الصواريخ البالستية الإيرانية تهدد الأمن الإقليمي
الصواريخ البالستية الإيرانية تهدد الأمن الإقليمي

نشر تقرير مفصل، أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، مؤخرا، تفاصيل تتعلق ببرنامج الصواريخ الإيرانية الذي لا يقف عند حدودها فقط، بل يمتد إلى أنصارها من الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، لتواصل بذلك انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي. 

وتحدث الجزء الثاني من التقرير، المكون من ثمانية فصول وحمل عنوان "نظام خارج عن القانون- سجل أنشطة إيران المدمرة"، عن تهديد النظام الإيراني للأمن الإقليمي عبر استخدام الصواريخ الباليستية في هجمات ضد القوات الأميركية في العراق عام 2020، وأهداف في العراق وسوريا عام 2018، وصواريخ كروز دقيقة ضد منشآت النفط السعودية في سبتمبر 2019.

وقال التقرير إن إيران تمتلك أكبر قوة صاروخية وأكثرها تنوعا في الشرق الأوسط، بأكثر من 10 أنواع من الصواريخ الباليستية في الخدمة أو قيد التطوير. 

وأضاف "يواصل النظام نشر مجموعة من الأنظمة قصيرة ومتوسطة المدى تعمل بالوقود الصلب والسائل، ويستمر في استكشاف مسارات متعددة تسمح له بتوسيع قدراته الصاروخية طويلة المدى وتعزيز الدقة بشكل كبير". 

أطلقت إيران العديد من الصواريخ بين عامي 2010 و2015

وأشار تقرير الخارجية الأميركية إلى الاستعراضات الإيرانية العسكرية الأخيرة، حيث عرضت طهران مجموعة متنوعة من الأنظمة الصاروخية.

وكان من بين هذه الترسانة صاروخ "ذو الفقار" الباليستي قصير المدى، وكذلك صاروخ قيام الباليستي قصير المدي، وصاروخ شهاب 3 الباليستي متوسط ​​المدى، وصاروخ عماد (نسخة من شهاب 3)، وصاروخ سجيل متوسط المدي، وصاروخ خُرمشهر الباليستي متوسط المدى.

وفي أكتوبر 2019، كشفت إيران علنا مجموعة ترقيات مصممة لتحويل صواريخ المدفعية، بما في ذلك صاروخ زلزال الثقيل بقطر 610 مم، إلى صواريخ دقيقة قابلة للتوجيه أرض - أرض.

بالإضافة إلى ذلك، تواصل إيران تطوير صواريخ جديدة، كما يتضح من النظام الصاروخي كروز للهجوم البري بعيد المدى الذي يُعرف باسم هويزة، وتدعي أن مداه يبلغ 1300 كيلومتر. وكذلك صاروخ دزفول الباليستي الجديد أرض-أرض الذي يعمل بالوقود الصلب، وتزعم أن نطاقه يمتد لألف كيلومتر. 

"إطلاق رؤوس نووية"

ويقول التقرير إن إيران تواصل إعطاء الأولوية لتطوير قوتها الصاروخية، حيث تطلق بشكل روتيني الصواريخ الباليستية منذ إبرام الاتفاق النووي معها عام 2015.

ويؤكد أن "مثل هذه الاختبارات لم تتحد بنود قرار مجلس الأمن رقم 2231 فحسب، بل دعمت التوسع المستمر في قدرات إيران الصاروخية وزادت من قوة ترسانتها". 

وأشار إلى إطلاق إيران العديد من الصواريخ بين عامي 2010 و2015 في انتهاك لقرار مجلس الأمن رقم 1929. ومنذ عام 2016، في تحد لقراره رقم 2231. 

ومنذ 2016، أجرت إيران عددا من الاختبارات على مجموعة متنوعة من أنظمة الصواريخ، بما في ذلك خرمشهر وشهاب وقيام، وصواريخ "ذو الفقار" الباليستية، وجميعها من الفئة الأولى لنظام تحكم تكنولوجيا الصواريخ (قادرة على إيصال حمولة تقدر بـ 500 كيلوغرام على الأقل إلى مدى لا يقل عن 300 كيلومتر) وبالتالي فهي قادرة أيضا على حمل رؤوس حربية نووية. 

