مواقع حزب الله
تقرير إسرائيلي يكشف أن حزب الله يستخدم منظمة مدنية كواجهة لأنشطته جنوب لبنان

كشف مركز أبحاث "ألما" الإسرائيلي أنّ حزب الله اللبناني يستخدم منظمة غير حكومية خاصة لتغطية أنشطته في جنوب لبنان، بما فيها المستودعات السرية داخل الأحياء السكنية، والذي انفجر إحداها مؤخرا في عين قانا جنوبي البلاد.

ونقلت صحيفة "جورزاليم بوست"، الثلاثاء، عن مركز ألما الإسرائيلي، أنّه تم تخزين الأسلحة في المقر التجاري لجمعية "أجيال السلام لإزالة الألغام" غير الحكومية، في عين قانا، وهي مجموعة وهمية أنشأها حزب الله  عام 2008 برعاية "إيمان سازان عمران بارس" ، وهي شركة إيرانية يشتبه في  تبعيتها لقوات الحرس الثوري الإيراني.

وتتمحور مراكز عمل جمعية "أجيال السلام" الرسمية حول تطهير حقول الألغام وإعادة تأهيلها للاستخدام الزراعي والبناء، فضلاً عن اهتمامها بضحايا الألغام، إلا أنّ "الروح الإنسانية للمنظمة تخفي أجندة سريّة"، على حد تعبير المركز.

واعتبر المركز أنّ "الانفجار في عين قانا كشف أحد الاستراتيجيات السرية للحزب وهي الدرع البشري، أي استخدام المباني السكنية في قلب القرى لتخزين الأسلحة"

ولفت إلى أنّ "السيناريو المعلن أنّ الانفجار سببه ألغام قديمة تابعة للجمعية، هو نفس السيناريو التي استخدمها الحزب في عام 2009  بعد انفجار مستودعين للذخيرة".

صورة لموقع انفجار عين قانا مصدرها الصحيفة الإسرائيلية

وتساءل المركز  "إذا كان هدف المنظمة إزالة الألغام وتحييد خطرها على المدنيين الأبرياء ، فلماذا إذاً تخزنها داخل مناطق سكنية؟"،  مؤكدا أن  أحد عناصر حزب الله قٌتل في الانفجار، لكن لم يتم الإعلان عن وفاته إلا بعد خمسة أيام.

كما أشار  تقرير المركز  إلى أنّ "أجيال السلام ليست أول منظمة غير حكومية تعمل بشكل سري لتغطية نشاط حزب الله، إذ هناك الهيئة الصحية الإسلامية التي تساعد الجناح العسكري للحزب في أوقات الطوارىء بنقل الأسلحة، وكذلك جمعية أخضر بلا حدود التي تعمل كجمعية بيئية ولكن مهمتها السرية جمع المعلومات الاستخبارية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية".

الجيش الإسرائيلي يتهم حزب الله اللبناني باستغلال منظمة "أخضر بلا حدود" لإنشاء شبكة عسكرية قرب الحدود
"عسكرية بملابس مدنية".. الجيش الإسرائيلي يتهم "أخضر بلا حدود" بالتجسس لصالح حزب الله
اتهمت إسرائيل مجددا حزب الله اللبناني باستغلال منظمات ذات طابع مدني لتحقيق أغراض أمنية وعسكرية، ومن بين هذه المنظمات جميعة "أخضر بلا حدود" التي قال الجيش الأسرائيلي أن العالمين بها نشطاء في حزب الله يسعون لجمع معلومات عن إسرائيل.  

وكان عنصر منشق عن "حزب الله" يعيش في دولة أوروبية، أكد سابقا لموقع "الحرة":  أنّ "في كل بلدة جنوبية مخزن للأسلحة، وبين كل ثلاثة منازل موقع عسكري للتخزين"، مشدداً على أنّ "المعامل والمستودعات ممتدة على كافة الأراضي اللبنانية وداخل الأحياء السكنية بأشكال وطرق مختلفة، وهناك أنفاق لاسيما على طريق الجنوب - بيروت".

