شنت الصين لعقود، حرب تجسس ضد الولايات المتحدة، مستغلة مجتمع أميركا المنفتح واقتصاد السوق "لسرقة المعلومات الهامة والأسرار التجارية وأدوات التكنولوجيا" وفق شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية.
الشبكة سلطت الضوء، في تقرير الثلاثاء، على سياسات بكين الخارجية المعتمدة على الحرب الخفية التي أساسها التجسس.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين قولهم إن جائحة كورونا التي تسبب فيها تفشي الفيروس التاجي كوفيد- 19، كانت "فرصة" لبكين لتصعيد تجسسها على الأراضي الأميركية.
السيطرة على الإعلام.. والمعلومة
تركيز الصين الأساسي الآن، وفقًا للعديد من مسؤولي الاستخبارات الحاليين والسابقين الذين قابلتهم شبكة فوكس نيوز، هو محاولة السيطرة على رواية تفشي المرض داخل الولايات المتحدة وإلقاء اللوم على أي مكان غير بكين.
مصدر موثوق قال لفوكس نيوز إن هناك بالفعل اختراقات لأنظمة الكمبيوتر، وتجنيد بشري نشط للمواطنين الأميركيين، في سفاراتهم وقنصلياتهم حيث جواسيسهم الذين يعملون تحت غطاء دبلوماسي أو غطاء غير رسمي.
وفي أواخر مارس الماضي، عبر مسؤولو إدارة ترامب عن سعيهم لاستئصال جواسيس مشتبه بهم من وسائل إعلام أميركية بارزة، فضلاً عن منافذ صينية يشتبه في أنها تقدم تقارير إعلامية كاذبة في الغالب إلى الحزب الشيوعي الصيني.
أحد مسؤولي الدفاع الأميركي، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قال من جانبه، إن الصين تركز بحثها داخل الولايات المتحدة أيضا على سرقة التكنولوجيا وتقنيات الاستعداد العسكري .
العقيد المتقاعد جيمس وليامسون في القوات الخاصة، قال في هذا الصدد إن الجانب الصيني نشط في نطاق التجسس على المتعاملين معهم من هنا، خصوصا ما تعلق بالتكنولوجيا".
الرجل عبر عن تخوفه من وصول جواسيس الصين إلى خصائص تكنلوجية دقيقة تستخدمها وزارة الدفاع الأميركية في نطاق جد حساس".
وقال "إذا لم تكن الأجزاء نفسها، على الأقل المكونات الحاسمة التي يتم استخدامها في تكنولوجيا الدفاع الأميركية الحساسة".
رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية المتقاعد، دان هوفمان، حذر بدوره، من أن الصينيين غالبًا ما يستخدمون منصات الشبكات التجارية مثل "لينكد إن" لتشكيل الاتصالات وتجنيد جواسيس.
يذكر أن مسؤولين شككوا في صفقة "تبرع" قامت بها شركة صينية تدعى "دي جيانغ" لـ22 ولاية أميركية مكونة من طائرات من دون طيار استخدمتها 43 وكالة لإنفاذ القانون لمراقبة مدى احترام تدابير التباعد الاجتماعي.
لكن شركة "دي جيانغ" (Innovations Di Jiang) التي تمتلك نحو 77 في المئة من سوق”الدرونز" في الولايات المتحدة، زعمت أنها لا تستطيع الوصول إلى المعلومات من طائراتها بدون طيار في الخارج.
و"دي جيانغ" هي شركة صينية، خاضعة لقانون الأمن القومي الصيني والأمن السيبراني. وهذا يعني أن الحزب الشيوعي الحاكم يصل إلى جميع بيانات منتوجاتها، بما في ذلك البيانات التي تم جمعها في الولايات المتحدة من قبل أشخاص أميركيين - على أنها" بيانات صينية ".
كبير الباحثين في مجال التكنولوجيا والأمن القومي في مؤسسة هيريتج، كلون كيتشن، قال إن "أي تأكيدات بأن هذه المعلومات سيتم إخفاؤها عن بكين هي ببساطة غير موثوقة".
وشددت وثيقة عام 2017، نشرها الوكيل الخاص لتحقيقات الأمن الداخلي والمسؤول عن برنامج الاستخبارات في لوس أنجلوس، على أن شركة "جي" توفر على الأرجح بيانات إنفاذ القانون الأميركية الحيوية للحكومة الصينية".
وفي سبتمبر من العام الماضي، قامت مجموعة من المشرعين من الحزبين - بقيادة السناتور توم كوتون، بتقديم "قانون الطائرات الأميركية بدون طيار لعام 2019" في سعيها لمنع الشرطة المحلية ووكالات إنفاذ القانون الأخرى من استخدام الأموال الفيدرالية لاستخدام تقنية شركة "جي"، وينتظر مشروع القانون حاليا تعديلات بناء على طلب لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية لاعتماده.
ومنذ بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب، ركزت الإدارة الأميركية على الأمن القومي. ففي نوفمبر 2018، أعلن النائب العام آنذاك، جيف سيشنز، مبادرة جديدة "لمكافحة التجسس الصيني"، مشددًا على أن مشكلة سرقة الممتلكات الفكرية "تنمو بسرعة"، وأن السلطات ستكثف اعتقال الأشخاص المتهمين بسرقة الأسرار التجارية من الولايات المتحدة الأميركية لصالح جهات خارجية، ولا سيما الصين.
وبحلول فبراير من هذا العام، كان مكتب التحقيقات الفدرالي بصدد التحقيق في أكثر من 1000 حالة من الاستيلاء الصيني على التكنولوجيا الأميركية، وفقا لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر وراي.
التجسس السبرياني.. الصين تسعى لحصد أكبر قدر من المعلومات
كما دق المسؤولون الحكوميون الأميركيون ناقوس الخطر بشأن تسلل بكين إلى الأوساط الأكاديمية الأميركية، وتحديداً في سرقة الأبحاث المتطورة للجامعات الأميركية، لذلك كثف مكتب التحقيقات الفدرالي والمعهد الوطني للصحة الجهود في السنوات الأخيرة لتحديد العلماء الذين يسرقون أبحاث الطب الحيوي.
وحتى نوفمبر من العام الماضي، يقال إن هناك أكثر من 200 تحقيق من هذا النوع تجري على قدم وساق.
مصادر أخرى أكدت لفوكس نيوز أن الصين استثمرت في السنوات الأخيرة أموالا ضخمة في برامج وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تختبر باستمرار وتكتشف طرقًا لمواصلة اختراق الأنظمة الأميركية.
ويُعتقد أيضًا أن جهود القرصنة الإلكترونية، التي عادة ما يتم تكليفها من قبل وزارة أمن الدولة في بكين، قد تطورت بشكل كبير على مدار العقد الماضي.
وقال كريم حجازي، الرئيس التنفيذي لشركة المخابرات والدفاع الإلكتروني، “إن جهود الصين في التجسس السيبراني ضد الولايات المتحدة هائلة، واسعة النطاق، عدوانية للغاية، وخلاقة للغاية". وتابع "سيفعلون كل ما في وسعهم للوصول إلى معلومات استخباراتية من الحكومة أو الأصول العسكرية، لا شيء محظور عليهم".