وفي رسائل إلى مجلس الأمن، وثقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل العديد من عمليات الإطلاق الإيرانية، كما أوردتها تقارير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231.

"ستار" البرنامج السلمي

يوضح التقرير مواصلة إيران تطوير أنظمة الصواريخ طويلة المدى من خلال برنامج مركبة الإطلاق الفضائية التي تستخدم تقنيات متطابقة تقريبا وقابلة للتبديل مع تلك المستخدمة في الصواريخ الباليستية. 

وتابع "لهذا السبب، فإن جهود تطوير إيران للمركبات الفضائية المستمرة تثير قلقا خاصا، لأنها تسمح لإيران باكتساب الخبرة في مختلف التقنيات المطبقة على الأنظمة بعيدة المدى تحت ستار برنامج فضائي سلمي".

ولطالما كان تطوير إطلاق قمر صناعي أولوية بالنسبة لإيران، وظهر ذلك في محاولاتها الفاشلة في ثلاث مناسبات عام 2019 لوضع قمر صناعي في مداره باستخدام صاروخ سيمرغ، وكذلك صاروخ سفير.

وفي فبراير 2020، أجرت إيران اختبارا لوضع قمر صناعي في مداره باستخدام صاروخ سيمرغ الخاص بها. 

وفي أبريل الماضي، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه أطلق أول قمر صناعي مخصص للأعراض العسكرية نحو مدار حول الأرض، بما يتعارض مع مزاعمهم السابقة بأنه ليس لديهم برنامج فضائي عسكري. 

وكما هو الحال مع عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، أدانت الولايات المتحدة، وكذلك فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسرائيل، اختبارات الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية في مجلس الأمن، في تحد لقرار مجلس الأمن رقم 2231.

صاروخ "ذو الفقار" الباليستي قصير المدى

مواجهة التهديد

يذكر التقرير أن الولايات المتحدة تستخدم مجموعة واسعة من الأدوات لمواجهة تهديد الصواريخ الإيرانية، حيث تتشارك مع العديد من شركائها في نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ ومدونة لاهاي لقواعد السلوك ضد انتشار الصواريخ الباليستية، بهدف زيادة الوعي ببرنامج تطوير الصواريخ الإيرانية، والضغط على الدول لاتخاذ خطوات لعرقلة حصول إيران على تكنولوجيا الصواريخ. 

وتراجع الولايات المتحدة أيضا آلاف التأشيرات سنويا للتأكد من أن الطلاب والباحثين وغيرهم من الزوار الأجانب لا يتهربون من ضوابط التصدير واكتساب المعرفة التكنولوجية التي يمكن أن تفيد برامج الصواريخ الإيرانية.

كما تفرض الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على الكيانات التي تزود عن عمد التكنولوجيا لبرنامج الصواريخ الإيراني. 

ومنذ بداية 2017، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 33 كيانا أجنبيا، معظمها في الصين، لنقلها معدات إلى برنامج الصواريخ الإيراني. 

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد أفراد ومؤسسات إيرانية، من بينها منظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيرانية التي لعبت دورا مركزيا في جهود الأسلحة النووية السابقة للنظام الإيراني، ووكالة الفضاء الإيرانية التي تطور تكنولوجيا مركبات إطلاق فضائية، ومركز أبحاث الفضاء الإيراني الذي طور صاروخ كافوشجار، وهو مركبة إطلاق فضائية تستند إلى صاروخ شهاب-3 الباليستي.

وعاقبت الولايات المتحدة أيضا شركة ماهان إير الإيرانية، وخطوط الشحن لجمهورية إيران الإسلامية (إريسل غروب)، وشركة تابعة لإريسل غروب، ومقرها الصين، وجميعها نقلت صواريخ محظورة من قبل الأمم المتحدة إلى إيران.

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ وفرض العقوبات بقوة فيما يتعلق ببرنامج إيران الصاروخي حتى يوافق النظام الإيراني على التخلي عن طموحاته النووية كجزء من اتفاق جديد شامل.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض،  13 مايو 2025. رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز

تجلت حالة العزلة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح الأسبوع الماضي مع نشر صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو يصافح الرئيس السوري أحمد الشرع الذي وصفته إسرائيل بأنه "إرهابي من تنظيم القاعدة يرتدي بدلة".

