مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى في الفضاء
مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى في الفضاء

حذر تقرير في مجلة ناشونال إنترست من مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى في الفضاء، مشيرا إلى خطوات سريعة يمكن أن تتخذها القوات الجوية الأميركية لمواجهة التقدم الصيني والروسي.

وتشكل الصين وروسيا التهديد الاستراتيجي الأكبر، نظرا لتطويرهما واختبارهما ونشرهما قدرات فضائية مضادة، كما يطور البلدان أدوات للتشويش وشن الهجمات الإلكترونية وهو أمر يهدد الأقمار الصناعية الأميركية بشكل مباشر.

وفي نهاية مايو الماضي، قالت الصين إنها أطلقت نظاما متقدما تمكن من إرسال طن ونصف من الحمولة شملت مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار والكاميرات وإشارات ارتباط البيانات بعيدة المدى، إلى مدار متزامن مع الشمس على ارتفاع 700 كيلومتر.

في المقابل، تعمل الولايات المتحدة على تنشيط الحرب خارج الغلاف الجوي للأرض عن طريق الأقمار الصناعية الشبكية ونماذج أولية لأسلحة جديدة مبتكرة لاستخدامها في الفضاء. 

وقال قائد مركز الفضاء والصواريخ، جيه تي طومسون، لـ"معهد ميتشل" في مقابلة بالفيديو "تعتمد جميع قدراتنا العسكرية تقريبا على القدرات الفضائية، ويقوم أعداؤنا بتسليح الفضاء".

ويعتمد الجيش الأميركي بأكمله، من الطائرات الحربية وصولا إلى المشاة، على التكنولوجيا المتمركزة في الفضاء للملاحة والاتصالات والاستخبارات.

وكان قائد قوة الفضاء الجنرال، جاي ريموند، قد أكد، الشهر الماضي، أن "الفضاء مجال لشن الحروب تماما، مثل الجو والبر والبحر".

وتتضمن تكنولوجيا حرب الفضاء، نطاقا واسعا من أجهزة الاستشعار وأنظمة الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ المحمولة على الأقمار الصناعية أو الليزر، وتطبيقات الحرب الإلكترونية، وأجهزة الدفاع ضد الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية. 

وأوضح طومسون أن الصين تتقدم بشكل سريع، حيث بدأت في تدريب وحدات متخصصة بأسلحة مضادة للأقمار الصناعية. 

وفي يوليو الماضي، اتهمت الولايات المتحدة روسيا باختبار سلاح يمكن استخدامه لتدمير أقمار اصطناعية في الفضاء، وهو أمر نفته موسكو، مشيرة إلى أن ما أطلقته كان "أداة خاصة" لفحص معدات روسية في المدار.

ففي نوفمبر 2019، أطلقت روسيا القمر الاصطناعي "كوزموس 2542". وبعد أسبوع، فاجأ هذا القمر المراقبين عندما أطلق قمرا اصطناعيا فرعيا هو "كوزموس 2543" قادر على المناورة في المدار للمراقبة والتفتيش أو التجسس على أقمار أخرى.

واقترب هذا القمر الاصطناعي الفرعي بشكل كبير من قمر تجسس أميركي هو "يو إس أيه-245"، ومن قمر روسي آخر. وبدأت لعبة مطاردة في المدار، كان من الممكن متابعتها بسهولة من الأرض من قبل علماء الفلك والجيش الأميركي، الذي أعرب علنا عن قلقه.

يوضح التقرير أن استراتيجية وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" متعددة الأوجه، تتضمن تطوير الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية، وأنظمة دفاع صاروخي جديدة، وأجهزة استشعار جديدة للتحذير من الصواريخ بالأشعة تحت الحمراء، وأسلحة هجومية فضائية، وحتى إمكانية وجود نوع من الطائرات بدون طيار في الفضاء.

وتشدد استراتيجية البنتاغون على أن الولايات المتحدة تسعى للمحافظة على تفوقها في الفضاء، وخصوصا حماية الأقمار الصناعية المستخدمة لتحديد المواقع والتي يعتمد عليها الجيش إضافة إلى أجهزة الطوارئ والنقل وحتى الخدمات المالية.

وكان بإمكان الولايات المتحدة وروسيا والصين، والهند منذ 2019، استهداف الأقمار الاصطناعية بقذائف يتم إطلاقها من الأرض، لكن هذا النوع من التفجيرات يتسبب بملايين القطع المحطمة في المدار والتي من شأنها أيضا التأثير على معدات الدول المهاجمة، وهو ما دفع قوى العالم للامتناع عن القيام باختبارات كهذه.

أربكت هجمات الحوثيين حركة الملاحة الدولية
أربكت هجمات الحوثيين حركة الملاحة الدولية

تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

وبدأت القوات الأميركية بالفعل شن عمليات عسكرية جوية واسعة النطاق ردا على هجمات الجماعة على حركة الشحن والتجارة البحرية.

والضربات، التي قد تستمر لأيام وربما لأسابيع، هي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير.

ترامب يراقب الهجمات التي أمر بشنها لشل قدرات الحوثيين

وتأتي في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة ضغوط العقوبات على طهران بينما تحاول جلبها إلى طاولة المفاوضات على برنامجها النووي.

وشن الحوثيون عشرات الهجمات على حركة الملاحة  الدولية منذ نوفمبر 2023، في حملة قالوا إنها تأتي "دعما للفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في غزة".

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة في حين هاجموا السفن التجارية 145 مرة منذ 2023.

ممرات بحرية في مرمى الحوثيين

يستهدف الحوثيون مناطق بحرية استراتيجية تربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا.

أهم هذه الممرات هو مضيق باب المندب الذي يعتبر نقطة عبور استراتيجية تربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.

