بينما فرضت معظم دول العالم إجراءات إغلاق واسعة وغير مسبوقة للحد من انتشار كورونا المستجد، حذرت منظمات حقوقية وناشطون من أن تدابير مكافحة الفيروس، قد تستغلها أنظمة كغطاء للتضييق على الحريات وتشديد قمع مواطنيها.
الفنان والناشط الحقوقي الصيني آي ويوي، الذي أمضى ثلاثة أشهر في غرفة صغيرة عندما كان قيد الاحتجاز لدى السلطات الصينية في عام 2011، انتقد تعامل بكين مع الوباء، الذي انطلق من مدينة ووهان في ديسمبر، قبل أن ينتشر في شتى أنحاء العالم، لتتجاوز الإصابات حتى الآن أكثر من 2.5 مليونا وتقترب الوفيات من 180 ألفا.
وكتب المنشق الصيني، البالغ من العمر 62 عاما والمقيم في كامبردج اليريطانية، في مقال رأي في جريدة الفن بعنوان "الحرب الأيديولوجية الحقيقية بدأت للتو وكوفيد-19 ليس سوى نقطة البداية"، أن تكتيكات احتواء الفيروس التي اتبعها الحزب الشيوعي الحاكم أثبتت "فعالية الحكم الاستبدادي"، في حين أن عدم قدرة الدول الأخرى على السيطرة على الوباء كشف عن "عيوب وممارسات خاطئة في المجتمعات الحرة والديمقراطية".
وتتماشى تعليقاته تلك مع تقييمه الأوسع لسلطات الدولة الصينية، فيما أن العديد من القضايا التي أثارها الوباء من الرقابة إلى المراقبة، هي قضايا أمضى آي سنوات طويلة في استكشافها.
وفي الآونة الأخيرة، اتهمت العديد من الدول الصين بعدم التحرك بشكل فعال في الأسابيع الأولى من انتشار الوباء، وتقليلها من آثاره على أراضيها، فضلا عن إخفاء التفشي الأولي للفيروس، وهو ما تنفيه بكين بشدة.
وبحسب آي، فإن تسليم الصين الانتقائي للمعلومات في وقت مبكر، وفر فرصة لانتشار الفيروس، مضيفا أنه مع ذلك فإن فهم دوافع الصين لا يقل أهمية عن التستر المزعوم، أو الإيحاء بأن أعداد الإصابات والوفيات في البلاد لم يتم الإبلاغ عنها بشكل دقيق.
وقال إن "اللوم الغربي للصين سطحي للغاية"، مضيفا أن الغرب "يتحدثون فقط أن الصين عمليا لا تنشر معلومات. لكنهم لا يسألون أبدا لماذا".
وأعرب الناشط عن اعتقاده بأن "الصين لن تعمل كدولة من دون تحكمها وتلاعبها بالمعلومات".
وأردف أنه بالنسبة لبكين "كل شيء ينفع للاستخدام السياسي. ولديهم سبب واضح لإعطاء الأرقام التي يريدونها، أو تقييد أو تغيير أو تشويه ما يسمى بالحقيقة".
"الرقم لا يعني شيئا لهم"، برأي آي الذي تابع أنه لا يوجد اعتراف كبير بالأفراد والنفوس التي تشكل حصيلة القتلى. وقال "في العديد من الحالات في الصين، لا تحصل حتى على الأسماء الحقيقية أو عدد الأشخاص. لقد فقدوا بالكامل لأن الدولة تريد (الحفاظ) على صورتها الخاصة".
وقال الناشط الحقوقي إن الحفاظ على سيطرة الدولة، ربما أصبح أسهل بكثير خلال الوباء، إذ طورت السلطات الصينية نظام "رمز صحي" مصمم لتتبع تحركات المواطنين لكبح انتشار الفيروس.
وباستخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول وبيانات ضخمة، تم تخصيص رموز رقمية مميزة لمئات الملايين من المواطنين، تشير إلى حالتهم الصحية وتسمح لهم أو تمنعهم من استخدام وسائل النقل العام والذهاب إلى المطاعم ومراكز التسوق.
كل ذلك في نظر آي، جعل من الفيروس يعزز ما وصفها بـ"الدولة البوليسية"، وسمح للحكومة بمواصلة جمع البيانات وبناء فهم أعمق لمواطنيها.
يذكر أن الصين أعلنت تسجيل 82788 إصابة بينها 4632 وفاة، و77151 حالة شفاء منذ ديسمبر.