وقال ترامب للصحفيين بعد محادثات مع الشرع، الأربعاء، في الرياض "إنه يملك الإمكانات. إنه زعيم حقيقي". وجاءت تلك التصريحات خلال اجتماع توسطت فيه السعودية، التي اتفقت مع ترامب خلال الزيارة على عدد من الصفقات في الأسلحة والأعمال والتكنولوجيا.

جولة ترامب السريعة التي استمرت أربعة أيام وشملت السعودية وقطر والإمارات الأسبوع الماضي لم تكن مجرد مشهد دبلوماسي مصحوب باستثمارات ضخمة.

وقالت ثلاثة مصادر إقليمية ومصدران غربيان إن الجولة الخليجية همشت إسرائيل وأبرزت ظهور نظام جديد للشرق الأوسط تقوده الدول السنية متجاوزا "محور المقاومة" المنهار التابع لإيران.

وفي ظل الغضب المتزايد في واشنطن إزاء عدم توصل إسرائيل لاتفاق بشأن وقف لإطلاق النار في غزة، ذكرت المصادر أن جولة ترامب تمثل رسالة تجاهل لنتنياهو، الحليف المقرب للولايات المتحدة والذي كان أول زعيم أجنبي يزور واشنطن بعد عودة ترامب إلى السلطة في يناير.

وأضافت المصادر أن الرسالة كانت واضحة: ففي رؤية ترامب للدبلوماسية في الشرق الأوسط، وهي رؤية أقل أيديولوجية وتعتمد أكثر على النتائج، لم يعد بإمكان نتنياهو الاعتماد على دعم أميركي غير مشروط لأجندته اليمينية.

وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة جورج بوش الابن "تشعر هذه الإدارة بالإحباط الشديد من نتنياهو، وهذا الإحباط واضح... إنهم يتعاملون بشكل تجاري للغاية، ونتنياهو لا يقدم لهم أي شيء في الوقت الراهن".

وقالت المصادر إن الولايات المتحدة لن تدير ظهرها لإسرائيل، التي لا تزال حليفا قويا للولايات المتحدة وتحظى بدعم قوي من الإدارة الأميركية والحزبين الجمهوري والديمقراطي.

لكن المصادر أضافت أن إدارة ترامب أرادت إيصال رسالة إلى نتنياهو مفادها أن الولايات المتحدة لها مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط ولا تريد منه أن يقف في طريقها.

وذكرت مصادر مطلعة أن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد ليس فقط بسبب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي قبول وقف إطلاق النار في غزة، بل أيضا بسبب اعتراضه على المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامجها النووي.

ولم يرد مكتب نتنياهو على طلبات للتعليق. ولم يُصدر المكتب أي تصريحات بشأن زيارة ترامب الخليجية.

وأكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن ترامب لا يزال صديقا لإسرائيل.

وقال المتحدث باسم المجلس جيمس هيويت "نواصل العمل عن كثب مع حليفتنا إسرائيل لضمان إطلاق سراح باقي الرهائن في غزة وعدم حصول إيران على سلاح نووي أبدا وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط".

وذكرت المصادر المطلعة أنه على الرغم من تأكيد مسؤولين في إدارة ترامب علانية على متانة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فإنهم يعبرون في الجلسات المغلقة عن انزعاجهم من رفض نتنياهو مسايرة المواقف الأميركية بشأن غزة وإيران.

وقالت ستة مصادر إقليمية وغربية إن التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل أخذ في التزايد قبل جولة ترامب الخليجية.

وبدأ التوتر عندما سافر نتنياهو إلى واشنطن في زيارة ثانية في أبريل سعيا للحصول على دعم ترامب لشن ضربات عسكرية على المواقع النووية الإيرانية، لكنه فوجئ بتحول الرئيس نحو الخيار الدبلوماسي إذ علم قبل ساعات فقط من اللقاء أن المفاوضات على وشك أن تبدأ.

وفي الأسابيع التالية، أعلن ترامب وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن والتقارب مع القيادة الإسلامية الجديدة في سوريا كما تجاوز إسرائيل في زيارته الخليجية، وهو ما يظهر التوتر في العلاقات التقليدية بين الحليفتين، وفقا للمصادر.

