دعاية انتخابية تظهر بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتس - 1 مارس 2020
دعاية انتخابية تظهر بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتس - 1 مارس 2020

وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو ومنافسه السابق في الانتخابات بيني غانتس، وبعد 16 شهرا من الأزمة السياسية التي عصفت في البلاد اتفاق تشكيل حكومة طوارئ لاحتواء فيروس كورونا المستجد الاثنين.

ويأتي الاتفاق أيضا بعد الإخفاق في ثلاثة انتخابات لم تتمخض عنها حكومة جديدة، لكنه أيضا اتفاق محفوف بالمخاطر ويواجه تعقيدات عدة تتعلق بتقاسم السلطة وتهم الفساد الموجهة لنتانياهو وضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. 

وهذه النقاط الرئيسية وما يعتريها من عقبات:

تقاسم السلطة
يتطلب تنفيذ اتفاق نتانياهو-غانتس دعم الأغلبية في الكنيسة المؤلف من 120 مقعدا. 

ومن المتوقع أن يتم ذلك على اعتبار أن هناك دعما كافيا من كتلة اليمين الموحدة لنتانياهو ومعظم أنصار غانتس.  

وعليه، سيترأس نتانياهو الحكومة لمدة 18 شهرا، في حين سيكون غانتس رئيسا للوزراء بالإنابة. 

ويعتبر هذا المنصب جديد وقد استحدث من خلال تعديل القوانين الأساسية في إسرائيل، وهو جزء أساسي من صفقة الائتلاف. 

وبعد 18 شهرا، تكون مناصب الرجلين عكسية، غانتس رئيسا للحكومة ونتانياهو رئيسا للوزراء بالإنابة. 

في الأشهر الستة الأولى، ستأخذ الحكومة شكل "حكومة طوارئ" إذ ستركز بشكل أساسي على احتواء فيروس كورونا وتخفيف ما تسبب به من أزمة اقتصادية. 

وأحصت إسرائيل نحو 14 ألف إصابة بالفيروس بينها 180 وفاة. 

وتسبب انتشار الفيروس وما أخذته الحكومة من إجراءات لمكافحته، ببقاء أعداد كبيرة من السكان بلا دخل. 

من جهة ثانية، قسم اتفاق الائتلاف بين الزعيمين، الحقائب الوزارية بينهما.  وبناء عليه، كانت حقائب المالية والداخلية من نصيب نتانياهو، بينما ستذهب حقائب الدفاع والعدل لغانتس. أما منصب وزير الخارجية فسيكون بالتناوب بين المعسكرين. 

كما ينص الاتفاق، على أن أي عملية إنهاء لمهام أي وزير لا بد وأن تتم بتوافق الجانبين كما لا يمكن لرئيس الوزراء إقالة من ينوبه. 

محاكمة نتانياهو
أجلت محكمة إسرائيلية في القدس محاكمة نتانياهو الذي اتهم في نوفمبر بثلاث قضايا منفصلة تتعلق بالفساد.

وكان من المفترض أن تبدأ جلسات المحاكمة في 17 مارس المنصرم لكن إغلاق المحاكم بسبب فيروس كورونا استدعى تأجيلها إلى الشهر المقبل وربما تأجيلها مرة أخرى طالما استمر العمل بالإجراءات الاحترازية لمكافحة الفيروس. 


في إسرائيل، يمكن لرئيس الوزراء البقاء في منصبه في حال وجهت له التهم، لكن هذا لا يسرى على وزير عادي. 

وبحسب الاتفاق بين رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان السابق، فإن عمر حكومة الطوارئ 36 شهرا، يترأسها في البداية نتانياهو لمدة 18 شهرا، ويخلفه غانتس لاحقا ليقضي نفس المدة رئيسا للحكومة قبل الدعوة إلى انتخابات جديدة. 

ومن المتوقع أن تستمر محاكمة نتانياهو عدة سنوات خاصة مع تقديم محتمل للاستئنافات، ولا يريد نتانياهو أن يضطر لترك الحكومة عند انتهاء ولايته.

لكن انتقاله المتوقع لمنصب رئيس الوزراء في الإنابة بعد تقلد غانتس المنصب في العام 2021 ربما يحل هذه الإشكالية. 

واحتفظ حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو بعد الاتفاق مع غانتس على حكومة الطوارئ، بصلاحيات كبيرة لتعيين القضاة والمدعين العامين، مما سيمهد الطريق أمام نتانياهو ويساعده على إحراز تقدم إيجابي في ملفات الفساد ضده. 

لكنه يواجه أيضا، قضايا رفعتها جهات غير حكومية ضده لمنعه من ترأس الحكومة في ظل مواجهته لتهم فساد. 

ووفقا للاتفاق الموقع، يتم حل الاتفاق الموقع والدعوة إلى انتخابات جديدة في حال قضت المحكمة العليا الإسرائيلية منع نتانياهو من البقاء في منصبه.

ضم غور الأردن
منحت خطة السلام الأميركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أواخر يناير لإسرائيل فرصة "تاريخية" على الأقل بالنسبة لنتانياهو. 

وأعطت الخطة التي رفضها الفلسطينيون جملة وتفصيلا ودانها المجتمع الدولي، الضوء الأخضر لإسرائيل لضم منطقة غور الأردن الاستراتيجية والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.  

وتطبيق هذه الخطة، من شأنه أن يمثل انتهاكا للقانون الدولي وتأجيج التوتر في المنطقة المضطربة أصلا. 

وأشاد غانتس بخطة ترامب المثيرة للجدل لكنه كان متحفظا على كيفية تنفيذها. 

وتنص اتفاقية التحالف بين غانتس ونتانياهو على تنفيذ أي إجراءات تتعلق بالخطة الأميركية "بالاتفاق الكامل مع الولايات المتحدة"، مع الحفاظ على "الحوار الدولي" و"الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي". 

وجاء في الاتفاقية أيضا، أن على نتانياهو وبإذن من غانتس مناقشة خطة الضم الأميركية في مجلس الوزراء والبرلمان والموافقة عليها اعتبارا من 1 تموز/يوليو. 

 فلسطينيا، ندد رئيس الوزراء محمد اشتية الاثنين بتشكيل "حكومة الضم الإسرائيلية" مشيرا إلى أنها تمثل نهاية حل الدولتين. 
                                 
 

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

جويل الحج موسى أعدت تحقيقا لبرنامج "الحرة تتحرى" فتح ملف الأزياء الصينية ووجد حقائق صادمة.   

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