في بداية تفشي فيروس "كورونا" في الصين وقتله بشكل يومي المئات من الإصابات أمام عجز الحكومة عن احتواء الوضع، كانت التوقعات تشير إلى بداية نهاية الحزب الشيوعي القابض على الحكم في البلد بيد من حديد.
وذهب بعض المراقبين إلى اعتبار "ضعف" الصين في القضاء على الوباء، سيكون اقتصاديا لصالح الولايات المتحدة، عطفا على التوتر الاقتصادي والسياسي الحاصل بينهما. لكن بعد قرابة شهر ونيف، انقلبت الموازين، حيث بدت الصين تحتوي الوباء في وقت تعاني منه الولايات المتحدة وأوروبا.
وهنا تغيرت القراءات من جديد، حيث بدأ مراقبون يرون ان الوباء الذي يصيب القارة العجوز وأميركا، من شأنه ان يخدم بكين ويعيد ترتيب المشهد الجيوسياسي في العالم ويظهر الصين كـ"منتصر وقوي والآخرون ضعفاء". فهل فعلا سيجعل هذا الوباء الصين كبلد رائد في العالم؟
فرص قليلة
صحيفة "فورين أفير" المتخصصة في السياسات الدولية، كتبت في تقرير لها ان الصين لها فرص قليلة للاستفادة من الأزمة الصحية الحالية، سواء من خلال الدعاية المخادعة أو الإجراءات غير الفعالة.
وفي بداية استفادة الصين من الوباء، تقول الصحيفة، إن ذلك حصل عبر "بروباغاندا فعالة" عبر كتم أصوات الأطباء وطرد الصحافيين الذين حذروا من تفشي الفيروس من ووهان، وكشفوا "صمت" السلطات الصينية عنه.
وبدأ ذلك من خلال طرد بكين الصحفيين الأميركيين العاملين في نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ووول ستريت جورنال.
وعلى تويتر، اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الجيش الأميركي بإحضار الفيروس إلى ووهان، على الرغم من تراجعها عن هذه الاتهامات بعد أن ثبت للعالم حقيقة مصدر الفيروس، حيث أصبحت الولايات المتحدة الأكثر تضررا منه اليوم.
وفضلا عن ذلك، فلا يمكن للصين أن تلعب دورا رياديا في "انتصارها على كوفيد19"، في وقت يواجه لها العالم اتهامات بعدم الشفافية حول واقع انتشار الوباء بين مواطنيها.
ويتخوف مراقبون في الصحة العالمية، من توقف الحكومة المركزية لبكين عن إحصاء جميع نتائج الفحوصات، لأجل الحفاظ على انخفاض الأعداد الرسمية للمصابين بالوباء والحفاظ على السرد الإعلامي الذي يقول إن الصين "انتصرت في حربها ضد الفيروس".
وتفيد الصحيفة ضمن تحليلها، ان بعض القادة تبنوا رواية بكين وصفقوا لأسلوبها في مكافحة تفشي المرض، بمن فيهم المسؤولون في كمبوديا وإيران وباكستان وصربيا، لكن هذه الدول -بحسب المصدر- لديها سجل طويل في قبول وتبني السياسية الصينية، بسبب المساعدة الاقتصادية لها.
استغلال اقتصادي
ونفس المحاولة الصينية كانت مع دول أوروبية لتسويق انتصارها على الوباء، لكن رفض بعض دول الاتحاد المساعدات الصينية بمبرر "استغلالها الاقتصادي للأزمة الصحية"، آخرها فنلندا التي دفع ملايين اليورو مقابل "أقنعة قليلة الجودة".
وخلال الظروف الحالية، يواصل مسؤولون أوروبيون انتقاد الدعاية الصينية حول "انتصارها على الوباء"، حيث وجه الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، انتقادات مباشرة إلى الصين، قائلا إن بكين تسارع إلى بسط نفوذها الاقتصادي على العالم في ظل سياسات الإغلاق لمعظم الدول الأوروبية، وتسويقها لسياسة الكرم.
وأيضا في البرازيل والهند، تحول قادة الدولتين إلى انتقاد الصين وتكتمها حول الوباء، مؤكدين انهما يتجنبان مساعداتها المعلنة.
هذا، بالإضافة إلى اتهامات الاتحاد الأفريقي، الأسبوع الجاري، للحكومة الصينية، بعدم تدخلها لوضع حد لـ"قصص معاناة مواطنيها مع العنصرية في البلد". الأمر الذي لم تنفه بكين ووعدت بتحسين معاملتها لهم.