رغم أن السعودية حصّلت مكاسب مالية معتبرة، قدّرتها وكالة "بلومبيرغ" بنحو من 12 مليار دولار، من خلال بيع حصص في خطوط أنابيب النفط، إلا إن البلاد قد تواجه متاعب مالية نظرًا لعدم تمكنها من إقناع شركات استثمار عالمية لعقد شراكات.
وكانت المملكة تنوي عقد شراكات أكبر مع"بلاك روك" شركة الاستثمارات الأميركية و"سوفت بنك" المصرف الاستثمارات الياباني.
ولم تستثمر هذه الشركات في البلاد بالقدر الذي كانت تأمله الحكومة، إذ يفضل الأجانب أصول الطاقة الغنية بالعائدات على السياحة والترفيه.
الباحثة المقيمة في معهد أميركان إنتربرايز بواشنطن بررت ذلك في حديث لوكالة بلومبيرغ بالقول: "ربما كان بإمكان قطاعي الترفيه والسياحة أن يتمتعا بعام أفضل من الاستثمار الأجنبي المباشر في 2020 لولا الوباء".
لكنها استدركت قائلة: "على الرغم من ذلك" فإن المستثمرين سيكونون مهتمين بالقطاع الأكبر والأكثر ربحية، والذي لا يزال يمثل الكثير من النفط والطاقة.
معضلة تنويع الاقتصاد
يُظهر بيع حصة خطوط أنبابيب النفط لشركة "غلوبال إينرجي" الأسبوع الماضي، التحديات التي يواجهها ولي العهد محمد بن سلمان في تنويع اقتصاد البلاد ضمن مشروعه "رؤية 2030"، وفق لـ "بلومبيرغ".
واستطاعت السعودية العام 2020 جذب نحو 5.5 مليار دولار من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، أي ما يعادل حوالي 1 في المئة من ناتجها الاقتصادي، وفقًا للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ، لكن هدف الحكومة هو الوصول لنسبة 5.7 في المئة بحلول عام 2030.
"ومن هنا تم التفكير في العرض المغري لفتح أجزاء من شركة أرامكو، عملاق الطاقة المملوك للدولة للمستثمرين الخواص" تقول الوكالة.
جيم كرين، الزميل في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس في هيوستن علق على ذلك بالقول: "هذا هو أبرز مثال على أن محمد بن سلمان ومستشاريه يحاولون إيجاد طرق جديدة لإخراج الأموال من أرامكو دون تعطيل قدرتها التشغيلية".
وأضاف: "في الوقت الحالي، تحتاج المملكة إلى السيولة النقدية وأرامكو تسيطر على الحنفية".
وفي حين أن العديد من المستثمرين العالميين أقاموا علاقات أوثق مع السعودية خلال السنوات الأخيرة، فإن معظمهم يعتبرونها مصدرًا لرأس المال، أكثر من كونها وجهة استثمارية.
الأسباب
الأسباب متعددة، وفق "بلومبيرغ" وتتراوح من عدم اتساق النظام القانوني السعودي إلى الركود الاقتصادي الذي تعيشه وسط جائحة فيروس كورونا المستجد، وتراجع أسعار المحروقات.
كما أن اعتقال وسجن عشرات من رجال الأعمال السعوديين في فندق ريتز كارلتون بالرياض عام 2017، وقتل الكاتب المعارض جمال خاشقجي في العام التالي، لم تساعد على الدفع بعجلة الاقتصاد كما كان يرمي لها ولي العهد.
وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية ذروته بين عامي 2008 و 2012، بمتوسط يزيد عن 26 مليار دولار.
وكان الاستثمار وقتها مدفوعًا في الغالب بمصافي التكرير الكبيرة ومشاريع البتروكيماويات التي تم تطويرها مع شركاء أجانب في وقت كان متوسط سعر النفط فيه أكثر من 90 دولارًا للبرميل.
وعلى الرغم من إجراءات المملكة لتحرير الاقتصاد وفتح للاستثمار في صناعات جديدة، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر لم يأت بالطريقة التي كان مخططاً لها .
شراكات واعدة
ووقعت المملكة، الأسبوع الماضي، اتفاقات مثمرة مع شركات التطوير، بما في ذلك شركة توليد الكهرباء الفرنسية "إليكتريسيتي دو فرانس" و"ماروبيني كوربورايشن اليابانية" المختصة في بناء محطات الطاقة الشمسية.
وفي وقت لاحق من هذا العام، من المحتمل أن تكتمل عملية بيع أكبر محطة لتحلية المياه في العالم.
يذكر أنه في عام 2020، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 20 في المئة، مدفوعًا جزئيًا بصفقات عقدتها المملكة مع كل من "ألفابيت" ومجموعة "علي بابا" الصينية وذلك لتطوير مراكز الحوسبة السحابية التي قالت السعودية إنها تبلغ قيمتها مجتمعة 1.5 مليار دولار.
وببيع أصول من أرامكو المملوكة للدولة، تتبع المملكة العربية السعودية نموذجًا تم تنفيذه بنجاح من قبل أبو ظبي المجاورة.
وبدلاً من متابعة طرح عام أولي لشركة الطاقة المملوكة للدولة Adnoc، جمعت الإمارات أكثر من 20 مليار دولار من خلال جذب المستثمرين الدوليين إلى بعض أصولها الرئيسية.
ومنذ تأسيسها عام 198 ، خصصت "غلوبال إينرجي" أكثر من 34 مليار دولار لقطاع الطاقة، وفقًا لموقعها على الإنترنت.
وتشمل "محفظتها" ممتلكات في شركة تطوير الطاقة الشمسية الإسبانية Abengoa SA، وشركة Cheniere Energy التي تتخذ من هيوستن مقراً لها، وشركة Chesapeake Energy Corp المنتجة للغاز الطبيعي، وشركة Kinder Morgan للتخزين وخطوط الأنابيب.