صورة من الجولة الإعلامية التي نّظمها حزب الله في احد المواقع
الخريطة الإسرائيلية وجولة حزب الله.. السر وراء "البوابة المصفحة السوداء"
بعد انتهاء كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي كشف فيها عن مخازن أسلحة "لحزب الله" في منطقة الجناح في جنوب بيروت، وحديث الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن مصنعين آخرين في حيّ الليلكي، وفي منطقة الشويفات، جنوبي العاصمة أيضاً، سارع الأمين العام للميليشيا اللبنانية، حسن نصر الله، لنفي المعلومات، داعياً وسائل الإعلام اللبنانية إلى لكشف على  احد المواقع.

يأتي ذلك، بعد أقل من شهر على كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن مخازن أسلحة "لحزب الله" في منطقة الجناح في جنوبي بيروت، وكذلك إعلان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن مصنعين آخرين في حيّ الليلكي، وفي منطقة الشويفات، جنوبي العاصمة أيضاً.

البابا فرنسيس

في صباح مشمس من مارس 2021، وقف طفل ملوحا بعلم عراقي صغير، على حافة الرصيف في مدينة النجف، يتأمل موكبا رسميا لم يَعْهد له مثيلا من قبل. 

وسط الجموع، لمح الطفل الثوب الأبيض للزائر الغريب وهو يخطو على مهل داخل أزقة المدينة المقدسة لدى المسلمين الشيعة.  لم يكن ذلك الطفل يعلم على الغالب أنه كا شاهدا على واحدة من الزيارات البابوية التي ستسجل في كتب التاريخ باعتبارها لحظة نادرة ومفصلية في علاقة الأديان في الشرق الأوسط. 

في تلك الزيارة التي وقّتها البابا مع بدء تعافي الكوكب من فايروس كورونا، وبدء تعافي العراق من "داعش"، زار البابا الراحل المناطق التي دمرها داعش في أور والموصل، وحمل معه للعراق عموماً وللمسيحيين خصوصاً رسالة أمل رمزية لكنها شديدة العمق: "السلام ممكن، حتى من قلب الألم". 

خلال لقائه بالمرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، في المدينة الشيعية المقدسة، بحث رأس الكنيسة الكاثوليكية مع رأس الحوزة "التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية"، وقد شكل ذلك اللقاء "فرصة للبابا ليشكر آية الله السيستاني لأنه رفع صوته ضد العنف والصعوبات الكبيرة التي شهدتها السنوات الأخيرة، دفاعاً عن الضعفاء والمضطهدين، بحسب بيان وزعه المكتب الصحفي للكرسي الرسولي بعد اللقاء.

منذ حمله لقب "صاحب القداسة" في العام ٢٠١٣، أولى البابا فرنسيس أهمية كبيرة للبقعة الجغرافية التي تتنازعها الحروب والنيران على طول خريطة الشرق الأوسط. والتفت البابا بعين دامعة، الى البشر الذين يُدفعون بسبب الحروب والمآسي إلى البحار هرباً من الموت على اليابسة. 

خرج صوت البابا من أروقة الفاتيكان، بخشوع وألم، ليعبر بنبرة أب قلق على أبنائه وبناته في تلك البقعة من العالم، من تمييز بينهم على أساس أديانهم أو طوائفهم. 

رفع البابا صوته وصلواته لضحايا الهجرة، ووقف على شاطئ المتوسط منادياً العالم: "أولئك الذين غرقوا في البحر لا يبحثون عن الرفاه، بل عن الحياة". وفي لقائه بلاجئين سوريين خلال زيارته إلى اليونان، طلب "ألا يتعامل العالم مع المهاجرين كأرقام، بل كوجوه وأرواح". 

لا يمكن الفصل بين رؤية البابا فرنسيس لقضايا الشرق الأوسط وبين خلفيته الآتية من أميركا اللاتينية، كما يشرح الباحث في العلاقات الإسلامية المسيحية روجيه أصفر لموقع "الحرة". 

يقول أصفر إن "المنطقة التي أتى منها البابا وشهدت صعود لاهوت التحرير وتعيش فيها الفئات المسحوقة والديكتاتوريات، لابد أن تخلق لديه حساسية تجاه قضايا شعوب الشرق الأوسط التي تعاني من نموذج مشابه من الديكتاتوريات". 

وايضاً يجب الأخذ بعين الاعتبار، بحسب أصفر، المعرفة العميقة لدى البابا بالإسلام، "ومع كل الاستقطاب الديني الذي نشهده في العالم، وصعود الإسلاموفوبيا، تمكن البابا من نسج علاقات جيدة بالعالم العربي والمرجعيات الدينية فيه وخصوصاً مع الأزهر وتوقيعه وثيقة الأخوة الإنسانية التي تعتبر متقدمة جداً في مجال الحوار بين الأديان".