يقع مضيق باب المندب بين اليمن في الشمال الغربي وجيبوتي وإريتريا في الجنوب الشرقي، ويفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن.

ويربط مضيق باب المندب بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، ما يجعله مسارا أساسيا للسفن القادمة من آسيا والمتجهة إلى أوروبا.

ناقلة نفط تشتعل فيها النيران بعد إصابتها بصاروخ في البحر الأحمر، قبالة ميناء الحديدة اليمني في الأول من أكتوبر 2024

يمر من خلاله نحو 15 في المئة من حجم التجارة العالمية، مما يجعله ذا أهمية قصوى لحركة الملاحة الدولية.

يستهدف الحوثيون السفن التي تمر في البحر الأحمر أيضا، الذي يربط مضيق باب المندب جنوبا وقناة السويس شمالا.

يعتبر البحر الأحمر شريانا حيويا لنقل البضائع، وتمر عبره آلاف السفن التجارية سنويا، حيث يعد مسارا مختصرا للسفن المتجهة من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط، بدلا من الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

تأثرت أيضا قناة السويس المصرية التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط بهجمات الحوثيين.

وكان يمر عبر قناة السويس قبل هجمات الحوثيين حوالي 12 في المئة من التجارة العالمية، وخاصة ناقلات النفط والغاز الطبيعي.

وأجبرت الهجمات شركات شحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى مسار رأس الرجاء الصالح الأطول حول إفريقيا، مما أثر على سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.

وكبّدت التوترات في منطقة البحر الأحمر مصر وحدها خسائر تبلغ نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، أي ما يعادل أكثر من 60 بالمئة من إيراداتها مقارنة بالعام السابق، وفق تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أن الإيرادات السنوية لقناة السويس تراجعت بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في يونيو، إذ سجلت 7.2 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 9.4 مليار دولار في 2022-2023.

ومنذ نوفمبر 2023، صعّد الحوثيون من هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى إغراق سفينتين، والاستيلاء على أخرى، ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحارة.

وخلفت أعمال "قطع الطريق" بالبحر الأحمر خسائر مالية كبيرة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنوياً قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60 في المئة، حسب البيت الأبيض.

وأجبرت الهجمات "حوالي 75 بالمئة من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على إعادة توجيه مساراتها" حول قارة أفريقيا بدلاً من عبور البحر الأحمر.

وأدى ذلك إلى إضافة نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة.

ووفقاً لبيان البيت الأبيض، تسببت هذه الهجمات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7 بالمئة عام 2024.

كما تضررت التجارة بين أوروبا وآسيا بشكل خاص من هذه الأزمة، حيث كان نحو 95 بالمئة من السفن المتجهة بين القارتين تمر عبر البحر الأحمر في الظروف الطبيعية.

ومن بين أكبر 10 دول مستوردة من حيث القيمة للتجارة عبر البحر الأحمر، 5 دول من الاتحاد الأوروبي.

كما تأثرت موانئ في المنطقة بشكل متفاوت جراء إعادة توجيه مسارات السفن؛ فقد شهدت الموانئ السعودية مثل جدة وميناء الملك عبدالله انخفاضاً حادا في حركة الشحن.

وتراجعت السفن المتجهة إلى ميناء الملك عبدالله بنسبة 88 بالمئة في النصف الأول من 2024 مقارنة بنفس الفترة من 2023، بينما انخفضت في ميناء جدة بنسبة 70 بالمئة، حسب الموقع المتخصص في شؤون الشحن البحري العالمي Lloyd's List.

بالإضافة إلى ذلك، تسببت الهجمات في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية للموانئ اليمنية.

وانخفضت عمليات ميناء الحديدة، وهو ميناء حيوي لواردات المساعدات، إلى حوالي 25 في المئة من طاقته التشغيلية، بعد تعرضه لضربات جوية أدت إلى غرق أربع من خمس قاطرات بحرية أساسية وتضرر الخامسة.

هذه التهديدات دفعت الولايات المتحدة إلى النظر في تشكيل تحالفات دولية لتأمين هذه الممرات البحرية.

ففي ديسمبر 2023، شكلت الولايات المتحدة تحالفا بحريا دوليا أطلق عليه اسم "عملية حارس الازدهار".

وسعى هذا التحالف إلى تسيير دوريات في البحر الأحمر وخليج عدن، لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

وضم التحالف عدة دول، بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وكندا وأستراليا والبحرين، إضافة إلى دول أخرى ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات.

ونفذت سفن هذا التحالف عمليات اعتراض لصواريخ وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه السفن التجارية، مما أسهم في تقليل الخسائر البشرية والمادية.

ورغم نجاح التحالف في اعتراض العديد من الهجمات، فقد استمر الحوثيون في استهداف السفن، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا في يناير 2024، إلى شن ضربات جوية مباشرة على مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن، تبعتها هجمات متتالية استهدفت منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، قبل أن تصل الأمور إلى الهجمات الواسعة التي أمر بها ترامب السبت.

وكان الحوثيون قد قالوا الثلاثاء الماضي إنهم سيستأنفون الهجمات على سفن إسرائيلية تمر عبر البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق باب المندب وخليج عدن منهيين بذلك فترة هدوء نسبي بدأت في يناير بالتزامن سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقالت القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط، إن ضربات السبت، هي "بداية لعملية واسعة النطاق" في أنحاء اليمن.

والأحد، أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، أن الولايات المتحدة ستشن ضربات "لا هوادة فيها" على الحوثيين في اليمن لحين وقف عملياتهم العسكرية التي تستهدف الأصول الأميركية وحركة الشحن العالمي.