وقال ديفيد ماكوفسكي، الباحث في معهد واشنطن ومدير مشروع عن العلاقات العربية الإسرائيلية، إن واشنطن وتل أبيب "لا تبدوان على توافق في القضايا الكبرى كما كانتا في المئة يوم الأولى" من رئاسة ترامب.

غزة تثبت الانقسام

خلال حملته الانتخابية، أوضح ترامب أنه يريد وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن هناك قبل عودته إلى البيت الأبيض.

لكن بعد مرور أشهر على رئاسة ترامب، واصل نتنياهو تحدي دعوات وقف إطلاق النار، ووسع نطاق الهجوم، ولم يقدم أي خطة لإنهاء الحرب أو خطة لما بعد الحرب في الصراع المستمر منذ 19 شهرا. ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن عدد القتلى في القطاع تجاوز 52900.

واندلعت الحرب، التي أثارت تنديدات دولية بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، بسبب الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وتقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتبدد أي أمل في استغلال ترامب زيارته للمنطقة لتعزيز صورته كصانع سلام والإعلان عن اتفاق لإنهاء الحرب.

وبدلا من ذلك، ضاعف نتنياهو، الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة، هدفه المتمثل في سحق حماس. ويخضع نتنياهو للمحاكمة في إسرائيل بتهم الفساد التي ينفيها.

وخلال اختتام ترامب زيارته، شنت إسرائيل هجوما جديدا الجمعة على غزة. وأدت الغارات الإسرائيلية إلى مقتل مئات الفلسطينيين في الأيام القليلة الماضية.

أما الأولوية الأخرى لترامب، وهي توسيع اتفاقات إبراهيم التي تطبّع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية لتشمل السعودية، فقد عرقلها أيضا تعنت نتنياهو.

وأوضحت الرياض أنها لن تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل أن تتوقف الحرب ويصبح هناك مسار لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو.

وقال شينكر "ليست لديه استراتيجية، ولا خطة لليوم التالي بشأن غزة". وأضاف "وهو يعترض الطريق".

أما علنا، فقد رفض ترامب نفسه أي حديث عن أي خلاف. وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز بُثت بعد زيارة الخليج، نفى ترامب أن يكون محبطا من نتنياهو الذي قال عنه إنه يواجه "وضعا صعبا" بسبب الحرب في غزة.

لكن ترامب يمضي قدما من دون نتنياهو. وباهتمام بالمصالح الذاتية دون حرج، يقود الرئيس الأميركي عملية إعادة تنظيم للدبلوماسية الأميركية تجاه الدول السنية الثرية، التي ترتكز على الرياض الغنية بالنفط.

وقال مصدر إقليمي كبير إن زيارة ترامب توجت الدور المؤثر للسعودية بصفتها قائدا للعالم العربي السني. وعلى النقيض من ذلك، فقد أدت سنوات من التجاوزات الإيرانية، والضربات العسكرية الإسرائيلية القوية لحليفتيها حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، إلى تراجع دور طهران بصفتها قوة إقليمية شيعية.

وأضاف المصدر "كان لإيران الدور القيادي، والآن دخلت السعودية بأدوات أخرى: الاقتصاد والمال والاستثمار".

صعود السُنة

رغم أن نتنياهو هو من تصدر المعركة ضد إيران، يتشكل النظام الإقليمي الجديد في الرياض والدوحة وأبوظبي.

وتتطلع هذه الدول الخليجية إلى الحصول على أسلحة متطورة لحمايتها من هجمات إيران ووكلائها وكذلك إمكانية الوصول للرقائق الأميركية المتطورة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ووجدوا شريكا راغبا يتمثل في رئيس أميركي يمكن أن تتداخل سياسته الخارجية أحيانا مع المصالح المالية لعائلته.

وفي قطر، المحطة الثانية من جولته، جرى تقديم طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747 لترامب وجرى استقباله بحفاوة تليق بملك.

ووسط احتفال فخم ورقصات بالسيف واستعراض للفرسان ومأدبة ملكية، أعلن ترامب أن قطر، التي قدمت دعما ماليا كبيرا لحركة حماس، "تحاول المساعدة بكل تأكيد" في أزمة الرهائن الإسرائيليين.