جال البابا في زيارات مختلفة توزعت على دول عربية، وحط في العام ٢٠١٧ في مصر، بعد تفجيرات استهدفت الكنائس القبطية، والتقى حينها بشيخ الأزهر، أحمد الطيب، وشارك في مؤتمر للسلام. هناك قال إن "الإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يدفعنا إلى محبة الآخرين، لا إلى كراهيتهم". 

بعدها بسنتين، زار الإمارات في زيارة تاريخية لأول بابا يزور شبه الجزيرة العربية، ووقع مع شيخ الأزهر وثيقة "الأخوّة الإنسانية" التاريخية، داعياً من قلب الخليج إلى "نبذ الحرب، والعنصرية، والتمييز الديني". كما ترأس قداساً حضره أكثر من 100 ألف شخص في استاد زايد، ليقول للعالم: "الإيمان يوحّد ولا يُفرّق".

ما فعله البابا هو "كسر الحواجز وتأسيس منطلقات نظرية لاهوتية وشرعية وفقهية مع الجانب المسلم والتعاون لتأسيس للعيش معاً بشكل أفضل"، يقول أصفر. ويتابع: "البابا انطلق في ذلك من سلطته المتأتية من صلاحية قوية جداً على رأس هرم الكنيسة الكاثوليكية التي تضم أكبر جماعة مسيحية في العالم". 

حينما وقع انفجار هائل في مرفأ بيروت في أغسطس من العام ٢٠٢٠، عبّر البابا فرنسيس عن تضامنه العميق مع الشعب اللبناني، ووصف لبنان بأنه "رسالة" في التعايش، داعيًا العالم لعدم التخلي عنه: "لبنان لا يمكن أن يُترك وحيدًا... هو كنزٌ يجب الحفاظ عليه". 

خصص صلوات كاملة لأجل "نهضة لبنان من الرماد"، وكان يخطط لزيارة بيروت قبل أن تؤجل الزيارة بسبب وضعه الصحي. وأبدى اهتماماً كبيراً بأزمة السودان، وتدهورها في السنوات الأخيرة إلى انتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، فرفع الصلوات لسلام السودانيين ودعا إلى حماية المدنيين مما سماه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

كما عبّر البابا فرنسيس مراراً عن قلقه العميق من تدهور الأوضاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الشرق الأوسط وانسحاب الصراع إلى دول أخرى مثل لبنان. 

خلال زيارته لبيت لحم عام 2014، آتياً من الأردن، تحدث عن السلام وأهميته وعن حق الفلسطينيين كما الإسرائيليين بالأمان. 

وبعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، أدان البابا فرنسيس بوضوح قتل المدنيين واختطاف الأبرياء، مع دعوة لوقف العنف من الجانبين: "أتابع بألم ما يحدث في إسرائيل وفلسطين... أدعو إلى الوقف الفوري للعنف الذي يحصد أرواحًا بريئة. الإرهاب والعنف لا يحققان السلام أبدًا".

ودعا إلى إطلاق سراح الرهائن وفتح ممرات إنسانية لغزة، مؤكدًا أن "كل إنسان له الحق في العيش بكرامة، سواء كان فلسطينياً أو إسرائيلياً".

في العام ٢٠٢٢ شارك في "ملتقى البحرين للحوار"، في زيارة ثانية الى الخليج، كشفت عن اهتمامه بتلك البقعة من العالم، حيث دعا إلى احترام الحريات الدينية، والحوار بين المذاهب والأديان، مؤكدًا أن "الاختلاف لا يجب أن يتحول إلى صراع".

لم يكن البابا الراحل فرنسيس يوماً زائراً غريباً عن المنطقة، وعن الشرق الأوسط، بل كان يحمل في قلبه الحب لجميع شعوب العالم، ويحمل بلسانه لغة الحوار والعدالة التي يفهمها الجميع بمعزل عن اختلاف لغاتهم. 

كان يعرف كيف يقارب الصراعات الحساسة بحسّ إنساني عال وبشجاعة ملحوظة، فيقف إلى جانب المدنيين دائما في الصراعات العسكرية، ويدعو المتحاربين إلى انهاء حروبهم وتجنيب المدنيين قسوة الحروب ومآسي القتل والدمار والتهجير.