قال تقرير بصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست إن تطلعات الصين للريادة العالمية تتلاشى بسبب عدم شفافيتها في التعامل مع قضية كورونا واتهام أقرب حلفائها لها بالتستر على الأزمة.
ومعروف أن الصين هي القوة الثانية في العالم من الناحية الاقتصادية ودائما تتطلع إلى الأفضل، لكن هل لدرجة أن تحل محل الولايات المتحدة التي ينتقد البعض استجابتها لأزمة كورونا؟
استبعاد
التقرير يستبعد ذلك بشدة ويرى أن "الإخفاق الأميركي" يقابله في الجانب الآخر فشل ذريع من جانب الصين في الإعلان عن النطاق الحقيقي للوباء، مما أعاق قدرة الدول الأخرى على الاستجابة في الوقت المناسب.
وتتباهي الصين بأنها تمكنت من القضاء على المرض الذي انطلق من أراضيها في نهاية ديسمبر الماضي، بأقل خسائر ممكنة، بل وذهبت أبعد من ذلك حين أعلنت مد يد العون لعدة دول متضررة، وكل ذلك يأتي وسط اتهامات لها بالتستر على المرض وعدم إبراز الحصيلة الحقيقية لضحاياه.
الثقة تتبدد
ويعتبر التقرير أن صعود الصين على المسرح العالمي أصبح ممكنا بفضل النوايا الحسنة لبقية العالم، وأن الثقة التي اكتسبتها بكين بشق الأنفس، يبدو أنها تتبدد بسبب الضرر الذي ألحقته هذه الدولة بالعالم في أزمة كورونا.
وفقدان حلفاء الصين لثقتهم في بكين ظهر جليا عندما أغلقوا حدودهم أمامها بسبب الوباء، وأعادوا مواطنيهم من أراضيها، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، بل حتى حلفاء الصين الوثيقين مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية.
فيروس ووهان
الولايات المتحدة ذهبت أبعد من إغلاق الحدود، حين وصفت فيروس كورونا بـ "فيروس الصين" أو "فيروس ووهان"، المنطقة التي اندلع فيها المرض.
وحتى بريطانيا التي أغضبت الولايات المتحدة لموافقتها على إعطاء شركة هواوي الصينية حق انشاء تقنية 5G ، قيل أنها تتأهب الآن لمعاقبة الصين، خاصة بعد تعرض رئيس وزراءئها بوريس جونسون إلى الإصابة بالفيروس، وأوشك على الموت بسبببه.
شحنات معيبة
وفي جميع أنحاء أوروبا، جاءت محاولات الصين "للدبلوماسية المقنعة" بنتائج عكسية، خاصة بعد ورود تقارير عن شحنات معيبة أو غير صحيحة من معدات واقية ومعدات اختبار في إسبانيا وهولندا.
حتى إيران انتقدت الصين لإخفائها المدى الحقيقي لتفشي المرض وعبر المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جاهانبور الذي أعرب عن أسفه لأن بياناتها غير الدقيقة "أحدثت مزحة مريرة مع بقية العالم".
لولا مشاركة المجتمع الدولي
لقد احتاجت الصين إلى عقود لبناء ثقة كبيرة داخل النظام الدولي، ما أسهم في انتشال مئات الملايين من الصينيين من براثن الفقر والارتقاء بالصين إلى مرتبة القوة العظمى الثانية في العالم.
لكن هذه الثقة ونتائجها ما كانت لتتحقق لولا مشاركة ودعم المجتمع الدولي. خاصة بعد تطبيع العلاقات بين واشنطن وبكين في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر عام 1979.
ويقول التقرير إن صعود الصين اللاحق في السنوات الأربعين التي تلت ذلك، لم يكن ممكنا لولا التبادل المستمر للتجارة والاستثمار والتعليم والخبرة التقنية مع الغرب.
لقد وجهت حملة ميدان تياننمن عام 1989 ضربة قوية لمؤسسة الثقة هذه ، لكنها لم تحطمها. بعد أكثر من عقد من الزمان بقليل على المأساة، كان الرئيس بيل كلينتون يمهد الطريق لدخول الصين منظمة التجارة العالمية ، الأمر الذي عزز صعود الصين لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وجلبت الاضطرابات غير المتوقعة التي أعقبت أحداث سبتمبر 2001 فرصا جديدة للتعاون بين الولايات المتحدة والصين في "الحرب العالمية على الإرهاب" العالمية ، واستمرت الصين طوال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في البحث عن فرص قيادية أكبر على المسرح العالمي.
تساؤلات؟
إن الثقة التي تم اكتسابها بشق الأنفس، كانت مكونا رئيسيا في صعود الصين، لكن خرقها بسبب التستر على وباء كورونا قد تكون له تداعيات كبيرة لتطلعات الصين المستقبلية، حسب التقرير الذي أبدى تساؤلات عدة تبين بدى المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الصين جراء عدم شفافيتها مع المجتمع الدولي:
كيف يمكن لبريطانيا، أو أي دولة ، أن تثق بالصين في توفير المكونات الأساسية لبنيتها التحتية 5G في حين أنها لا تستطيع الثقة في بكين لتقديم معلومات دقيقة حول أزمة الصحة العامة؟
كيف يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في السماح بإنتاج المعدات الصيدلانية والطبية في الصين عندما تهدد الناطقة باسم وسائل الإعلام علنا بـ "إغراق [الولايات المتحدة في جحيم وباء فيروس تاجي جديد" من خلال حجب هذه المنتجات الأساسية ؟
كيف يمكن لبكين أن تلعب دورا قياديا عالميا عندما تعرض صحة شعبها وسلامته للخطر من خلال إسكات من كشفوا الفيروس الجديد، واحتجاز المعارضين؟
نهج جديد
خلص التقرير الى ان الرئيس الصيني شي تشينبينغ قد يحاول التحكم في رد فعل شعبه على عدم كفاءته، من خلال الدعاية والرقابة، لكن بقية العالم لن ينسى بسهولة.
وشدد التقرير على أن شي بحاجة إلى نهج جديد ومستشارين أفضل، للمساعدة في إعادة بناء الثقة المفقودة.