وضرب تصريح ترامب على وتر حساس في القدس، حيث ينظر المسؤولون إلى الدوحة كتهديد استراتيجي يمول أحد ألد أعدائهم.

وقال يوئيل جوزانسكي وهو زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب إن العديد من الإسرائيليين "لا يفهمون مدى مركزية قطر بالنسبة للولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنها تضم أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.

وأضاف جوزانكسي أنه في الوقت الذي تجعل علاقة قطر مع حماس من الدولة الخليجية تهديدا لإسرائيل، فإن ثروتها الهائلة من الغاز الطبيعي ونفوذها المالي ونفوذها الدبلوماسي حولها إلى حليف لا غنى عنه لواشنطن.

وقدر البيت الأبيض أن الجولة إجمالا ضمنت أكثر من تريليوني دولار من الالتزامات الاستثمارية في الاقتصاد الأميركي، منها طلبيات كبيرة لطائرات بوينغ وصفقات لشراء معدات دفاعية أميركية واتفاقيات لشراء خدمات تكنولوجية. بينما وجد إحصاء أجرته رويترز للصفقات المعلنة أن القيمة الإجمالية تصل لما يقارب 700 مليار دولار.

وفي السعودية، وافق ترامب على صفقة أسلحة قياسية بقيمة 142 مليار دولار مع الرياض، مما أجج المخاوف الإسرائيلية من فقدان التفوق الجوي في المنطقة إذا حصلت الرياض على طائرة لوكهيد من طراز إف-35.

وفي الوقت نفسه، وفي إعادة تقويم للعلاقات الأميركية السعودية، عرض ترامب على الرياض مهلة لإقامة علاقات مع إسرائيل، قائلا لحكام السعودية إن بإمكانهم القيام بذلك في الوقت الذي يناسبهم.

والآن، يتفاوض ترامب على استثمار نووي مدني تقوده الولايات المتحدة للسعودية، وهي صفقة أخرى تثير قلق إسرائيل.

ودفعت الدول التي تتبع المذهب السني أجندتها الدبلوماسية الخاصة. وجاء إعلان ترامب المفاجئ خلال جولته عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في تحول آخر كبير في السياسة الأميركية، بناء على طلب من السعودية ورغم اعتراضات إسرائيل.

وحتى ديسمبر، عندما أطاح أحمد الشرع بالرئيس السوري بشار الأسد، رصدت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقبض عليه.

ورحبت دول الخليج بالهدنة التي أعلنها ترامب مع الحوثيين في اليمن، وهم جزء من "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، والتي وضعت حدا لعملية عسكرية أميركية مكلفة في البحر الأحمر. وجاء هذا الإعلان، الذي أعقب إجراء المحادثات النووية مع إيران، بعد يومين فقط من سقوط صاروخ حوثي على مطار بن غوريون الإسرائيلي.

وقال جوزانسكي وهو منسق سابق لشؤون إيران والخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "يزيد موقف إسرائيل أكثر فأكثر كمخربة تقف في طريق ليس فقط الولايات المتحدة بل المجتمع الدولي، إذ تحاول تشكيل المنطقة بشكل مختلف بعد سقوط الأسد وحزب الله وربما إنهاء حرب غزة".

وفي حين التزمت حكومة نتنياهو اليمينية الصمت إزاء زيارة ترامب، عبرت وسائل إعلام إسرائيلية عن قلقها من أن مكانة البلاد مع أهم حلفائها آخذة في التراجع.

وانتقد سياسيون معارضون رئيس الوزراء لسماحه بتهميش إسرائيل بينما يعاد تشكيل تحالفات قديمة.

ووجه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي يستعد للعودة إلى الحياة السياسية، اتهاما لاذعا لحكومة نتنياهو، مجسدا بذلك الشعور بالقلق الذي يسيطر على كثيرين في المؤسسات السياسية والأمنية الإسرائيلية.

وقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق على أكس "الشرق الأوسط يشهد تغييرات في بنائه أمام أعيننا وأعداؤنا يزدادون قوة، ونتنياهو... وجماعته مشلولون، سلبيون وكأنهم غير موجودين".