داعش يوسع هجماته في سوريا والعراق في الأيام الأخيرة
داعش يوسع هجماته في سوريا والعراق في الأيام الأخيرة

يحاول تنظيم داعش استغلال انشغال العالم بمكافحة فيروس كورونا، الذي أصاب أكثر من 2 مليون شخصاً وقتل 150 ألف آخرين، لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق، وفقاً لصحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية.

وأكدت الصحيفة أن التنظيم لم يمت في هذه المناطق، بل يحتفظ بنحو 20 -30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه المال أو السلاح.

وأشارت إلى أن التنظيم يحاول استغلال انشغال النظام السوري والحكومة العراقية والمجلس الديمقراطي السوري الذي يقوده الأكراد، بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على المناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاَ مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لازال يتواجد فيها بعض عناصره.

وأضافت أن نشاط التنظيم الإرهابي ازداد خلال الأسابيع الماضية، وقام بعدد من العمليات الإرهابية.

في 9 أبريل الجاري، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء محافظة حمص، لكن الطائرات الروسية ردت على هذا الهجوم، وتبعه اشتباكات بين مسلحي التنظيم وقوات الأسد، مما أسفر عن مقتل 18 من قوات النظام و11 من داعش.

 

مهاجمة القوات الكردية

 

وفي محافظة دير الزور، بدأ التنظيم يستعيد نشاطه، فقام بقتل عنصرين من قوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري في 7 أبريل، كما هاجم داعش قوات النظام والقوات المتحالفة معها في عدة بلدات وهي الجلاء والسيال والعبال.

ووصل عدد قوات النظام التي قٌتلت على يد مقاتلي داعش خلال الفترة 24 مارس وحتى اليوم في هذه المنطقة نحو 377 عنصرا.

كما تضررت المنطقة التي تسيطر عليها القوات الكردية شرق الفرات من تصاعد نشاط داعش، ففي 3 أبريل، قتلت قوات سوريا الديمقراطية انتحاريا تابع لداعش كان يحاول تفجير نفسه في مدينة منبج.

 

هجمات داعش في العراق

 

أما بالنسبة للعراق، فقد شهد تجدد لعمليات داعش الإرهابية خلال الأيام الماضية، فوفقاً لتقارير صحفية عراقية قٌتل ضابط شرطة عراقي عند نقطة تفتيش في الحويجة في غرب كركوك يوم الأحد الماضي على يد قوات داعش.

وأشارت التقارير إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يقتل فيها عناصر من قوات الأمن على أيدي التنظيم منذ بداية الشهر، كما قُتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم في 7 أبريل.

كما أسفر هجوم على مطار الصادق العسكري يوم الخميس 9 أبريل، عن مقتل  عنصرين من وحدات تابعة للحشد الشعبي.

وأوضحت الصحيفة أن التنظيم يمتلك في هذه المناطق شبكات سرية تزوده بالدعم العسكري، لأنه كان يسيطر عليها، مما يتيح لأعضائه المرور خلالها بأمان، وتنفيذ هجماته بسرية.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.