خروج من أزمتها الأمنية والسياسية، تبقى العلاقة بينهما في اختبار مفتوح، رغم الثوابت الاستراتيجية. وقد يكون قرار ترامب بتجاوز إسرائيل في جولته هذه، أول مؤشر علني على تحوّل أعمق لا يزال قيد التشكّل.